ترحيب

Welcome to the farhat mustapha Website خذ وقتك. في القراءة، لا داعي للسرعة المصطفى فرحات يرحب بكم

coinautoslide

آخر الأخبار
أحدث المواضيع

السبت، 1 نوفمبر 2025

تمرير مشروع الحكم الذاتي المغربي في مجلس الأمن. المغرب بلد استثنائي: (الحلقة: 07)


لا أحد صوت ضد الحكم الذاتي في صحرائنا المغربية 

31/10/2025 لها ما قبلها ولها ما بعدها.                           

 بعد الثورة المزعومة لجيل الإخوان "Z" وسقوطه في الفراغ والظلام والخيانة المغرب يخرج خرجتين متتاليتين في انتظار المزيد من الخرجات: اولى: الاحتفال بكأس العام. والثاني الحكم الذاتي.

ربما السؤال الذي يطرح هو: كيف حقق المغرب هذا الإنجاز في مجلس الأمن؟ هل حقيقة أن الدبلوماسية المغربية لها من القوة والفعالية والتأثير ما سمح لها بأن تمرر الحكم الذاتي وتنهي نزاعا دام حوالي 50 سنة؟

 في سلسلة مقالات تحت عنوان "المغرب بلد استثنائي تحدث عن قوة المغرب، وعن علاقاته مع إسرائيل وأمريكا، وتفاعل بعض القراء بنوع من الاستخفاف مع ما ورد في المقال من معلومات. وبهذه المناسبة " إقرار مجلس الأمن بخطة المغرب للحكم الذاتي في الصحراء المغربية" أعيد نشر مقتطف من المقال السابق وجاء فيه:

 " فيما يتعلق بموضوع التدوينة، فعندما قال صاحبي بأن إسرائيل وأمريكا تخاف من المغرب فهذا لا يعني أن المغرب يملك من السلاح ما يمكنه من تدمير إسرائيل، هذا تفكير ساذج وعبيط على حد تعبير إخواننا المصريين... المغرب يتمتع بقوة ناعمة واحترام من قبل هاتين القوتين، وأعتقد أن أمريكا من الناحية جيو- سياسية اختارت إسرائيل أن تتسيد على الشرق الأوسط وجزء من آسيا، ولو اختارت دولة لتتسيد إفريقيا فسيكون المغرب، وهذا ما نرى بعض بوادره اليوم..."

هذه هي قوة المغرب، ولهذا شكر الملك محمد السادس الرئيس الأمريكي ووصفه بالصديق. لقد استطاع المغرب بفضل حكمته السياسية، وعلاقاته الدولية المتميزة أن يكون إلى جانب الكبار، وأن ينتزع احترام الجميع وينال الثقة والمصداقية التي تفتقدها الجارة الجزائر التي تدل كل المؤشرات أن دول العالم لم تعد ترى فيها غير دويلة آيلة للسقوط لا محالة.

جاء في الخطاب الملكي: "حان الوقت لمغرب موحد" وهذا يعني حان الوقت لاستعادة المغرب لاسمه القديم الذي كان يستعمل قبل الاحتلال الفرنسي وهو "الإمبراطورية المغربية". فرنسا دخلت احتلت الجزائر سنة 1830، وضمت أراضي مغربية واسعة إلى الجزائر، وعليه فالمغرب يطالب بالعودة إلى حدود 1930.  وهو حق تاريخي ومشروع... والمغرب ـ أكيد ـ سيستعيد أراضيه...(سنخصص مقالا خاصا عن المغرب والتسميات التي كانت تطلق عليه)

هذه العودة القوية للمغرب، هذا التحول الكبير، هذا النهوض غير المسبوق يزعج أعداء الخارج، وخونة الداخل.. فهذا أحدهم الحاقدين يعتبر الحكم الذاتي بداية لمشكلة سيواجهها المغرب  وهي الدخول في كونفدرالية التي إن لم يتم التحكم في آلياتها ستؤدي إلى الانفصال... إنها عبقرية الحاقدين والعملاء...

حبنا لهذا الوطن الرائع لا يعني سكوتنا عن المعاناة التي يعانيها أبناءه الطيبين من قروش المال والإعلام. الأمراض التي يعاني منها المغاربة توجد في كل أنحاء العالم بنسب متفاوتة... ونعرف أنه في الحرب لا توجد أخلاق وإنما هناك نصر أو هزيمة... ولا يهم عدد القتلى ولا عدد المذابح الجماعية... وفي السياسة لا أحد يكذب علينا ويعلمنا أن في السياسة أخلاق... إما أن تنتصر أمام منافسك أو تنهزم... والنصر والهزيمة ترتبطان بحيثيات كثيرة (لنا عودة للموضوع)                        

من جانبنا نحن نحب اباتنا هذا الوطن ، وسنحميه بكتفحسب.لن ندافع عن أحد لأني مؤمن بأن كل شخص وكل مؤسسة في هذا البلد قادرة على الدفاع عن نفسها.

 

الجمعة، 31 أكتوبر 2025

يوميات: أوراق مبعثرة من حياة رجل عابر. (الجزء الأول: الحلقة:23)


الدار البيضاء: الاثنين 12/03/1985

 أعود من جديد إلى مدينة الدار البيضاء التي قضيت فيها طفولتي ومراهقتي لألتحق بالمدرسة العليا للأساتذة بعد اجتياز مباراة ولوج المركز الجهوي لتكوين أساتذة السلك الثاني. يعود الماضي بحمولته الثقيلة.

عندما دخلت هذه المدينة في بداية السبعينات، قادما إليها من بلدة صغيرة برفقة والدي لم أكن أحمل غير كيس يحوي ثيابا ودفاتر، وأغطية منسوجة يدويا... وها أنا أعود إليها من جديد بعد أربع سنوات من الدراسة الجامعية بمدينة مراكش. أحمل حقيبة شاخت معي، تحوي كتبا، وملابس رافقتني طوال الدراسة الجامعية، والقليل من النقود حصلت عليها بصعوبة بوعد تسديدها فيما بعد. استقر بي المقام في بيت أختي الذي احتضني منذ البداية، انطلقت الدراسة، وانطلقت رحلة العذاب بين المركز والبيت والحافلات...

