ترحيب

Welcome to the farhat mustapha Website المصطفى فرحات يرحب بكم
أنت إنسان حر الإرادة والفكر والفعل؟ إذا أنت غير موجود..

بحث هذه المدونة الإلكترونية

سورة الفاتحة

سورة الفاتحة

رسائل


،رسائل: الرسالة (12): كنت وستبقين حاضرة في الذاكرة، صورتك لا تبلى، بل تزيدها الأيام غضارة ونضارة، وأنتظر دائما أن ألقاك يوما وأروي عطش الفقدان والحنين... ..

جديد الأخبار

7. قالوا عن الحزن: * "لا يوجد أحد يستحق دموعك، على أي حال ذلك الشخص الذي يستحقها لن يجعلك تبكي". )غابرييل جارسيا ماركيز) * "الغضب والدموع والحزن هي أسلحة المستسلمين". (كيتي جيل) * "للحزن أجنحة يطير بها مع مرور الزمن". (جان فونتين) * "ليس الحزن سوى جدار بين حديقتين". (كاهيل غبرين) * "الصمت الطويل هو الطريق للحزن... لأنّه صورة للموت". (جان جاك روسو) * "الكثير من السعادة تستحق القليل من الحزن". (ثوماس فولر)
أحدث المواضيع

coinautoslide

Beauty is in the eyes of the beholder

INFO

معلومات
  • 1. *It's always darkest before the dawn
  • 2. *Practice makes perfect
  • 3. * Don’t count your chickens before they’re hatched
  • 4. * You can’t judge a book by it’s cover
  مع العسر ...

الأحد، 25 أغسطس 2013

شعرية الموت: قراءة في المتخيل الشعري وجمالية الخطاب في ديوان "ترنيمة لعصفور الكوثر " للشاعر المصطفى فرحات

الصورة : الشاعر مصطفى فرحات في حفل توقيع ديوانه ترنيمة لعصفور الكوثر بدار الثقافة بمدينة أزيلال18/10/2012


الشعر تأسيس لوجود، بحث في الكائن وكشف للإمكان، أسئلته هي نفسها أسئلة الوجود؛ ولأنه لا شعر بدون أسئلة، ولا أسئلة بدون وعي؛فإن كل حالة شعرية هي بالضرورة حالة من حالات وعي الذات بماهية وجودها، وما دام الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يعي بأنه كائن من أجل الموت،وبأنه مرغم على تقبل نهايته،فإن انشغال الشعر بالموت هو انشغال من صميم قضايا الفكر الإنساني الموجعة ، و مظهر من مظاهر قلقه الوجودي الحاد ؛فوحده الشعر بما يمتلكه من طاقات تفجيرية تبحث في المجهول، قادر على اجتراح بلاغة البوح من أسطورة الموت التي تتماهى مع أسطورة الحياة، حيث تتسامى الكتابة الشعرية متحولة إلى نشيد إنساني طافح بأحاسيس ورؤى ومواقف، يجعل حدوس الذات قادرة على صياغة سؤال الموت والحياة، صياغة جديدة تؤول ما يعتري الذات من حرقة وتمزق وتشظ، وما يتولد في دواخلها من أسئلة ميتافيزيقية حارقة، فترتقي بفعل الخلق والإبداع إلى صور ترميزية تشف عن غريزة البقاء وأسطورة التجدد والخلود، كما هي عند طائر الفينق وجلجامش وغيرهم...


محملا بهذا الأفق الإنتظاري الحافل، وجدت نفسي مشدودا إلى هذا الديوان المرثية *ترنيمة لعصفور الكوثر* للشاعر المغربي مصطفى فرحات، أقتحم عوالم كونه الشعري، وهو ديوان اختار لنفسه خانة الرغبة في الكتابة عن الموت، فاجترح خطابه الشعري على إيقاع فجيعة مشهد تراجيدي جارح، لموت قسري مفاجئ لابن ممدد في النعش، هذا المشهد الذي واجه الذات الشاعرة بأقسى ما كانت تحذره وتخاف منه، فجعلها تعيش أقصى حالات يقظتها الوجودية.. يقول في ( ص 8):


أحدق في جسدك المسجى
وأقرأ في كتاب الموتى
من هنا أتينا
وإلى هنا منتهانا
وتضيف في ص6:
هيا حزني العاري
من أين تأتي كل هذه العتمة
تسيج كل أنواري القديمة
تحوط كل ابتساماتي
ويرد على لسانها في ص10:
لا ترحل يا حلمي
أنت من يبني غدي
أنت من يحمل أيامي ويرسم بمذاق الحناء
كل الأعراس البهية


انطلاقا من هذه النماذج وغيرها، نجد أن المتخيل الشعري في هذا الديوان – المرثية، وهو يشيد رؤاه على ثنائية الموت والحياة، يمتح استعارته الكلية من نهر الألم الإنساني الخالد، حيث حبر الكتابة ألم طافح بتراجيدية موسومة بمرارة وأسى، وقوة في الإحساس والتفكير، وتوتر حاد مؤرق، وضياع وجودي صارخ...


