هي الأصل والمبدأ، هي كتابة البداية، وبداية الكتابة، بداية المغامرة في العوالم الرمزية للفظ والمعنى. جاءت الكتابة السمخية لتكون كتابة ثورية، تروم خلق فضاء جديد للتواصل والتفاعل مع المحيط والواقع وكل ما هو ثقافي منطوق أو ينتقل بواسطة الشفاه أو الرسم أو النقش. ..الكتابة "السّمخية" هي ثورة على ثقافة اللسان، وثقافة الأذن واحتفاء بثقافة العين وثقافة اليد...
بدأت الكتابة السمخية من باب الله... في المعابد، والأديرة كلفافات للتقوى والمغفرة... ربما قبل ذلك بزمن بعيد يستحيل تعيينه، وفي مكان قصي يصعب تحديده ـ ثم سارت وسافرت عبر المسالك والممرات والسبل والطرقات والمنافذ تمتطي ظهور البغال والحمير والخيول والإبل حتى تصل إلى باب الشيطان... في المضاجع والمواخر كرسائل غرام.
حدّا الكتابة، في ثقافة الشرق، وفي ثقافة الغرب، وفي الاتجاهات الأربع: االله والشيطان... وحده الإنسان هو الخاسر الوحيد والأكبر في ميدان الكتابة "السّمخيّة". يخسر نفسه عندما يسلم نفسه للشيطان أو إلى إله الكهنة..
الكتابة "السّمخية" تخشى الفراغ لذا تملأ هذه الفراغات المَقيتة بالحشو والإطناب والتكرار والاجترار، وما عافته الأقلام الذكية... إنها لا تمل من الدوران والالتفاف لتسقط في حلقة مفرغة، فيما يشبه الثقب الأسود للفكر والعقل...
يمدحون الكتابة "السّمخية" ويصفونها بشتى الأوصاف. يقول أحد عشاقها مستعيرا لغة جنسية: "تتسم الكتابة "السّمخية" بالمرونة والاستدارات، وسهولة الحرف العربي على الانتصاب والانبساط مما يوضح التباين في الأوضاع وكذلك قابليته للامتداد والانثناء لشغل الفراغ المختلف بين الحروف المنتصبة.."
وفي المقابل هناك من ينهى عن ممارسة الكتابة "السّمخية" إلى حد تجريم ممارسيها لئلا تنافس وتضاهي القرآن الكريم. أو تلهي عن القرآن بسواه. ويبرّرون بأن الكتب "السّمخية" ملتبسة، لا يعرف حقها من باطلها وصحيحها من فاسدها...
يتفوق النص القرآني الكريم الشفوي على النص الشعري والخطابي شفويا، ولكن عندما انتقلوا من السمعي - الشفوي إلى الكتابي - السّمخي ـ كان لا بد من إحداث تمايز بينهم. وتفاديا لالتباس الكتابة "السّمخية" الفقهية أو الأدبية أو الفلسفية... بالكتابة "السّمخية" التي نُسخ بها القرأن تم تدوينه بطريقة مختلفة ومتميزة.
بالكتابة "السّمخية" دُوّن القرآن الكريم، والأحاديث النبوية. وبها فُكّ عِقال الأسير، وحُررت العقود، وأبرمت معاهدات الصلح، والرسائل للملوك، ودُوّن الشعر، وأيام العرب والعجم، والكتب الأدبية، والفلسفة وأدب الترسل...
هذا الإنجاز الحضاري العظيم، الكتابة "السّمخية"، يرجع الفضل فيه ـ في بداية المغامرة ـ إلى قرن الكبش، وجلد الحيوانات...
يتبع
في التدوينة
القادمة:
تأملات وخواطر عن الكتابة "السَّمخيّة"
8. الكاتب "السّمخيّ" الموهوب والكاتبة "السّمخية" الموهوبة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.