أول ما تقع عليه العين وهي تتصفح كتاب "اقرأ" رسم للحروف الأبجدية العربية "أ- ب- ج ـ د ـ ذ ـ .." لكن المتعة الحقيقة تبدأ عندما تبدأ القراءة الجماعية للحروف والمقاطع بصوت جماعي "فَ – فً – فرفر..." "كَ – كُ – كتكت"..... الإيقاعات التي كانت تسهم في الحفظ وسهولة الاسترجاع... لم يكن التلميذ وقتها يهتم بالمؤلف أحمد بوكماخ، بل بمضامين الكتاب..
أحمد بوكماخ الغائب الحاضر من الدنيا والحاضر في الذاكرة هو مؤلف سلسلة اقرأ التي صدرت أول طبعة منها سلسلة اقرأ سنة 1954 . لقد أثر في العديد من الأجيال وترك بصماته على قلوبهم وعقولهم... هي قصص لم تكن مغربية كلها، لأنه اقتبس أغلبها من حكايات إنجليزية أو فرنسية أو حتى صينية ويابانية... فيها الكثير من الحكمة والعبر... فنجد اناتول فرانس، وألفونس دودي، وجورج سيمنون، ولافونتين، وكبريي كوليت، واندري تورنيي، وجوزف بارد... بجانب ابن بطوطة، وابن هانئ، وبديع الزمان الهمذاني، ومصطفى لطفي المنفلوطي، وعبد المجيد بن جلون...
النصوص التي تزخر بها السلسلة تثير الخيال وتدعونا إلى اقتحام عوالمها العجيبة والمدهشة... كانت التلاميذ يحفظونها عن ظهر قلب... إنها مكملة لحكايات الجدات... ولا يزال الكثير من الناس يشترونها اليوم من أجل أحفادهم. ويفتخرون أنهم درسوا في هذا الكتاب المدرسي المتميز في زمانه. كثيرون يتذكرونها وكما لو أنهم درسوا فيها بالأمس فقط،، ويسردون يسردون مقاطع كاملة من تلك القصص العجيبة، مثل: «زوزو يصطاد السمك»، و«سعاد في المكتبة»، و«أحمد والعفريت»، و«سروال علي»، و«الرحمة لمن علمني»، و«فرفر يعلق الجرس»، «والثرثار ومحب الاختصار» "سروال علي" ...
الحنين إلى «اقرأ" هو في الجوهر نوسطالجيا للزمن الجميل وما يحمله هذا الزمن من قيم وذكريات وصور وخيال ودلالات... زمن كان المدرسة المغربية قادرة بوسائل بسيطة أنت تخرج أجيال من المتعلمين الذين ساهموا بشكل مبدع وخلاق في النهوض بهذا الوطن الجميل، الوطن الذي كان يؤمن بالكفاءات وليس بالولاءات.
الحنين إلى الماضي لا يلغي الحاضر، والاهتمام بالحاضر لا
ينفي التطلع إلى المستقبل... هي الأيام تداول بيننا والزمن يندفع دائما إلى الأمام
ولا يعود إلى الخلف، ولن يتوقف إلا ساعة يوم القيامة. والماء يتدفق دائما إلى
الأسفل، ولا يصعد إلى الأعلى إلا عندما يصبح بخارا..
وفي انتظار أن تثمر السنابل التي غاب عنها المطر نتذكر الزمن الذي كانت فيه الأمطار غزيرة، ونستمتع كما استمتعت بها أجيال الستينات والسبعينات ويرددون مع أستاذ الأجيال أحمد بوكماخ في محفوظة بعنوان: "جاء المطر:
يا اخوتي جاء المطر
هيا اجلسوا تحت الشجر
هيا خذوا مني الزهر
هيا كلوا هذا الثمر
واستنشقوا طيب الزهر
لا تلعبوا جاء المطر...
الحنين إلى الماضي لا يلغي الحاضر، والاهتمام بالحاضر لا ينفي التطلع إلى المستقبل... هي الأيام تداول بيننا والزمن يندفع دائما إلى الأمام ولا يعود إلى الخلف، ولن يتوقف إلا ساعة يوم القيامة. والماء يتدفق دائما إلى الأسفل، ولا يصعد إلى الأعلى إلا عندما يصبح بخارا...
يتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.