ترحيب

Welcome to the farhat mustapha Website المصطفى فرحات يرحب بكم
أنت إنسان حر الإرادة والفكر والفعل؟ إذا أنت غير موجود..

بحث هذه المدونة الإلكترونية

سورة الفاتحة

سورة الفاتحة

رسائل


،رسائل: الرسالة (13): لا شيء يسعدني أكثر من إقبالك على الحياة بتفاؤل، ولا شيء يحزنني أكثر من إقبالك على الحياة بتشاؤم... ..

جديد الأخبار

7. قالوا عن الحزن: * "لا يوجد أحد يستحق دموعك، على أي حال ذلك الشخص الذي يستحقها لن يجعلك تبكي". )غابرييل جارسيا ماركيز) * "الغضب والدموع والحزن هي أسلحة المستسلمين". (كيتي جيل) * "للحزن أجنحة يطير بها مع مرور الزمن". (جان فونتين) * "ليس الحزن سوى جدار بين حديقتين". (كاهيل غبرين) * "الصمت الطويل هو الطريق للحزن... لأنّه صورة للموت". (جان جاك روسو) * "الكثير من السعادة تستحق القليل من الحزن". (ثوماس فولر)
أحدث المواضيع

coinautoslide

Everybody dies

INFO

معلومات
  • 1. * أنت أقوى مما تعتقد
  • 2. * إذا لم تستطع شيئا فتجاوزه إلى ...
  • 3. * السماء كئيبة، إذا ابتسم
  • 4. * لا تحزن على ما فاتك
  ركز على ما تفعله...

السبت، 2 يوليو 2022

مقاربات نقدية: 28. في رحاب "البراريّ قراءة في رواية "ألعاب الهوى" لوحيد الطويلة

عتبة  

بلغة تمزج بين اللغة الفصحى واللغة المحكية، لغة تتوارى فيها الشعرية والرومانسية لتفسح المجال للغة واقعية ينبثق منها أسلوب سردي يمزج بين الجد والهزل، المعقول واللامعقول في إطار من النقد الساخر واللاذع، يعكس رؤية السارد لواقعه في أبعاده الاجتماعية والإنسانية والسياسية والدينية والثقافية، يسافر بنا وحيد الطويلة في روايته " ألعاب الهوى " إلى قرية البراري وما يجاورها ويتماس معها، وهي قرية تبدو وكأنها ولدت من العدم ليتشكل داخلها مجتمع، رغم تركيبته البسيطة، إلا أن العلاقات التي تحكمه جد معقدة خصوصا على المستوى النفسي والعاطفي، علاقات تتحكم فيها الأنانية المتمثلة في حب التملك، والنزوع إلى امتلاك السلطة أملا في تحقيق الذات بوسائل مشروعة وغير مشروعة، فما دامت كل الطرق تؤدّي إلى الهدف، فلا يهم كيفية الوصول، وإنما المهم هو الوصول في حدّ ذاته. فكان استغلال النفوذ، والاحتكار، والاغتصاب، والقتل، والنهب.. من بين الأذوات الإجرائية والعملية التي تم توظيفها من أجل الهيمنة وفرض السلطة وتحقيق الذات على حساب البسطاء والفقراء من أبناء البراري.

ورغم طغيان نزعة الجشع والطمع على أغلب مكونات هذا المجتمع، فإنه لا يخلو من ذوي النيات الحسنة والصادقة الذين رفعوا راية الإصلاح والتغيير، وأخذوا بعين الاعتبار مصلحة الآخرين دنبا إلى جنب مع مصالحهم الخاصة، لكن هذه الفئة تبدو معزولة وتتعرض لشتى أشكال الاضطهاد والإقصاء لتنسحب من مسرح الأحداث بعد أن جرفها تيار الأغلبية الذي لا يرحم.

لم تكن سلطة الدولة/الحكومة غائبة في هذا المجتمع، لكن دورها كان محدودا جدا، ولم تتمكن من إعادة ترتيب فوضاه، بل كثيرا من تبعثر الأوراق لتضيف فوضى إلى فوضى، فينمو الجشع، والطمع، ويستمر القتل والسرقة.. بل إن السلطة أحيانا تتغاضى وتتحالف مع الفساد ما دام يضمن لها مصالحها الخاصة والعليا.

لقد اتخذ الكاتب قرية البراري فضاء حشد فيه قوى فاعلة متباينة ثقافيا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا، تجمعها الجغرافية وعلاقات قرابة ودم ومصالح..وجعل الكاتب من شخصية الشيخ حامد نواة وبؤرة ينظم عقد المحكي، ويبني حبكته، فمن خلال هذه الشخصية يقربنا السارد من عالم أهل البراري.

مقاربة

سنحاول في هذه المقاربة أن نتتبع شخصية الشيخ حامد داخل مسار الحكي، ومن خلال سيرته سنلقي الضوء على واقع قرية البراري والشخصيات الفاعلة فيه، نوازعهم، هواجسهم، رغباتهم، أحلامهم...

