ترحيب

Welcome to the farhat mustapha Website المصطفى فرحات يرحب بكم

رسائل


رسائل: "الرسالة (15): يدخل العام الجديد، وننتظر منه الجديد، ننتظر المزيد من الصحة والعافية، ننتظر المزيد من المحبة والمودة، ننتظر توقف الشر عن شره، ويوزع الخير خيره، ننتظر العدل والانصاف والمساواة...

coinautoslide

أحدث المواضيع

الخميس، 14 نوفمبر 2024

تأملات وخواطر عن الكتابة الجزء الثاني: الكتابة "المدادية" أو "الحبرية" 2. متطلبات الكتابة "المدادية". 2/5. المعلم

يوجد جدار بين المعلم والتلميذ، التلميذ يرى المعلم ويهرب حتى لا يلتقي به. يوجد بساط بين الفقيه والطالب، الطالب يرى الفقيه فيسرع لتقبيل يده...

أجيال الستينات والسبعينات يتذكرون جيدا هيبة المعلم وسلطته ومكانته المميزة داخل وسطه الاجتماعي.. كان حلم الفتاة أن تتزوج معلما. كنا نخشى المعلم ونخاف أن نلتقي به في الطريق، وعندما يراه أحدنا يعبر أو  يمر يسرع لإخبار الآخرين للاختباء كي لا يراهم يلعبون أو يتسكعون... فهم يعرفون ما ينظرهم في اليوم التالي من العقاب العسير خصوصا إذا تم إهمال حفظ الدروس أو إنجاز التمارين... على عكس الفقيه، فعندما نراه ـ وقد لا يرانا ـ نهرع نحوه ونتسابق لتقبيل يده والإمساك بكم جلبابه أو طرف سلهامه. كانت علاقة المعلم بالمتعلم في الماضي مبنية على الاحترام التام إلى حد الخوف تماما كعلاقة الأب بالابن في السابق أيضا...

إلى جانب هذه الصورة القاسية التي تعبر عن صرامة المعلم توجد صورة أخرى وهي العطف والاهتمام بتلاميذه، يراقب صحبتهم، ونظافتهم، ويحل المشاكل التي تعرقل دراستهم خصوصا عندما يكون التلميذ متفوقا وفقيرا... (فالمعلمون كانوا يشترون الدفاتر والأقلام والطباشير والألواح والأحذية لتلاميذهم المعوزين..) إنها الموافق المشرفة للمعلم إبان زمن "الكتابة المدادية" أو "الحبر السائل".

اكان الفقيه  زمن "الكتابة السمخية" هو المهيمن بشكل فردي على تعليم الصبيان فإن زمن "الكتابة المدادية" اخذ المعلم مكانة الفقيه لكن بوجود جهاز إداري وتربوي يقوم بوظائف مختلفة إلى جانب المعلم.. ويمثل الفقيه  الأصالة التي تجدرت عبر قرون، أما المعلم فيرمز للحداثة القادمة مع الاحتلال الفرنسي.

فشتان ما بين صورة الفقيه بلحيته الكثة، وعمامته الملتفة، وجلبابه الأبيض الخشن، وسلهامه الأسود، وبلغته الصفراء ... وهو اللباس الذي  لا يفارق جسده لأيام وشهور، وبين المعلم ببدلته العصرية، وقميصه الناصع البياض، وربطة عنقه التي تتدلى بشكل جميل ومتناسق،  وحذائه الأسود الملمع، ووجهه الحليق، وحركاته المتناغمة، ورائحته الطيبة... هذا المعلم الذي يمثل أيضا المهابة والوقار والذي يحمل المعرفة والعلم والهداية... حتى أنه كاد أن يكون رسولا.

المعلم هو أب وولي أمر  التلميذ في نفس الوقت، يحظى باحترام وتقديس من قبل تلاميذه، ولا أحد يملك الشجاعة لتجاوز أوامره ونواهيه أو التطاول عليه... ورغم أن أسلوب العنف هو السائد والمسيطر والذي ينهجه المعلم مما جعله أكثر هيبة، فكان التلاميذ يخشون أن يراهم وهو يلعبون، أو يصادفهم في الطريق ..

كانت المسطرة الحديدية والعصي من أهم الأدوات التي تدعم سلطته. عندما يستعملها فإن أولياء أمر التلميذ لا يجدون حرجا في ذلك، بل يدعمون المعلم ويساندونه ويشجعونه على استعمالها ما دامت تسهم في تسوية اعوجاج التلميذ كما يعتقد.

يتبع

2/6. التلميذ والمنهاج الدراسي زمن الكتابة المدادية...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.