الدار البيضاء: السبت 17/03/1985

التقيت الصديقة "ز". كنا على موعد لزيارة المكتبة البلدية. استعرت كتاب: "دينامية الجماعة" للكاتب "جان ميزونوف" في حين استعارت كتاب "في معرفة النص" للكاتبة "يمنى العيد". الفضاء هادئ ومريح، استغرقنا في القراءة، وقلما نتبادل الكلام... غادرنا المكتبة قبل وقت إغلاقها بنصف ساعة تقريبا، قمنا بجولة في شارع الجيش الملكي، وكانت فرصة لمناقشة ما قرأناه، والحديث عن بحث تخرجها من الجامعة، كلية الآداب والعلوم الإنسانية. توجهنا إلى ساحة لاكونكورد، ركبنا الحافلة رقم 33 التي ستوصلنا إلى الحي. كنا نمسك بنفس العريضة الأفقية لنحافظ على توازننا، كانت الحافلة مزدحمة وكنا قريبين من بعضنا البعض، بقينا صامتين، طيلة الرحلة... عندما لم تبق من نهاية الخط غير محطة واحدة غادرنا الحافلة، ومشينا أمتارا قليلة، وقبل أن أودعها على مشارف الزقاق الذي تقطن فيه أسرتها قلت لها:

- "يوم واحد فقط وستتوقف جامعتكم عن العمل، وأستمر في هذه الرحلة المتعبة والمملة لوحدي."

- " نعم... "

- " أعتذر... كنت قاسيا معك في بعض الأحيان.."

- "أبدا... أعتقد أني أنا من يسيء إليك.."

كانت تتكلم بهدوء وحذر... اقترحت عليها:

- "لماذا لا نلتقي غدا، ونشاهد شريطا سينمائيا معا...؟

الدار البيضاء: مارس 1995                   

في مقصف المركز الجهوي الذي أتابع فيه دراستي اقتربت مني ولم أتردد في عزمها على فنجان قهوة، ولم ترفض. اسمها "ح" في سنتها الأخيرة من التكوين شعبة الفيزياء. اقترحت عليها أن نقوم بجولة في المدينة وسألتني: "هل لديك شقة؟". أجبتها: "أنا اسكن مع عائلتي. ربما سأستأجر شقة في القريب العاجل". تبادلنا بعض الجمل بالأمازيغية، دخل أحد الأصدقاء إلى المقصف، وكانت فرصة لأتخلص منها.  على الأقل في هذه اللحظة.

بلدة الطين: 03/06/1985

فور سماعها بعودتي حضرت الصديقة والجارة "م" لزيارتي. ولأن باب المنزل مفتوح دائما على عادة منازل القرى، لم تكن في حاجة لتطرق الباب. دخلت وخاطبتني كالعادة ضاحكة: "أهلا الولي الصالح" ـ تحب أن تناديني بالولي الصالح، لأني لا أحتل غرفة في البيت ولا أسمح لأحد بدخولها، نهضت لاستقبالها بحفاوة. جلستْ على حافة السرير، نظرت إلي بحزن، وافتر ثغرها عن ابتسامة ماكرة: "لا أستطيع أو أتخيل العيش بدون وجودك في حياتي. أنا خائفة ومرتبكة، لقد أخبرتني والدتي بأنها وجدت لي زوجا، وعلي أن أقبل به... هل أقبل أم لك رأي آخر؟"

" – أحبك، ولكن ظروفي لا تسمح لي بالزواج أو الطلاق..."

ألقت بجسدها بين أحضاني، وسمعت نشيجا، ضممتها إلى صدري، رفعت رأسي إلى أعلى الغرفة، السقف المنسوج بالقصب والقش أعطى اكثر من إشارة على اقتراب انهياره.

مدينة زاوية الشيخ: 20/08/1985:

أنا في حاجة لحياة هادئة، أن أراقب شروق الشمس وغيابها في الأفق البعيد الحابل بالأسرار والمفاجآت... وأنا صغير، كنت أتساءل وأنا أصعد الجبل المتاخم لمنزلنا في دوار "أيت مولي": "ترى ماذا يخفي ذاك الخط الممتد على طول الأفق؟"

أريد أن أفكر بهدوء، أن أنسى التي اختطفتني من حضن الكتابة، وجعلتني أدور حول نفسي في دوامة جوفاء بلا منتهى.

مدينة تادلة: 20/11/1992

ازدان بيتي بطفلي الأول. وسميته محسن. ولد بعد عملية قيصرية بالمستشفى الإقليمي بمدينة بني ملال. هو يوم لا يشبه بقية الأيام. أكيد سيحدث تغييرا جوهريا في حياتي. قطيعة بين الماضي والحاضر وتوجه نحو المستقبل.

بلدة الطين: 09/01/2004

يرسم هذا المساء البارد حولي مدارات دافئة... ينتشلني من صخب الناس، يلفني بعباءته البنفسجية، يحكي لي حكايات الأزمنة التي ولّت، والأزمنة الآتية، أرهف السمع مثل وليد تهدهده فتاة عذراء، يجهد شفتيه لتمتص حليبا مستحيلا من نهدها. أتعبه مص الحلمة فأشاح بوجهه.

يرحل بي المساء بعيدا، يسفرني للمدن المنسية والأدغال المطمورة في الذاكرة. أحفر متوغلا، ربما أجد بقايا آثار نسيتها معاول الهدم.. فجحافل الزمن مرت من  هنا وخلفت رمادها متناثرا على طول المسالك.

ويهمس لي المساء وأنا مستلق تظللني أغصان شجرة اللوز، وعرش شجيرة زيتون برية، تتمايل الأغصان بفعل هبات نسائم ربيعية، تتراقص، كأنها تدعوا العابرين إليها، معلنة حضورها الأزلي فوق ربوة تسيطر عليها نبتة الزقوم.

