ـ 35 ـ
سَأكتُبُ فِي دِفْتَرِي هَذا المَسَاءْ
لِهَمْسَة فِي رحِمِ الغيْبِ
هَمْسَة تتربَّع عَرْشَ رُؤايْ
تتأمَّل وقْعَ خُطايْ
إذ تمْضي بِي لِبدايَاتِ مُنتَهايْ
حيثُ مَخاوِفَ الْحيْرة
تبحثُ عن مَصيرها
في حُضْنِ مَثْوايْ.
هي هَمْسة رافقتنِي أزْمِنَة
قبلَ أنْ أرَاهَا عِيانًا
تُوشْوِشُ لِي
مَتى اعوَجّت قدَمايْ
لتُصَبِّر حَنينَ هَوايْ،
مَتى اتقدتْ نارُ عِشْقِي
وَرأيتُ الخَطيئَة قابَ قوْسَينِ..
كبَّلتُ يَدايْ.
لا سِواهَا يُبهجُ الخاطرَ
لا سِواها يُتَيِّهُ النّاضِرَ
ولا سِواها يٌقَطّر عِطرَ نَدَايْ.
هي هَمسَة لَم تولدُ بَعدُ،
تمتصُّ ريحِي الرَّمادِيَة
تُعَرِّسُ في حُقولِي
وإليْها تَحْمِل غَيمتَيَّ
وبَعْضَ مُنايْ.
هِي هَمْسمَة في رحِم الغَيبِ
أحْمِلها بَهْجَة
ولحْنا أحْمِلُها يُردّدُها صَدايْ.
هي هَمْسمَةٌ
تلألأتْ بالنّورِ والعُشْبِ
تَمُدُّنِي بالمَسِيرِ
تبْنِي لِيَ الجُسُورَ
وتُقرِّبنِي مِنْ مُنتَهايْ.
هَمْسَة هِيَ،
تَعْلوا قِمَم صَحْوي
تغُوصُ فِي شِهابِ سَهْوي
تفتح أسْوارًا لِذهولِي
وترفعُني عَلِيَّا.
هَمْسَةً،
هِي "خَولَتي" إنْ شِئْنا
وإنْ أبَيْنا فهْي "مَيّتِي"،
وإذْ تُراقِصُنِي بِغَنَجٍ
تُنْشِدُني صَنّاجَة
و"رَبَابًا" هِيَ، إذْ أحْزَنُ
وإذ أسْلو،
تَكونُ "سَلْمايْ".
هِيَ بَسْمة،
أتَقَدّمُها رَافِعاً
عَلَمَ "امْرئ القَيْسِ"
مُتقلِّدا سَيفَ "دونْكِيشوتَ"
أتَرنّمُ "الْخَيَّامَ"
أتوَسَّد قَبْرَ "رَابعَة"
أقرأ مَرْثيَة "ابنِ الرِّيبِ"
وأمُوتُ في بُكايْ.
هِي هَمْسَة تربَّعتْ عرْشَ رُؤايْ
تتأمَّل وقْعَ خطايْ
إذ أمْضِي خَبَبا
إلَى بِداياتِ منتهايْ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.