ترحيب

Welcome to the farhat mustapha Website المصطفى فرحات يرحب بكم

رسائل


رسائل: "الرسالة (15): يدخل العام الجديد، وننتظر منه الجديد، ننتظر المزيد من الصحة والعافية، ننتظر المزيد من المحبة والمودة، ننتظر توقف الشر عن شره، ويوزع الخير خيره، ننتظر العدل والانصاف والمساواة...

coinautoslide

أحدث المواضيع
‏إظهار الرسائل ذات التسميات تأملات وخواطر عن الكتابة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات تأملات وخواطر عن الكتابة. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 9 يناير 2025

تأملات وخواطر عن الكتابة: الجزء الثاني: الكتابة "المدادية" أو "الحبرية" 2. متطلبات الكتابة "المدادية": 2/11. الدفتر والمنشفة

من بين متطلبات الكتابة المدادية الدفاتر، التي تستعمل لتعلم الكتابة اليدوية، في المراحل الأولى يستعمل دفتر اللغة العربية، وفي المراحل اللاحقة يستعمل دفتر رديف خاص باللغة الفرنسية.

 الدفتر مقدس، لذا يجب أن يبقى نظيفا، وحمايته بغلاف ابلاستكي أو من الورق المقوى، وأثناء الكتابة يجب  رسم الحروف بعناية فائفة وفي خط مستقيم.  كما يجب تجنب تعرضيه للأوساخ أو النجاسة، لأن العقاب سيكون شديدا. لا يسمح بالخربشة فيه، أو وجود بقع الزيت أو المداد على أوراقه البيضاء النقية والطاهرة. ولأن أوراقه معدودة، (12 ورقة) أو (24 ورقة) فنزع الأوراق ممنوع، كما يتعين إحضار دفتر التمارين (12 ورقة) وإذا طالب التلميذ بدفتر جديد فإن الأب يقوم بعد الأوراق حتى يتيقن من عدد أوراق الدفتر وأنه استعمل إلى آخر ورقة.

كما أن الدفتر يسافر يوميا إلى بيت المعلم، يتناوب التلاميذ على إيصاله إلى المنزل. ويعود في الصباح ليوزع على التلاميذ من أجل استعماله من جديد...

كما يوجد دفتر آخر مشترك بين التلاميذ يسمى "دفتر التناوب" يتداول بين التلاميذ، وهو أداة فعالة لتحسين وتجويد الخط، لأنه يمكن التلاميذ من مقارنة خطوطهم..

وخطوط أوراق الدفتر هي عبارة عن شبكة تربيعات أو سطور تكون مطبوعة على ورقة من أجل السماح بانتظام الكتابة. في المخطوطات القديمة، يرسم الخطاط خطوط على الورقة لتسهيل الكتابة. ويتم مسح هذه السطور بعد نسخ النص. في المخطوطات القديمة الثمينة، كانت الخطوط ترسم بقلم جاف وخاص (أو في حالات نادرة باستخدام الجرافيت). غالبًا ما تحتوي هذه المخطوطات أيضًا على خطوط خياطة في الورق (جانب التجليد وأحيانًا جانب الحافة) والتي تعمل على توجيه الخطوط.

خطوط الدفتر الأكثر استعمال هي خطوط أفقية وعمودية بفرق 5 ملم. تم إنشاؤه عام 1892 بواسطة جان ألكسندر سييز، بائع الكتب والقرطاسية في بونتواز.

أما القياس بالملليمتر الوغاريتمي فالخطوط أفقية وعمودية: خطوط رقيقة كل 1 ملم، وخطوط متوسط كل 5ملم، وخطوط سميكة كل 10 ملم. في حالة المساطر اللوغاريتمية، يتم تدريج محور واحد فقط أو المحورين وفقًا لمقياس غير خطي. مع وجود هوامش.

كنا نستعمل الدفتر فحسب...

المنشفة

رفيقة الدفتر، تقتنى مع الأدوات المدرسي، وعليها أن تصمد حتى نهاية السنة، يجب استعمالها بحذر شديد عندما يزيد المداد عن المطلوب لكتابة الحروف والكلمات...

الدفتر وسيلة مشتركة بين الكتابة المدادية  والكتابة الرصاصية والحبر الجاف.

يتبع


الخميس، 19 ديسمبر 2024

تأملات وخواطر عن الكتابة: الجزء الثاني: الكتابة "المدادية" أو "الحبرية" 2. متطلبات الكتابة "المدادية": 2/10. الصحة والنظافة

في زمن "الكتابة السمخية" كانت الأمراض والأوساخ عنوانا المرحلة خصوصا في أوساط الفقراء الذين يجدون صعوبة في اقتناء الألبسة والأحدية.. لذا انتشر القمل والبراغيث والبق لا يكاد منزل يخلو من هذه الحشرات، وكانت وسائل النظافة منعدمة أو تكاد تنعدم..

 

"النظافة من الإيمان" لوحة تذكرنا كل صباح عند دخولنا للقسم، وكل مساء عند خروجنا منه أننا نعيش في بيئة وسخة وعلينا أن ننظق على الدوام أجسادنا وملابسنا ومحيطنا..