ألج فضاء هذا المساء عندما فتح لي بابه على الأحلام الجميلة، أدخله بقلب متوهج يفيض ضوء ونورا، أدخله متوشحا فرحي وحزني، أمضي باحثا عن صبوات العشق المستحيل، لا شيء يوقف شهوتي لمعانقة ما يتكرم به ن صور يعبق سحرا وبهاء وروعة، صور، تنتشلني من زمن القبح، والزمن الرقيع.

ينحدر المساء ببطء في اتجاه مهاوي الظل. يعُدّ ما تبقى من أشعةٍ في الأفق، وكأني به يجمعها حطبا ليوقد به نارا تدفئنا عندما تغيب الشمس في هذا المساء الربيعي، هذا الفضاء الذي لا يحاورك إلا بلغة الطبيعة، لغة البراءة والجمال.

تحت شجيرة اللوز، وشجيرة الزيتون البري، وروائح الأزهار العطرة، والنسيم العليل المشبع بالحب والخير والعطاء، أعيد فتح سفر العمري، ما مضى وما تبقى، ترحل بي الذاكرة إلى أزمنة بعضها أليف، وبعضها غريب... أزمنة يسكنها العشق والجمال...

في عزلة الصوفي نسيت تخلصت من أشياء الحياة والناس، الصغيرة والكبيرة. عانقت سحر المساء بقلب مشرق، اعتليت الخيال، عرش مملكتي المزهرة، الفائضة بالسلم والأمان. تجولت في رحابها السعيدة بعد أن أديت الأمانة نحوها، فبالعشق استطعت أن أجعلها  تنعم بالحرية، والسعادة والطمأنينة.

لا متعة تضاهي متعة التخلص من حب التملك واحتفار ما هو مادي زائل. في الحياة متع مخفية، وحده من يملك رهافة الحس، وبياض القلب يستطيع حدسها وإدراكها. عندما يتحقق التواصل العميق والصافي بين الذات والكون في بعده غير المرئي والخفي تأتي الحقيقة مشرقة، محملة بعبق عطر لا شبيه له.

هكذا أدخل عزلتي، هذا المساء الربيعي المفعم بالخضرة، وألحان الطير، وروائح الأزهار والعشب، تحت ظل شجيرة اللوز، وشجيرة الزيتون البري، أنصت للبر والبحر، للماء والصخر... لهمس جزئيات الحياة، وصخب كليات الكون، للظاهر من العالم، وللباطن منه...

بلدة الطين: بدون تاريخ

القصيدة مثل السحابة

أمسك بها سوداء كالمداد

فتخضر في كفي.

يتبع

الثلاثاء، 28 أكتوبر 2025

بلدة الطين ( ابزو) 28/10/2025: والاستجابة لمطالب القبيلة



 بدأت الإصلاحات في الطريق التي تربط بين مركز ابزو، ودوار تكونت (قلعة ابزو) التي طالب السكان بإصلاحها في وقفة احتجاجية سابقة. هذه الاستجابة السريعة لمطالب القبيلة من قبل المسؤولين تستحق الشكر والتثمين. في انتظار انتهاء الأشغال.


الخميس، 23 أكتوبر 2025

يوميات: أوراق مبعثرة من حياة رجل عابر. (الجزء الأول: الحلقة:22)

الرباط: 26/05/2000

على مقربة من محطة القطار بالرباط التقيت صدفة الصديق الشاعر والإعلامي العراقي المقيم بالمغرب "ف. عبد المجيد" صدفة. كان في طريقه إلى مقر جريدة الميثاق الوطني التي يعمل فيها محررا للصفحة الثقافية، نحن معا على موعد مع الشاعر "ح. ب" في مقر الجريدة لحضور حفل توقيع ديوانه الأول بنادي الأسرة التابع لمحمد الخامس بالرباط...

مدينة الرباط: 27/05/2000

وجدت الصديق "ف. عبد المجيد" في انتظاري بمقر جريدة الميثاق الوطني، ناولته قصاصة تتضمن خبر تأسيس بيت الشعر بثانوية الوحدة ببلدة الطين لينشر الخبر. وبعدها مباشرة التحقنا بنادي بيت الأسرة التابع لمسرح محمد الخامس... للمشاركة في حفل توقيع ديوان شاعر في بطن الحوت ل "ح. ب". ألقيت مداخلتي حول الديوان تحت عنوان: "الحقول الدلالية والمعجمية في ديوان شاعر في بطن الحوت..."، كما شارك الشاعر "ف. عبد المجيد"، والشاعرة "أ. س" بقراءات شعرية. وتزين الحفل بحضور الشاعرة الرائعة والطيبة "ض. ك"...

( وأنا أعيد قراءة هذه الورقة لنشرها، وقد مر عليها 25 سنة، تذكرت الأخ الأديب "أحمد جواد" الذي كان يدير نادي بيت الأسرة التابع لمسرح محمد الخامس، وهو من نسق اللقاء، وكان في استقبالنا.. تذكرت نهايته المأساوية أمام مقر وزارة الثقافة بالرباط بعد أن أضرم النار في جسده احتجاجا على ما يسميه بالظلم التي تعرض له من قبل المسؤولين. تم الأمر وانتهى صباح يوم 27 مارس 2023. رحمة الله عليه، لم يكن يستحق هذه النهاية...)

مدينة بني ملال (عين أسردون): 04/06/2000

كنت هذا الصباح على موعد مع الطالبة "ص" التي عبرت عن رغبتها في الاشتغال على تجربتي الشعرية. التقينا بالقرب من الكلية. "ص" طالبة جميلة وذكية، ومبدعة. فتحتْ باب السيارة، وألقت بجسدها الرياضي على المقعد. في مقهى "عين أسردون" تحدثنا عن تجربتي الأدبية، والشعر، والقصة، والفن عموما... أخرجت من حقيبتها قصة وشرعت في قراءتها. أستمتع بصوتها النقي، والتأمل في وجهها الصبوح والطفولي... لم أتمالك نفسي، فقاطعتها معبرا عن إعجابي:

ـ "كم هي جميلة ابتساماتك."

