ترحيب

Welcome to the farhat mustapha Website المصطفى فرحات يرحب بكم
أنت إنسان حر الإرادة والفكر والفعل؟ إذا أنت غير موجود..

بحث هذه المدونة الإلكترونية

سورة الفاتحة

سورة الفاتحة

رسائل


،رسائل: الرسالة (12): كنت وستبقين حاضرة في الذاكرة، صورتك لا تبلى، بل تزيدها الأيام غضارة ونضارة، وأنتظر دائما أن ألقاك يوما وأروي عطش الفقدان والحنين... ..

جديد الأخبار

7. قالوا عن الحزن: * "لا يوجد أحد يستحق دموعك، على أي حال ذلك الشخص الذي يستحقها لن يجعلك تبكي". )غابرييل جارسيا ماركيز) * "الغضب والدموع والحزن هي أسلحة المستسلمين". (كيتي جيل) * "للحزن أجنحة يطير بها مع مرور الزمن". (جان فونتين) * "ليس الحزن سوى جدار بين حديقتين". (كاهيل غبرين) * "الصمت الطويل هو الطريق للحزن... لأنّه صورة للموت". (جان جاك روسو) * "الكثير من السعادة تستحق القليل من الحزن". (ثوماس فولر)
أحدث المواضيع

coinautoslide

Beauty is in the eyes of the beholder

INFO

معلومات
  • 1. *It's always darkest before the dawn
  • 2. *Practice makes perfect
  • 3. * Don’t count your chickens before they’re hatched
  • 4. * You can’t judge a book by it’s cover
  مع العسر ...

السبت، 6 أبريل 2024

تأملات وخواطر عن الكتابة أولا: "الكتابة السمخية" 14. شعراء المجون والتهريج الجزء الثالث: الشاعر المهرج والسلطة

من مرادفات المهرج: البهلول، الضحاك، المضحك... والمهرج هو من يضحك الناس بلسانه، حركاته، لباسه... والتهريج أيضا: "إتيان أفعال وأقوال غير متزنة بغية إضحاك الناس." اتخذ الشعراء التهريج حرفة ومهنة يرتزقون ويكتسبون منه في كل زمان ومكان، خصوصا في  العصرين الأموي والعباسي.

قالوا عن التهريج: "لا يغرنكم من علاَ صيتهم عن طريق التهريج، ولا من تخطّوا زملائهم عن طريق التزلّف، ولا من كسبوا المال عن طريق مدّ اليد، فكل هذه المظاهر الكاذبة لو وُزنت بحياة الضمير وعلوّ النفس، وطمأنينة الاستقامة لم تساوِ شيئا."

وقرَن الله تعالى بين الضحك والحياة، وبين البكاء والموت في الآية: "وأنه هو أضحك وأبكى، وأنه هو أمات وأحيا." يقول المسعودي: "لم تكن أمة من الأمم بعد فارس والروم أولع بالملاهي والطرب من العرب." وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يضاحك أصحابه ويداعبهم . عن ابن أبي الورد عن أبيه قال: "رآنـي الـنبي، فرآنـي رجـلا أحمر، فقال: " أنت أبو الورد ".  "وعن  أنس بن مالك قال: " قال لي رسول الله"يا ذا الأذنين." ليمازحه.

في الثقافة العربية، اعتبرت المضحكات (النكتةـ الملحة ـ الطريفة..) أو أدب الفكاهة لون أدبي متميز،  وألفت فيه كتب ومصنفات مثل:  "كتاب المضحك" للجاحظ،  وكتاب  الفكاهة والمزاح" للزبير بن بكار، وفي  "فهرست" ابن النديم  تسعة كتب مجهولة المؤلفين بعنوان: "النوادر". ومن العوامل التي ساهمت في ازدهار هذا اللون من الأدب التحولات الثقافية والسياسية والاجتماعية والعقدية التي عرفتها  المجتمعات العربية والإسلامية. فازدهرت مجالس اللهو، والغناء، ودور الدعارة، وبيوت النخاسة، والجواري، وتفشت طاهرة الغلمان... وكان وراء ذلك انتشار الترف، ورغد العيش، والتنعّم بالحياة لدى الخلفاء، والأمراء والوزراء والأثرياء... الذين كانوا في حاجة للترفيه عن أنفسهم، فعجّت مجالسهم بالمهرجين والمضحكين. ويشترط في المهرج:  خفة الروح، وسعة الاطلاع، وحسن الحديث، والقدرة على الارتجال، والإضحاك... يقـول الجـاحظ عن الخليفة العباسي المهدي: "كان كـثير العطايـا، وافرهـا، قـلّ مـن حضـره إلا أغنـاه." وفيما يلي بعض الشعراء اللذين اشتهروا في التهريج والإضحاك:

