تأملات وخواطر عن الكتابة. ثانيا: العجائبية في الكتابة السّمخية: أولا: "الكتابة السّمخية". 2. في مسألة الخلق. الجزء الثاني: في خلق أدم وحواء

 الكائن السمخي هو الشخص  الذي علق في الرمال المتحركة للكتابة السّمخية قولا وفعلا، وصعب عليه الفكاك من فخاخها، واستحال عليه إنقاذ نفسه وإنقاذ غيره من فخاخها                    

1. خلق آدم

في سياق الحديث عن الكتابة السمخية العجائبية نورد ها هنا سردية أخرى مرتبطة بالخلق، وهي تحاول أن تروي سردية آدم وحواء.

ففي ما يتعلق بخلق آدم قال كاتب سمخي: "بعث االله جبريل إلى الأرض ليأتيه بطين منها، فقالت له الأرض إني أعوذ بالله منك أن تنقصني. فرجع ولم يأخذ منها شيئا وقال يا رب، إنها عاذت بك ثم بعث الله ميكائيل فقالت له مثل ذلك، فرجع ولم يأخذ منها شيئا. فبعث الله ملك الموت فعاذت بالله منه. فقال وأنا أعوذ بالله أن أرجع ولم أنفذ الأمر، فأخذ من تربة سوداء وحمراء وبيضان، فلذلك خرج بنو آدم مختلفين في الألوان، وسمى آدم لأنه خرج من أديم الأرض وقيل غير ذلك...

هكذا يروي روايته وكأنه على يقين بأنه انتهى إلى الحقيقة المطلقة لولا أن أضاف عبارة: "قيل غير ذلك". ليعنرف أنها سردية من بين سرديات لا نعرف عددها.

وكالعادة يقحم الكتاب السمخيون الأحاديث النبوية للدفاع عن وجهات نظرهم وإقناع الناس بوجاهتها. ففي ما يتعلق بصورة آدم، رأى بعض الكتاب السمخيين أن يشبهوه بخالقه. فاستشهدوا بقول الرسول (ص) "وخلق الله آدم على صورته أو هيئته ". وأضافوا جملة اعتراضية : "الحديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم".

أما ابن تيمية، وهو ـ كاتب سمخي آخر ـ فيقول وهو على يقين أن الله "خلق سائر الخلق من ذكر وأنثى، وكان خلق آدم وحواء أعجب من خلق المسيح، فإن حواء خلقت من ضلع آدم ، وهذا أعجب من خلق المسيح في بطن مريم ، وخلق آدم أعجب من هذا وهذا."

2. خلق حواء

أما فيما يخص خلق حواء، فيكاد الكتاب السمخيون يجمعون أن حواء خلقت من ضلع أدم . وعلى هذا الأساس تم الخلق على التراتبية التالية: آدم- حواء-نسل آدم وحواء. وأنا وأنت أبناءهما.

وفيما يلي آراء بعض الكتاب السمخيين في مسألة خلق حواء:

* قتادة: "خلقت حواء من ضلع من أضلاعه (آدم)ليسكن إليها." لم يعين نوع الضلع الذي خلقت منه حواء.

* مجاهد: "من الضلع  القصير لآدم وهو نائم."

* البغوي: "خلق الله حواء من ضلع آدم."

*  الحافظ ابن حجر: خلقت من ضلع.  قيل: فيه إشارة إلى أن حواء خلقت من ضلع آدم الأيسر. وقيل: من ضلعه القصير. أخرجه ابن إسحاق وزاد اليسرى من قبل أن يدخل الجنة وجعل مكانه لحم، ومعنى خلقت: أي أخرجت كما تخرج النخلة من النواة."

كثرت التفسيرات وكثر معها السمخ حتى فقد المعنى وغابت الحقيقة. وتكاد تجمع هذه الكتابات على أن حواء خلقت  وآدم نائم. لأنه ـ من وجهة نظر كاتب سمخي ـ لو كان مستيقظا لشعر بالألم.

ونلتقي في موضوعنا مع صاحب القطة "أبو هريرة" ليلقي مزيدا من الضوء على قصة خلق حواء مقحما كعادته الرسول في تأويلاته وتفسيراته ووجهات نظره ليستغبي المتلقي ويقنعه بما يراه الحق.. يقول ابي هريرة بأن حواء خلقت من ضلع أعوج. وادعى أن المعلومة استقاها من الرسول.

ويقول كاتب سمخي ما مرداه:  لوخلقت حواء من آدم هو مستيقظ، لشعر بألم خروجها من ضلعه وبالتالي يكرهها بسبب هذا الألم، لكنها خلقت وهو نائم حتى لا يشعر بالألم ويحبها. قال رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم "المرأة خلقت من ضلع أعوج ، وإنك إن أقمتها كسرتها، وإن تركتها تعش بها و فيها عوج"

وعلق كاتب معاصر عالق في الثقاقة السمخية قائلا: "ذلك الضلع (الأعوج) الذي يحمي القلب خلقت منه حواء لأن مهنتها حماية القلوب، فهي ستتعامل معها، بينما آدم خلق من تراب لأنه سيتعامل مع الأرض، سيكون مزارع، بناء و حداد....إلخ. أما حواء ستكون الأم الحنون، والأخت الرحيمة، والبنت العطوف، و الزوجة الوفية."

تبارك الله على من علم هذا الكاتب العالق في الكتابة السمخية تأويل الأحاديث، وتفسير المعميات... ويقدم نصائح مثقلة بالحكمة العجيبة مقحما الرسول في دعواه المضللة والمثخنة بالأسطورة والعجائبية: 

"افتخري يا حواء لكونك مخلوقة من ضلع أعوج، أما أنت يا آدم لا تحاول إصلاح هذا الاعوجاج، كما أخبرنا سيد الخلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنه إن حاول الرجل إصلاح ذلك الاعوجاج كسرها، و يقصد بالاعوجاج العاطفة عند المرأة، التي تغلب عاطفة الرجل ، فلا تسخر يا آدم من حواء فهي خلقت هكذا وهي جميلة هكذا و أنت تحتاجها هكذا، فروعتها في عاطفتها فلا تتلاعب بمشاعرها، و لا تحزني يا حواء كونك عاطفية فذلك منتهى جمالك."

وتبقى سردية خلق آدم وحواء من أجمل السرديات التي تمتعنا ونحن نتقصى قصة الخلق السرية والسحرية.

إجمالا يمكن القول أن سردية خلق آدم وحواء تبقى محجوبة عن الإدراك الإنساني، وهي سر من الأسرار المخفية بعناية، وما يقال مجرد تأويلات وتخمينات ووجهات نظر لا أقل ولا أكثر...

يتبع