الصراع لتعريف التشدد داخل الحياة
العامة: - 04 -
الاعتداء على الحرية الفكرية (محنة
الفكر الحر في مصر)
اتهام جماعة الأزهر لحسن حنفي.. ـ
إدانة الروائي حيدر حيدر ـ الروائي الطيب صالح ـ تورط النظام في القمع
واجه
حسن حنفي أستاذ الفلسفة بجامعة القاهرة وأخذ المؤيدين البارزين ل "الإسلام
اليساري" هجمة مماثلة على من جبهة الأزهر. متأثرا ب "مارتن هايدجر"
وفلاسفة غربيين آخرين، روج حنفي تفسيرا للإسلام يؤكد على العدالة الاجتماعية، كما
أيد أيضا الفكر الحر. واتهمه جماعة الأزهر في العام 1997 ب "إيذاء
الإسلام" وإنكار حقائق دينية راسخة". وجهوا انتقاداتهم تحديدا إلى
كتابين بعنوان "التراث والتجديد" و "من العقيدة إلى الثورة"،
حيث ذكرت جبهة الأزهر أن هذين الكتابين قد "ازدريا وسخرا واستهزآ بكل خاصية
من خصائص دين الأمة". كان قد مر على هذين الكتابين خمس سنوات وقتئذ، وهو الذي
يدعم التكهنات بأنه جرى تشجيع الجهة لتوجيه النقد نظرا إلى التعليقات التي أدلى
بها حنفي في محاضرة أمام أربعة آلاف طالب وأستاذ جامعي في جامعة الأزهر شهر مارس
1997.
وأخيرا
نشب نزاع حول إعادة إصدار كتاب تم تأليفه في العام 1983 بواسطة مؤلف سوري يدعى
حيدر حيدر بعنوان "وليمة لأعشاب البحر" وفي ربيع العام 2000 نشرت
الجريدة الإسلامية "الشعب" نقدا لاذعا عن الكتاب، وذكرت أن النص هو
عبارة عن إهانة للإسلام. كما انتقدت وزارة الثقافة لقيامها بإصدار الكتاب كجزء من
سلسلة الكلاسيكيات العربية الحديثة التي كانت تتبناها. وأشار كاتب المقالة إلى مدى
صدمته من جراء تشجيع الحكومة المصرية "الإلحاد والكفر والعفن". وسريعا
عقب نشر النقد، أصبح موضوعا للخطب النارية وأشعل أحداث الشغب بجامعة الأزهر في
القاهرة. وتمادت جريدة "الشعب" في وصف القصة ونشرت إدانات لعدد من
الرموز الأدبية العلمانية بمن فيهم الطيب صالح. وعلى الرغم من تقدير لجنة المراجعة
الذي أشار فيه إلى أن الكتاب هو "عمل أدبي قيم أشاد بالفعل بدور
الإسلام"، فإن لجنة الشؤون الدينية في البرلمان المصري طالبت بحرق الكتاب.
وكان رد فعل الحكومة هو القبض على العديد من المعاونين من داخل وزارة الثقافة بتهم
"التعدي على ديانة سماوية". وإغلاق الصحيفة التي نشرت المراجعة. كما
حضرت الحكومة أيضا الكتاب بعد أن وصفته إحدى اللجان داخل الأزهر بأنه "ابتعاد
خطير عن الفهم الديني المقبول، وتَعَدّ على ما هو مقدس بالدين، ومن المحتمل أن
يتسبب في خلخلة الأمة.
لم يكن
الجدل الكامن في جميع هذه الحالات ـ ألا وهو حدود التعبير والقدرة على التشكك في
دين سماوي ـ بجديد، فقد كان هناك جدل قائم منذ زمن بعيد حول تفسير الإسلام. كان
ذلك الجدل من الزاوية التاريخية بين أولئك الذين تبنوا تفسيرا ضيقا للتقليد
الإسلامي وأولئك الذين "ينظرون إلى الثقافة العربية الإسلامية على أنها ظاهرة
أكثر تعقيدا".
إن ما
هو جديد ـ نسبيا ـ هو انضمام علماء الدين يلقون دعما من الدولة إلى قوى من
الإسلاميين غير الأزهريين في الهجوم على آراء الكتاب العلمانيين والليبراليين.
عارض الأزهريون ما يرونه تفسيرات غير تقليدية للإسلام، واستخدموا مناصبهم داخل
مؤسسات الدولة لحشد المشاعر الشعبية ضد مثل هذه الهرطقة. ومع ذلك والأكثر إثارة
للحيرة هو تورط نظام مبارك في مثل هذه الهجمات. عملت سياسات الدولة التي صُممت
لتشجيع التقوى والامتثال الديني والسكون السياسي، على تطبيع حالات التعصب ضد
الآراء البديلة فيما يتعلق بالأمور الدينية. وعلى طريق الترويج لمثل هذه السياسات،
ساعدت الدولة على إعادة تعريف التشدد الديني داخل الحياة العامة المصرية، ووفرت
الأسس لوصم المعارضة الدينية والسياسية على حدّ سواء.
...........................................................................................................................
* عالم المعرفة. السياسة الدينية والدول العلمانية. سكوت
هيبارد. عدد413. يونيو 2014. ص 143/ 145.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.