تبدا النظافة بغسل اليدين والوجه والرأس والملايس... تقليم الأضافر، تقليص الشعر، والتخلص من سوائل الأنف وتجنب التنخيم والبصق... هي الطقوس التي يجب القيام بها بشكل مستمر وإلا فالعقاب ينتظرنا.

تتجاوز النظافة اللباس والجسم إلى الأدوات المدرسية، تغليف الدفتر والكتاب المدرسي، غسل اللوح، استعمال المنشفة أثناء الكتابة المدادية حتى لا تتلطخ الورقة بالمداد...

من أهم الحضرات التي كانت منتشرة وترعى في ثياب التلميذ وفي رأسه، القمل والصئبان. هذا الكائن الذي ينتقل بسهولة من رأس إلى آخر خصوصا عندما يكون التلاميذ قريبين من بعضهم البعض في الأنشطة الجماعية .. ُعتبر حشرة القمل من الطفيليات التي تعيش على فروة الرأس، وتستطيع البقاء لمدة تصل إلى 35 يومًا..

ولأن المدارس غير مجهزة بالمراحيض فقد كان الأطفال يقضون حاجتهم خلف الأقسام أو في البساتين المجاورة، أو خلف كتبان الأتربة أو الصخور.. هذا بالنسبة للتلاميذ، أما التلميذات فكن يجدن حرجا كبيرا في العثور على مكان آمن لقضاء حاجتهن..

والأمراض الأكثر شيوعا بين أطفال المغرب هي:

- التهاب الأذن: وهي حالة معدية تحدث عادة في فترة الطفولة، وهو مؤلم للغاية لأن السائل الذي يسبب الالتهابات والعدوى يتراكم داخل الأذن.

- نزلات البرد: ويعد الزكام من الأمراض المعدية إلى حد ما، حيث ينتقل عبر العطس أو – السعال.

- التهاب البلعوم: وهو التهاب في الحنجرة بسبب عدوى بأحد أنواع الفيروسات أو البكتيريا - التهاب المعدة والأمعاء: تتمثل أعراضها في الإسهال والقيء وآلام البطن.

- التهاب اللوزتين: تتسبب هذه العدوى في انتفاخ اللوزتين، وحدوث ألم خاصة عند البلع

- التهاب الملتحمة: هذا المرض يصيب العين، وهو من الأمراض المعدية.

- الأمراض الجلدية:  كالقوباء والوحمات الراشحة الشائعة...

- ضعف السمع: انسداد الأذن بالشمع، وارتشاح مائي خلف طبلة الأذن، والتهابات صديدية بالأذن الوسطى، وتيبس عظمة الركاب.

ومن المفيد أن نذكر بكتاب قيم في مجال الصحة ويتعلق المر بتقرير شامل لواقع الصحة في المغرب إبان فترة الحماية الفرنسية أنجزه الكاتب الفرنسي "إميل كيرن" M. Émile Kern بعنوان "رحلة مراقب صحي بالمغرب 1911م". وجاء في الكتاب ـ وهو يتحدث  عن المغاربة ـ : "مئات من الكائنات البشرية تعيش بدون مأوى، تنام على الأرض، تعذّبها كل أنواع الأمراض وتقرضها الحشرات الطفيلية."

والأطفال هم أكثر هذه الكائنات هشاشة وتعرضا للأمراض نتيجة سوء التغذية وغياب النظافة اليومية وجهل الأسرة بوسائل الوقاية، وانعدام الإمكانيات...

وتتفاقم الأمور عندما يكون الأبوين والمجتمع جاهلا بمصادر الأمراض وبوسائل علاجها. ويكون الأطفال هم الضحايا. فالمغاربة يعتقدون بأن للأمراض مصدرا سحريا أو شيطانيا، أو مرتبطة بـ"العين" و"التوكال"…، وللقضاء عليها تتم يتم العلاج ب "الاستطباب بالكتابة"، واستعمال أعضاء الحيوانات والحشرات والطيور في العلاج، و”الاستشفاء بالحامات”، والاستشفاء بزيارة الأضرحة والتبرك بالصالحين والأولياء، و”التداوي بالكي والجراحة والحجامة وغيرها...

ولم يبدأ الطب الحديث في المغرب إلا بعد دخول الاحتلال الفرنسي بعقدين تقريبا، ففي سنة 1929 أدخل لقاح الجدري، وفي سنة 1940 استعمل لقاح  ضد السل والذي يعرف بـ " بي سي جي" وهو ثم إلى لقاح الكزاز والسعال الديكي في 1963...ثم لقاحات أخرى ضد أمراض كانت تودي بحياة الأطفال في سن مبكرة...

وببطء، وشيئا فشيئا، تحسن الوضع الصحي لأطفال المدارس بالمغرب...

يتبع

 

الخميس، 12 ديسمبر 2024

تأملات وخواطر عن الكتابة: الجزء الثاني: الكتابة "المدادية" أو "الحبرية" 2. متطلبات الكتابة "المدادية": 2/9. الطاولة أو المنضدة الخشبية.

