ترحيب

Welcome to the farhat mustapha Website خذ وقتك. في القراءة، لا داعي للسرعة المصطفى فرحات يرحب بكم

coinautoslide

آخر الأخبار
أحدث المواضيع

الجمعة، 28 نوفمبر 2025

يوميات: أوراق مبعثرة من حياة رجل عابر. (الجزء الأول: الحلقة:26)



 شاطئ المحمدية: ..19/ 09 

أتسكع وحيدا على الشاطئ، شارد الذهن، مشتت الأفكار، أستعيد حكاية "ع". التي التقيتها في السنة الفائتة على نفس الشاطئ صدفة وبدون سابق إعلان. لأول مرة أرى جسدها عاريا، في بدلة سباحة. عرفتها منذ سنوات في بلدتي ـ بلدة الطين ـ ولكنها هذه المرة الأولى التي أراها متجردة.

المحيط يمتد المحيط – بحر الظلمات – ويغلق أمامي جميع المنافذ والفراغات. شعور غريب يعتريني وأنا أتأمل جسد ابنة الطين.  صوت من الأعماق يصعد فيشْرع القلب للنوارس القادمة من أعماق الروح، تردد أناشيد قدسية، وتوقد شموع للصلاة شموعها.

على شاطئ "الدريجات" التقيت "ع". كانت مستلقية على الرمل تحت مظلة شمسية، ترتدي بدلة سباحة حمراء، ونظارة سوداء. تفاجأنا معا بحضورنا في المكان والزمان بدون سابق تنسيق. تحدثنا، وتجولنا، ومشيتا على الشاطئ، وغاصت أقدامنا في الرمل المبلل... وحين غابت الشمس، غادرنا الشاطئ، ومررنا تحت أسوار القصبة، وشممنا عبق التاريخ في التربة والأحجار، تمنينا لو كنا ذاكرة هذا المكان...

لماذا يبدو المحيط حزينا هذا المساء، لماذا ذؤابة الشمس باردة كالثلج، ولماذا حبات الرمل تشبه البَرَد؟ لماذا تغير طعم الماء والريح؟ لا شيء فيه يبعث الفرحة، ولا شيء فيه يفتح أزهار القلب.

مدينة مراكش: 1980

قصيدتي "متى يأتي غدنا؟". ألقاها الأستاذ وجيه فهمي صلاح في برنامجه الإذاعي ناشئة الأدب. ومنها:

سمعت رنين الجرس

رأيت لباس الحرس

وراء الجدران عدم

والأفق ظلام

يقولون غدا... غدا...

قطار الغد المسرع يشيخ

على رصيفه ينام

في زاويته صامت

في محطته ميت

يقولون غدا... غدا...

متى يأتي غدنا؟

ويومنا لن يفوت

وشمينا لن تغيب

...................

يضيع الغد فانقذوه

يضيع الغد فاسرقوه

لعلي يوما.. نلقى غدا.. 

بلا تاريخ             

هل من الصواب أن يبوح الإنسان بما يتلجلج في صدره؟ أن يعرض بضاعته التي يخفيها حتى على نفسه، وأن يكشف نفسه أما الغير عاريا إلا من جلده؟ هل في الصمت قهر للذات وتعجيل بتدميرها وهو يعلم أن البوح سيشفيه ويعافيه ويجعل منه شخصا يثق في نفسه وقدراته؟ هي مجرد أسئلة لا أقل ولا أكثر.

بلدة الطين: 1993

 عندما أتأمل في عيون بلدتي، أرى سوادا قاتما، ومياها ملوثة، ونظرات حزينة، وأحلام غافية... هي سريعة الدموع، رقيقة وعاطفية وحنونة... إنها خجولة، ضيقة، ذابلة، مهترئة... حواجبها قصيرة، نحيفة... لعيون بلدتي ألف حكاية وحكاية...