أجابت مبتسمة:

- " سأظل أبتسم لك طيلة النهار."

وانخرطنا في ضحكة جنونية... وتابعت القراءة... عند غروب الشمس، كانت تغني لي مقاطع جميلة من أغاني الزمن الجميل لجاك ابريل، ومقاطع شعرية لنزار... كانت اللحظة بداية لتأسيس مشروع ثقافي يتعلق ببحث التخرج...

مدينة أزيلال (شلالات أوزود):  05/06/2000

أجلس على صخرة ناعمة مقابلة ل"شلالات أوزود". القردة تنط بجانبي باحتثا عن الطعام، كنت حذرا حتى لا تسرق لي أوراقي... أستمتع وأنتشي بمشهد طبيعي أعادني إلى أحضان الطبيعة الأم، لأولد منه من جديد طفلا يرضع الذكريات والأشعار... انغمست في الجمال متأملا، أنا هنا لأغسل النفس والروح من الأدران التي علقت بهما من طول الانغماس في علاقات اجتماعية موبوءة وأعيد  لهما الصفاء والنقاء والبهاء...

"شلالات أوزود" بأزيلال، ذكرتني ب ّشلالات عين أسردون" ببني ملال التي احتضنتني بالأمس... أن لست  وحدي هنا، بل يحضر معي طيف "ص"... تذكرت: "عندما افترقنا، فتحت باب السيارة، لوحت بكفها، ابتسمت ابتسامتها الأخيرة المعطرة بالود، تابعتها من خلال النافذة النصف مفتوحة، ورأيتها تقطع الطريق، محتقبة دفاترها، ومحفظتها السوداء... تمشي بخطى وئيدةقبل أن تختفي في الزقاق الذي يؤدي إلى غرفتها..."

بلدة الطين. الاثنين: 19/07/2000

نسيم الصباح يدعم استيقاظي المتعثر. الساعة تشير إلى الخامسة. أنا في ما يسمى بالمحطة ببلدة الطين أنتظر الحافلة التي ستنقلني إلى مدينة الدار البيضاء... وجد بعض الركاب الذين ينتظرون أيضا. حضرت الحافلة  متأخرة عن موعدها المعتاد (الرابعة والنصف صباحا)، ألقيت بجسدي المتعب في المقعد المهترئ، أديت ثمن التذكرة، وما هي إلا لحظات حتى استغرقت في النوم. كان نوما متقطعا.. ولكني لم أغادر الحافلة كعادتي للتدخين أو لتناول كأس شاي عندما تتوقف الحافلة في محطة "البروج".

وصلت الحافلة إلى المدينة، وأفرغت ما في جوفها من المسافرين القادمين من جبال الأطلس المتوسط، سحنهم تعكس قسوة الجغرافية التي تحضنهم. دخلت أول مقهى أصادفها، أنا في حاجة إلى فنجان قهوة وتدخين سيجارة.. بعد أن استيقظت، واستعدت نشاطي وحيويتي، قررت زيارة أختي ب"حي البرنوصي" قبل مواصلة السفر إلى الرباط التي حللت بها على الساعة السادسة مساء. وكان صديقي وزميلي في الثانوية، وشريكي في أعمال مسرحية "ع.ج" في استقبالي. إنه مشغول بإعداد حفل عقيقة ابنه الذي دعا إليه بعض معارفه.

مدينة سلا: 20/07/2000

فتحت عيني ورأيت وجها ودودا وجميلا ومألوفا. إنها الشاعرة "ك.ظ" التي حضرت مبكرا لحضور الحفلة تلبية لدعوتي. تناولنا وجبة الفطور معا، ثم قصدنا شاطئ سيدي موسى بسلا، جلسنا على الصخور، وقرأت لي بعض أشعارها. كانت عيوننا متجهة نحو البحر المحيط، وقلوبنا تنبض بالشعر... والنتيجة، قصيدة مشتركة نشرت في جريدة "الميثاق الوطتي"... كانت لحظة جميلة استعدنا فيها ذكريات جمعتنا في ملتقيات شعرية كثيرة، وبمدن متنوعةكالرباك وفاس ومكناس... كم أنت رائعة وطيبة أيتها الشاعرة الودودة...

 الدار البيضاء: الأحد 16/12/1984

 استيقظت متأخرا، سألت عن والدتي التي حضرت لزيارة أختي الكبرى التي أخبرتني أنها سافرت مع أختي الصغرى إلى مدينة مراكش لتجري عملية جراحية لعينها اليمنى. فاجأني سفرها وحزّ في نفسي أني لم أعانقها قبل السفر. وأنا أمام الباب، رأيت صديقين من البلدة يعملان في القوات المسلحة الملكي،  جاءا من "حي بورنازيل" حيث التكنة العسكرية، إلى "حي البرنوصي" في زيارة غير مرتبة. دعوتهما للدخول إلى البيت لكنهما اعتذرا... ركبنا الحافلة رقم 33، وصلنا إلى وسط المدينة، دخلنا حانة "بريستون"، شربنا الجعة، وتجولنا في المدينة، تحدثنا كثيرا عن بلدة الطين... وافترقنا  عند محطة الحافلات...

بلدة الطين: 27/02/1984

وصلت إلى البلدة قادما من مدينة الدار البيضاء لا أحد في المنزل غير والدتي التي عادت بالأمس من مراكش بعد إجراء العملية الجراحية على عينها اليمنى. سأقضي العطلة في البلدة، كان من المنتظر أن أجد صديقتي "ف" في انتظاري، لكن عندما سألت عنها أحد صديقاتها أخبرتني أنها سافرت منذ أسبوع...

يتبع

من أقوال صاحبي:



 هل سيهزم المغرب إسبانيا والبرتغال في مباريات كأس العالم كما هزم المغاربة  "السبنيول" و "البرتقيز" في معركة واد المخازن؟ الله أعلم."

