أحار وأنا أتأمل هذه الفاتنة العنيدة والمكابرة "الكلمة". ذات الوجه الثنائي، في صداقته عداوة، وفي عداوته صداقة. تعود علاقي بالكلمة إلى مرحلة الطفولة الثانية، كنت وقتها أتابع دراستي في إعدادية طارق بحي البرنوصي بمدينة الدار البيضاء. منذ لحظة اللقاء لم نفترق. وكلما مرّ الوقت تعتّقت العلاقة. تحالفنا وارتهنت حياة كلانا بالآخر. قد يحدث أن تتفسخ عُرَى هذه العلاقة لبعض الوقت، لكنها سرعان ما تتماسك وتعود إلى حالتها المثالية.
عندما أتأمل في هذه العلاقة، أحار في العثور على سبب رسوخها وثباتها ودوامها. ولكن ما لا أشك فيه هي أنها تملأ دوائر الفراغات التي لا تمل الحياة في تشكيلها وتلوينها... ولأن هذه الفراغات كثيرة ومتناثرة فقد عجزت "الكلمة" على ملئها ولم شتاتها، إنها فراغات مهولة وعميقة يصعب رؤية ما تخفيه في باطنها...
والخوف كل الخوف من غياب "الكلمة" من وجودي، وإذا حصل ذلك ـ وهو يحصل كثيرا ـ فإني أطاردها، ألاحقها، أتوسل إليها... وعندما لا تستجيب أشعر أن الأجنحة التي أحلق بها قد خانتي، وأفقدتني متعة الرفرفة. وأفقدتني كل علاقة مع السماء.
وفكرت مرارا: "ترى هل يمكن رؤية العالم وفهمه والسيطرة عليه بدون كلمات؟ أعتقد أن غياب الكلمات هي حياة بلا خيال، بلا أحلام، بلا أمل...
"الكلمة" تعري العالم وتزيل عنه الوحشة والغربة، وتخلق ألفة بيني وبينه. تضيء المناطق المعتمة، وتجلي بهاء الأمكنة، وتكشف أسرار الأزمنة...
"الكلمة" تملأ الفراغات، والفراغ هو تفكير بلا "كلمات"، هي أفكار ميتة، وأصوات مبهمة بلا معنى. ب"الكلمة" أستعيد الحكايات القديمة، وأكتب الحكايات الجديدة. هي صوت الجدة وهي تدفئ بأساطيرها ليالي الشتاء الباردة، وتغني لزمن يضاء بالشمع والقنديل، ويظهر الناس أشباحا وظلالا بلا أرواح... "الكلمة" كالكائنات الحية، تشيخ وتموت، ولكن الفراغ يبقى أزليا، وكلما شاخت "الكلمة" اتسع مدى الفراغ...
يا أيتها الكلمة الساحرة، التي تمتصني كما الرمال المتحركة، امنحيني سرك الأبدي، لعلي أقرأ أبجدية هذا العالم، وأفك القليل من رموزه، أو أعجز فأتبعك كما تتبع الفراشة الضوء لتقاد لحتفها.
مدينة بني ملال: 02/06/1999
في فندق غرناطة، في انتظار حضور صديقي "ح" المنشغل بإصلاح سيارته، رائحة السجائر، والجعة، تعطران الفضاء... يجلس إلى الجوار رجل مغربي في الأربعينات، وسائح غربي، المغربي يحاول التواصل مع السائح بلغة إنجليزية رديئة ومتعثرة، ويدعم الأصوات بالحركات في محاولة يائسة لتبليغ رسالته. تبدو ملامح الشيخوخة على السائح الإنجليزي لكنه يرتدي لباسا شبابيا. إنه يخدع الشيخوخة ويقاومها.
بلدة الطين: ../06/1999
مطر خفيف يغسل وسخ النهار، ويلمّع أزهار الرمان المتفتحة. المساء، غروب الشمس، بقايا الأطياف في الأفق... موت النهار يعلمنا كيف نعيش بهدوء، بلا صخب ولا ضجيج. يعلمنا كيف نتخلص من رمد أعيننا، ونخلص الناس من رمد أعينهم، ونرسم في خيالنا أقواس قزح. يعلمنا الركض في أعماقنا دون أن نثير الغبار... يعلمنا النفاذ إلى حيث يرقد اليقين.
مدينة أفورار: ../06/1999
ألتقيت ب "زهرة أفورار" مرتين: الأولى وهي تمر على مقربة من بيت صديقي "م" الذي يستضيفني وصديقي "ج" في منزله في إطار متابعة تدريبات مسرحية: "سيزيف بين الحاضرة والريف" وهي من تأليفي وإخراج زميلي في العمل بالثانوية ب"بلدة الطين" "ج". والمرة الثانية في قاعة دار الشباب وهي تحضر لمتابعة التدريبات التي يشارك فيها بعض أصدقائها.
حضور "زهرة أفورار" يضفي على التدريبات نكهة خاصة، ويسهم في إعطاء شحنة معنوية لأعضاء الفرقة الشباب الذين يبلون بلاء حسنا في التشخيص... كانت تتحدث إلى صديق لها في الفرقة عندما رأتني وقاطعت حديثها لتبدي إعجابها بما تابعته من مشاهد المسرحية، وتخبرني أنها تريد معرفة رأيي فيما تكتبه من شعر.
مدينة أفورار: بعد أسبوع: 1999
كما كان منتظرا، حضرت "زهرة أفورار" لمتابعة تدريبات
مسرحية "سيزيف بين الحاضرة والريف"، جلست على الكرسي الفارغ بالجوار جانبي وكأنه ينتظرها هو الآخر، تجاذبنا
أطراف الحديث قبل أن يعم الصمت ونتابع معا العرض المسرحي الذي يقدم على الخشبة...
غادرت في حدود السابعة والنصف، ووعدت أعضاء الفرقة بالحضور يوم الجمعة المقبل.
بلدة
الطين 12/11/2006
اجتماع أعضاء
الكتابة الإقليمية والمجلس الوطني والكتابة الوطنية برئاسة الكاتب الإقليمي للحزب
حضر المنتسبون للحزب من مختلف مناطق الإقليم: تنانت ـ فم الجمعة ـ ابزو ـ أولاد عياد ـ أزيلال... وتمت مناقشة ثلاثة محاور أساسية:
الأول: يتعلق بتوزيع بطاقات الحزب، للراغبين في الانخراط في صفوفه، أو التضامن معه، وحدد ثمن المساهمة في 30 درهما، ويمكن أن تعطى للمتعاطفين مع الحزب.
الثاني: الملف القانوني للكتابة الوطنية الذي لم يتم تسويته بعد، واتفق على 30 /11/2006 ليوضع الملف في العمالة.
الثالث: الاستعداد للمنتدى الوطني الأول للشباب وحدد عدد المؤتمرين في 8000 مؤتمر تم تخصيص 800 مقعد لإقليم أزيلال، وتم تشكيل لجن لتتبع عملية تسجيل الشباب الراغبين في المشاركة في المنتدى.
يتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.