مما جعل حساسية الموت في هذا الخطاب، تحتشد بأشكال مختلفة وصيغ تعبيرية وإشارات وعلامات، يجعل حضور الموت في هذا الديوان قويا، تتبدى سيميائيته بشكل عميق في جميع تفاصيل الخطاب الشعري:


1)- بدءا من عتبة العنوان ، باعتبارها بؤرة حاضنة لمرجعيات ودلالات سوسيو ثقافية، ودينية، وانتروبولوجية .
2)- مرورا بالعتبة الثانية الإهداء الذي تشكل سيميائية عتبته النصية ومضا قوي الإحساس عميق الدلالة :
إلى الشهيد ابني الذي كان لي*


واللافت للانتباه في هذه العتبة التصديرية، أن عبارات هذا الإهداء، أتت عن طريق التداعي الحر، استجابة تلقائية لذات ، استنفرتها لحظة الكتابة كما لحظة الموت ،فاستغرقها يأس وأسى وضياع وفقدان، وحركتها طاقات متوترة مفجرة، أثارت كل المكامن الشعورية واللاشعورية، الواعية واللاواعية، الدينية والصوفية، الإسترجاعية والتأملية الاستبطانية، الفكرية الفلسفية والدينية و الصوفية، الحلمية والواقعية...


3)- انتهاء بالفضاء النصي لهذا الديوان- المرثية، الذي تغزل خلاله الذات، تراجيدية الموت والحياة، في مسافة شعورية وفكرية ممتدة من ص 2 إلى ص 53 ، حيث استطاعت أن تسمو بخطابها الشعري جماليا إلى آفاق فنية رحبة، متجاوزة بذالك نمط كتابة القصائد القصيرة والمتوسطة، إلى كتابة شعرية تشيد هرم بنائها الرؤيوي الحداثي، على شكل قصيدة طويلة مركبة ،ذات تشكيل بصري خاص، يتألف من عدة مقاطع شعرية غير معنونة، بل مفصولة بأرقام تبتدئ بالرقم 1 وتنتهي بالرقم37، وبذالك يشيد خطاب الموت في هذه القصيدة المرثية قوله الشعري، في إطار استراتيجية نصية ذات أبعاد سيميائية تتنامى ثيماتها وتتراكم إشاراتها الاستعارية وتجلياتها الدلالية ،بشكل يرتقي خلاله البوح الجنائزي والبكاء الرثائي إلى مستوى من الوعي الشعري يتكئ في نوع من التداخل والتكامل والاستجابة ،على التأمل الاستبطاني وما يوقده من تأويلات فكرية و دينية وصوفية (ويشكل نسبة 0.23 في المئة من الخطاب تقريبا )، وعلى الحوار بشقيه المونولوجي والحوار الموجه للآخر،بشكل عالي الأسى و التوتر، تشعل نيران غنائيته الحزينة ذاكرة الأمس وعذاب الذات لفقدان الآخر (ويشكل نسبة0.25 بالمائة من الخطاب تقريبا) ،كما يستند على السرد الشعري(وتشكل نسبة0.26 في المئة من الديوان تقريبا)، و على الاسترجاع التذكري (الذي يشكل نسبة .130 بالمائة) ويتمظهر في صيغة سيرة شعرية تذكي عذابات الروح ،وتنقاد مع كل حرقة عذاب وتيه للتأويل الديني والصوفي (الذي يشكل نسبة0.14 تقريبا)


ولا مراء، أنه بقدر ما يأتي نشيد الموت في هذا الديوان، بوحا جنائزيا مسترسلا في إطار سيرة شعرية ؛ كما هو وارد في المقطع التالي( ص 6) :


