اتصلت بالناشر وأحبرني أن الكتابين وزعا في أغلب مدن المغرب.. وفيما يخص بعضها فسيوزع فيها الأسبوع المقبل كما هو الحال بالنسبة لمدينة بني ملال والمدن المجاورة لها.
تقديم كتاب "تاريخ واد العبيد"
رغم الصعوبات التي واجهتنا في البحث في موضوع
واد العبيد ، فقد حاولنا تجاوزها اعتمادا على المشاهدات الميدانية، والاسطوغرافيا،
والحوليات التاريخية... وكل ما من شأنه أن يمدنا بالمعرفة المطلوبة لتحقيق الهدف
المتوخى من هذا البحث.
أما الهدف من الدراسة فهو بناء معرفة بالمجال
المحاذي لنهر واد العبيد الذي شكل عنصر جذب للهجرات البشرية على مر الأزمنة، ووجدت
الظروف الملائمة لاستقرارها، فارتبطت به اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا ...
أهمية المجال، موضوع الدراسة، ترجع إلى كونه
لم يحض بدراسة شاملة تقرب المهتم بتاريخ المنطقة من الدور الذي لعبه واد العبيد في
تاريخ المغرب:
سياسيا: شكل حدا فاصلا بين حدود عاصمة مملكة
الجنوب مراكش وعاصمة مملكة الشمال فاس في كثير من الفترات التاريخية، كما ارتبط
بحروب كثيرة وفاصلة في تاريخ المغرب.
اجتماعيا: تعايشت على طول ضفتيه أقوام وأجناس
وأعراق مختلفة أمازيغ ويهود مسيحيون وأفارقة وعرب...
ثقافيا: امتزجت ثقافة هذه الأعراق وتفاعلت
فيما بينها وتبادلت التأثر والتأثير، فامتزجت الثقافة العربية الإسلامية بالثقافة
اليهودية والإفريقية والغربية... فاغتنت هذه الثقافة وأشعّت.
اقتصاديا: جميع الأنشطة الاقتصادية المهمة
كانت مرتبطة بالنهر كالفلاحة والرعي والحرف التقليدية.. رغم محدودية مردوديتها.
وجاء بناء سد بين الويدان ليحدث تحولات في مجال الفلاحة في إقليم تادلة التي
استفادت من مياهه في الري وإقامة مشاريع فلاحية كبيرة. كما وفر السد الطاقة
الكهربائية للمنطقة وخارجها.
دينيا: وفرت القرى والبلدات والمداشر
الموجودة على ضفتي النهر ملجأ آمنا وموقعا مناسبا للفقهاء وأرباب الزوايا والصلحاء
فظهرت الزوايا والأضرحة والمساجد على امتداد ضفتيه.
أما ما يتصل بالعوامل الذاتية التي دفعتني
للبحث في هذا الموضوع، فهي كثيرة ولكن أهمها أنني رأيت النور ـ كما أخبرتني والدتي
على الساعة الرابعة صباحا، في بيت صغير بني من الطين والحجر فوق ربوة تطل مباشرة
على واد العبيد بدوار "آيت مولي" الذي يقع على الضفة اليمنى من النهر في
أسفل الجبل الذي بنيت عليه مدينة ابزو القديمة التي ذكرها محمد بن الحسن الوزاني
ومارمول كرلباخ في كتابيهما وصف إفريقيا، ويحمل اليوم اسم "دوار تكونت."
وتقع الربوة الكلسية التي تحمل بيتنا على ارتفاع 300 م تقريبا عن النهر مما يسمح
برؤية بانورامية لمشهد النهر وما يحفه من بساتين جميلة، وكذا النشاط البشري على
ضفتيه الذي يبدأ مع بزوغ الفجر، ولا يهدأ إلا بعد غروب الشمس.
بعد رحيل اليهود من بلدة ابزو اشترى والدي
منزل يحيى أزولاي وانتقلنا إليه وتركنا بيتنا القديم. لم أتجاوز حينها
الأربعة سنوات.
كنت صغيرا وكان النهر كبيرا... أنا على يقين
أن مشهد واد العبيد هو أول ما وقع عليه نظري عندما خرجت لأول مرة من بيتنا.. ومن
يومها علقت صورته في ذهني وما فارقته أبدا... ولا يزال يلهمني حتى اللحظة.
أقول في إحدى القصائد بعنوان "أغنية
لأيت مولي:"
بلدة بحجم رمانة صغيرة
رمانة محروقة بصهد النسيان
تعاند الوقت
تلملم شقوقها
وتحتمي بطيف ورقة خريفية،
تلعب في تربتها المبلّلة بالشجن
مثل طفلة صغيرة تيتّمت
و ُسلّمت للإهمال وديعة..
على تَلة مجروحة بشتى الجراح
يعّشش بيت صغير
يغسل قدميه بماء واد العبيد
ويضمد نزيفه بالطمي الأخضر..
بحجم حزني وفرحي هو
وبحجم عشقي ..
متنسك في عزلته
يتأمله الماء
ويسرق النظر متى عبر البدر
يلّوّح للقلوب وينتظر قدوم الزوار.
هناك كنت ...(1)
..................................................................................
1. المصطفى فرحات: ديوان تقاسيم الصرير، دار وليلي للطباعة والنشر، الطبعة
الأولى، 2006. ص7.
قسمنا الكتاب إلى خمس فصول هي على التوالي:
الفصل الأول: التعريف بواد العبيد..
الفصل الثاني: التوطين
الفصل الثالث: معطيات اقتصادية.
الفصل الرابع: الجانب السياسي.
الفصل الخامس: الجانب الثقافي والاجتماعي .
الفصل السادس: الجانب الديني.
خاتمة
المصادر والمراجع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.