الجلوس على شكل دوائر في الكتاب تجول إلى جلوس على شكل صفوف، والجلوس على الأرض أو فوق حصير مهترئ تحول إلى جلوس فوق "الطاولاتّ" في زمن الكتابة "المدادية" أو "الحبرية." عند دخول المسجد كل طالب أو محضار يدخل ويأخذ مكانه كيفما اتفق بين زملائه، لكن عند دخول القسم يهرول التلاميذ نحو المقاعد الأمامية التي يفضلها المجتهدون في حين يفضل التلميذ الكسول المقاعد الخلفية. وضع التلميذات في مقدمة الصفوف لم يكن بريئا بالنسبة للاحتلال الفرنسي إنه إعلان بأن المرأة المغربية سيكون لها شأن في مجتمعها المستقبلي... ستقود بعد أن رأوها تقاد، وتوضع في الصفوف المتقدمة بعد أن طالت إقامتها في المقاعد الخلفية...

الجلوس على المنضدة الخشبية يختلف عن الجلوس فوق الحصير. "اجلس مستقيما" هذه العبارة يرددها المعلم كلما لاحظ انحناءة أجسام التلاميذ نحو الأمام أثناء الكتابة أو القراءة.

الجلوس في وضعية سليمة يتطلب توازن الرأس فوق الكتفين ، على الرأس أن يتفادى الانحناء إلى الأمام أو الجانبين. الظهر مستقيم، الأكتاف مشدودة إلى الوراء، الأرداف تلامس المقعد. هذه هي الجلسة المثالية لكي ننجح في أن نحصل على خط جميل، ومعرفة نافعة وصحة جيدة...

الكتابة السمخية تفرض على الطلاب الجلوس على شكل نصف دائري متلاصقين كالقطط في مواجهة الفقيه، في حين تقتضي "الكتابة المدادية" أو "الحبرية" الجلوس على الكراسي بشكل ثنائي على هيئة صفوف متوازية... القصار أولا ثم الطوال في آخر الصفوف. البنات في الصفوف الأمامية... هذا هو النظام الذي يسمح بأن نتطور لنكون في المستقبل مواطنين صالحين..

يفهم أولياء أمر التلميذ أن الجلوس أمام السبورة يضاعف الفهم لذا يوصون أبناءهم بالجلوس في المقاعد الأمامية. كما أن جلوس التلميذ في الصف الأمامي يدل على أنه مهتم بدراسته ومجتهد، في حين أن الكسالى يخترون الصفوف الخلفية للجلوس بعيدين عن أنظار المعلم ويده.

أتبتت الدراسات العلمية حديثا أن التلاميذ الذين يجلسون في الصفوف الأمامية يحلون تمارين مادة الرياضيات أسرع من زملائهم الذين يجلسون في الصفوف الخلفية.

رغم أن مقعد الطاولة من الخشي إلا أنه يوفر راحة أفضل من الجلوس على الأرض القاسية. كما أنها تسمح بإراحة اليدين والتحكم في الكتابة اليدوية التي ينجزها التلميذ نفسه بدل الفقيه الذي كان يتولى المهمة نيابة عنه.

علمتنا الطاولة الخشبية أن نجلس بهدوء، وأن تبقى عيوننا شاخصة نحو السبورة، وآذاننا صاغية وعقولنا صاحية، وأن نحذر من توسيخا أو إتلافها لتبقى نظيفة وقابلة للاستعمال من قبل الأجبال القادمة... حتى نستطيع أن نكون على ما نحن عليه اليوم.

يتبع

الخميس، 5 ديسمبر 2024

تأملات وخواطر عن الكتابة الجزء الثاني: الكتابة "المدادية" أو "الحبرية" 2. متطلبات الكتابة "المدادية" 2/8. الكتاب المدرسي: سلسلة "اقرأ"


  الكتاب المدرسي كان بمثابة الحاسوب بالنسبة للأجيال الحاضرة. شخصيا لم أر في حياتي كتابا قبل أن ألتقي بالكتاب المدرسي "اقرأ" الجزء الأول. ولن أنسى النصوص التي كنا نحفظها عن ظهر قلب، ولا الصور المرافقة للنصوص، لقد مارس على الأجيال سحره الباهر، وشكل ذاكرة، وعمق معرفة أجيال باللغة العربية وقواعدها... 

أول ما تقع عليه العين وهي تتصفح كتاب "اقرأ" رسم للحروف الأبجدية العربية "أ- ب- ج ـ د ـ ذ ـ .." لكن المتعة الحقيقة تبدأ عندما تبدأ القراءة الجماعية  للحروف والمقاطع بصوت جماعي "فَ – فً – فرفر..." "كَ – كُ – كتكت"..... الإيقاعات التي كانت تسهم في الحفظ وسهولة الاسترجاع... لم يكن التلميذ وقتها يهتم بالمؤلف أحمد بوكماخ، بل بمضامين الكتاب..

أحمد بوكماخ  الغائب الحاضر من الدنيا والحاضر في الذاكرة هو مؤلف سلسلة اقرأ التي صدرت أول طبعة منها  سلسلة اقرأ  سنة 1954 . لقد أثر في العديد من الأجيال وترك بصماته على قلوبهم وعقولهم... هي قصص لم تكن مغربية كلها، لأنه اقتبس أغلبها من حكايات إنجليزية أو فرنسية أو حتى صينية ويابانية... فيها الكثير من الحكمة والعبر... فنجد اناتول فرانس، وألفونس دودي، وجورج سيمنون، ولافونتين، وكبريي كوليت، واندري تورنيي، وجوزف بارد... بجانب ابن بطوطة، وابن هانئ، وبديع الزمان الهمذاني، ومصطفى لطفي المنفلوطي، وعبد المجيد بن جلون...

