يطلقون على حجرة
الدرس "القسم"، لأن التلاميذ يقسمون إلى مجموعات ويوزعون على القاعات. ويخضع
التقسيم لمعايير كثيرة لم يكن يخضع لها "الكتاب" أو "المسيد".
وعرف معجم علوم التربية جماعة القسم بأنها مجموعة من
التلاميذ ومدرس تؤطرهم علاقات عمل نظامية أو مؤسسية، وتجمعهم أهداف مشتركة للتعليم
والتعلم، وتحدد العلاقات بينهم معايير وأدوار محددة.
لا توجد مقارنة بين الحجرة التي يدرس بها الطلاب في المسجد والغرفة التي
يدرس بها التلاميذ في المدرسة.
لقد نقلتنا الكتابة "المدادية" أو
"الحبرية" من فضاء البداوة والعفوية والتلقائية... إلى فضاء
الحضارة والنظام والتخطيط... نقلتنا من حجرة صغيرة ملحقة بالمسجد أو الزاوية إلى
مدرسة جديدة وحديثة معزولة عن المجتمع بسور واق يحميها من الحيوانات والمتطفلين،
وتتضمن مرافق عدة... دور المدرسة الرئيسي المساهمة في بناء الطفل عقليا وعاطفيا
وبدنيا...
أحدثت الكتابة "المدادية" أو
"الحبرية" القطيعة مع زمنين: الزمن المغلق الذي سادت فيه الكتابة
"السمخية" وهيمنت بشكل ديكتاتوري واستبدادي، والزمن المنفتح الذي دشنته
الكتابة "المدادية" وفتحت أبوابه على كل الاحتمالات..
نقلتنا الكتابة "المدادية" من الحجرة
الضيقة شبه المظلمة التي تضاء من خلال كوة
صغيرة، والباب الضيق الذي يمنعك من الدخول وأنت مرفوع الرأس، والأسقف الذي تأوي
إليها العناكب والعقارب والأفاعي.. الحجرة المتهاوية السقف والجدران، المفعمة
بالرطوبة والأجساد متراصة يسند بعضها البعض... الحجرة المفتوحة على الخارج، يدخلها
كل من هب ودب، يخضع الدخول إليها أو الخروج منها لضوابط يقررها الفقيه أو ولي أمر
الطفل.. فبإمكان أي شخص أن يقتحم الحجرة بإذن أو دون إذن...
نقلتنا "الكتابة المدادية" أيضا إلى مدرسة محمية بالسور، تضم عدة أقسام، ومستويات
للدراسة.. ولكل مستوى القسم حجرة نظاما خاصا يرتبط بمستويات
الدراسة والسن، والمقررات، والحصص...
بدل تكدس التلاميذ في فضاء الكتاب الضيق، وجلوسهم على الأرض او حصير بالٍ
على شكل نصف دائرة أصبحوا يتعلمون في حجرة واسعة لا تقل مساحتها على 48 متر مربع ليحصل
كل تلميذ على نصيب من المساحة تبلغ حوالي 2.20 متر مربع. ولا يقل ارتفاع الفصل عن
3.0 متر وبذلك يكون نصيب التلميذ من حجم الفصل 3.6 متر مكعب. إضافة إلى الإنارة
الجيدة، والتهوية والجدران المطلية بألوان خفيفة ومريحة، ومزينة بالصور... ولا يتجاوز
عدد التلاميذ 35 تلميذا يجلسون على كراسي في صفوف متوازية بينها ممرات....
أحدثت الكتابة "المدادية" أو
"الحبرية" ـ التي وصلت مع الاحتلال الفرنسي ـ تحولات بنيوية على
المجتمع المغربي... ومن أهم إنجازاتها إزالة الامتيازات التي كانت بنات وأبناء
الأغنياء يتمتعون بها في مجال التربية والتعليم، ومنحت لبنات الفقراء وأبنائهم فرصة
التعلم وتحسين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية ... رغم الجدل الذي أثير حول التحاق
الفتيات بالمدرسة...
يتبع
2/2. الفتاة المغربية بين "الكتابة
السمخية" و"الكتابة المدادية"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.