من هنا عبرنا معا
تتأبط حقيبتك
تمشي معي في الطريق
بقدمين متيقظتين
تختزل المسافات
وتمتطي دفاترك
وفي عينيك بريق الربيع
وكذالك في ص 28
موحش هذا البيت موحش
لاشيء غير الصمت الرصاصي
طلاء مكتبك
ندى صقيع
ومن شقوق الجدران
يتقطر عطرك
وفي دفاترك
تنوح الحروف
بقدر ما ترتفع حساسية الأسى بين ثناياه، إلى رؤية تشاؤمية حادة، (ص 5):
كل صباحاتي
كفوف سوداء
ومع اشتداد وجع المأساة تسود الرؤيا ( ص 29):
أنغرس في نكستي
قحط
يباب
حنظل
قلب بلا حلم
بلا مدى
جسد بلا جذع
وفي ص 6:
هيا حزني العاري
من أين تأتي كل هذه العتمة
تسيج كل أنواري
ومع استرسال الأنا الشاعرة في البوح بحرقة آلامها وأحزانها، تسيطر عليها ظلال الكآبة والتيه ،فتقول في (ص 25 ):
ماعاد في قاموسي
يوم
اسمه غدا


ومن البديهي أن يتخذ التبئير السيميائي في كل هذه المقاطع من نقطة التقاطع بين الحياة والموت (مشهد الموت والدفن والإحساس بالضياع ...) بؤرة انهيار وتوجع، حيث يتوقف الزمن لحظة قاسية، فتحس الذات بانزياح الكينونة من جاذبية الوجود، وسقوطها في اللامتداد واللاوجود واللامعنى واللازمان واللامكان... ورد في ( ص 9 ):


كل ما تراه العين بعدك رحيل
فهذا كبدي على جمرة ذكراك يحترق
وقلبي من قلب الخنساء
يتفتت من جوف ليل طويل


ولعل استحضار الشاعر للشاعرة الخنساء بكل حمولتها الرمزية الشعرية، لدليل على الارتقاء بالإحساس الشخصي بالموت، إلى إحساس إنساني وجودي عميق ومؤثر، حيث النص الغائب بما يتضمنه من دلالات عميقة يعمل على إنتاج حالة وجودية ترتبط بموقف الإنسان من الموت، وهلعه منه ، سواء في الماضي أو الحاضر...


ولا تتوقف فكرة الموت والحياة في الشعور بالنكوص والتلاشي في هذه القصيدة-المرثية، بل تتخطاه إلى الشعور بعدمية الكون وغياب المعنى في الحياة تقول في (ص7):


كل الألوان انمحت
غابت ملامح الأشياء
تلاشت معالم الأحياء


وإذا كان المتخيل الشعري لهذه القصيدة ينهض على حركتين شعريتين، الأولى حركة موت الابن، والثانية ضياع الأب ويأسه وغربته، فإن فعل التوازي الدلالي يرسم موتين:


1- موت الابن
2- موت الأب
يقول في (ص7):
لأول مرة يا بني أعرف
أني العارف الجاهل
أني الضاحك الباكي
وأني الحي القتيل


فنحن نستطيع أن نقول أن هذه القصيدة- المرثية، لا تحيلنا فقط على رثاء الأب، لابنه، بل تحيلنا أيضا من منطلق رؤية تأويلية مغايرة، على رثاء الشاعر لنفسه والتحسر على موته، فالذات وهي تحترق بموت الابن وفداحة الإحساس بالألم الفظيع،فإنها في حقيقة الأمر وهي تستدعي سيرة الفقيد كما تسترجعها الذاكرة، فإنها على المستوى اللاشعوري تجسد في واقع الأمر سيرة شاعر استبد به اليأس و صرعه موت معنوي، فبكى نفسه بمرارة ورثى ذاته، فكان هذا الخطاب الشعري خطاب رثاء للذات بدلالة الآخر.


ويتصاعد تأثير فاجعة الموت على الذات،فترتفع اللحظة الشعرية بالبوح إلى الارتقاء بالفعل التراجيدي إلى حد الإدهاش،فتصبح المفارقة صادمة كالتالي:


1)-الأنا الشاعرة-الأب-الحي ماديا-ميت معنويا.
2)الآخر-الابن-الميت ماديا-حي معنويا في الوجدان الديني والأسري.


ثم لا تلبث الذات أن تؤسطر موت الابن، فيرتفع المدى الرؤيوي إلى اعتبار موت الابن موت القبيلة، ونعشه عطر للقبيلة وزغردات شفاهها ...


رش وجه القبيلة عطرا
ومن كل نافذة وباب
تشدو الشفاه شعرا


إنه الانتقال من فعل الموت من الخاص إلى العام، حيث موت الابن، يصبح جماعيا يتمثل في موت الأب والقبيلة، وبهذا الموت الجماعي المعنوي للقبيلة، يغدو الموت كونيا، يقول في (ص7):


ما بال النهار
لا يشبه النهارات
كل الألوان انمحت


هكذا وصل الحزن والتفكير وقع الصدمة، وبلغ الأسى مداه، فهذا النهار استثنائي، ضاعت معالمه، وها هو موت الابن، قد أضاع وجود الجماعة، كما أزاح النهار عن مداره، وأخرجه من زمانه، إنه ذبول يعم النفس والروح والرؤية والرؤيا والآخر والكون والزمان والمكان...


