تعاليم كونفوشيوس
- 02 –
الطبيعة الجوهرية للصلاح
يقول نهج "تْشنغ سَنغ" (المذهب الوسطي) إن "الإنسانية (جن Jen ) هي (الصفة المميزة)
للإنسان، وأروع استخدام لها هو أن يكون محبا رؤوما تجاه الأقارب". تحدد هذه
العاطفة بأنها "طاعة الوالدين" واحترام الجدود والسلف، إذ يقول تشنغ
سنغ: "إن أصحاب طاعة الوالدين هم أولئك الذين يحققون بحرص رغبات السلف ويؤدون
واجباتهم بمهارة".
والقاعدة الذهبية منغرسة في تعاليم كونفوشيوس الذي يقولك "لا تفعل
بالغير ما لا تود أن يفعلوه بك". ويورد كتاب كونفوشيوس المعنون "التعلم
العظيم" شرحا موسعا للقاعدة الذهبية إذ يقول:
"إن ما يبغضه امرؤ في من هم فوقه، لا ينبغي أن يظهره في تعامله مع من
هم دونه، وما يكرهه في من يتقدمونه، لا ينبغي له أن يظهره في سبقه لمن هم خلفه،
وما لا يرغب في هم خلفه، عليه أن لا يظهره في أتباعه من هم أمامه، وما لا يودّه في
الذين إلى يساره، يجب أن لا يظهره تجاه الذين هم إلى يمينه".
إن جوهر كون الفرد إنسانا يكمن في المحافظة على استمرار علاقات محبة وودّ
مع الآخرين، ولذا فإن أعضاء المجتمع متصلون بعضهم ببعض على هذا الأساس بنحو لا
انفصال له من حيث الجوهر. والالتزام بالقاعدة الذهبية لا يعمل على استدامة خير
المجتمع وصلاحه وحسب، بل ويحافظ على سلامة إنسانية الفرد الشخصية. فانتهاك إنسانية
فرد آخر معناه تشويه الفرد لإنسانيته الخاصة.
النظام الاجتماعي وإرادة السماء
تعلق الديانة الكونفوشية أهمية خاصة على التوازن والنظام والانسجام
المتوافق في المجتمع. والمجتمع بالنسبة لها قائم على خمسة أنواع من العلاقات
الأساسية. وينص المذهب الوسطي في هذا الصدد على الآتي:
هناك خمسة أساليب عامة (للعلاقات الإنسانية)ن أما الطريقة التي تمارس بها
فهي ثلاث طرق. والأساليب الخمسة التي تحكم العلاقات بين الحاكم والوزير، وبين الأب
وابنه، وبين الزوج والزوجة، وبين الأخ الأكبر والأخ الأصغر، والتعامل بين
الأصدقاء. وهذه الأساليب الخمسة هي السبل العامة في العالم، وأما الحكمة والتواضع
والشجاعة فهي الفضائل العامة الثلاث.
لابد لإقامة مجتمع يعيش فيه أعضاؤه بتوافق ناجح، من أن تحكم ذلك المجتمع
قوة مثال خلقي (القوة الخلقية "تِهْ") لا القوة المادية. فقوة سلطة
الحاكم الخلقية تنال التفويض السماوي (تين مينغ). وتخوّل هذه المشيئة السماوية
الإمبراطور (أو القائد) سلطة الحكم.وإذا قصّر الإمبراطور وأخفق في التمسك بالأخلاق
ورفعها فإنه يكون عندئذ قد تخلى عن حقه في الحكم.
يقول كتاب
"التعلم العظيم":
حرص الأقدمون الذين ودّوا إظهار طبيعتهم الصريحة للعالم على أن يقيموا
النظام في دولهم أولا. وأولئك الذين رغبوا في تحقيق النظام في دولهم حرصوا على
تنظيم أسرهم أولا. والذين أرادوا تنظيم أسرهم كان عليهم أن ينظموا حياتهم الشخصية
أولا. والذين شاؤوا أن يهذبوا حياتهم الشخصية وجب عليهم أن يصلحوا أفكارهم أولا.
ومن رغبوا في صلاح تفكيرهم كان لا بد لهم من آن يخلصوا في إرادتهم. والذين أرادوا
أن يجعلوا إرادتهم مخلصة عليهم أن يزدادوا معرفة. وزيادة المعرفة تكمن في البحث
وتحرّي الأمور. وعندما يتم تحرّي الأمور تزداد المعرفة، وعندما تزداد المعرفة تصبح
الإرادة خالصة، وعندما تصبح الإرادة مخلصة يصلح العقل والفكر. وعندما يصلح العقل
تتهذب الحياة الخاصة، وعندما تتهذب الحياة الخاصة، تنتظم الأسرة، وعندما تنتظم
الأسرة تصبح الدولة منظّمة، وعندما تكون الدولة منظمة، يعم السلام أرجاء العالم.
.........................................................................
* تراثنا
الروحي. مايكل درافيس وجيمس مادييو ومايكل روسو. ص/ 346-349 (بتصرف..) يتبع..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.