النصوص التي تزخر بها السلسلة تثير الخيال وتدعونا إلى اقتحام عوالمها العجيبة والمدهشة... كانت التلاميذ يحفظونها عن ظهر قلب... إنها مكملة لحكايات الجدات...  ولا يزال الكثير من الناس يشترونها اليوم من أجل أحفادهم. ويفتخرون أنهم درسوا في هذا الكتاب المدرسي المتميز في زمانه. كثيرون يتذكرونها وكما لو أنهم درسوا فيها بالأمس فقط،، ويسردون يسردون مقاطع كاملة من تلك القصص العجيبة، مثل: «زوزو يصطاد السمك»، و«سعاد في المكتبة»، و«أحمد والعفريت»، و«سروال علي»، و«الرحمة لمن علمني»، و«فرفر يعلق الجرس»، «والثرثار ومحب الاختصار» "سروال علي" ...

الحنين إلى «اقرأ" هو في الجوهر نوسطالجيا للزمن الجميل وما يحمله هذا الزمن من قيم وذكريات وصور وخيال ودلالات... زمن كان المدرسة المغربية قادرة بوسائل بسيطة أنت تخرج أجيال من المتعلمين الذين ساهموا بشكل مبدع وخلاق في النهوض بهذا الوطن الجميل، الوطن الذي كان يؤمن بالكفاءات وليس بالولاءات.

الحنين إلى الماضي لا يلغي الحاضر، والاهتمام بالحاضر لا ينفي التطلع إلى المستقبل... هي الأيام تداول بيننا والزمن يندفع دائما إلى الأمام ولا يعود إلى الخلف، ولن يتوقف إلا ساعة يوم القيامة. والماء يتدفق دائما إلى الأسفل، ولا يصعد إلى الأعلى إلا عندما يصبح بخارا.. 

وفي انتظار أن تثمر السنابل التي غاب عنها المطر نتذكر الزمن الذي كانت فيه الأمطار غزيرة، ونستمتع كما استمتعت بها أجيال الستينات والسبعينات ويرددون مع أستاذ الأجيال أحمد بوكماخ في محفوظة بعنوان: "جاء المطر:

يا اخوتي جاء المطر

هيا اجلسوا تحت الشجر

هيا خذوا مني الزهر

هيا كلوا هذا الثمر

واستنشقوا طيب الزهر

لا تلعبوا جاء المطر...

الحنين إلى الماضي لا يلغي الحاضر، والاهتمام بالحاضر لا ينفي التطلع إلى المستقبل... هي الأيام تداول بيننا والزمن يندفع دائما إلى الأمام ولا يعود إلى الخلف، ولن يتوقف إلا ساعة يوم القيامة. والماء يتدفق دائما إلى الأسفل، ولا يصعد إلى الأعلى إلا عندما يصبح بخارا... 

يتبع

الخميس، 28 نوفمبر 2024

تأملات وخواطر عن الكتابة الجزء الثاني: الكتابة "المدادية" أو "الحبرية" 2. متطلبات الكتابة "المدادية" 2/7. الطبشور الأبيض والملون

"الطّبَشير": هذا الأبيض اللّماع المثير والمدهش والجذاب الذي يهاجم الأسود الكالح والمعتم، يضيق مساحاته ويحتلها، يقلص مداه، ويوزع البياض على طول المساحة السوداء وينقطها... إنه البياض الذي يبهج العين، ويشرح الصدر، ويضئ العقل، ويلطف الأنامل... ويجعل الحياة أكثر أمنا وكرامة وإثارة...

قيل في تعريف الطبشور: "قلم ثخين صغير من مادة صخرية كلسية رطبة يستخدم للكتابة على الألواح الخشبية السوداء...."

الكتابة بالطبشور نقلة نوعية عملية في التعلم. خطوة جبارة نقلتنا من السمخ الأسود إلى الطبشور الأبيض. من الكتابة على الألواح الخشبية المصقولة يدويا بالصلصال إلى الكتابة على اللوح الدراسي الأسود المعد مسبقا للكتابة.

هنا تبدأ مشكلة الأصالة والتأصيل... إنها بداية التحول نحو ثقافة الآخر... لم تكن للعرب سابق معرفة في استعمال  الطبشور لذا فاللغة العربية لم تضع له اسما، فاستعارته من اللغة التركية. الطبشور "تبشير"  بمعنى الجبس المستعمل للكتابة.

الطبشور يختلف عن السمخ الذي تعودنا عليه في الكُتاب/المسيد، هذا الجسم الدقيق الطويل الذي ينقص كلما استعملناه مثير للفضول حقا، في طفولتنا استعملنا كل حواسنا لنتعرف عليه: الشم، الذوق، اللمس... إنه أداة تثير الفضول حقا.