أولا: الشيخ حامد: الأصول

ينحدر الشيخ حامد من قرية كفر البحايرة من محافظة الدهقلية، والده أبو عبده أول من اقترب من عالمية الأزهر الشريف، والمتعلم الوحيد في أرجاء البرية، وعندما نتتبع شجرة العائلة نجد على رأسها جدّه البحيري الذي أنجب كوم بنات وثلاثة أولاد وهم:

1 . الشابوري: أكبر حراميي المنطقة، مات ولم ينجب.

2. أبو عبده: لم ينه دراسته في الأزهر، تسلم مهام كبير العائلة. (كل عائلة قي البراري تحتاج إلى رئيس يدير شؤونها، وحرامي يحميها) وأنجب: الشيخ حامد، والنادي، وخضره. والشيخ حامد أنجب الدمرداش اللص. ومع ذلك فالشيخ عامد يعتبر الفرع الذي ينتمي إليه هو الفرع الطيب في عائلة عريقة في اللصوصية.

3. لحاج قرد: الذي عاش مريضا طيلة حياته في كنف أخيه أبو عبده قبل أن يتماثل للشفاء ويستغل مرض أخيه وزهده في الحياة ويستولي على أملاك العائلة. انجب: وفا زيت حار، وحفصه، والعزماوي، خليفة عمه في اللصوصية.

ثانيا: الشيخ حامد: الرجل المثقف

يمثل الشيخ حامد نموذجا لمثقف بادية البراري، فهو منفتح على عصره ومحافظ على الأصول، إنه مثال للإعتدال في مجتمع يميل إلى المحافظة، فهو يدخن بشراهة، يأكل بنهم، يتابع الأخبار من خلال جريدة الأهرام، وإذاعة لندن، ورغم تشبعه بالدين وممارسته واشتغاله لمدة ستين سنة خطيبا ومدرسا وإماما، إلا أنه في كثير من مواقفه يكشف عن وعي متقدم بمحيطه الاجتماعي وحاجات الناس الفكرية فيعظهم بطريقته الخاصة ليقرب لهم الدين بأمثلة مستسقاة من واقعهم مما يثير استغراب البعض وإعجاب البعض الآخر، وينظر إلى الحياة نظرة واقعية وعقلانية. ومع عراقته في المشيخة، إلا أنه يستبعد الكرامات التي تضفيها العامة على المشايخ، والخرافات المرتبطة بهم.

ثالثا: الشيخ حامد: علاقاته الاجتماعية

يعيش الشيخ حامد حياة هادئة ومتوازنة في علاقاته الأسرية رغم بعض الشوائب والمنغصات التي لا ترقى أن تكون مشاكل حقيقية، إنه يتمتع بحس أسري وعائلي واجتماعي يشعره بمسؤولياته اتجاهها ولا يتوانى في الاعتناء بها والسهر على راحتها، إلا أنه في علاقاته خارج الوسط العائلي فإنه ينهج على العموم سياسة النأي بالنفس، إلا أن هذا الاختيار لم يكن ليجنبه الاصطدام بالأخرين، فقادته الظروف ليواجه أعداء شرسين لم يترددوا في مهاجمته واستخدامهم لكل الوسائل من أجل الإطاحة به وإبعاده عن مراكز النفوذ والسلطة خصوصا عندما أعلن ترشيحه للانتخابات استجابة لرغبة أخيه النادي. ومن بين أشد أعدائه ضراوة:

-  عمه الحاج قرد وأبناؤه.

- أبو شبارة: صاحب دكان التموين الذي أصبح من أغنياء البلد.

- ربيع: الذي لم يتوقف في توجيه الشكاوي ضده إلى الجهات المسؤولة.

- عائلة المناصرة وكمال وغيرهم..

في مقابل هؤلاء الأعداء نجد بعض المناصرين الذين هم عالة على الشيخ حامد نظرا لظروفهم الصعبة فأغلبهم من الفقراء والمعاقين أمثال الشيخ إسماعيل الأعمى، والشيخ زاهي، وفراش الجامع والشيخ عبد اللطيف، والفنجرية التي تلعل دورا مزودونا. ويبقى النادي أخوه على رأس من يعتمد عليهم في حياته، ويصفه بصاحب البصيرة. وبموت هذا الأخير يجد الشيخ حامد نفسه مكشوفا للأعداء، فقد كان " الحيلة والسبيلة والحائط الذي يتكئ عليه، وتستند عليه البرية. ص 163".

رابعا: الشيخ حامد والسياسة

دخل الشيخ حامد مجال السياسة مذ كان طالبا بالأزهر عندما استعلت الحكومة موسم الحج وأرسلته في بعثة، ووُكلت لهم مهمة قتل الإخوان المسلمين الذين لجأوا إلى السعودية ودول الخليج، ومع أنه يؤكد أنه بريء من دمائهم، إلا أنهم قتلوا ما يزيد عن عشرين أو عشرة.

