
تاريخ التراويح
يعتبر الخليفة "عمر بن الخطاب" (ت: 23 هـ / 645 م) أول من شرع إقامة صلاة التراويح. وهذه الصلاة لم تكن موجودة في عهد الرسول (ص) وإنما هي بدعة مستحدثة، ولكنها ـ في نظر الكثير من الفقهاء والأئمة بدعة مستحبة.
وجاء في كتاب "روضة الناضر" لأبو محمد بن الشحنة بأن "عمر" : هو أول مَن نهى عن بيعِ أُمهات الأولاد، وجمع الناس على أربع تكبيرات في صلاة الجنائز، وأول مَن جمع الناس على إمام يصلي بهم التراويحَ .. ".
وحدد لنا الإمام الطبري (ت 310هـ/922م) تاريخَ صدور أمْر عمر بجمع الناس لصلاة التراويح فقال -في تاريخه- إنه كان في سنة 14هـ/636م "وكتب بذلك إلى البلدان وأمرهم به".
كانت صلاة التراويح تقام في البيوت، لكن الخليفة عمر ارتأى أن تكون صلاة جماعية، وتقام في المساجد، والهدف هو أن يجمع الناس على قارئ واحد. وأضحت سنة حسنة، عمت بلاد المسلمين، ودأب عليها أغلبية المسلمين.
ومن الطقوس المرتبطة بصلاة التراويح هو تعليق المصابيح في المساجد، وإيقاد الشموع، وإضفاء ألوان الزينة على المساجد لخلق أجواء البهجة والفرح على ليالي رمضان.
جمع عمر بن الخطاب المسلمين على قارئ واحد بغية الاجتماع والأنس والتآلف، ثم أتى زمن كانت فيه التراويح أسببا في الفرقة والتعصب المذهبي والعقدي.
أما الأسباب التي حدت بالخليفة عمر على إقامة التراويح فنجدها في صحيح البخاري وغيره من كتب الأئمة والحديث. خرج الخليفة الفاروق " ليلةً في رمضان إلى المسجد فإذا الناس أوزاع (جماعات متفرقة)، يصلي الرجل لنفسه ويصلي الرجل فيصلي بصلاته الرهط (الجماعة)، فقال عمر: "إني أرى لو جمعتُ هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل"، ثم عَزَم فجمعهم على أبَيِّ بن كعب (ت 22هـ/644م" فصلّى بهم." وخصص عمر قارئا للصلاة بالرجال، وآخر للنساء. لكن أمهات المؤمنين لم يشاركن في صلاة التراويح."
![]() |
صلاة التراويح بالمملكة العربية السعودية |
إمامة الصبيان للتراويح
ولم تقتصر إمامة صلاة التراويح على الرجال فقط، بل كان الصبيان يقومون بإمامة الناس. هذا ما أشار إليه العديد من الرحالة كابن جبير (ت 614هـ/1217م) الذي شاهد إمامة الصبيان في الحرم المكي.
كان من عادات أهل الحجاز عموما ومصر وعدد من البلدان الاسلامية تشجيع الأطفال على إمامة التراويح، بشرط إتمام أحدهم حفظ القرآن وإكماله اثنتي عشرة سنة ليكون بذلك أهلا لتولي إمامة الصلاة النافلة.
حكم التراويح
وقد استقرّ حكم التراويح الفقهي -عند علماء أهل السُّنة- على أنها "سُنّة" لا "فَرْض"، وساقوها مثالا نموذجيا على "البدعة الحسنة" شرعا.
الشيعة يرونها بدعة
يرى الشيعة بأن صلاة التراويح هي "بدعة عمرية" وأفتت الفرقة النظامية من المعتزلة بتحريم صلاة التراويح واعتبروه غير جائزة، باستثناء بعض أئمة الفرقة الزيدية.
![]() |
صلاة التواويح بالمملكة المغربية |
لكن خلَفـَه الحاكم بأمر الله (ت بعد 411هـ/1021م) سمح بإقامتها مؤقتا ثم منعها عشر سنوات حتى كانت عقوبة من يصليها الإعدام، فقد قال المقريزي في "اتعاظ الحنفا" إنه في سنة 399هـ/1011م أمر الحاكم بـ "قتل رجاء بن أبي الحسين (ت 399هـ/1010م) من أجل أنه صلى صلاة التراويح في شهر رمضان".
يقول ابن العربي في تفسيره أحكام القرآن: "وقد رأيت على باب الأسباط -فيما يقرب منه- إماما من جملة الثمانية والعشرين إماما، كان فيه يصلي التراويح في رمضان بالأتراك، فيقرأ في كل ركعة بالحمد لله وقل هو الله أحد، حتى يتم التراويح، تخفيفا عليهم ورغبة في فضلها".
