التوازي 1. تعرف التوازي 2. أنواع التوازي 3. صيغ التوازي

1. نماذج

فإذا نظرت ففي السماء غمامـــة **** تدق الجمان وفي الفضاء غديــــــــر

وإذا أصخت فللبلابـــــــــــــــــــة **** تشجي الخلي وللحمام هديـــــــــــــر

أنا المرء لا يثنيه عن درك اـعلا **** نعيم، ولا تعدو عليه المفـــــــــــاخر

قؤول وأحلام الرجال عــــوازب **** صؤول، وأفواه المنايا فـــــــواغر

في ظلام الكهوف أشباح شـــــــؤم **** وبهذا الفضاء أطياف نحـــــــــــــــس

يا ريح أي زئير فيك يفزعنــــــــي **** كما يروع زئير الفاتك الضــــــــــاري

يا ريح أي أنين حن سامعـــــــــــه **** فهل بليت بفقد الصحب والجــــــــــار

يا ريح مالك بين الخــــلق موحشة **** مثل الغريب غريب الأهل والــــــــدار

وقفت وما في المــــوت شك لواقف **** كأنك في جفن الردى وهو نــــــــائم

تمر بك الأبطال كلمى هزيمـــــــــــة **** ووجهك وضاح وثغرك باســـــــــــم

الخير في الناس مصنوع إذا جبروا **** والشر في الناس لا يفنى وإن قبروا

ملاحظة الأمثلة وتحليلها

أولا: تعريف التوازي:

نلاحظ : (النموذج الأول)

أن الشاعر لائم بين مجموعة من الحروف والكلمات والعبارات محققا تناسقا بينها، وفقا لنظام هندسي قائم على تكرار والتعادل والتماثل الدلالي والتركيبي في كل شطر:

(ف/و. إذا/إذا. نظرت/أصخت. ف/ف. في/للْ. السماء/البلابل. تدق/تشجي. الجمان/الخلي. و/و. في/للْ. الفضاء/الحمام. غدير/هدير). هذا التشابه والتعادل بين الطرفين هو ما يسمى بالتوازي.

نستنتج:

التوازي هو التشابه القائم على تماثل بنيوي في بيت شعري أو في مجموعة أبيات شعرية. وعادة ما يكورن التشابه بين المتوازيين باعتبارهما طرفين متعادلين في الأهمية من حيث المضمون والدلالة، ومتماثلين، من حيث الشكل، في التسلسل والترتيب.

ثانيا: أنواع التوازي:

1ـ التوازي الصوتي (النموذج الثاني)

نلاحظ:

الشاعر وزع عناصر البيت توزيعا هندسيا متكافئا يتجاوز المستوى البنيوي، أي التقابل الشكلي بين الحروف والكلمات، إلى مستوى الإيقاع الذي يجعلنا أمام وحدات صوتية تخضع في تتابعها لنظام تتوازى فيه العناصر توازيا منسجما في مخارج حروفها وفي بنيتها الصوتية.

(مفاخر/فواغر/عوازب. قؤول/صؤول).

استنتاج:

لا يقتصر الإيقاع في الشعر على الوزن فحسبـ وإنما يتجلى أيضا في عنصر الانسجام الصوتي الذي يساهم في إغناء الطاقة التخييلية للشعر. وعندما تتردد عناصر هذا الانسجام الصوتي، بصورة كلية أو جزئية، تكون متوازنة في إيقاعها ومتماثلة في بنيتها الشكلية نسميها: التوازي الصوتي.

2. التوازي التركيبي (النموذج الثالث والرابع)

نلاحظ

في البيت الثالث: يقابل الشابي بين وحدتين دلاليتين (الحق والحرب) وقدم هذا المضمون وفق الشكل التالي:

(و/و. لعلعة/دمدمة. الحق/الحرب. الغضوب/الضروس. لها/لها. صد/فم).

ولأن هذا التوازي حقق تطابقا تاما في البناء النحوي للكلمات والعبارات المتوازية فهو يسمى: التوازي التركيبي التام.

في البيت الرابع: يتضح أن بنيته التركيبية تخضع للتوزيع التالي:

(.../و. في/بــ. ظلام/هذا. الكهوف/الفضاء. أشباح/أطياف. شؤم/نحس).

الحروف والكلمات الواردة في الشطرين منتظمة انتظاما تقابليا في صيغها النحوية، غير أنك الملاحظ مع المقارنة مع البيت السابق (المثال الثالث) أن واوا زائدة في بداية الشطر الثاني ليس لها مقابل في الشطر الأول. ويسمى هذا النوع من التوازي: توازي تركيبي جزئي.

