ترحيب

Welcome to the farhat mustapha Website المصطفى فرحات يرحب بكم
أنت إنسان حر الإرادة والفكر والفعل؟ إذا أنت غير موجود..

بحث هذه المدونة الإلكترونية

سورة الفاتحة

سورة الفاتحة

رسائل


،رسائل: الرسالة (12): كنت وستبقين حاضرة في الذاكرة، صورتك لا تبلى، بل تزيدها الأيام غضارة ونضارة، وأنتظر دائما أن ألقاك يوما وأروي عطش الفقدان والحنين... ..

جديد الأخبار

7. قالوا عن الحزن: * "لا يوجد أحد يستحق دموعك، على أي حال ذلك الشخص الذي يستحقها لن يجعلك تبكي". )غابرييل جارسيا ماركيز) * "الغضب والدموع والحزن هي أسلحة المستسلمين". (كيتي جيل) * "للحزن أجنحة يطير بها مع مرور الزمن". (جان فونتين) * "ليس الحزن سوى جدار بين حديقتين". (كاهيل غبرين) * "الصمت الطويل هو الطريق للحزن... لأنّه صورة للموت". (جان جاك روسو) * "الكثير من السعادة تستحق القليل من الحزن". (ثوماس فولر)
أحدث المواضيع

coinautoslide

Beauty is in the eyes of the beholder

INFO

معلومات
  • 1. *It's always darkest before the dawn
  • 2. *Practice makes perfect
  • 3. * Don’t count your chickens before they’re hatched
  • 4. * You can’t judge a book by it’s cover
  مع العسر ...

السبت، 28 مايو 2022

مقاربات نقدية: 21. حين ترتهن شاعرة بالشعر “قراءة في ديوان دمعة” لمالكة عسال *

   العتبة الأولى:

دمعة: هو العنوان الذي اختارته مالكة عسال لديوانها البكر، ويتكون من مائة وأربع صفحات، ويتضمن اثنين وثلاثين قصيدة، يزين صفحة الغلاف وردة متفتحة تنزف دما، ولا شك أن اختيار هذه الصورة لم يكن اعتباطيا، هناك رغبة واعية لدى الشاعرة للتماهي معها، إنها الوجه الآخر للشاعرة، وما الدم النازف، المتدفق من أوراقها إلا الوجه الآخر للقصيدة التي تسكنها والتي يمكن نعتهابالقصيدة الحمراء.

العتبة الثانية:

العنوان الذي اختارته الشاعرة لتوصيف قصائد الديوان له أكثر من دلالة، فهو من جهة يذكرنا بعناوين مماثلة حملتها كتب الكتاب والشعراء الرومانسيين، كدمعة وابتسامة لجبران خليل جبران، العبرات لمصطفى لطفي المنفلوطي..وهي مؤلفات مطبوعة بطابع الحزن والاغتراب والعزلة والاحساس بالظلم الاجتماعي، هذا الشعور هو المسيطر على تجربة مالكة عسال في جل قصائها.

في رحاب الديوان:

إن قراءة ديوان دمعة، هو أشبه ما يكون برحلة يقودك فيها الشعر إلى محطات مختلفة مرة تجدها صامتة، ساكنة، وأخرى صاخبة يملؤها الهرج والمرج، كما يحلق بك متجاوزا أسوار الذات المفتونة بنغم القصيدة المكتوبة بجرح الوطن إلى آفاق رحبة تنزاح فيها الحواجز العاطفية والجغرافية لتشركك في همومها القومية والانسانية، وعندما تنتهي من قراءة الديوان تخرج بفكرة واضحة وهي أن الشاعرة ، وفي أغلب قصائدها، راهنت على الشعر كأداة لتجاوز عزلتها وغربتها، وهذا ما سأعمل على الكشف عنه في هذه المقاربة، تبدو علاقة الشاعرة بالواقع مطبوعة بطابع الحزن، تشعرك قصائدها بأنها تحيا في اغتراب دائم ومستمر. هناك مؤشرات عدة تدل التي تشرنق الشاعرة، ولا تتردد بالبوح بجراحاتها. فالواقع المتعفن لا يمنحها ما تطمئن إليه: الاحساس بالأمان، والجمال، والدفء الإنساني، كل المحاولات التي تقوم بها الشاعرة لنشر قيم الحب والخير والفن تؤول إلى الفشل، ولكي تتغلب على عجزها فقد حولت تشاؤمها إلى رؤيا تكسر حدود الإحباط، وتقفز على أسوار الترهل الذي يطبع زمن الشاعرة، ووجدت ضالتها في القصيدة التي تبقى فتنتها وهاجسها، بهجتها وفرحتها الكبرى، عرسها الأبدي، شهوتها، هي من يمنحها معنى لكينونتها. إن الشعر عند مالكة عسال هو وطن النبوة والحكمة، لا يتكلم إلا اللغة السماوية المقدسة، هو صمام الأمان، والضمادة التي توقف نزيف جرح الروح، والخوف كل الخوف أن يضفئ الشعر جذوته ولا يتبقى من جمره غير الرماد. تقول:

