مدينة خنيفرة: 07/01/2000
قررت هذا الصباح أن أزور معرض الكتاب الجهوي الذي نظمته جمعية محلية. قمت بجولة طفيفة بين الأروقة. وأنا أتصفح المجلات والكتب... صادفت كتابا صغير الحجم لصحفي فرنسي عاش في المدينة لفترة محدودة إبان مرحلة الاحتلال الفرنسي. يتحدث الكتيّب عن مقاومة محا أوحموا الزياني للفرنسيين في المنطقة، انغمست فورا في قراءة الفصل الأول الذي خصصه الكاتب للحديث عن المدينة. يقول مفسرا اسم المدينة وقدم تفسيرين:
1. التفسير الأول: "خنيفرة" مشتقة من "خنفر"، وتعني السطو والإغارة. فقد كانت المدينة في بداية نشأتها تتعرض لإغارة اللصوص وقطاع الطرق الذين ينهبون ويهربون إلى أزغار (الأراضي المنبسطة). ومع مرور الوقت، تحولت هذه اللفظة إلى خنيفرة.
2. التفسير الثاني: اسم المدينة مشتق من اسم امرأة تسمى "اخنيفرة" كانت تسكن بجوار القنطرة التي بناها المولى إسماعيل على نهر أم الربيع."
أعدت الكتاب إلى مكانه على الرف، وتابعت الجولة. واقتنيت كتاب "الشعر والشعراء لابن قتيبة في جزئيين"، وغادرت المعرض. زرت القنطرة القديمة، ثم دخلت المسجد القديم الذي بني في عهد السلطان المولى إسماعيل...
بلدة الطين: (محطة واد العبيد). 29/06/1999
وأنا أسوق سيارتي في طريق العودة من مدينة أفورار، بعد
حضوري لمتابعة تدارب مسرحية "سيزيف بين الحاضرة والريف"، وهي من تأليفي
وإخراج صديقي الأستاذ "ج" وتفضلت جمعية الانطلاقة بتبنيها. أوقفتني شابة
في العشرينات... قبل أن أتوقف فكرت: "ماذا لو كانت جزء من عصابةن أنت تكون
طعم مثلا؟". ومع ذلك قررت التوقف. فتحت الباب... بعد حوار قصير، صعدت إلى السيارة...
لقد اتخذت قرار إيصالها إلى دوار يوجد على مسافة عشرين دقيقة.
ترتدي جلبابا بنفسجيا، وتنتعل حداء عاليا، شعر مكشوف
مسترسل يميل إلى الحمرة، وجه مستدير يميل
للسمرة، عينان سوداوان، حاجبان دقيقان، أصابع دقيق... سألتها عن اسم الدوار الذي
تقصده. أجابت: "دوار السمش". خيم صمت ثقيل بيننا، ثم استرسلنا في الحديث،
والحديث ذو شجون. وعندما أخبرتها أني قادم من مدينة أفورار، سردت لي قصتها التي
ألخصها كالتالي: قضت يومها في المدينة
لترفع دعوى ضد أخيها الذي استولى على منزل العائلة بعد وفاة والدهم، وشردهم...
فيما يخص مهنتها فهي تكسب قوت يومها في المتجارة بالبضائع المهربة، تشتريها من
مدينة الناضور وتعيد بيعها في مدينة بني ملال، وتادلة وأزيلال وغيرها من المدن...
وأخبرتني أيضا أن زاوية سيدي علي بن إبراهيم القريبة من مدينة أفورار وبلدة الطين،
ستقيم موسمها السنوي يوم، وهي مستعدة لاستضافتي...
كان السفر معها مريحا، والحديث معها ممتعا حقا. وصلنا
إلى "دوار الشمس". توقفت، فتحت لها الباب... افترقنا على أمل أن نلتقي
يوما ما... نزلت بهدوء، تابعتها وهي تقطع الطريق المعبد وتمشي في الطريق
الترابي...
بلدة الطين: 19/06/1999:
مساء صيفي جميل، أتجول رفقة عزلتي. أصداء موال أمازيغي يكسر الهدوء والصمت، موال أشعلني حنينا، وذكريات أزمنة بعيدة، كما أحبت في أعماقي شعورا طالما تجاهلته، إنه الإحساس بالهوية وبالانتماء الأمازيغي، الإحساس والشعور الذي عبرت عنه مسرحيتي الجديدة التي أشرفت على النهاية "تاخزانت" (الخيمة) والتي من المنتظر أن تتبناها جمعية آفاق ببلدة الطين.
بلدة الطين: 04/07/1999
ثلاثة أحداث عشتها هذا اليوم:
* زفاف ابنة صديق
* ولادة بنت لصديق
* وفاة مفاجئ لجاري.
بلدة الطين: 02/05/2000
زيارة الروائي المغربي محمد برادة لثانوية الوحدة في إطار لقاء تواصلي مع تلاميذ السنة الثانية آداب عصرية، وحضر برفقته الكاتب المغربي إدموند عمران المليح، وأدباء آخرين، وساهمت في هذا اللقاء بمداخلة تحت عنوان: "أيهما العبد؟ أيهما السيد؟ صراع الراوي والناقد في رواية لعبة النسيان."،
كان اللقاء متميزا.. فقد أتاح للتلاميذ فرصة الالتقاء مباشرة مع مؤلف رواية مقررة في المنهاج الدراسي ويحاوروه، ويكتشفوا الجانب الخفي من العملية الإبداعية عموما، وفي لعبة النسيان خصوصا... وفي حوار هامشي مع إدموند عمران المليح أخبرني أنه زار بادة الطين مرتين بمناسبة الموسم السنوي الذي يقام بضريح سيدي مول البرج، أو سيد المخفي...
مدينة الدار البيضاء: 25/05/2000
في طريقي إلى مدينة الرباط، للمشاركة في حفل توقيع ديوان "شاعر في بطم الحون" للشاعر "عبد السلام. ح." اغتنمت الفرصة لأزور أختي بحي البرنوصي الذي قضيته فيه طفولتي ومراهقتي وجزء غير يسير من شبابي..
غادرت قرية الطين بعد حصولي على الشهادة الابتدائية في بداية السبعينات، ولم أغادر الحي إلا في الثمانينات بعد حصولي على شهادة الباكالوريا لأتابع دراستي بجامعة القاضي عياض بمدينة مراكش.
وأنا أمر بجوار ثانوية المختار السوسي، وأنا أعبر الشارع الرئيسي، وأنا أتأمل العمارة 43. التي كان لنا بها مسكنا وأصدقاء... تلوح لي أطياف وجوه كنت ألتقيها كل يوم، كنا نتقاسم كل شيء ونتساركها: الملابس، الجائر، السندويتشات... أذكر المصطفيان وكنت ثالثهم، حسن، إبراهيم... كنا نعشق فتاة واحدة... لقد تغير المكان، ومر الزمان، وغمرني شوق وحنين وحزن الافتقاد...
تجولت في الحي،
لقد تغيرت معالمه كثيرا، ولكن أحاسيسي اتجاهه لم يتغير... توازي في حجمها شعوري نحو بلدة الطين...
يتبع

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.