"الكَرّاك": مشتقة من التكرار. يقال "الكراك" للأداة. و "التكراك" لعملية الحفظ وتثبيت المعرفة في الذاكرة. القَصبُ مادة غير صالحة لصناعة "الكراك". ربما تم تجريبه ولم يفلح في الصمود فاستبدلوه بالخشب. الخشب مادة صلبة وقاسية ومتعددة الاستعمال. نستعملها في حرق قرون الكبش وصوفه لاستخلاص المداد، ونستعملها في تثبيت العلم والمعرفة في العقل. بدون "الكراك" يستحيل أن يتم الحفظ.
"الكراك" قطعة خشب مصنوعة من فرع شجرة متوسط الحجم والقطر يكون في حجم القلم برأسين متساويين يحك به وجه اللوحة صعودا ونزولا وهو يحفظ المكتوب عليه. بدون هذه القطعة الخشبية الصغيرة يضيع العلم وتضيع المعرفة.
"الكراك" يتطلب جسدا رشيقا يتمايل يمينا ويسارا. ورأسا خفيفا يتحرك نزولا وصعودا. كفّا وأصابع سليمة لتمسك ب "الكراك" وتتحكم فيه حتى لا ينزلق ويسقط على الأرض أو في حِجر الطالب، فيضيع الوقت ثمين. والوقت هو ما يصارع الطالب ضده لينهي الحفظ في أقصر مدة ممكنة. "الكرّاك" يمشط المنافسة بين الحفاظ. من يحفظ الأول يُجاز الأول ويملك فرصة أن يصبح فقيها أو "امشارطي" في أحد الدواوير، أو يتابع دراسته العليا في جامعة القرويين بمدينة فاس، أو بجامع ابن يوسف بمراكش، وحتى في الأزهر بمصر...كثير من الطلبة حسم "الكراك" في مصيرهم.
يبدو من الوهلة الأولى أن تكرار العملية لساعات طوال ممل
ومتعب، ولكن إذا نظرنا إلى جوهر العملية سنكتشف أنها تجمع بين الفائدة والمتعة.
الاحتكاك بين "الكراك" (مذكر مجازي) و"اللوحة" (مؤنث مجازي)
هي أشبه بعملية جنسية تحدث على مرآى الطالب الذي يراقبها بلذة، وبالتالي فلا حاجة
لاستعجال انهائها..
"الكراك" و "اللوحة" هما من سيمكنان الطالب من امتلاك سلطة المعرفة، التي سيوظفها ليحظى باحترام وقدسية ومكانة... ويسهلان له قضاء حاجاته الخاصة والعامة... وقد يستعيد عملية "التكراك" التي كان يتلذذ بها عندما كان طالبا بطريقته الخاصة عندما يصبح فقيها أو "امشَرطيا" في دوار من الدواوير المعزولة فيعالج النساء بالطريقة التي كان يعالج بها نصوص القرآن أثناء الحفظ...
وقد يحن بعض الفقهاء و "المشارطيا" إلى "الكَراك" فيستعملونه مرة أخرى بالشكل الذي يرتضونه ...
يتبع
تأملات وخواطر
في الكتابة السمخية
2/5.
أدوات الكتابة السمخية
2/5/4. الصلصال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.