فن الحياة: الإرادة

1. ما الإرادة؟: يستخدم الناس مصطلحات مختلفة للتعبير عن قوة الإرادة بما في ذلك الانضباط والتصميم والعزيمة والثبات

 * الإرادة: هي تصميم واعٍ على أداء فعل معين، ويتطلب هدفاً محددا، ووسائل لتحقيقه، والعمل الإرادي الذي هو نتاج قرار ذهني مقرر مسبق..

 * في الأدبيات العربية الكلاسيكية تعرف الإرادة ـ كما قال الجرجاني: "الإرادة صفة توجب للحي حالاً يقع منه الفعل على وجه دون وجه، فهي ميل يعقب اعتقاد النفع."

2. تجليات الإرادة: تظهر الإرادة في قدرة الشخص على التحكم الذاتي أو ضبط النفس أو السيطرة على السلوك والعواطف والرغبات...

3. مستويات الإرادة: الإرادة موجودة عند كل الأشخاص، والفرق موجودة في الدرجة أو المستوى: فقد تكون ضعيفة ومتوسطة وقوية. وتخضع للعوامل الذاتية، فالشخص يملك القدرة على إدارتها إما بتقويها أو إضعافها  (فقد نجد الشخص يتمتع بإرادة قوية في بعض المواقف ونراها ضعيفة في مواقف أخرى)

4. ما قوة الإرادة وكيف نطورها؟: يعرّف علماء النفس قوة الإرادة بأنها القدرة على تجنب الإغراءات قصيرة المدى، والتحكم بالنفس والسلوك، وتجاوز الأفكار أو المشاعر أو الدوافع غير المرغوب فيها. والقدرة على "ضبط النفس" لها أسباب وراثية، ولكنها أيضا مهارة يمكنك تقويتها بالممارسة.

5. أنواع الإرادة: تتنوع الإرادات بتنوع الأهداف والخصائص الذاتية للشخص. ومن هذه الأنواع:

5/أ. إرادة الحياة: في نظر بعض المفكرين، هي جهد غريزي يحقق به كل كائن نموذج نوعه. فهي مفروضة عليه بقوة قاهرة ولا تخضع للشعور الكائن أو رأيه أو عواطفه..

5/ب. إرادة الخير: استعداد المرء لبذل أفضل ما عنده من جهد لفعل الخير، وهي عند كانط إرادة العمل بمقتضى الواجب، والواجب وحده، دون اعتبار لمصلحة أو أنانية، فهي مستقلة استقلالاً تاماً، وتستمد ناموسها من ذاتها وحريتها من داخلها.

5/ب.  إرادة القوة: تعبير قال به نيتشه في عنوان كتاب له، ومؤداه أن الصراع من أجل الوجود ينمو حتى يصير إرادة القوة، وهذه الإرادة هي الدافع الحقيقي إلى التطور، وهي عند نيتشه معارضة للعقل، وفلسفته كلها ضرب من الإرادية.

6. تقوية الإرادة: يتم ذلك من خلال:

6/أ. التدريب على قوة الإرادة، إذ إنّه لا يوجد جين وراثي يحدد ما إذا كان الشخص قوي أو ضعيف الإرادة، بالتالي فإنّ الإنسان هو المسؤول عن نتائج اختياراته،

6/ب. وبإمكان الشخص أن يتدرب على تقوية إرادته من خلال معرفة المواقف التي يكون بها قوي الإرادة أو غير ذلك.

6/ج. تصنيف المواقف والتصرفات التي يكون الشخص بها قوي الإرادة، ومتى يضعف في غيرها من خلال تحديد الظروف المحيطة به والإبتعاد عن كل ما يؤدي الى إضعاف إرادته.

6/د. وضع مجموعة من الأهداف طويلة وقصيرة المدى، ويجب أن يكون الهدف واضحاً ويمكن تحقيقه.

6/و. إعطاء الشخص لنفسه مكافآت تشجعه على التقدم؛ وهذا لأنّ المكافأة النهائية قد تأخذ وقتاً طويلاً، فمن الجيد أن يمنح الشخص نفسه مكافأة أصغر والتي بدورها تساعد في الوصول إلى النجاح ولا تغير الإرادة.