الاثنين، 20 أكتوبر 2025

بين الشيلي وتاكونت وأيت مولي

 


فوزنا بكأس العالم للشباب والحمد لله. وهو إنجاز غير مسبوق في تاريخ كرة القدم المغربية، إنجاز نستخلص منه الدروس والعبر.. وتأكد ما نقوله ونردده بأن المغرب بلد استثنائي بكل ما تحمله الكلمة من دلالة، وسندافع عنه ضد كل الخونة والأعداء...

 ولكن للأسف فرحتي، وفرحة قبيلتي لم تكتمل، ففي الوقت الذي كان المغاربة يترقبون مباراة التتويج بالكأس، كنا أبناء قبيلة تكونت، رجال ونساء وأطفال نحتج خوفا على أرواحنا من الخطر الذي يتربص بها.

كان من المنتظر أن يتم إصلاح الطريق الرابطة بين دوار تكونت ومركز ابزو ولكن ما حصل هو أنه تم إصلاح جزء، وتخريب جزء آخر كانت الجهة التي تبنت المشروع تعتزم بناؤه، لكن الأشغال توقفت، وأصبح المرور في هذا المقطع الطرقي خطير جدا... مما يستدعي إغلاق الطريق نهائيا قبل وقوع الكارثة... وهنا يتساءل أبناء القبيلة عن الجهة التي تتحمل المسؤولية في حالة وقوع كارثة...

الإصلاحات التي دامت حوالي سنة أسفرت عن بناء جدارين عجيبين لدعم الطريق، طريقة البناء تعطينا نظرة مختصرة عن طبيعة العقلية التي تكلفت بالمشروع، والعقلية التي سلمت المشروع وراقبته حتى وصل إلى هذه الحالة الكارثية.

الصورة ألأولى: "الإصلاحات" التي أنجزت.

الصورة الثانية: إزالة الستار الداعم لحفر هوة بعلو 30 مترا تقريبا عن الطريق غير المحمية بحواجز.

السبت، 18 أكتوبر 2025

وقفة احتجاجية تضامنا مع قبيلتي

 

اتصل بي اليوم: 18/10/2025 أبناء قبيلتي لأنظم إليهم في الوقفة الاحتجاجية التي قمنا بها اليوم بسبب توقف الأشغال التي كان من المنتظر منها أن تصلح الطريق المؤدية إلى دوار تكونت، قلعة ابزو لفك العزلة على الدوار. قبيلتي لا تطلب شيئا مستحيلا رغم حاجياتها الكثير، تطلب فقط إصلاح ما يقارب 100متر من طريق مهترئ أصبح يشكل خطرا على مستعمليه... نتمنى أن يجد صوت القبيلة آذانا صاغية...



الجمعة، 17 أكتوبر 2025

الجزء الثاني: كيف واجه المخزن أعداءه؟ المغرب بلد استثنائي الحلقة: 06.(الجزء الثاني)

 


مرّ المخزن منذ أن رسخت أقدامه في المغرب كنظام متميز يلائم العقلية المغربية، ويساير التطورات العالمية في مجال أنظمة الحكم وتدبير السلطة بأزمات عظيمة كانت كفيلة أن تنسفه، وتدمره، وتغير وجه الحكم في البلاد كما حصل في دول عدة من المعمور. "ثورة فرنسا"، "الثورة البولشيفية" "النازية"... ولكن المخزن ظل كالفنيق يبعث من رماده ويمارس جدلية الحياة والموت بشكل رائع ومبدع... إنه المخزن النظام السحري العجيب؟ تأملوا تاريخه فحسب لتكتشفوا هذه الحقيقة وحقائق أخرى ستدهشكم...
 تحدثنا في الحلقة السابقة عن أسلوب المخزن في مواجهة أعداءه، وسنعمل في هذه الحلقة على سرد أهم الأزمات السياسية التي عاشها المخزن وتمكن من تجاوزها والخروج منها سالما غانما "يتبورد" وهي عبارة عن نماذج منتقاة من التاريخ المغربي الحديث والمعاصر بهذف التنوير والتوعية.

1. شكل المغرب ونظامه المخزني محور أزمتين دوليتين عُرفتا باسم "الأزمات المغربية":

1/1. الأزمة المغربية الأولى: 1905: في البداية، اهتمت ثلاث دول باستعمار المغرب وهي ألمانيا وفرنسا وإسبانيا. بعد انعقاد مؤتمر الجزيرة الخضراء عام 1906م تم تقرير مصير المغرب كمستعمرة أوروبية.

1/2. الأزمة المغربية الثانية: 1911 أزمة أغادير: حصلت نتيجة المنافسة الألمانية لفرنسا حول المغرب، فأرسلت ألمانيا زورق المدفعية إلى سواحل أكادير وهددت بقصفه المدينة إن لم تنسحب فرنسا من المغرب. انتهت الأزمة بعقد صفقة حصلت ألمانيا بموجبها على جزء من الكونغو، وفي المقابل تخليها عن المغرب لكل من فرنسا وإسبانيا.

2. الأزمة المغربية الثالثة: انتفاضة مارس 1965: بدأت شرارتها الأولى مع الاحتجاجات الطلابية بمدينة الدار البيضاء، ثم تمددت لتعم مجمل الأحياء الفقيرة والطبقة المهمشة من السكان. بحسب إحصائيات الصحافة الأجنبية والاتحاد الوطني للقوات الشعبية بلغ عدد الضحايا أثر من ألف شخص.

2/2. سردية الأحداث

1. 22 آذار/مارس من عام 1965:  تجمع آلاف ما يقرب من 15000 من الطلاب في مباراة كرة القدم في مدرسة محمد الخامس في الدار البيضاء.
2. 23 مارس:  اجتمع الطلاب مرة أخرى في ملعب مدرسة محمد-الخامس، وسرعان ما انضمت إليهم عائلاتهم، والمعطلين، وسكان أحياء الصفيح فبدأت عملية النهب والتخريب.. وطالبوا بإسقاط الملكية.
3. تدخل الجيش والشرطة: تم إنزال الدبابات وبدأت عملية القمع بقيادة محمد أفقير الذي لم يتردد في إطلاق النار على الحشد من طائرة هليكوبتر. استغرقت العملية يومين.

