الجمل المُسيطر، والمهيمن على القطيع جنسيا...
والفحل أيضا: هو الذكر الباسل، القوي، المتميز، الكريم، النجيب، العظيم والنبيل... في التراث العربي القديم تحدثوا كثيرا عن الشاعر "الفحل المُنشد"، قبل أن يوسم الشاعر ب "الفحل السّمخي"، حدث هذا في بداية عصر التدوين بالكتابة "السّمخية". يجب الإشارة ها هنا أن الفحولة خُصّ بها الشاعر وليس الناثر. لا توجد فحولة في النثر للآسف. ربما لأن الناثر أقل مرتبة من الشاعر.
زمنيا، ارتبطت الفحولة عند العرب بالعصر الجاهلي، أما في صدر الإسلام فلا وجود للفحولة نظرا لغياب القصائد الجياد، وقلة الشعر، واعدام القول في جل الأغراض الشعرية، وغيرها من المتطلبات الذي أكد عليها عمود الشعر العربي...
أما في شعرنا المغربي، فلا وجود فيه ل "الفحولة" عندما بحثّ عنها، لم أعثر على أي شاعر مغربي "فحل"، الرأي السائد هو أن الشعراء المغاربة تأثروا بفحول الشعراء في المشرق...
وارتبط مصطلح الفحولة عند العرب في المشرق بالرجولة، فالرجل الفحل هو الرجل المكتمل الرجولة جسديا ونفسيا ومعنويا... لا توصف المرأة عندهم بالفحولة أبدا لأن المرأة مرتبطة باللين والرقة لهذا وصف الشعراء الذين توجد هذه الصفات في أشعارهم بالأنوثة.
لا نعثر في تاريخ الشعر المغربي القديم إلا على النزر اليسير من أشعار النساء، خصوصا الأندلسيات منهن، ولم يتم وصفهن أبدا بالفحولة كما هو الحال بالنسبة للشواعر المشرقيات.
ارتبطت "الفحولة" في ثقافتنا المغربية بالنساء وغابت في مجتمع الرجال، ولكن في مجال بعيد عن الشعر. توصف المرأة ب "الفحولة" عندما تتميز بصفات الحذق، الصبر، الإنتاجية، الشجاعة... ويعتبر الجمال ها هنا غير ذي بال.
في الوقت الذي غاب فيه مصطلح "الفحولة" عن المرأة العربية في المشرق، حضر بشكل جلي عند المرأة المغربية. والمثير للانتباه أن ثقافتنا المغربية تتجنب وصف الرجال بالفحولة ربما لأنها تخدش الحياء.
في غياب مصطلح "الفحل" في نقدنا الأدبي ـ يمكن استبداله بمصطلح آخر ملائم ـ من وجهة نظرنا ـ وهو "الصّردي" بهدف توطين المصطلح ليلائم البيئة.
"الشاعر الصردي" كنظيره "الشاعر الفحل" يتميز شعره بخصائص لا تتوفر في باقي الشعراء الآخرين، ومهمة الناقد الأدبي هو تتبع هذه الخصائص وإبرازها ليستأنس بها بقية الشعراء والشواعر وهم في طريقهم نحو "تصرديت".
وأهم ما يميز "الشاعر الصردي" حضوره الشعري في كل مكان وزمان، يموت التيس فيرثيه فورا، وتموت الشاة يوم موت التيس فيرثيها فورا، يحصل الأرنب على شهادة اعتراف من قبل الذئب في نفس اليوم الذي مات فيه التيس فيهنئ الأرنب، ويمدح الذئب... قديما كان "الشاعر الفحل يحتاج إلى حول/سنة ليكمل قصيدته، أما "الشاعر الصردي" فهو قادر على أن ينتج من القصائد في يوم واحد ما يوازي أو يفوق عدد أيام السنة.
و"الشاعر الصردي" في المغرب متكيف مع بيئته، يتلون بألوانها، ويتمسح بأركانها، وينتظر بركاتها، ولا يقول إلا ما تمليه عليه، إنه يشتغل بجد واجتهاد عندما يتعلق الأمر بالآخر، ويتقاعس ويتكاسل عندما يفكر في مشروعه الخاص. يأخذ أكثر مما يعطي. يحصل أن يعرض في الواجهات كالدمية حتى وإن لم يكن "شاعرا صرديا أصيلا"، كأن يكون مثلا "شاعرا صرديا مستنسخا".
وسواء أكان الشاعر "فحلا" أو "صرديا" فإنهما يخضعان لنفس شروط المرحلة "السّمخية" التي ينتميان لها زمنيا ومكانيا، إن سلبا وإن إيجابا...
.........................................................
إضاءة النصّ:
"الصردي": هي إحدى سلالات الخرفان التي تشكل ثروة حيوانية مهمة في المغرب.
تابع
في التدوينة القادمة
10. طقوس الكتابة "السّمخية"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.