برزت مواقف
الامتحانات والتقييمات كأحد التصنيفات
القوية والفعالة لمثيرات القلق في المجتمع الحديث، حيث تنبني العديد من
القرارات المهمة المتعلقة بموقف الفرد داخل المدرسة أو الجيش أو الجامعة أو مكان
العمل على الاختبارات أو آليات التقييم الأخرى، ومن الصعب غالبا أن ينشأ الفرد في
مجتمع يعج بالاختبارات من دون أن تواجهه بعضها سواء كان في شكل اختبار صفي في
اللغة أو الرياضيات و اختبار اللياقة الدراسية للالتحاق بالجامعة...
تحدث استثارة
لسلوك القلق من الامتحان عندما يعتقد أن قدراته العقلية والدافعية والاجتماعية
أصبحت مثقلة بالمطالب الناجمة عن موقف الامتحان، وبالتالي، فإن الطلاب الذين
ينتابهم قلق الامتحان يفسرون نطاقا واقعا من المواقف على أنها مواقف تقييمية
ويتفاعلون مع الاهتمام المعرفي، وينشغلون بالرسوب السابق والنتائج المستقبلية
السلبية. وقد قرر هؤلاء الطلاب أن لديهم مظاهر من القصور في معالجة المعلومات في
أثناء تشفيرها ومعالجتها واسترجاعها..ونجد أن الطلاب المصابين بقلق الامتحان
ينزعجون بإفراط من الفشل في الامتحان، ومعرضون للإصابة بالتشتت. غير أن هذه
المعارف المتعلقة بالذات والأفكار المتداخلة تستحوذ على مصادر الانتباه لدى
الممتحن والتي يمكن استغلالها في النشاطات العقلية المتصلة بالمهمة. وكذلك فإن
الطلاب مرتفعي قلق الامتحان بسبب مخططهم الذاتي السلبي يدركون تهديد الأنا، ومن تمّ
فإنهم يتحيزون في معالجة المعلومات المضرة بالذات أكثر من معالجة المعلومات
المعززة للذات في موقف الامتحان.
وكثيرا ما يتردد
ذكر قلق الامتحان من بين العوامل التي تؤدي دورا في تحديد منظومة واسعة من النتائج
غير المفضلة والطوارئ ومنها الأداء المعرفي القاصر، وضعف التحصيل الدراسي والضغط
النفسي واعتلال الصحة، وفي الحقيقة، فإن العديد من الطلاب لديهم القدرة على
الإجادة في الامتحانات، لكن أداءهم الضعيف يرجع إلى مستويات القلق الموهنة للعزائم
خاصة في الامتحانات الصعبة، ومن تم، فإن قلق الامتحان قد يحد من الارتقاء التربوي
أو المهني، حيث تؤثر نتائج الامتحان في الالتحاق بالعديد من برامج التدريب التربوي
والمهني في مجتمعنا الحديث، ومن ثَم، فإن خسارة المجتمع للمساهمة التامة للطلاب
البارعين، بسبب ضعف التحصيل الناجم عن القلق والرسوب الأكاديمي يمثل مشكلة خطرة
للصحة العقلية في التعليم في واقع الأمر، ومن الصعب أن ننقل الألم والمعاناة
والأسى التي يعانيها الأفراد المصابون بقلق الامتحان..
.....................................................................................................................
* القلق، عالم المعرفة، يونيو 2016، العدد
437. ص 40/44. بتصرف.