ومع ذالك فتحت هذه الوطأة، لا تستسلم الذات الشاعرة حين تطيل النظر في حركية الإنسان وسيرورة الكون ، فبالرغم من تأثير هذه الرؤية التراجيدية على الفكر والحس،سرعان ما تتحول من أشجانها إلى حدوسها وتتأمل حقيقة الموت وماهية الوجود ،فيستحيل الرثاء إلى تأمل فكري ، يناهض السقوط والإحباط والانهزام ، حيث الأنا الشاعرة تتصدى في تحد ووعيد قوي للموت ،بالقول في (ص43):


شد وثاقي أيها الموت
فأنا قاتلك
بالكلمة المفجوعة بين مقل اللغة
بروح الابن الخالدة في القصيد
بعيونه المفتوحة على المدى
شد وثاقي أيها الموت
فأنا قاتلك
بدموع الحبر المتدفق من العين
بالحرف المكتوب بالدم
بالنحيب الشلال الساقط من قمم الهم
بالحلم الملون يعيق الذكرى
شد وثاقي أيها الموت
فأنا قاتلك


هكذا هو حلم ولادة الحياة من الموت ،وتحرير الروح من الشجى والشجن، والدفع بفعل الولادة إلى الخلق والإبداع في الحياة، نتيجة التأمل الاستبطاني الفكري والفلسفي العميق، ومحاولة معرفة حقيقة الزمن والحياة والموت...:


هباء هذا الزمن
كقصفة نار
(ص37)
ويضيف في نفس الصفحة:
تيه هي الحياة
ترسم لك مسالك تالفة
تمشيه وأنت الباحث عن مرفأ
تغازلك الطرقات
تعري مفاتنها
تنجذب لعطرها
وحين تراك منكشفا
تدوسك في بداية الفرح


ولا يخلو المتخيل الشعري لخطاب الموت في هذا الديوان، من تأويل صوفي تستند عليه الذات لبلوغ حالة قصوى من الانسجام مع العالم، كما هو واضح من خلال توظيف عتبة تصديرية لإحدى المقاطع الشعرية ذات الدلالة الصوفية الرامزة، والتي هي عبارة عن بيت شعري للشاعر جلال الدين الرومي ص44، وأيضا تضمين مقاطعه الشعرية إحدى مقولات الحلاج الرؤيوية التي تومئ إلى الحلول والتوحد، حيث لحظة الألم و الكتابة، تجعل من الأب والابن ذاتا واحدة (ص 44 ):


أنا أنت وأنت أنا
أحملك بين أوراق القلب
خضرة
ماء
وناي الأنبياء أحملك
رفرفة فراشة
...............
عود إلى بدء:


نستنتج من السياق العام لهذه القراءة المقتضبة، أن الوعي الشعري لهذا النوع من الكتابة الشعرية عند شاعرنا، يعيد صياغة الواقع والوجود ،فهو يترك اللغة تغزل قلق الذات الوجودي بعمق وشمولية، تدخل في تجربة مغايرة، بطريقة تتوحد خلالها الذات مع اللغة وتحل فيها ، تتطابق معها كي تسعى إلى تحقيق الخلود بواسطتها ،فتصبح الذات بكل آلامها وأحلامها مضمونا شعريا تتمحور حوله القصيدة... وفي اللغة لا تستكين الذات لقدرها ،بل إلى طقوس حالاتها... كما يؤكد على ذالك أدونيس الذي يقول * حين يحس الشاعر بأن العالم حوله يتفتت ويتلاشى يتيح للغة أن تبني أو تهدم هذا العالم على هواها ...


هكذا استطاع مصطفى فرحات في هذا الديوان ، أن يرسم لنفسه خريطة طريق شعرية خاصة في جغرافيا الكتابة، بالعزف على إيقاع الذات المتبرمة من زخم اللامعنى بكل أشكاله وألوانه وتعدد مظاهره ،فالقلق الوجودي في الكتابة عنده كما أعتقد، ذو ملمح تأملي فكري تارة، وديني تارة وصوفي تارة أخرى... بدءا من تقاسيم الصرير، مرورا بكتاب التراتيل، وانتهاء بترنيمة داوود التي استقطرها أنهار كوثر، لعصفور الجنة في هذا الديوان (ص8):


أقف على شاهد مثواك
والريح تنشدني نغما داووديا
يأتيني بأشجى التراتيل
تعري سكون لحدك الجليل
ومن حضنه المترع بالأسى
تتعالى تهاليل المريدين...



أحمد بهيشاوي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.