الدار البيضاء: 23/12/2000

أجلس بمقهى فرنسا، أمامي فنجان قهوة سوداء، والمطر يعزف سمفونيته هادئة ورتيبة يردد صداها الإسفلت، وفي قلبي تزرع حبيبات المطر الخصب والحب. منذ ساعة تقريبا كنت بمعية الشاعرة "ك" بمدينة الرباط، قضينا لحظات جميلة ورائعة قبل أن أودعها على مشارف الحي الجامعي وأعود. أهدتني ديوانها، وأشياء عزيزة عليها.

"ك" من الشواعر الطيبات، والهادئات. جمعتنا كثير من الأمسيات الشعرية في مدن عدة. اعتادت ـ كلما التقينا ـ أن تسرع نحوي، تلقي بجسدها الرشيق بين دراعي، وتتدلل، بصوتها الطفولي الناعم، تتظاهر بالبكاء وتخفي وجهها في راحتيها. أمسك برأسها، أضعه على كتفي، وأهدهدها لتصمت وتستكين وتسترخي وتنام... المطر مستمر في عزف سمفونيته الحزينة، وأشعر أن "ك" جزء من هذه المعزوفة.

بلدة الطين: 20/03/2003

الساعة الثالثة صباحا، على قناة عربية، تابعت الضربة الأولى التي وجهتها قوات التحالف للعراق. أمهلت الولايات المتحدة الرئيس صدام حسين 48 ساعة ليتخلى على السلطة وهو ما رفضه.

انطلقت آليات الدمار الأمريكي تقصف بلدات العراق ومدنها، تخرب وتدمر وتقتل، لكن العراقيون صامدون، يدافعون بشراسة على أرضهم وعرضهم... إنها الحرب القذرة لا تبقي ولا تدر..

مدينة بني ملال: مساء 2003

مرت سنة على مشارتي في الملتقي السنوي للشعر الذي نظم بمدينة جرادة في إطار الأسبوع الثقافي المنظم من قبل بلدية المدينة، وها أنا أعيد نفس مسار السنة الماضية. أجلس في نفس المقهى، وأنتظر نفس الحافلة التي ستنطلق من المحطة على الساعة الثامنة مساء.

أسافر إلى جرادة، ومعي قصيدة شعر سألقيها في الأمسية، وأشيائي القليقة، وروح مفعمة بالحب والأمل، هذا ما أملكه الآن من حطب الحياة. هي ما أتزود به في طريقي كلما نادتني إلهة الشعر. يتعبني السفر ولكن لا أتوقف، تزين لي الغواية المسالك، وتعدني بالممالك، فأشحذ العزيمة، ثم أنطلق.

ركبت الحافلة، المقعد رقم 16. انطلقت الحافلة، وأطفأت الأضواء الداخلية، وخيم الظلام. في المقعد الخلفي أسرة تتكون من رجل وامرأة وطفلين. كانا يتحدثان عن شخص آخر، ويحاولان إسكات طفليهما قبل أن يداهم أحدهما القيئ مما دفعني إلى تغيير مقعدي بعد نصف ساعة من انطلاق الحافلة. نومي متقطع... ومع ذلك تمكنت من الصمود للتعب والعياء.

مدينة وجدة: صباحا 2003

الساعة الثامنة صباحا. وصلت إلى محطة وجدة. التقيت الشاعرين "عبد السلام مصباح" و"فراس عبد المجيد". تناولنا وجبة الفطور، وتقاسمنا بعض الذكريات الجميلة التي جمعتنا على امتداد تاريخ علاقتنا المتجذرة في الزمان.

مدية جرادة صباحا: 2003

واصلنا رحلتنا إلى مدينة جرادة. وصلنا، التحقنا بدار الثقافة، وجدنا الشاعرة "حليمة الاسماعيلي" في انتظارنا، استقبلتنا بحفاوة كالمعتاد... والتقينا شعراء آخرون حظروا للمشاركة في الملتقى من مختلف مدن المغرب، بعظهم تربطني بهم صداقة قديمة والبعض الآخر أتعرف عليه لأول مرة... 

يتبع

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.

We Are Still Here Don't Worry be happy