المداد الذي كنا نستعمله في الكتابة على الدفاتر هو عبارة عن مسحوق يخلط بالماء الساخن، يفرغ في دواة، ويستعمل في الكتابة.
نترحم كثيرا على
زمن الكتابة السمخية، زمن كان فيه كل شيء ممكن، مترع بالسحر والخرافة والجن
والشياطين، صحيح أنه لا يزال معنا الكثير من الكتاب والشعراء السمخيين إلا أنهم
صورة مشوهة لأباهم وأجدادهم الأوائل...مسخ حقيقي... يفتقدون إلى بعد نظر الأجداد...
تفاجأت الكتابة السمخية بظهور
الكتابة المدادية بعد
احتلال الغرب للدول السمخية مما ترتب عنه انزعاج الكتابة السمخية من هذا القادم الغريب فتولد عندها إحساس مزدزجة: الخوف والفضول.. وانزعجت أكثر بقوته وشراسته وعزمه على إقصاء الكتابة السمخية، وفي أقل الأضرار
تهميشها..
بسلاسة وإصرار
وفعالية غيرت الكتابة المدادية واقع المجتمعات السمخية، واحتلت مواقع متقدمة في كل مجالات
الحياة سياسيا واقتصاديا وتعليميا وتربويا وثقافيا ودينيا... وأقصت الكتابة
السمخية عن كل المواقع التي بسطت سيطرتها عليها..
تزامنا مع
الكتابة المدادية ظهرت مؤسسات تعليمية تختلف كما وشكلا وكيفا عن المؤسسات
التعليمية التقليدية.. ومعها سُطرت برامج ومناهج وأطر ومكونين بشكل حديث كالمدراء،
والمعلمين، والإداريين المتخصصين... واقترنت التعليم بالتربية البدنية والعقلية...
مع تغيير مادة
الكتابة "السمخ" تغيرت أدوات الكتابة، وفضاؤها، وزمنها ووسائلها، ومناهج
تعليمها، تلقينها... لقد غيرت الكتابة المدادية وجه الأمم السمخية وإلى الأبد...
حاجيات الكتابة
السمخية ومتطلباتها قليلة جدا تتمثل في: السمخ، قلم قصبي، لوح خشبي، دكة
للفقيه، حصير - (قد يفتقر الكتاب إلى فراش فيجلس الطلبة مباشرة على الأرض) - الصلصال، العصا الطويلة التي تصل إلى رأس آخر طالب.
حاجيات الكتابة
المدادية كثيرة جدا وتتطلب موارد مالية وبشرية كبيرة لتسيير المؤسسات التعليمية:
بنايات، قاعات، طاولات، سبورة، طباشير، مكتب المعلم، ألواح، كتاب مدرسي، دفاتر، تدبير
الوقت... وأشياء أخرى...
وبتدرج، حلت
"الكتابة المدادية" التي أصبحت من أهم أدوات الحداثة محل الكتابة
السمخية التي بقيت محصورة في
أوساط محددة لتلبية حاجات أخرى لا يزال المجتمع في حاجة إليها خصوصا في أوساط
المجتمعات التقليدية...
في الحلقة القادمة: متطلبات الكتابة المدادية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.