1. أبو دلامة: شاعر كوفي أسود، وكان من موالي "بني أسد". اتخذه الوليد بن يزيد الأموي مهرجا ومضحكًا. وفي العصر العباسي أصبح مهرج السفاح والمنصور والمهدي. ورغم أنه نال حظوة لدى الخلفاء. وقيل عن أبي  دلامة وقف يوما بين يدي السفاح في  فقال له الخليفة: "سلني حاجتك؟. " فقال أبو دلامة: "أريد كلب صيد." فقال الخليفة: "أعطوه إياه." فقال أبو دلامة: "وأريد دابة أتصيّد عليها." فقال الخليفة: " أعطوه إياها." فقال أبو دلامة : "وغلاماً يقود الكلب ويصيد به." فقال الخليفة: " أعطوه غلاماً. " قال: " وجارية تُصلح الصيد وتطعمنا منه. " وأمر الخليفة له بجارية. وسواء أكانت الحكاية حقيقية أو من متخيلة فإنها تعطينا صورة عن الحضوة التي يتمتع بها الشاعر المهرج لدى السلطة.

وحدث مرة أن الخليفة علم أن أبا دُلامة خرج من عنده، وشرب وسكر، فأرسل الخليفةُ من اعتقله وهو سكران، وأمر السجّان بأن يضعه في حظيرة الدجاج في السجن، فلما أفاقَ وعرف بالخبر كتب للخليفة شعراً يقول:

أميرُ المؤمنين فَدَتك نفســـي  ***    ففيمَ حبستني وخرقتَ ساجي

أُقاد إلى السجونِ بغير ذنــــبٍ *** كأني بعضُ عُمّال الخـــــــراجِ

فلو معهم حُبِسْتُ لهان وجدي ***  ولكنى حُبستُ مع الدجــــــاجِ!

فضحك الخليفة وأطلق سراحه. بكل بساطة، يكفي أن يضحك الخليفة فيعفو عنك، أو يغضب فيقتلك. 

ومن طرائف الشاعر أيضا أن الخليفة المنصور أمر في إحدى غزواته أبا دلامة أن يخرج في الجيش، لكن أبا دلامة الذي عرف بالجبن اعتذر قائلا: " نشدتُك الله يا أمير المؤمنين أن لا تحضرني في معاركك، فإني شهدتُ تسعة عشر عسكرًا انهزمت كلها وأخاف أن يكون عسكرك العشرين." فضحك المنصور وأعفاه. وكان الخليفة مع بخله وتقتيره يضطر لإعطاء أبي دلامة جوائز مالية.

وقد يلجأ المهرج إلى سب وشتكم نفسه وعائلته بغية الإضحاك وكسب المال... قيل، دخل أبو دلامة  على المنصور وأخبره بأن زوجته قد ولدت له ابنة، فقال له الخليفة: "وما تريد." قال: "أريد أن يُعينني عليها أمير المؤمنين." وأنشده:

لو كان يقعدُ فوق الشمس من كرمٍ *** قوم لقيل اقعدوا يا آل عباس

فقال له الخليفة: "فهل قلتَ في ابنتك شيئاً؟."  وقال: "نعم." قلتُ:

فما ولدتكِ مريم أم عيسى ***  ولم يكْفُلْكِ لقمان الحَكيم

ولكن قد تضُمُّك أمُّ ســــوءٍ *** إلى لبَّاتها وأبٌ لئيـــــــم

فضحك الخليفة، فأخرج له أبو دلامة كيساً من قماش فأمر الخليفة بأن يملأها له دراهم، فاتسعت لألفي درهم ثمناً لشتم أبي دلامة نفسه ولمدحه الخليفة. لقد كان من المهرجين الكبـار الـذين نالوا حظوة لدى الخليفة المنصور وأساءوا لأنفسهم.

2. أشعب: (الأشعب هو التيس إذا انكسر قرنه) نشأ بالمدينة، وكفلته عائشة بنت عثمان بن عفان. اشتهر بالفكاهة والتطفل على الناس والتسول منهم.. كان أشعب أزرق العينين أحول وأقرع. اتخذه الوليد بن يزيد مهرجا، ومضحكًا. قالوا عنه:  بإنه "أول مهرج محترف وممثل هزلي في تاريخ العرب". ضُرب به المثل فقيل: "أطمع من أشعب"، وفي مثل آخر: "لا تكن أشعبَ فتتعبَ". ليضحك الخليفة الوليد بن يزيد ويرفه عن نفسه يدعو أشعب ليلبسه سراويل جلد قـرد لـه ذنـب، وأمره: "ارقـص وغـن صوتاً يعجبني، فإن فعلت أعطيتك ألف درهم." فـرقص وغنـى فأعجبـه، فأعطـاه  ألف درهم.

