الكائن السمخي هو الشخص الذي علق في الرمال المتحركة للكتابة السّمخية قولا وفعلا، وصعب عليه الفكاك من شراكها، واستحال عليه إنقاذ نفسه وإنقاذ غيره من فخاخها.
قالوا عن سرقة الأغنياء:
* «لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب
الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن.»
* امرأة من بني مخزوم سرقت، فأمر النبي ﷺ بقطع
يدها.
* "لا بد للرب من أن يبيح السرقة أحياناً، من أجل إطعام الأطفال". – غابرييل غارسيا ماركيز
الصُّعلوك :الفقير الذي لا مال له. ولا أحد يعتمد عليه. وكان يُطلق على عصابة من الشعراء العرب الذين تمردوا علي أعراف القبيلة، فطردوا منها وتبرأت قبائلهم منهم. فاتخذوا من الصعلكة مهنة وحرفة يقتاتون منها، فأغاروا وسلبوا ونهبوا أموال الأغنياء، وقوافل التجار، واعتبروا السرقة حق مشروع، وللفقراء فيها نصيب. والشعراء الصعاليك ثلاثة فئات:
الأولى: الخلعاء الذين
طردتهم قبائلهم لأعمال مشينة صدرت عنهم.
الثانية: أبناء الإماء
الحبشيات السود الذين رفض أباءهم الاعتراف بهم ولم يلحقوهم بأنسابهم.
الثالثة: فئة المحترفين الذين احترفوا الصعلة وحولوها إلى فروسية وبطولة.
ويمتاز الشاعر الصعلوك بالشجاعة والصبر، وقوة التحمل. كما ضربت بهم الأمثال في سرعة العَدو،. فيقال: "أعدى من السليك" و"أعدى من الشنفرى". يقال عن تأبط شرًّا أنه "كان أعدى ذي رِجلين وذي ساقين وذي عينينِ، وكان إذا جاع لم تقُم له قائمة، فكان ينظرُ إلى الظباء، فينتقي على نظره أسمنها، ثم يجري خلفه، فلا يفوته، حتى يأخذه فيذبحه بسيفه، ثم يشويه فيأكله". ويحسن الشاعر الصعلوك ركوب الخيل، والإغارة عليها. لم تكن نهاية حياة هؤلاء الشعراء طبيعية أبدا.
وتتردّد في أشعار الصعاليك صيحات الفقر والجوع والحرمان والنقمة على الأغنياء والبخلاء، اللذين يتهمهم الصعاليك بالتسبب في ما آلت إليهم أحوالهم من فقر وضنك عيش، وسيؤدّون الثمن غاليا. ، فكانوا يغيرون على القوافل وأحياء العرب فينهبون ويسلبون ويغنمون ما يرونه حقا لهم اغتصبه زعماء وأسياد القبائل. ومن الشعراء الصعاليك التي تتردد أسماؤهم في كتب التاريخ:
1. عروة بن الورد: لُقّب ب "عروة الصعاليك" و "أبي الفقراء" و "أبي المساكين". عاش قبل الإسلام. ويعد من سادة وفرسان وشعراء العصر الجاهلي، ومن أكثر الصعاليك شهرة. اتسم بالكرم والجود. كان الصعاليك يلجؤون إليه عندما تضيق بهم سبل الحياة، ولا يجدون مخرجا، فينظمهم في عصابات، ويغير بهم، فيسلبوا وينهبوا ويعودون غانمين. وكان يختار ضحاياه من أغنياء القبائل المعرفون بالبخل.. وعرف عليه أنه يسرق الأغنياء ويعطي للفقراء.. وتوفي عروة في إحدى غاراته. قال معاوية بن أبي سفيان: "لو كان لعروة بن الورد ولد لأحببت أن أتزوّج إليهم". قال عروة مدافعا ومعللا صعلكته عندما منعته زوجته من الإغارة:
دَعيني لِلغِنى أَسعى فَإِنّي ***** رَأَيتُ الناسَ شَرُّهُمُ الفَقيرُ
وعلى نفس مقاس عروة بن الورد، شُكّل روبن هود. وهي شخصية أسطورية إنجليزية ترجع إلى القرن الرابع عشر الميلادي، ويقال: إنه كان يسرق من الأغنياء ليعطي الفقراء، لهذا أصبح بطلاً أسطورياً، موضوعا للروايات الشعبية والأشعار والمسرحيات والأفلام السينمائية. ومثلهما شخصية آل كابوني الأمريكي الذي يسرق الأغنياء ويعطي للفقراء.
