ولدت كوسم في نحو العام 1589، ربما لكاهن يوناني على جزيرة تيموس، كانت
زوجة السلطان أحمد الأول الذي بنى الجامع الشهير الذي يحمل اسمه..كان يقال بأن
كوسم تستطيع أن تفعل أي شيء تريده مع السلطان، وأنها تمتلك قلبه تماما، وأنه لا
يرفض لها طلبا، وبعد أن أبعدت إلى القصر القديم عند موت السلطان أحمد العام 1617،
عادت إلى القصر الجديد بصفتها السلطانة الوالدة عندما اعتلى ابنها الشاب مراد
الرابع العرش العام 1623.
من قاعدة سلطتها في الحريم ساعدت كوسم المسؤولة عن ابنها السلطان مراد
الرابع في تثبيت أركان الحكم من خلال صهر معظم الذهب والفضة الموجودين في القصر
لدفع رواتب الجند. كانت مصالح السلطان تُهدد أحيانا مصالح عائلت. من ذلك أن مراد الرابع عندما أصبح رجلا، عاد إلى
إرث قتل الإخوة، وأمر بقتل شقيقين له للتخلص من المنافسين، ومنعته أمه من قتل أخيه
المتبقي إبراهيم من خلال إقناعه بأن إبراهيم مجنون ولا يمكن أن يشكل تهديدا...
في بادئ الأمر، كان إبراهيم مرعوبا من مغادرة غرفة الحريم. وإلى أن أمرت
كوسِم بأن تعرض عليه جثة أخيه، ظل مقتنعا بأنه مأخوذ إلى الخنق وليس إلى التنصيب.
وفي عهده بلغ الحريم ذرى جديدة من الترف والعطور والمنسوجات والجواهر. دفع إبراهيم
ولعه بالنساء إلى تخصيص غرفة مبطنة كليا بفراء الوشق والسمور حتى
"يختلي" فيها، وساعدته كوسم في تزويده بالعذارى والنساء السمينات.
وعندما فترت قوته، اقتصر على امرأة جديدة كل يوم جمعة، وفي خرق لتقاليد العائلة
تزوج إبراهيم محضية في مراسم عامة..انزلقت الحكومة في عهده إلى حالة من الفوضى،
وقطع جنود الإنكشارية الغاضبون من تأخر رواتبهم جسد صدر أعظم سابق وبيع في الشارع.
اجتمعت كوسم بكبار الوزراء ووافقت على عزل ابنها إبراهيم وخنقه لاحقا.
وكانت أخر كلماته: "أليس من بين أولئك الذين أكلوا خبزي من يشفق بي ويذوذ عني؟
لقد جاء هؤلاء القساة لقتلي، الرحمة الرحمة".
سرت شائعة في القصر تقول بأن كوسم تريد خنق الباديشاه. وفي الثاني من
سبتمبر 1651، طاردها الخصيان...حاولت الاختفاء لكن أحد مطارديها رآها فخنقها بستارة.
صارعت كوسم حتى تفجر الدم من أذنيها..تركت الوالدة المذبوحة، كما باتت تعرف، ألفين
وسبعمائة شال، وعشرين صندوقا من الذهب، وسمعة باقية في المدينة بتقواها وكرمها،
وعندما علم أهل القسطنطينية بموتها، دخلوا في حداد ثلاثة أيام.
.........................................................................................................................
*القسطنطينية، الجزء الأول، عالم المعرفة، يوليو 2015. العدد 426. ص 161/165
بتصرف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.