4. أبو العيناء:  نشأ بالبصرة، ثم ارتحل الى بغداد فاستقر فيها. وقد امتاز بنوع من الفكاهة  تعتمد  سرعة بديهته والردود السريعة الذكية المفحمة. كفّ بصره وهو في سن الأربعين، وكانت نوادره وملحه وإجاباته مثار الضحك والفكاهة والتناذر الظريف، وكان نديمًا للبرامكة وبقي وفيًّا لهم بعد نكبتهم. وقال الخليفة المتوكل "لولا أنه ضرير لنادمناه." فقال أبو العيناء: "إن أعفاني المتوكل من رؤية الأهلة وقراءة نقش الفصوص فأنا أصلح للمنادمة." حين وصل  أبو العيناء إلى بغداد ذاع، وأصبح مضحكا ومهرجا في مجالس الخلفاء والوزراء والأدباء ...  نعود لأبى العيناء وقد اشتاق للبصرة فخرج من بغداد وركب سفينة عصفت بها الريح فغرقت  بكل من كان عليها ، ونجا أبو العيناء وحده بصعوبة ، ولكنه مات بعد وصوله للبر.!! و مات في خلافه المعتضد.

ومن نواذره: " ذهب  أبو العيناء إلى الوزير صاعد بن مخلد، وكان نصرانيا فأسلم ، فاستأذن عليه فقيل له .. هو مشغول بالصلاة ، ثم أستأذن بعدها فقيل له : هو مشغول بالصلاة ، فقال أبو العيناء  لكل جديد لذة... ومنها أيضا: "مرّ أبو العيناء يوما بباب عبدا لله بن منصور وكان مريضا وقد أبلَ من مرضه فقال لغلامه : كيف خبر مولاك؟ فقال .. كما تحب.. فقال إذن كيف لا أسمع الصراخ عليه؟"

ما وصلنا من شعر وأخبار تتعلق بأبي العيناء تظهره شاعرا شعبيا مهرجا ومضحكا... يتلاعب باللغة والكلام دون أن يراعي قواعد اللغة والشعر لأن هذفه هو إضحاك المتلقين لشعره.

5. أبو العِبَر: ولد ر في عهد الخليفة هارون الرشيد، واشتهر في عهد الخليفة المتوكل، وقربه إليه رغم معارضة المقربين منه. وفاق في إضحاكه وتهريجه وتحاكقه أبا دلامة في تحامقه، فقد جعل من نفسه أضحوكةً في مجلس الخليفة العباسي المتوكل الذي يعمله باستخفاف واستهجان. يروى أن "المتوكل يذهب إلى البركة، ويأخذ معه أبو العبر، ويُجلسه الخليفة على الزلَّاجة، فيتزحلق بها إلى أن يقع في البركة، ثم يأمره المتوكل بتمثيل دور السمكة... ثم تُرمَى فوقه الشِّبك ليُصاد، وفي ذلك يقول:

ويأمر بي الملـــــــــك ****  فيطرحني في البرك

ويصطادني بالشبـــك ****  كأني من السمـــــك

ويضحك: كك كك ككك **** كك كك كك كك ككك

وقد لقي أبو العبر مقاومة شديدة من أهله وقبيلته، لأنه فضحها بتهريجه بين القبائل،وكانوا يرون في تحامقه عاراً ليس على قبيلته فحسب، وإنما على بني آدم جميعاً، فحبسوه حتى مات. 

6. أبو العجل: لم يكن التهريج مجانياً لمجرد الإضحاك فقط، بل كان مصدر جني للمال والمكاسب الكثيرة. وهم لا يخفون ذلك. بل يتباهون به، قال أبو العِجْل:

أيا عاذلي في الحمقِ دعني من العَذْلِ **** فإني رخيُّ البـالِ من كثرةِ الشُّغلِ

ومرني بمــا أحببتَ آتِ خلافَـــــــــــهُ **** فإنْ جئتَني بالجِــد جئتُكَ بالهزل

فأصبحتُ في الحمقى أميـراً مُؤمَّـــراً **** وما أحـدٌ في الناس يمكنه عزلي

وصيَّـرَ لي حمقي بغـالاً وغُلمــــــــةً **** وكنتُ زمانَ العقل ممتطياً رِجْلي!"

خاتمة

لقد تمتع الشعراء المهرجون أو المضحكون بالحظوة لدى الخلفاء، والعمال، والولاة، وأثرياء المجتمع، واستفادوا من عطاءاتهم، وكرمهم الزائد، وخلفوا بعد موتهم ثروات ضخمة.  وكتب التاريخ زاخرة بأسماء اشتهرت بالتهريج أمثال: الغاضري، مضحك يزيد بن الوليد. وعطاء، مضحك الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان. وأبي الكامل، مضحك الوليد بن عبد الملك...

يتبع


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.