يستعمل الطباشير للكتابة على الألواح الشخصية للتلميذ، وعلى اللوح الأسود الكبير المعلق في الجدار المواجه للتلاميذ... كان من السهل محوه من الألواح، لذا كان من السهل تصحيح الأخطاء عندما يرى التلميذ المعلومة الصحيحة في لوح زميله الجالس بجواره، قد يسرق نظرة إلى لوح التلميذ الذي يجلس على الطاولة المقابلة في الصف الموازي... إنه أداة سريعة وملائمة وفعالة لتعلم الكتابة. .. رغم بعض المشاكل التي يطرحها أحيانا كصعوبة إزالته من الألواح، أو قراءة الكتابة عن بعد...

ـ "ارفعوا الألواح- " جميع التلاميذ يعرفون أن التأخر أو التردد في رفعها يعرض المتخلف للعقوبة. يستعمل كُمّ القميص أو الجلباب، مع قليل من الريق لمسح الألواح وإعادة الكتابة عليها من جديد.. كما يقوم بدور المنشفة عندما تغيب، فيستعمل لامتصاص الحبر الزائد أثناء الكتابة بالريشة.

بعد سنوات من الكتابة بالطبشور الأبيض،  ظهر الطباشير الملون. فحدثت نقلة نوعية في علاقة التلاميذ بالطباشير... بدل اللون الواحد المتكرر والممل أتيحت الإمكانية  للاستمتاع برزمة من الألوان الزاهية... سواء بلوين الخط على الصبورة، أو في الرسم على الألواح أو الجدران..

هذا جل ما أعرفه على الطبشور، ولكن، مع الخبرة  والتجربة في الحياة، علمت أن الطباشير  يستخدم في الزراعة والرياضة والخياطة والنظافة ورسم الرصيف... كما أطلق العلماء على عصر طويل من تطور الحياة على الأرض "العصر الطباشيري".

من رأى منكم الطبشور الأبيض في الحلم، فليستبشر بخبر سار وخير عميم. أما إذا رأى الطبشور الملون فذلك يدل  على السعادة والفرح. ومن جهتي أقول لكم: "دامت لكم الأفراح والسعادة أيها الطيبون.."

يتبع 

الخميس، 21 نوفمبر 2024

تأملات وخواطر عن الكتابة: الجزء الثاني: الكتابة "المدادية" أو "الحبرية" 2. متطلبات الكتابة "المدادية" 2/6. السبورة السوداء

السبورة السوداء، والطبشور الأبيض، هذا هو السلاح الجماعي للتلاميذ داخل الفصل، من يحسن استعماله ينال الثواب، ومن يسيء استعماله ينال العقاب. السبورة السوداء رمز للجهل والظلمات، والطبشور الأبيض، رمز للمعرفة والنور.. البياض على السواد: الصراع الأبدي بين نقيضين يحتاج كل واحد منهما للآخر ليعلن عن وجوده.

تلصق بالواجهة الأمامية للجدار المواجه للتلاميذ.. تتأمل في وجوه الطلاب.. إنها تتحداهم، وتنتظر منهم ملأها بما تيسر من العلم والمعرفة... والطلاب بدورهم ينظرون إليها باحترام وتقدير.. إنها تخيفهم وتزرع في قلوبهم وعقولهم الرعب..

بدأ استعمال الصبورة السوداء في عام 1840، وهي مصنوعة من الألواح الخشبية المتينة والمرنة، مخططة وفق مقاييس محددة، مطلية بمادة البورسلين. تدوم من عشر إلى عشر إلى عشرين سنة..

المسافة الفاصلة بين كرسي الجلوس والسبورة ليست بذات بال، ولكن عندما ينهض الطالب لكي يواجه السبورة ويقرأ ما كتب عليها، تصبح الرؤية معتمة، والأنفاس متقطعة... أما المشي نحوها للكتابة فالأمنية الغالبة على التلميذ هي أن تطول المسافة، أو يتعثر في طريقه إليها... خصوصا عندما يكون خطه رديئا...

العلاقة بين التلميذ والسبورة هي على الدوام علاقة متوترة، خجولة.. هذا المسطح الأسود يفرض قانونه على الجميع، لا يقبل إلا المعرفة الصائبة ويشجعها ويثمنها، كتابة الخطأ يعني العقاب البدني والنفسي...

ولعل الغربب هو ما جاء فى كتاب بعنوان “لا تمسح السبورة” لمؤلفته الباحثة “جيسيكا وين ” الذى صدر عن دار نشر جامعة “برينستون” هذا العام 2021، ويتناول الكتاب كيف تتصدر سبورة مُكتَظة بمعادلات رياضية كَتبَها ” ألبرت أينشتاين” أحد المتاحف في مدينة أكسفورد ببريطانيا والمفارَقة في الأمر أن هناك عدد 111 سبورة لعلماء آخرين قامت المؤلفة بجمعها.

ترى ماذا لو احتفظوا لنا بألواحنا التي كتبنا عليها طيلة دراستنا كما فعلوا بلوح إنشتاين؟

 يتبع

 

الخميس، 14 نوفمبر 2024

تأملات وخواطر عن الكتابة الجزء الثاني: الكتابة "المدادية" أو "الحبرية" 2. متطلبات الكتابة "المدادية". 2/5. المعلم

يوجد جدار بين المعلم والتلميذ، التلميذ يرى المعلم ويهرب حتى لا يلتقي به. يوجد بساط بين الفقيه والطالب، الطالب يرى الفقيه فيسرع لتقبيل يده...