2. تأبط شرا: البقاء للأقوى، هي مقولة صادقة في كل مكان وزمان، لأنها قانون الطبيعة، والأغنياء يحفظونه عن ظهر قلب، جربوها، وأخذوا العبر. الصعاليك يعرفون أيضا، أنهم إذا صبروا على الجوع سيتحولون إلى كلاب تبصبص بأذنابها لياكلوا فضلات الأغنياء. لهذا فضل تأبط شرا مغادرة القبيلة العيش في الفقر والتشرد على البقاء في بيت زوج أمه التي شجعت زوجها على قتل ابنها. تمرد الشاعر مبكرا، والتحق بعصابة الصعاليك، واعتبروه إضافة كمية ونوعية للجماعة. اشتهر بسرعته في العدو. تقول بعض المصادر: " كان إذا جاع لم يلبث في مكان حتى يأتي بطعامه فكان ينظر إلى الظباء فينتقي واحدًا ثم يجري خلفه فلا يفوته يتمكن منه فيأخذه ويذبحه ثم يشويه ويأكله." اختلف المؤرخون في سبب موته فبعضهم ذكر أن أفعى لدغته، والبعض الآخر يقول بأن قتل رميا بالسهام. عاش قبل ظهور الإسلام.
3. مالك بن الريب: ولد في زمن الخليفة عمر، ومات في حكم الخليفة معاوية. عاش وهو مؤمن بأن الحق لا يؤخذ إلا بالقوة، ولا سبيل لحياة كريمة ـ خصوصا عندما يكون الفقر شريكا لك ـ إلا السلب والنهب. وكغيره من الشعراء غير المحظوظين فقد كان شاهدا على حياة الفقر والفاقة والظلم... الذي يعيشه أبنا الأمة الإسلامية، بينما ينعم الأمويون بالثروات والبذخ والغنى والجاه... رفع راية العصيان وقرر التمرد والثورة، وشكل عصابة من ذؤبان العرب وقطاع الطرق . يقال أنه كان نبيلا وشجاعا وكريما. قيل في موته أنه أراد أن يلبس خفه فلسعته أفعى كانت بداخله.
4. شظاظ الظبي: وكان من أعمدة عصابة الصعاليك. لا أحد يستطيع مجاراته في النهب والسلب حتى سار مثلا يضرب. يقول العرب: "ألصّ من شظاظ"، ومنهم أيضًا أبو حردبة بن أثالة، وغويث بن كعب، وقد وُجِّهت الكثير من الحملات للقضاء على تلك العصابة لكنها كانت دائمًا ما تبوء بالفشل.
5. أبو خراش الهذلي: أشهر صعاليك قبيلة هذيل أدرك الإسلام فأسلم وهو شيخ كبير. كان من الفتاك الأقوياء، عرف بسرعة عدوه، وقيل إنه كان يسبق الخيل. من أشعار صعلكته:
وإني لأثوي الجوع حتى يملني **** فيذهب لم يدنس ثيابي ولاجرمي
مخافة أن أحيا برغم وذـــــــلة **** وللموت خير من حياة على رغم
قيل إنه قتله يوم حنين مأسورًا وجميل.