التراويح بِدعة في نظرِ بعضِ علماءِ مدرسةِ الصحابة، وقد انصرف بعضهم عن صلاة التراويح جهرا، كما هو حال بعض العلماء.
وجاء في رسالة "المصابيح في صلاة التراويح" ل "جلالُ الدين السيوطي ما "أبطلَ فيها القولَ بأن « التراويحَ » « عشرينَ » ركعة كما هو المشهور لدى مدرسة الخلفاء، وقطعَ فيها ضمناً بعدمِ أداء النبي الخاتَم صلّى الله عليه وآله وسلّم لها، وملأ رسالتَه بكثيرٍ من الأقوال التي تنصُّ على كون " التراويح " بدعةً محدثة في زمن "عمر بن الخطاب".
اختلاط الرجال والنساء
كما يروي لنا أبو البركات السويدي البغدادي (ت 1174هـ/1760م) في كتابه "النفحة المسكية في الرحلة المكية" ذكرياته الرمضانية في دمشق حين زارها، فيقول واصفا صلاة التراويح بالجامع الأموي وما كان يرافقها من حفاوة اجتماعية تصل حد الضجيج: "ومن عجيب أمرهم أن النساء يختلطن بالرجال… وقتَ التراويح، ومرةً صليتُ التراويح في الجامع الأموي فرأيت الناس جلوسا بين الصفوف يتحدثون، والأولاد لهم صياح وعياط ولعب بحيث يشوشون على المصلين"!!.
![]() |
صلاة التراويح بجمهورية مصر العربية |
الاختلاف في عددِ ركعاتِ التراويح
وعن يزيد بن رومان قالَ : "كان الناسُ يقومونَ في زمان عمرب 23 ركعة. "
وعن مالك : " 46 ركعة والوتر 3 ركعات، وهذا هو المشهور عنه، وقد رواه ابن وهب، عن العمري، عن نافع قالَ : "لم أدرك الناس إلّا وهم يصلّون 39 ركعة يوترون منها ب 3 ركعات ."
وينتقدُ بعضُهم قراءةَ بعض السور الطويلة في صلاة التراويح كسورة "الأنعام ". واعتبرت من البدع المنكرة.
كيفيّة أداءِ نافلةِ شهرِ رمضانَ عند الشيعة
حدّدت نافلةَ شهر رمضان بشكلٍ واضحٍ لا لبسَ فيه، بناءاً على الروايات
الواردة عن أهل بيت النبوّة عليهم السلام في هذا المجال. فعددُ هذهِ النوافل "
1000 " ركعة خلالَ شهرِ رمضان ، تصلى مَثنى مَثنى في غير جماعة، سوى
النوافل الراتبة التي هي " 51 " ركعةً في اليوم والليلة، وتتوزعُ هذه
الركعات الألف على ليالي شهر رمضان وأيّامه على النحو التالي :
20 ركعة : لكلّ ليلةٍ من
العشرين ليلةً الأولى من الشهر، ما عدا اللية التاسعة عشرة ، ثمان منها بعد المغرب،
واثنتا عشرة بعد العشاء، ومجموعها "380" ركعةً.
30 ركعة : لكلّ ليلةٍ من العشر الأواخر من الشهر، ما عدا الليلتين التاسعة
عشرة والحادية والعشرين، ثمان منها بعد المغرب واثنان وعشرون بعد العشاء، ومجموعها
"240" ركعةً.
100 ركعة : لكلٍ من الليلة
التاسعة عشرة، والحادية والعشرين، والثالثة والعشرين، وهي ليالي القدر ، ومجموعها "
300" ركعةً.
10 ركعات : في كلّ يوم
جمعةٍ من الشهر، على تفصيل في التسمية والتوزيع، ومجموعها "40" ركعةً.
20 ركعةً : في آخر ليلة
جمعة من الشهر.
20 ركعةً : في آخر ليلة
سبت من الشهر.
المجموع: " 1000 " ركعة
"وقد أنكر الطرطوشي الاجتماع ليلةَ الختم في التراويح، ونصب المنابر، وبين أنه بدعة منكرةٌ، وأعظمُ منه ما يوجد اليومَ في مجلس القصّاص من اختلاطِ الرجالِ والنساء، وتلاصقِ أجسادهم، حتّى يُروى أنَّ رجلاً ضم امرأةً من خلفٍ وعبث بها، وآخرَ التزم امرأةً، وغيرَ ذلك من الفسوق، واللغط، والسرقة، وتنجيسِ مواضع العبادة، وإهانة بيوت الله، وكلُّه بِدعةٌ وضلالة".
********