الشيخ حامد كان دائما على اليمين  يمين الحكومة ويمين الاتحاد الاشتراكي ويمين إخوته، وحتى عندما يحلف، يحلف بيمين المصحف"

ويتذكر تجربته المدمرة في الاتحاد أيام كانت الدنيا دنيا، نجح وصار أمينا للجنة الدعوة والفكر باعتباره عالم دين وفقيها كبيرا ص: 105 ثم فصل لأنه نعت الأمناء العامين للحزب على مستوى المحافظة بالحمير.

وهو، إذ اختار الابتعاد عن السياسة فإنه لم يعدم أسبابا لتبرير موقفه، منها:

ـ شوهت ـ السياسة ـ صورة المشاييخ لدى العامة. فمنذ انتمائهم للاتحاد الاشتراكي، والاتحاد القومي، فقدوا القدسية التي كانوا يتمتعون بها، وهذا ما حدى به إلى التردد لدخول الانتخابات عندما اقترح عليه أخوه النادي الفكرة.

ـ تواطؤ الحكومة مع الفاسدين والمفسدين عندما تتغاضى على النهب والسرقة.

- البلد في نظره حفنة لصوص، واللصوص لا يتقون كثيرا في المشايخ. ص 124

- تعرضه لحملة مغرضة من قبل المعارضين الذين يصفهم بالبهائم، ومعهم الأولاد المتخرجين حديثا من الأزهر والذي يتهمونه بأنه يشكل الدين على طريقته الخاصة.

الشيخ حامد: المصلح الفاشل

من عادة الشيخ حامد أن يقضي الساعة المتبقية بين درس العصر و آذان المغرب في غرفته الملحقة بالجامع.

قضى الشيخ حامد ستين عاما في الوعظ والإرشاد، يصلي بالناس، يلقي خطبة صلاة الجمعة، ويجلس للناس بين صلاة العصر وآذان المغرب يلقي الدروس، لكنه يكتشف في نهاية المطاف أن كل هذا الجهد لم ينتج شيئا، فهو ينهى الناس مثلا عن السرقة لكنه فشل في ثني ابنه الدمرداش عن السرقة..

ويخلص بعد طول التجربة بأن المسلمون هم هم، لا يتغيرون ولو نفخت فيهم بالمنفاخ.. بلد نصها حرامية، والنص الثاني بيفكر. ص 14/15

وفي سياق حواره مع ناكر ومنكر يخاطب نكير قائلا: "أنا حامد بن عروسة، ستين سنة قضيتها فعي تعليم بهايم البرية إزاي يأكلوا ويتأدبوا وينظفوا نفسهم ونفوسهم يا ابن خالي وفي الأخير تجي تسألني أنا. ص: 15/16.

عندما عجز عن إيجاد حسنة يصف الجميع بأولاد الكلب، وأنهم لا يملكون حسنات أصلا

خاتمة

من خلال التبئير على شخصية الشيخ حامد تطرح رواية "ألعاب الهوى" تيمات متعددة يتقاطع فيها الاجتماعي بالسياسي والاقتصادي والنفسي والديني والثقافي، ونتعرف من خلالها على قوى فاعلة بمشارب ومذاهب وخلفيات ثقافية متباينة، لكل منها طموحات وأحلام ورؤى وتطلعات متنوعة، قوى تتلاقى وتصطدم وفق قانون المصلحة الخاصة أو المصلحة المشتركة.. ليتشكل عام قائم بذاته، ومنفتح نسبيا على محيطه، إنه عالم البراري، الذي يحيا حياة بدائية ويسعى ليطور نفسه وينخرط في مجتمع الحداثة رغم المعوقات الكثيرة التي يشكل الجهل والأمية أكبر تحدّ يواجهه ليستمر في العيش على نظام اجتماعي قاس يقوم على البقاء للأقوى. إن الطرف الضعيف، الفقراء والفلاحون. يصارعون من أجل البقاء، يتعرضون للنهب والسرقة سواء من قبل ذوي النفوذ الفاسدين أو السلطة التي تضطر للتحالف معهم حفاظا على المصالح التي يتقاسمونها..

ويبقى الشيخ حامد الحاضر الغائب في هذا المجتمع نموذجا لمثقف البادية الذي يسعى ليجد مكانا يظمئن فيه على نفسه وعائلته رغم صعوبة تحقيق هذا المبتغى على أرض الواقع، إنه يختزل تاريخ بادية البراري من خلال مواكبته للتحولات التي عرفتها والصراع الذي خاضه أبناؤها الشرفاء الذين حاولوا أن يرتقوا بها إلى الأفضل والتضحيات التي قدموها في سبيل تحقيق هذه الغاية البعيدة المنال.

 فبرابر 2016

المصطفى فرحات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.