6. أبو النشناش النهشلي: شاعر من لصوص العرب،. كان يغير ويسطو على قوافل التجار التي تسافر بين الحجاز والشام. وكمن له جنود عمال الخليفة مروان بن الحكم الأموي، فتمكنوا منه، وقبضوا عليه في إحدى غاراته وفي إحدى غاراته على القوافل بين طريق الحجاز والشام فتم فحبس الخليفة، وقيده، إلا أنه تمكن من الفرار من حبسه. ومن شعره:
ولم أرَ مثلَ الفقرِ ضاجعَهُ الفتى **** ولا كسواد الليلِ أخفقَ طالبُهْ
7. الشنفري: من "اليمن". حدث خلاف بينه وبين قبيلته فانتقل إلى قبيلة "فهم" المعروفة بكثرة لصوصها. . وانتقاما من قبيلته فإنه كان يغزوها، ويغير عليها وحده أو مع عصابة من الصعاليك. عاش حياة الصعلكة. عرف بالسرعة في العدو. فكان يغير على أعدائه عدوا. يغزو على رجليه وحده أو في نفر قليلين من الصعاليك العدائين الفتاك ورجل اسمه المسيب وأسد بن جابر . وكذلك كان يضرب المثل به في الحذق والدهاء. ويصرب به المثل في سرعة العدو والقفز. وإليه تنسب قصيدة "لامية العرب". ترجمت إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية واليونانية.. فهي تعبير صادق عن حياة العربي وأخلاقه زمن الجاهلية، وتعبر عن فلسفة الشعراء الصعاليك، وتوثق لحياتهم... ويروى أن الخليفة عمر بن الخطاب أو النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال: "علموا أولادكم لامية العرب فإنها تعلم مكارم الأخلاق.".. وجاء فيها:
أقيموا بني أمي، صدورَ مَطِيكـــــــم **** فإني، إلى قومٍ سِواكم لأميـــــــــلُ
فقد حمت الحاجاتُ، والليلُ مقمــــــرٌ **** وشُدت، لِطياتٍ، مطايا وأرحُـــــلُ
وفي الأرض مَنْأيً للكريم عن الأذى**** وفيها، لمن خاف القِلى، مُتعــــــزَّلُ
لَعَمْرُكَ ما بالأرض ضيقٌ على امرئٍ**** سَرَى راغباً أو راهباً، وهو يعقـــلُ
توفي نحو 525 م..
8. الأُحَيمِر السَعدي: شاعر من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، كاعتبر من ألصّ الصعاليك وأفتكهم. من سكان أهل البادية. كان يقطع الكريق في العراق. فجد أمير البصرة سليمان بن علي في طلبه، لكن الشاعر غادر بغداد مما أغضب الوالي فأهدر دمه. وبلغ قبيلته الخبر فتبرأت منه حتى لا تحمل وزره. فلجأ إلى الفلوات والجبال يحتمي بها، ومنه يشن غاراته. روي عنه قوله: "صرت إلى مواضع لم يصل أحد إليها قطّ قبلي، وكنت أغشى الظباء وغيرها من بهائم الوحش فلا تنفر منّى، لأنّها لم تر غيرى قطّ. وكنت آخذ منها لطعامي ما شئت، إلا النعام، فإنّي لم أره قط إلا شاردا فزعا." كانت فلسفة الأحمير السعدي تقوم على أساس الدفاع عن حق المظلومين والمهمشين والمنسيين من أجل رفع الظلم عنهم ليعيشوا حياة كريمة وعادلة. يقول:
وإني لأستحي لنفسي
أن أرى **** أمرّ بحبل ليس فيه بعير
ومن أبيات شعره السائرة قوله:
عَوى الذِئبُ فَاِستَأنَستُ بِالذِئبِ إِذا عَوى **** وَصَـوَّتَ إِنـسـانٌ فَـكِـدتُ أَطـيـرُ
لقد تشكل لدى شعراء الصعاليك ميل ثوري ضد الأغنياء. وتعاطف
قوي وصادق اتجاه ومع الفقراء. فكان مضاء سيوفهم وحدة رماحهم وسرعة عددهم حلا لمعضلة الفقر. فعاملهم أصحاب السلطة والمال معاملة
اللصوص، ونظر إلبهم الفقراء باعتبارهم أبطالا ومخلصين، أحبوهم، وخصوهم بحكايات وأخبار
أقرب إلى الأساطير والخيال أما الصعاليك أنفسهم، فتركوا إرثا ثقافيا شعريا لا يموت،
غني بمآثرهم، وإنجازاتهم وفلسفاتهم في المجتمع، وفي الحباة والموت. ومن الشعراء الذين
لم نذكرهم: (لمن أراد الاستزادة)
السليك بن السلكة - مرة بن خليف الفهمي - البراض بن قيس الكناني
- الحارث بن ظالم المري - عبيد بن أيوب العنبري -
حاجز بن عوف الأزدي - الأطيلس الأعسر البقمي - أبو منازل السعدي - الخطيم بن
نويرة العبشمي - القتال الكلابي - فضالة بن
شريك الأسدي - صخر الغي - الأعلم الهذلي -
أبو الطمحان القيني - طهمان بن عمرو الكلابي .
يتبع
السلطة والشاعر المهرج
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.