أجيال الستينات والسبعينات يتذكرون جيدا هيبة المعلم وسلطته ومكانته المميزة داخل وسطه الاجتماعي.. كان حلم الفتاة أن تتزوج معلما. كنا نخشى المعلم ونخاف أن نلتقي به في الطريق، وعندما يراه أحدنا يعبر أو  يمر يسرع لإخبار الآخرين للاختباء كي لا يراهم يلعبون أو يتسكعون... فهم يعرفون ما ينظرهم في اليوم التالي من العقاب العسير خصوصا إذا تم إهمال حفظ الدروس أو إنجاز التمارين... على عكس الفقيه، فعندما نراه ـ وقد لا يرانا ـ نهرع نحوه ونتسابق لتقبيل يده والإمساك بكم جلبابه أو طرف سلهامه. كانت علاقة المعلم بالمتعلم في الماضي مبنية على الاحترام التام إلى حد الخوف تماما كعلاقة الأب بالابن في السابق أيضا...

إلى جانب هذه الصورة القاسية التي تعبر عن صرامة المعلم توجد صورة أخرى وهي العطف والاهتمام بتلاميذه، يراقب صحبتهم، ونظافتهم، ويحل المشاكل التي تعرقل دراستهم خصوصا عندما يكون التلميذ متفوقا وفقيرا... (فالمعلمون كانوا يشترون الدفاتر والأقلام والطباشير والألواح والأحذية لتلاميذهم المعوزين..) إنها الموافق المشرفة للمعلم إبان زمن "الكتابة المدادية" أو "الحبر السائل".

اكان الفقيه  زمن "الكتابة السمخية" هو المهيمن بشكل فردي على تعليم الصبيان فإن زمن "الكتابة المدادية" اخذ المعلم مكانة الفقيه لكن بوجود جهاز إداري وتربوي يقوم بوظائف مختلفة إلى جانب المعلم.. ويمثل الفقيه  الأصالة التي تجدرت عبر قرون، أما المعلم فيرمز للحداثة القادمة مع الاحتلال الفرنسي.

فشتان ما بين صورة الفقيه بلحيته الكثة، وعمامته الملتفة، وجلبابه الأبيض الخشن، وسلهامه الأسود، وبلغته الصفراء ... وهو اللباس الذي  لا يفارق جسده لأيام وشهور، وبين المعلم ببدلته العصرية، وقميصه الناصع البياض، وربطة عنقه التي تتدلى بشكل جميل ومتناسق،  وحذائه الأسود الملمع، ووجهه الحليق، وحركاته المتناغمة، ورائحته الطيبة... هذا المعلم الذي يمثل أيضا المهابة والوقار والذي يحمل المعرفة والعلم والهداية... حتى أنه كاد أن يكون رسولا.

المعلم هو أب وولي أمر  التلميذ في نفس الوقت، يحظى باحترام وتقديس من قبل تلاميذه، ولا أحد يملك الشجاعة لتجاوز أوامره ونواهيه أو التطاول عليه... ورغم أن أسلوب العنف هو السائد والمسيطر والذي ينهجه المعلم مما جعله أكثر هيبة، فكان التلاميذ يخشون أن يراهم وهو يلعبون، أو يصادفهم في الطريق ..

كانت المسطرة الحديدية والعصي من أهم الأدوات التي تدعم سلطته. عندما يستعملها فإن أولياء أمر التلميذ لا يجدون حرجا في ذلك، بل يدعمون المعلم ويساندونه ويشجعونه على استعمالها ما دامت تسهم في تسوية اعوجاج التلميذ كما يعتقد.

يتبع

2/6. التلميذ والمنهاج الدراسي زمن الكتابة المدادية...

الخميس، 7 نوفمبر 2024

تأملات وخواطر عن الكتابة: الجزء الثاني: الكتابة "المدادية" أو "الحبرية" 2. متطلبات الكتابة "المدادية": 2/4. "الريشة العربية" و"الريشة الفرنسية"


 هل فكرت يوما لماذا تم التمييز بين الريشة التي تكتب بها اللغة العربية، والريشة التي تكتب بها اللغة الفرنسية؟ لماذا الأولى بدينة، والثانية رشيقة؟ تابع القراءة لتعرف أصول التمييز...

"الريشة" نسبة إلى الريش، والريش ما علا جسم الطائر من شعر ناعم، وهو بمثابة رداء له. و"الريشة" أداة للكتابة مصنعة في القديم من ريش الطيور. تستعمل في  الكتابة باستخدام الحبر السائل. تؤخذ من أجنحة الطيور الحية، خلال فصل الربيع.

أما"الريشة" الحديثة التي استعملها التلاميذ في زمن "الكتابة المدادية" فهي مصنوعة من الحديد.. ولتُستعمل بكفاءة يجب التدرب على تقنية خاصة أهمها: أن تغطس رأس الريشة في المحبرة مع تجنب تحميل الرأس كمية زائدة من المداد مما سيسبب بعض المشاكل التي يجب معالجتها باستعمال المنشفة أو الطباشير لامتصاص فائض الحبر المتدفق فوق الورقة تفاديا لتمزيق الورقة والكتابة على ورقة جديدة...