2/3. من النتائج المترتبة عن الاحتجاجات:

1. الاتحاد الوطني القوات الشعبية بقيادة المهدي بن بركة يعلن أنه سيكون بديلا عن الحسن الثاني.
2. مجموعة من الطلاب يدعمون الاتحاد الوطني لطلبة المغرب في هذا التوجه
3. تم القبض عليهم والحكم بالإعدام على أحد عشر شخص من القادة المتهمين بالتآمر ضد الملك (كلهم ينتمون لـ UNFP) بعد القبض عليهم.
4. فرار المهدي بن بركة إلى فرنسا حيث شغل هناك منصب رمزي وزعيم للمعارضة في المنفى.
5. حاول الحسن الثاني التصالح مع المعارضة حيث التقى في إفران وفد من الاتحاد الوطني للقوات الشعبية مثل عبد الرحيم بوعبيد، عبد الحميد الزموري وعبد الرحمن اليوسفي، وقد اقترحوا تشكيل الحكومة وطالبوا بنقل رسالتهم إلى المهدي بن بركة.

2/4. النتائج التي ترتبت عن فشل اللقاء بين الملك الحسن الثاني المعارضة

1. في يونيو من نفس العام، أعلن الحسن الثاني عن حالة الطوارئ التي استمرت حتى عام 1970.
2. استمر UNFP في انتقاد النظام.
3. يوم 29 أكتوبر، اختطف مهدي بن بركة واغتيل في باريس.
4. في 23 مارس ارتفعت مرة أخرى المطالبات بإسقاط النظام لكن تم القبض على العديد من الطلاب.
5. شرع أعضاء من UNFP في إنشاء منظمة ماركسية–لينينية حملت اسم منظمة 23 مارس والتي ساهمت في وقت لاحق في ارتفاع الاضرابات في عام 1983.
6. إنشاء منظمة العمل الديمقراطي الشعبي وهي أحد العناصر المؤسسي للحزب الاشتراكي الموحد.

3. الأزمة المغربية الرابعة: : 10 يوليو 1971 : محاولة انقلاب فاشلة قام بها محمد أعبابو ومحمد مدبوح ضد الحسن الثاني.

3/1. سرد الأحداث

1. في صباح يوم 10 يوليوز 1971: كان القصر الملكي بالصخيرات يحتفل بعيد ميلاد الملك الراحل الحسن الثاني، بحضور نخبة من الشخصيات السياسية والعسكرية والدبلوماسية.
2.  بداية الانقلاب: في هذه الأجواء، وصل امحمد اعبابو ومحمد المذبوح على رأس مجموعة من الجنود من مدرسة أهرمومو العسكرية لتنفيذ الانقلاب ضد الملك.
3. الوصول إلى القصر: وصل امحمد اعبابو ومحمد المذبوح مع الجنود في شاحنات عسكرية وأمروهم بإطلاق النار عشوائيا.
4. الضحايا: قتل العديد من الشخصيات العسكرية والسياسية...
5. الانشقاق: بعض الضباط امتنعوا عن إطلاق النار، وساعدوا الحاضرين على الفرار.
6. فشل الانقلاب: يفشل في العثور على الملك الحسن الثاني، لكنه قتل قبل التواصل معه.
7. صراع بين الإخوة الأعداء: مواجهة بين أعبابو والجنرال البوهالي، أدت إلى قتل الجنرال البوهالي. وطلب أعبابو من عقا إطلاق الرصاص عليه.

4. الأزمة المغربية الخامسة: 16 أغسطس 1972 : انقلاب فاشل لمحمد أوفقير ضد الحسن الثاني.
وكانت الخطة تقضي باعتراض الطائرة التي تقل الحسن الثاني -العائد من زيارة لفرنسا بعد توقف في برشلونة- في الجو وقصفها من طرف سرب طائرات مجهزة بالقنابل والقذائف. أصيبت الطائرة، لكن الملك نجا بأعجوبة وحطت بعد تمويه المهاجمين في مطار الرباط سلا. وعادت الطائرات لقصف المطار أثناء مراسيم استقبال الملك الذي كان قد فر بسيارة صغيرة إلى قصر الصخيرات. بعد انكشاف العملية وإحباطها، أعلن بلاغ رسمي انتحار الجنرال أوفقير، في اليوم نفسه (16 أغسطس/آب 1972)، بينما تواترت روايات أخرى حول قتله داخل القصر الملكي، ومنها رواية ذكرت أن الجنرال أحمد الدليمي هو من قتله بإطلاق الرصاص عليه، لتطوى بذلك صفحة حافلة في التاريخ السياسي للمغرب، وإن لم تكشف كل ألغازها بعد.

5. الأزمة المغربية السادسة: 20 يونيو 1981: "سنوات الرصاص" أو "شهداء الكوميرا" العبارة التي استهزأ بها وزير الداخلية المغربية ليصف انتفاضة1981.

5/1. أسباب الانتفاضة

1. أعلنت الحكومة المغربية فرض زيادات مرتفعة في كل المواد الأساسية: الدقيق 40%، السكر 50%، الزيت 28%، الحليب 14%، الزبدة 76%، وذلك مباشرة بعد زيادات أخرى كانت على التوالي في سنتي 1979 و 1980


5/2. ردة فعل المنتفضين

1. تتلخص مطالبهم في معارضة الزيادات التعسفية والمتتالية في السلع الاستهلاكية.
2. دعوة المكتب التنفيذي للكونفدرالية المغربية للشغل لإضراب عام احتجاجا على الزيادة في أسعار.

 5/3. الإجراءات التي اتخذتها الحكومة ضد الانتفاضة

1. شنت حملة من الاعتقالات في صفوف المناضلين النقابيين، وزجّت بهم في مخافر الشرطة لمواجهة انتفاضة 
2. استخدام الرصاص الحي وسقوط الكثير من الموتى والجرحى في صفوف المتظاهرين.
3. طوّقت قوات الجيش كل الأحياء بمدينة الدار البيضاء بالدبابات والسيارات العسكرية، ليبدأ حمّام الدم في جلّ أزقة وشوارع الدار البيضاء.