أيها الشعر

تدفق في العمق 

واسكب اللهيب

واركب السؤال

ومزق الصمت

هكذا تصبح القصيدة عشبة الحياة، تنهض في أعماقها مزهوة مخضبة بالبهجة والأمل والفرح، إنها تمنحها الثقة في الذات والعزة في النفس والشعور بالتواجد كذات لها خصوصيتها ورؤيتها للعالم، ذات تعلن عن نفسها بكل جرأة وجدارة، وعلى الآخرين أن ينتبهوا إلى حضورها الفعال. إنها ترفض أن تعبر هذه الحياة بصمت وبلا ضجيج، كما يعبر الملايين، ترغب في أن تبوح، وتفجر صوتها، وكأني بها تقول: أنا أقول الشعر إذن أنا موجودة ومن قصيدة الحرف نقرأ:

الحرف شعلة بيضاء

تنير فضاءات الجواهل

فتحدث وميضا متراقصا

لتضمد الجراح

والفواجع تلين

يتحرك الحرف

لينبع من جلدها متألقا

يلملم القوى

يتوقد

فيحرق المنظور الخاسر

ومن ضوء الصباح

يحيك بسمة

                (الديوان ص 21(

في الوقت الذي تشعرنا فيه الشاعر بالعلاقة الوشيجة بينها وبين القصيدة، تفاجئنا في بعض النصوص باندهاشها ودهشتها أمام القصيدة التي تبقى كائنا زئبقيا، غامضا يستحيل التوغل في ردهاته وأدغاله، إنها تغير شكلها وصورتها باستمرار. وإذ تطاردها الشاعرة في محاولة لإمساك بحقيقتها الحاضرة الغائبة فإنها لا تمسك إلا بمادة هلامية لا جسد لها ولا ملامح، ولكن أحيانا تفجر القصيدة بهاءها وفتنتها، تفتح نبضها ويبوح بأسرارها ومباهجها، عارية تأتي وفاضحة، وأحيانا تفصح عن مكرها وعدائها، تشاكس وتعاند، تقسو لتسفز خلوة الشاعرة وعزلتها. تقول في قصيدة الشاعر والقصيدة

ماذا تكونين أيتها العنيدة

سراب

كلما دنوت منك تنأين

زئبق

إذا لمستك تنفلتين

برقة تلينين

فترهفين للبوح الإصغاء

تارة

كاللهب تثورين

تهاجمين خلوتي

من أنت أيها المألوسة

قولي..أجيبي

                   (الديوان ص (33. 

وحتى في اللحظات التي تقفز فيها الشاعرة على أسوار العواطف المحدودة إلى آفاق رحبة تعانق فيها هموم الوطن والبشر، فإن الهوس بالشعر لا يفارقها فتتلون علاقتها به بحجم إفرازات الواقع، فها هي تتأمل حالة الوطن، فلا ترى غير الرداءة، ولا تشتم سوى الروائح الكريهة التي تدل على موته وفنائه، إنه جثة متعفنة تثير التقزز والاشمئزاز، وحين تلوذ إلى القصيدة كعادتها لتتجاوز محنتها تكشف أن الفرس الذي راهنت عليه خاسر:

وما عسى الحرف يفعل

في هذا الزمن البارد

والوطن جثة

على كتف واد

                      (الديوان ص (55 

هذا التشكيك في قدرة الشعر على إحداث التغيير المنشود لإصلاح ما فسد من وضعيات وقيم، هو تشكيك نابع من الأسئلة التي تشغل الشاعرة منذ أن عرف الإنسان الشعر، نلمس هذا في قصيدة عطر الخريف:

من لي بأنامل

بمائها..تغسل نبوءتي

ليتدفق ما هو نائم

ينثر عطرا

وطن يميد في العراء

                          (الديوان ص. 75 (

من لي بحرف

يأتي بما وراء الجبال

من لي بقصيدة

تنزل القناع

عن لعبة

تلوك أغنية قديمة

(الديوان ص . 76 (

هناك عشق حقيقي لدى الشاعر للقصيدة، هي من يمنحها إمكانية ممارسة شغبها الجميل. ومعانقة الممكن والمستحيل، هي من يقربها إلى أبعد نقطة في أعماق النفس والروح، فبينها وبين الشاعرة أسرارومكاشفات أفصحت عن بعضها وما خفي أعظم. تقول في قصيدة الحرف:

أنت وحدك

لا تضيق بي

ولا أضيق بك

أشاطرك أسرك

تحت النبض

خلف الوميض

فوق الماء.

خلاصة:

لقد اختارت الشاعرة القصيدة الحاثية كوسيط لنقل تجربتها الشعرية المشحونة بهموم الذات والوطن والإنسانت، وسمحت هذه القصيدة للغة الشاعرة وصورها الفنية بالتحرك داخل الفضاء التخييلي بحركية ودينامية وسلاسة.

كما وظفت الشاعرة معجما يحبل بفيض لا يتوقف من الدلالات بظلاله المشعة والقاتمة تجتثها من وجع الروح وانقباض النفس، تغسلها بالشجى وتلبسها رداء منعطفات الوجد التالف بين بوابات ونوافذ وأسوار العواطف اليائسة والمشبعة بالأمل والبياض.

أما صورها الفنية، فهي فضاء قدسي للإعتراف والبوح بما يعتمل في الوجدان، ففيها تتعرى الشاعرة وتكشف عن خباياها وما يؤرقها، ففي صورها الشعرية تجدد الشاعرة الحياة، وتشرع الحلم على رؤى تتحرك بحركة الروح المفتونة بإيقاعات ورقصات القصيدة في صيرورتها اللامتناهية

المصطفى فرحات

 ماي 2005.

***********************************************************************************************

* نشر المقال في: جريدة بيان اليوم، السبت 25 يونيو 2005.

 

 

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.