و"الريشة" في المغرب إبان عهد الحجر والحماية نوعان: ريشة تكتب بها حروف اللغة العربية، وريشة تكتب بها حروف اللغة بالفرنسية.

هذا التمييز يرجع إلى نظرة المستعمر إلى الثقافة والحضارة العربية عموما، في هذا السياق يقول محمد عابد الجابري: " إن سياسة فَرنسا تجاهَ اللُّغة العربية الفصحى كانت واضحةً لا لبس فيها، وهي محاربةُ هذه اللغة بكل وسيلة ممكنة، وقطعُ الصلة بكل ما يؤدي إلى نشرها وتعلُّمها؛ لأن الهدف المرسوم هو تطويرُ المغاربة – والبربر منهم بصفة خاصة – خارجَ إطار هذه اللغة، والانتماء للحضارة العربية الإسلامية."

أما فيما يخص اللغة الفرنسية، يقول هاردي: اللُّغة الفَرنسية، التي بواسطتها سنتمكَّن من ربط تلاميذنا – المغاربة – بفرنسا، والتاريخ الذي يجب أن يعطيهم فكرة عن عظمة فرنسا."

"الريشة" هذه الأداة الساحرة التي كانت تحفز التلاميذ لكتابة الخط بشكل جميل وأنيق نوعان:

"الريشة الفرنسية": دقيقة الرأس. كلنا نتذكر هذه الجملة التي لا يمل المعلم من ترديدها: "اصعد دون ضغط، وانزل بالضغط"   (Appliquer vous)لتحفيز التلاميذ على  تحسين وتجويد الخط خصوصا أثناء كتابة الحروف باللغة الفرنسية...

وقتها كنت أسأل نفسي لماذا تم التمييز بين النوعين.. ولكن تأخر الجواب لسنوات قبل أن أفهم أن فرنسا ملزَمة بالفصل بين تعليم خاص بالنخبة الاجتماعية، وتعليم لعموم الشعب.

الريشة الرقيقة والرشيقة (الفرنسية) تفتح الباب في وجه أرستقراطية مثقفة في الجملة.. والتعليم الذي سيقدَّم لبناء هذه النخبة الاجتماعية تعليمٌ طبقي يهدف إلى تكوينها في ميادين الإدارة والتجارة، وهي الميادين التي اختص بها الأعيان المغاربة.

الريشة الغليظة والبدينة "العربية" تلائم التعليم الشعبي الخاص بالجماهير الفقيرة والجاهلة جهلًا عميقًا، فيتنوع بتنوع الوسط الاقتصادي: في المدن يوجَّه التعليم نحو المِهَن اليدوية، خاصة مهن البناء، وإلى الحرف الخاصة بالفن الأهلي، أما في البادية، فيُوجَّه التعليم نحو الفلاحة… وأما المدن الشاطئية، فسيوجَّه نحو الصيد البحري والملاحي.

فحسب رؤية "هاردي" المغاربة المسلمون ثلاث طبقاتٍ: طبقة الأعيان وطبقة سكان المدن الجهال، ثم القرويون المنعزلون الأكثر فقرًا وجهلًا! على هذا الأساس تستعمل الطبقة الأولى "الريشة الفرنسية"، والثانية تزاوج بينهما، والثالثة تستعمل "الريشة العربية".

إجمالا عندما نقارن بين الأداتين ـ من وجهة نظر المحتل الفرنسي ـ يمكن أن نخلص إلى ما يلي:

·        "الريشة العربية" غليظة وبدينة الرأس، ربما لأنها تلائم الحرف العربي، والإنسان العربي.. إنها لغة البداوة والتخلف الحضاري وما ينتج عن ذلك من خشونة في الأفعال والأقوال.

·        "الريشة الفرنسية" رقيقة ورشيقة الرأس لتعلن عن نفسها لغة الحضارة والرقي والتمدن التي يبشر بها المستعمر، وما ينتج عن ذلك من رقة في الأفعال والأقوال..

·        كان على العربية أن تنحصر في دور اللغة الدالة على الماضي التليد (زمن الكتابة السمخية)  بينما رقيت اللغة الفرنسية إلى دور الانفتاح على الحضارة الصناعية، فكانت لغة المختبر والعقلانية العلمية تتعارض ولغة المتحف).  (لغو زمن الكتابة المدادية.. 

يتبع

2/5. المعلم

 

الخميس، 24 أكتوبر 2024

تأملات وخواطر عن الكتابة الجزء الثاني: الكتابة "المدادية" أو "الحبرية" 2. متطلبات الكتابة "المدادية: 2/2. الفتاة المغربية بين "الكتابة السمخية" و"الكتابة المدادية"

 كانت الفتاة المغربية زمن الكتابة السّمخية ـ خصوصا بالبادية المغربية ـ تعاني التهميش والحرمان في ظل الفقر والحاجة والعوز، يقتصر نشاطها في الكنس والاعتناء بإخوتها الصغار، وجمع الحطب و بعر البغال والحمير والبقر، وكنس البيت، ومساعدة الأب في أوقات الحرث، أو سقي البساتين.. تعاني من الأمراض والأوساخ وسوء التغذية...