استنتاج:

التوازي نوعان:

- التوازي التركيبية التام: ويتجلى في تقطيع العناصر التركيبية في بيت شعري أو أكثر تقطيعا متساويا، بحيث تتفق تلك العناصر جميعها اتفاقا تاما في بنيتها التركيبية وفي الوظائف النحوية والصرفية التي تؤديها.

- التوازي التركيبي الجزئي: ويتمثل في التطابق بين عناصر ومتواليات الطرفين المتوازيين في البنية النحوية، مع اختلاف في بنيتها التركيبية بالزيادة أو بالحذف أو بالاستبدال.

3. التوازي الدلالي: (النموذج الخامس)

نلاحظ

تدور أبيات شكري في محور دلالي واحد وهو محو الإحساس بالمرارة والحزن والغربة. وقدم هذا المضمون من الناحية الشكلية ارتكازا على بؤرة واحدة عي أسلوب النداء على الشكل التالي

(يا ريح....أي زئير؟

يا ريح....أي أنين؟

يا ريح....مالك؟).

تنتظم عناصر التوازي على أساس دلالي ينطلق من تكرار بنيوي لعبارة النداء "يا ريح" التي تشكل نواة المعنى الوارد في الأبيات. الشاعر لا يكثف إحساسه بالحزن فيلقي بظلال ذلك الحزن على ما يحيط به من مظاهر الطبيعة وذلك عبر صيغ الاستفهام التي ترجع كلها إلى نفس النواة الدلالية (يا ريح..)

استنتاج

إن التوازي بين طرفين متماثلين لا يقع على مستوى البنية فقط، وإنما على مستوى الدلالة أيضا، ذلك أن للموقع الذي تحتله الكلمات في سياق تعبيري معين دورا أساسيا في تشكيل دلالاتها، وهي دلالات تتولد في ذهن المتلقي/القارئ عبر ما يوحي به التقابل والتجاور بين تلك الكلمات من معان ودلالات.

ثالثا: صيغ التوازي: (النموذج السادس والسابع)

نلاحظ

في قول المتنبي ذكر للموت في الشطر الثاني، أتبعه بذكر الرذى في الشطر الثاني. كما ذكر لفظتي (الوضاح الباسم). و (كلمى هزيمة) مما جعل الدلالة تتضح أكثر من خلال هذا التوازي. وهذا ما يسمى: التوازي بالترادف.

استنتاج

التوازي بالترادف هو تشابه بين عنصرين متتاليين قائم على إثبات المضمون الدلالي نفسه الوارد في كل واحد منهما، وذلك عبر إعادة الجزء الثاني للجزء الأول بصياغة تعبيرية مخالفة شكلا ومتفقة مضمونا.

نلاحظ

في البيت السابع ينتقد جبران خليل جبران العلاقة الاجتماعية بين الناس من خلال ثنائية الخير والشر وفقا للشكل التالي:

(الخير/الشر. في الناس/في الناس. مصنوع/لا يفنى. إذا جبروا/وإن قبروا). وهو تواز قائم على علاقة أساسها التضاد بين دلالة الخير ودلالة الشر. وهذا التوازي يسمى: التوازي بالتضاد.

نستنتج

التوازي بالتضاد تشابه بين طرفين متعادلين ومتتاليين من حيث ترتيب عناصرها على مستوى البنية التركيبية، ولكنهما متقابلان تقابلا ضديا من حيث دلالة تلك العناصر.

الخلاصة

 التوازي هو التشابه القائم على تماثل بنيوي في بيت شعري أو في مجموعة أبيات شعرية.وهو نوعان: توازي صوتي وتوازي تركيبي وتوازي دلالي. أما صيغه فقد يكون توازيا بالترادف أو توازيا بالتضاد.

تقويم:

1. أبرز ظاهرة التوازي في قول الشاعر:

ويلمحها اللاحي فيرثي لصبوتي **** ويقرؤها الواشي فيرحم حالي. 

2. حدد مظاهر التوازي الصوتي في قول الشاعر:

ولست أشقى لأمر لست أعرفه **** ولست أسعى لعيش شأنه العدم

فلا بكاء ولا ضحك ولا أمـــــل **** ولا ضمير ولا يأس ولا نـــــــدم. 

3. عين نوع التوازي التركيبي فيما يأتيك

فابيض بعد سواد قلب منتصر **** واسود بعد بياض وجه منهزم.

تطبيقات

أبرز اوجه التوازي في قول الشاعر مطران خليل مطران متحديا قوات الاحتلال

كسروا الأقلام هل تكسروها **** يمنع الأيد أن تنقش صخرا

قطعوا الأيدي هل تقطيعهــا **** يمنع الأعين أن تنظر شزرا

أطفئوا الأعين هل إطفاؤها **** يمنع الأنفاس أن تصعد زفرا.

****