جورج دبليو بوش والحرب على (على ما
يسميه) الإرهاب
- 03 –
الحرب على ما سموه الفاشية
الإسلامية وهو وحي إلهي تلقاه بوش.
يفوز في
الانتخابات الرئاسية في العام 2000...عكس رد فعل بوش على الهجمات الإرهابية التي
وقعت في الحادي عشر من سبتمبر البيئة الثقافية التي وصل بوش من خلالها إلى السلطة،
حيث وُصفت الهجمات بالإضافة إلى رد الفعل المتعاقب من خلال تعبيرات دينية مستوحاة
بشكل كبير من الرواية المسيحية للتاريخ الأمريكي. كما عكست أيضا الرؤية الثقافية
التي نظر من خلالها المحافظون إلى الأمة. وفي أثناء مراسم التأبين المحكمة التي
عُقدت بالكاتدرائية الوطنية في واشنطنـ تحدث الرئيس بوش عن قضية وطنية مقدسة يتعين
على الجيل الجديد من الأمريكيين الاستجابة لها، وقال إنها"مسؤولية الدولة تجاه
التاريخ أن ترد على هذه الهجمات وإخلاء العالم من الشر"..منحت هذه التصريحات
شرعية لرئاسة كانت محل نزاع حتى ذلك الحين.
كان
واضحا من تصريحات بوشن وفي بيانات أخرى مماثلة، فكرة الاعتداء على أمريكا بسبب
قيمها، وليس نتيجة لسياساتها. كما ذكر الرئيس بوش أم الإرهاب عُرّف من خلال عدائه
للحرية وفكرة المجتمع المنفتح، وفضلا على ذلك فقد وصف من شنوا هجمات الحادي عشر من
سبتمبر بأنهم مسلمون متعصبون ومناهضون للحداثة..وعلى نهج الحرب الباردة والصراع في
مواجهة الفاشية في أثناء منتصف القرن العشرين، تحدد هذا النزاع الجديد من منظور
أيديولوجي وديني. وكان الأمر الشائك وقتئذ هو منافسة ما بين رؤيتين مختلفتين
للنظام الاجتماعي، حيث قيل إن الغرب، بتعريفه، يرمز إلى فكرة المجتمع المنفتح الذي
شكلته مبادئ التنوير، وحرية الفرد، والتسامح في التنوع. من جانب آخر، قيل إن
البديل الإسلامي يجسد الرؤية المحدودة للطائفية العرقية والدينية التي تنطبق على
المجتمع المنغلق. وعلى الرغم من تجنب الإدارة الأمريكية للفكرة المتعلقة بصدام
الحضارات، فقد انطبق هذا الوصف بوضوح على إطار العمل الديني الذي وضعه
"هنتنغتون".
أسهم
هذا الوصف الذي أطلقته الإدارة على الحرب على الإرهاب ـ والذي سيشار إليه فيما بعد
بالصراع ضد الفاشية الإسلامية ـ في تعزيز طبيعة النزاع الديني بين الطوائف. قيل غن
أمريكا كانت تحارب لمصلحة حرية الإنسان، وقيل أيضا إنه عند الصراع للحصول على
الحرية، فإن "الله ليس محايدا". ويمكن تلمس الدلائل المسيحية في العبارة
التي ذكرها الرئيس "بوش" بأن الحرية ليست إسهاما أمريكيا للعالم، لكنها
هبة من العلي القدير لكل رجل وامرأة". وعكس هذا الخليط من المسيحية
والديمقراطية والحرية الصفة الأخلاقية المطلقة للحركة المسيحية المناهضة للشيوعية،
وهو الخليط الذي أرشد الأساس المنطقي لغزو كل من أفغانستان والعراق. كما كان
متأصلا أيضا في أحد الافتراضات أن إدارة "بوش" كانت بصدد تنفيذ ما أراده
الله". ووفقا لما أشار إليه أحد المعلقين من المحافظين الجدد في ذلك الحين،
أسهمت أحداث الحادي عشر من سبتمبر في "تغيير شكل" رئاسة
"بوش". وسط النار والرماد الناتج من برجي التجارة العالمي، "ظهر
نوع من الوحي متوهجا بأنواع مختلفة من النيران، أضاء خبايا عقل وقلب وروح بوش...أصبح
"جورج دبيو بوش" الآن على يقين بأن الإله الذي قد عاهده وألزم نفسه
تجاهه من قبل كمسيحي مؤمن، قد وضعه في المكتب البيضاوي لهدف ما، حيث وضعه هناك لكي
يقود حربا ضد شر الإرهاب".
قد تكون
الصفة الأخلاقية المطلقة للحرب على الإرهاب ـ والفكرة المتعلقة بأن السياسة
الأمريكية عكست إرادة إلهية ـ قد مثلت وسيلة مفيدة استهدفت الترويج لسياسة
الإدارة، لكنها أثبتت نتائج عكسية في النهاية. وبدأ وصف بوش للهجمات ونعته
للمسلمين ب "الأشرار" على أنه يؤكد أن الحل العسكري كان "رد الفعل
الوحيد والمعقول". وهو الأمر الذي انزعج على أثره معظم زعماء الدين، الذين
صرحوا بأن العنف الإضافي لن يضع حدا للإرهاب بل سيطيل من أمد الشعور ب "الخوف
واليأس وعدم الاستقرار".
أسهم
أيضا توجه إدارة "بوش" إلى شن حرب على الإرهاب في تعزيز الرأي القائل إن
أمريكا كانت بصدد الترويج لصدام ما بين الحضارات. وعلى الرغم من المحاولات السابقة
للتميز ما بين الإسلام المتطرف والمعتدل، ظلت صورة الصدام ما بين الخير والشر ـ
وبين المسيحية والإسلام ـ قائمة. (يتبع..)
...............................................................................................................................
* عالم المعرفة. السياسة الدينية والدول العلمانية. سكوت
هيبارد. عدد413. يونيو 2014. ص 312/317.
(بتصرف) يتبع....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.