7. الذكاء وقوة الإرادة

يعتبر كلاهما من أهم مميزات الشخصية، حيث يعتبر الذكاء طاقة أو قوة إنسانية، كما هو الحال بقوة الإرادة، وبما أنّ الذكاء من أهم دعائم شخصية الفرد فإنّ دمجه مع قوة الإرادة يؤدي الى النجاح وزيادة القدرة الإبداعية، بالتالي فإنّ منابع القوة تكمن بداخلنا، ولكن يجب على الشخص أن يكتشفها ويوظفها بالشكل الصحيح من أجل تحقيق أهدافه ونجاحه، فطريقة استخدام الشخص لقواه الكامنة هي التي تحدد نجاحه أو فشله.

8. طريقك لتعزيز قوة إرادتك:

* والكيفية التي تفهم بها نفسك والعالم من حولك تؤثر في طريقة تفكيرك، وعواطفك، ومشاعرك، وهذا يؤثر على نجاحك وإخفاقك. لهذا عليك التدرب على ضبط النفس، والتركيز الذهني والعمل على الاستراتيجيات التي تقدم لك فرصا أكثر للتقدم والنجاح وتحقيق الذات وبناء قوة إرادة تواجه بها نفسك والعالم المحيط بك. لذا وجب مواجهة وتجنب كل ما من شأنه أن يستنفذ طاقة تركيزك وصبرك وصمودك ومقاومة للإغراءات التي في طريقك.

* تحديد الأهداف: لتقوية إرادتك عليك أن تضع هدفا معينا تريد تحقيقه، فوجود هدف محدد وواضح وفهم الدافع وراءه، يمكنهما أن يساعداك بشكل كبير على اكتساب الزخم والتركيز على التقدم في المدى الطويل. كما أن تقسيم هدف طويل المدى إلى أجزاء أصغر (أهداف فرعية) يمكن أن يساعد الناس على الشعور بالإنجاز عندما يكملون كل خطوة. مثلا إذا كنت مدخنا نهما وأردت أن تترك التدخين فبإمكانك وضع خطة تعتمد على تقليص عدد السجائر التي تدخنها كل يوم، على أن تتوقف تماما بعد 3 أشهر. وفق ما ذكرت منصة "ميديكال نيوز تودي" (medical news today).

* تغيير الوضع: يتضمن هذا تغيير الظروف المحيطة بالهدف الذي تريد تحقيقه إذا كانت الظروف الحالية التي توجد فيها غير مناسبة، ويدخل في ذلك:

* تغيير المكان: بعض الأمكنة التي توجد فيها قد لا تكون مناسبة لتحقيق هدفك، مثلا إذا كان هدفك النجاح في اختبار ما فقد تكون المكتبة أفضل مكان للدراسة بدلا من البيت.

* تغيير البيئة الحالية: إذا كان تغيير الموقع غير ممكن، فقد تساعد بعض التعديلات الصغيرة على تحسين الموقع الحالي. على سبيل المثال، قد يقوم الشخص بترتيب مساحة العمل الخاصة به، أو تشغيل الموسيقى التي تساعده على التركيز في الدراسة أو العمل.

* الحد من عوامل التشتت: تساعد إزالة الأشياء المشتتة للانتباه عن خط نظر الشخص أو تفكيره في الحفاظ على تركيزه على الهدف الذي يسعى لتحقيقه.

* تحديد موعد نهائي للهدف: وضع موعد نهائي للهدف والالتزام به مع وعد نفسك بمكافأة مميزة إذا حققته سيساعدك كثيرا في تقوية إرادتك، مثلا، التوقف الكامل عن التدخين خلال 3 أشهر مع مكافأة...

* تركيز الانتباه ومراقبة التقدم: وتتضمن هذه الإستراتيجية تركيز الانتباه نحو المهمة أو الهدف الذي تريد تحقيقه، وعدم الانشغال بأي أمور أخرى غير ذات علاقة بالهدف. 

وأخيرا، فإن قدرتنا على ضبط النفس والتحكم برغباتنا وغرائزنا هي الطريق الأمثل لبناء إرادة قوية لا تقهر أو كما يقول أفلاطون فإن "الانتصار الأول والأفضل هو قهر الذات".