"الكتابة السمخية" عدوة الفتاة المغربية، لا تسمح لها أن تخط حروفها على لوح أو ورق او جلد إلخ... فقد تأصلت في المغرب مؤسسات عتيقة من قبيل العائلة الممتدة، والقبيلة، والزاوية، والمخزن... إلخ، هذه المؤسسات هي التي شكلت لحمة المجتمع وتماسكه، وهي نفسها التي منعت كل نزوع نجو الفردانية أو التمايز... ويتمثل موقف "الكتابة السمخية" من تعلم الفتاة المغربية خصوصا في المثل الشعبي التالي: " لا تسكن بنتك الغروف، ولا َتعلمها الحروف."

أعدمت الكتابة السمخية" عقل وفكر ومشاعر ومواهب الفتاة المغربية بشكل كلي، حولتها إلى كائن منضبط اجتماعيا جسديا وروحيا وفكريا وعاطفيا... الذكر هو من يحدد لها الأدوار، ويفكر لها، ويرسم لها المستقبل... الأشغال المنزلية. فتعليم الفتاة غير مرغوب فيه من قبل المجتمع التقليدي لأنه يشكل تهديدا للنظام الثقافي والاجتماعي القائم. 

بتغلغل "الكتابة المدادية أو الكتابة الحبرية" داخل المجتمع التقليدي المغربي حدثت المعجزة الكبرى وهي انهزام قيم "الكتابة السمخية" أمام القيم الجديدة "للكتابة المدادية".

"كان المغاربة أزهد الناس في هذه المدارس التي فتحت للبنات، حتى أن إدارة المعارف لحرصها على التعليم فتحت واحدة في فاس سنة 1333هـ – 1914م، وبقيت فارغة لم يقصدها أحد، واضطرت لغلقها"

إبان مرحلة الحماية ، في بداية الأربعينات من القرن الماضي  وجدت ثلاثة أنواع من المدارس في المغرب:

أولا: المدارس الثقافية: حيث تعنى معلمات فرنسيات بتعليم اللغة الفرنسية، وتلقين مبادئ التدبير المنزلي..

ثانيا: المدارس الصناعية: حيث تتعلم الفتاة مبادئ اللغة الفرنسية والتدبير المنزلي مع صناعة يدوية ترتزق منها...        

ثالثا: لا هو ثقفي ولا هو صناعي: يجمع بين محاسن النوعين السابقين ومساوئهما 

هكذا أشرقت "الكتابة المدادية" في سماء المغرب، فأنارت عقل الفتاة المغربية، وأعطتها الوسائل التي مكنتها من تحرير جسدها، وروحها، ونفسها، عقلها، ومنحتها شخصية مستقلة، وإرادة حرة،  وفرادة وتميزا، وأعلنت عن حضورها في الزمان والمكان، وسجلت تفوقا على من حرموها لقرون نعمة التعليم، صنعت لها مكانة تحت الشمس لا يمكن للعين أن تخطئها.

ويرى بعض المنظرين أن تعليم البنات مخطط له مسبقا ويدخل في إطار سياسة التوغل السلمي في المجتمع المغربي المحافظ ، لأن الإقامة العامة توصلت إلى أن "مصلحة سياستها تقضي بمصلحة تعليم البنات المغربيات المسلمات، ذلك أنه يؤكد لها أن المرأة الجاهلة...عدوة كل ما تعمله فرنسا في المغرب، فهي ذات تأثير على الأسرة رجالا وفتيانا، وقد استدل الفرنسيون على هذا بأنهم عجزوا عن الوصول إلى أبناء كثير من العائلات لسبب وقوف المرأة في وجوههم، وامتناعهم من السماح للأبناء بالدخول للمدارس الفرنسية، ولهذا اتجهوا إلى غزو البيت المغربي عن طريق المرأة بعد أن تنقاد للتطور وتقبل على التعليم". 

لقد نجحت "الكتابة المدادية" حيث فشلت "الكتابة السمخية" ففي بعص الإحصائيات استطاعت "الكتابة المدادية" أن تستقطب المئات من التلميذات سنة 1927 حيث بلغ عددهن 1203 تلميذة. و2000 سنة 1930. وبعد سنة 1946 وصل عددهن 11.840. تلميذة.

وقد كانت بداية تعليم البنات في مدارس الحماية متعثرة ومرفوضة في المجتمع المغربي وهو ما يلاحظ من خلال أعداد المتمدرسات، حيث لم يرتفع عددهن في المغرب فوق الألف إلا سنة 1927 التي بلغ عدد التلميذات خلالها 1203، ولم يتعد الألفين إلا سنة 1930، ولم يرتفع العدد بشكل ملحوظ إلا بعد الحرب العالمية الثانية سنة 1946 حيث وصل إلى 11.840. وبعدها ستكون المرحلة التصاعدية.

بعيدا عن كل المزايدات فقد أشرقت "الكتابة المدادية" في سماء المغرب، فأنارت درب الفتاة المغربية وأعطتها الوسائل التي مكنتها من تحرير جسدها، وروحها، ونفسها، عقلها، ومنحتها شخصية مستقلة، وإرادة حرة،  وفرادة وتميزا، وأعلنت عن حضورها في الزمان والمكان، وسجلت تفوقا على من حرموها لقرون نعمة التعليم، صنعت لها مكانة تحت الشمس لا يمكن للعين أن تخطئها.

يتبع

2/3. الحبر والمحبرة..