5/4. تقارير حول الانتفاضة

1. بينت التحريات فيما بعد أن الرصاص كان يستهدف الرأس والصدر والقلب.
2. وتؤكد التقارير الحقوقية أنه قد تم رمي جزء من الضحايا في حفر بشكل جماعي، في مقابر جماعية سرية، من بينها ثكنة عسكرية تابعة لرجال المطافئ المحاذية للحي المحمدي.

5/5. النتائج

1. بلغ عدد الشهداء أكثر من 1000 قتيل، الجزء الأكبر في اليومين المتتاليين ل 20 يونيو.
2. مئات الاختطافات والاعتقالات، حتى وصل عدد المعتقلين إلى حوالي 26 ألف شخص.
3. الاعتقال بدون محاكمة وفي شروط لا إنسانية مما أدى إلى موت العديد منهم
 (قتل العديد من المعتقلين في المقاطعة 46 التي أصبحت فيما بعد مقرا لعمالة سيدي البرنوصي زناتة من جراء الاكتظاظ والتعذيب.)

6. الأزمة المغربية السابعة: انتفاضة 19 يناير 1984

1. عرفت ب "انتفاضة الخبز". اندلعت  في مجموعة من المدن المغربية، وبلغت ذروتها في مدن الحسيمة والناضور وتطوان والقصر الكبير ومراكش.
2. اندلعت الأحداث في البداية عبر مظاهرات التلاميذ قبل أن تنخرط فيها شرائح اجتماعية أخرى. جاءت الاحتجاجات في سياق اقتصادي تميز ببداية تطبيق المغرب لسياسة التقويم الهيكلي.
3. تندرج انتفاضة 1984، في مسلسل الانتفاضات الاجتماعية التي عرفها المغرب خلال فترة حكم الحسن الثاني.
4. الملاحظ هو غياب الدار البيضاء عن خارطة الاحتجاجات التي تزامنت مع انعقاد القمة الإسلامية في الدار البيضاء في يناير 1984.

6/1. سردية تسلسل الحداث

17.  يناير: إضرابات ومظاهرات تلاميذية في الحسيمة والناضور، احتجاجا على الزيادة في رسوم التسجيل.
19. يناير: التدخل الأمني لإنهاء الإضرابات يؤدي إلى اتساع المظاهرات خارج أسوار المؤسسات التعليمية لتشمل فئات اجتماعية أخرى (عمال، عاطلون)؛ في الناضور قدر المشاركون ب 12000 متظاهر، واستخدمت قوات الجيش والأمن الرصاص الحي لتفريقهم.
21. يناير: جريدة تلغرام مليلية (El Telegrama de Melilla) تقدر عدد القتلى بالناظور في 40
22. يناير: خطاب تلفزي، حاد، للملك الحسن الثاني، تميز بعنفه اللفظي تجاه ساكنة شمال المغرب (وصفهم بالأوباش)، و تفسيره للأحداث كمؤامرة خارجية لتقويض قمة المؤتمر الإسلامي.
23. يناير: جريدة تيليغرام مليلية تنشر صورا لمروحية تطلق الرصاص على المحتجين في الناضور.
24. يناير: الوزير الأول محمد كريم العمراني يحصر الحصيلة الرسمية للأحداث في 29 قتيلا و 114 جريحا؛ توزيع الحصيلة الرسمية على المدن كان كما يلي: الناضور (16 قتيلا و 37 جريحا)، تطوان (9 قتلى و 72 جريحا)، الحسيمة (4 قتلى و 4 جرحى). جريدة إلبيريوديكو دي كاتالونيا تقدر عدد القتلى على المستوى الوطني في 400 قتيل.
25. يناير إلى غاية 2 فبراير: فرض حظر التجول في مدن الاحتجاج.
في 22 يناير: ألقى الحسن الثاني خطابا، طبع الذاكرة السياسية المغربية للغته الحادة واستعماله اللهجة الدارجة.
تحميله مسؤولية اندلاع الأحداث لثلاثة أطراف: منظمة إلى الأمام الماركسية اللينينية و النظام الإيراني و المخابرات الإسرائيلية.

6/2.  النتيجة:  هو خروج المخزن سالما غانما منتصرا لأن الذين دعوا للانتفاضة كانوا يجهلون أن المخزن لا يستطيع أن يختفي من الساحة السياسية المغربية.... وكأن المخزن هو قدر المغرب  الذي لا محيد عنه.

يتبع بالحلقة الثالثة


الخميس، 16 أكتوبر 2025

يوميات: أوراق مبعثرة من حياة رجل عابر. (الجزء الأول: الحلقة:21)


مدينة خنيفرة: 07/01/2000

قررت هذا الصباح أن أزور معرض الكتاب الجهوي الذي نظمته جمعية محلية. قمت بجولة طفيفة بين الأروقة. وأنا أتصفح المجلات والكتب... صادفت كتابا صغير الحجم لصحفي فرنسي عاش في المدينة لفترة محدودة إبان مرحلة الاحتلال الفرنسي. يتحدث الكتيّب عن مقاومة محا أوحموا الزياني للفرنسيين في المنطقة، انغمست فورا في قراءة الفصل الأول الذي خصصه الكاتب للحديث عن المدينة. يقول مفسرا اسم المدينة وقدم تفسيرين:

1. التفسير الأول: "خنيفرة" مشتقة من "خنفر"، وتعني السطو والإغارة. فقد كانت المدينة في بداية نشأتها تتعرض لإغارة اللصوص وقطاع الطرق الذين ينهبون ويهربون إلى أزغار (الأراضي المنبسطة). ومع مرور الوقت، تحولت هذه اللفظة إلى خنيفرة.

2. التفسير الثاني: اسم المدينة مشتق من اسم امرأة تسمى "اخنيفرة" كانت تسكن بجوار القنطرة التي بناها المولى إسماعيل على نهر أم الربيع."

أعدت الكتاب إلى مكانه على الرف، وتابعت الجولة. واقتنيت كتاب  "الشعر والشعراء لابن قتيبة في جزئيين"، وغادرت المعرض. زرت القنطرة القديمة، ثم دخلت المسجد القديم الذي بني في عهد السلطان المولى إسماعيل... 

بلدة الطين: (محطة واد العبيد). 29/06/1999

وأنا أسوق سيارتي في طريق العودة من مدينة أفورار، بعد حضوري لمتابعة تدارب مسرحية "سيزيف بين الحاضرة والريف"، وهي من تأليفي وإخراج صديقي الأستاذ "ج" وتفضلت جمعية الانطلاقة بتبنيها. أوقفتني شابة في العشرينات... قبل أن أتوقف فكرت: "ماذا لو كانت جزء من عصابةن أنت تكون طعم مثلا؟". ومع ذلك قررت التوقف. فتحت الباب... بعد حوار قصير، صعدت إلى السيارة... لقد اتخذت قرار إيصالها إلى دوار يوجد على مسافة عشرين دقيقة. 

ترتدي جلبابا بنفسجيا، وتنتعل حداء عاليا، شعر مكشوف مسترسل يميل  إلى الحمرة، وجه مستدير يميل للسمرة، عينان سوداوان، حاجبان دقيقان، أصابع دقيق... سألتها عن اسم الدوار الذي تقصده. أجابت: "دوار السمش". خيم صمت ثقيل بيننا، ثم استرسلنا في الحديث، والحديث ذو شجون. وعندما أخبرتها أني قادم من مدينة أفورار، سردت لي قصتها التي ألخصها كالتالي:  قضت يومها في المدينة لترفع دعوى ضد أخيها الذي استولى على منزل العائلة بعد وفاة والدهم، وشردهم... فيما يخص مهنتها فهي تكسب قوت يومها في المتجارة بالبضائع المهربة، تشتريها من مدينة الناضور وتعيد بيعها في مدينة بني ملال، وتادلة وأزيلال وغيرها من المدن... وأخبرتني أيضا أن زاوية سيدي علي بن إبراهيم القريبة من مدينة أفورار وبلدة الطين، ستقيم موسمها السنوي يوم، وهي مستعدة لاستضافتي... 

كان السفر معها مريحا، والحديث معها ممتعا حقا. وصلنا إلى "دوار الشمس". توقفت، فتحت لها الباب... افترقنا على أمل أن نلتقي يوما ما... نزلت بهدوء، تابعتها وهي تقطع الطريق المعبد وتمشي في الطريق الترابي... 

بلدة الطين: 19/06/1999:

 مساء صيفي جميل، أتجول رفقة عزلتي. أصداء موال أمازيغي يكسر الهدوء والصمت، موال أشعلني حنينا، وذكريات أزمنة بعيدة، كما أحبت في أعماقي شعورا طالما تجاهلته، إنه الإحساس بالهوية وبالانتماء الأمازيغي، الإحساس والشعور الذي عبرت عنه مسرحيتي الجديدة التي أشرفت على النهاية "تاخزانت" (الخيمة) والتي من المنتظر أن تتبناها جمعية آفاق ببلدة الطين.

بلدة الطين: 04/07/1999

ثلاثة أحداث عشتها هذا اليوم:

* زفاف ابنة صديق

* ولادة بنت لصديق

* وفاة مفاجئ لجاري.

بلدة الطين: 02/05/2000

زيارة الروائي المغربي محمد برادة لثانوية الوحدة في إطار لقاء تواصلي مع تلاميذ السنة الثانية آداب عصرية، وحضر برفقته الكاتب المغربي إدموند عمران المليح، وأدباء آخرين، وساهمت في هذا اللقاء بمداخلة تحت عنوان: "أيهما العبد؟ أيهما السيد؟ صراع الراوي والناقد في رواية لعبة النسيان."،

كان اللقاء متميزا.. فقد أتاح للتلاميذ فرصة الالتقاء مباشرة مع مؤلف رواية مقررة في المنهاج الدراسي  ويحاوروه، ويكتشفوا الجانب الخفي من العملية الإبداعية عموما، وفي لعبة النسيان خصوصا... وفي حوار هامشي مع  إدموند عمران المليح أخبرني أنه زار بادة الطين مرتين بمناسبة الموسم السنوي الذي يقام بضريح سيدي مول البرج، أو سيد المخفي...

مدينة الدار البيضاء: 25/05/2000

في طريقي إلى مدينة الرباط، للمشاركة في حفل توقيع ديوان "شاعر في بطم الحون" للشاعر "عبد السلام. ح." اغتنمت الفرصة لأزور أختي بحي البرنوصي الذي قضيته فيه طفولتي ومراهقتي وجزء غير يسير من شبابي..

 غادرت قرية الطين بعد حصولي على الشهادة الابتدائية في بداية السبعينات، ولم أغادر الحي إلا في الثمانينات بعد حصولي على شهادة الباكالوريا لأتابع دراستي بجامعة القاضي عياض بمدينة مراكش.

وأنا أمر بجوار ثانوية المختار السوسي، وأنا أعبر الشارع الرئيسي، وأنا أتأمل العمارة 43. التي كان لنا بها مسكنا وأصدقاء... تلوح لي أطياف وجوه كنت ألتقيها كل يوم، كنا نتقاسم كل شيء ونتساركها: الملابس، الجائر، السندويتشات... أذكر المصطفيان وكنت ثالثهم، حسن، إبراهيم... كنا نعشق فتاة واحدة... لقد تغير المكان، ومر الزمان، وغمرني شوق وحنين وحزن الافتقاد...

 تجولت في الحي، لقد تغيرت معالمه كثيرا، ولكن أحاسيسي اتجاهه لم  يتغير... توازي في حجمها شعوري نحو بلدة الطين...


يتبع

We Are Still Here Don't Worry be happy