هل جرب أحدكم أن ينظر إلى السياسي من زاوية الشعري، بمعنى آخر ماذا لو كان الشاعر هو من يسوس؟ ترى ما الذي ستكون عليه الأمور؟ ثم ما طبيعة العلاقة التي أقيمت بين ما هو سياسي وما هو شعري؟ هل تاريخ السياسي توازي تاريخ الشاعر؟ من الأسبق الشاعر أو السياسي؟...هي أسئلة كثيرة سأحاول أن نجيب عليها في سلسلة من المقالات والتي اخترنا لها عنوان: الشاعر والسياسي. أية علاقة؟..
لن نسرد هنا تاريخ الشاعر العربي فحسب بل نستحضر الشاعر في أي مكان وأي زمان لنستدل على ما نحن في صدد الحديث عنه.
عندما نسرد تاريخ الشاعر العربي خاصة وإلى حدود سنة 1947، سنة انقلاب نازك الملائكة وبدر شاكر السياب على القصيدة العمودية نجده في خدمة السياسي باعتباره ولي نعمته، إلا في محطات ناذرة من هذا التاريخ، خصوصا في العصر الجاهلي حيث كان الشاعر قائدا وسيدا ولسانا ناطقا بقبيلته، أما الشاعر الذي لم يحض بهذه الميزة فقد ظل عبيدا للسياسي. وبعد العصر الجاهلي لن نجد الشاعر إلا خادما للسياسي سواء أكان شخصا أو مذهبا أو حزبا...
عندما نقف عند بعض رموز الشعر العربي التي تدرس نصوصهم في المدارس أو الجامعات أو تنجز حوله أطروحات..ولنقف بالتحديد عند قصيدة المدح فان نجدهم إلا خاضعين خانعين مستجدين..ينشدون أما ولي نعمهم واقفين أو قاعدين لا فرق...
لم يكن تاريخ الشاعر المداح إلا سلسلة من الإهانات مهما عظم شأنه وكبر مقامه، إنه بوق وطبل ومزمار للسياسي، إنه يشحذ ذهنه، ويسهر ليالي طويلة بحثا عن معنى فريد لم يسبق إليه، أو صورة بيانية ناذرة يقتنصها، ويحفظ الأشعار والأذكار..ليس ليمتع المتلقي سواء كان واقعيا أو افتراضيا، وإنما ليرضي السياسي الذي يتحكم في الأرزاق والأعناق..ونكاية بالشاعر المستجدي قد يهينه هذا السياسي ويحتقره أمام الملأ، ويمرغ كرامته في التراب، ويطرده من مجلسه، وإذا خرج سالما فهذا هو الغُنم الكبير الذي ما قبله وما بعده غُنْم، و"رضي من الغنيمة بالإياب".. وقد يخرج وقد شج رأسه كما حدث للمتنبي في مجلس سيف الدولة..
طيلة مرحلة طويلة من الشعر العربي العمودي كان السياسي صاحب اليد العليا، والشاعر صاحب اليد السفلى، لقد عاش الشاعر في مَرْمَدة السياسي، وكان هذا الأخير يتمتع وهو يرى الشاعر مَرْمَغَته، ولا شك أن المتعة تتضاعف عندما يرى السياسي الشاعرَ يغادر مجلسه بعد أن يتلقى ساقط المال مطأطأ الرأس وهو غير قادر على أن يعطي بظهره لصاحب النعمة..ونتساءل هنا: ماذا لو كان السياسي هو من يمدح الشاعر؟ ولكن هل يستطيع الشاعر تغيير تاريخه؟ أو تصحيحه؟ أم هذا هو قدره في كل زمان ومكان؟؟
بعد سنة 1947، وظهور ما سمي بالشعر الحر أو شعر التفعيلة أو شعر الحساسية الجديدة أو الشعر الحديث..وبنهاية مجتمع ودولة الإقطاع، وسلطة العقلية التقليدية الفقهية، ونشوء الدولة العصرية بفعل الاستعمار الذي خلخل بنية الثقافة التقليدية التي هيمنت لزمن طويلة في المجتمع العربي..ومع إدخال نظم جديدة في الاقتصاد والسياسة، ونشر ثقافات متنوعة ومعارف جديدة، وازدهار البحث العلمي..فقد تأسست علاقات جديدة بين الفرد وذاته، بين الفرد وأسرته، بين الفرد ومجتمعه، بين الفرد والعالم والكون..كما أن وسائل الاتصال الحديثة والمتنوعة كان لها الأثر الكبير في إعادة بناء منظومة العلاقات داخل المجتمعات العربية خصوصا على المستوى الأدبي والسياسي.
على المستوى الأدبي كان لاتصال الشاعر العربي بالثقافات الجديدة في الشرق أو الغرب خصوصا قد ألهمه ثورته على القصيدة التقليدية وعمود الشعر العربي ليتبنى أشكالا جديدة ورؤى مغايرة انطلاقا من ثقافته الجديدة التي جمعت بين ما هو عربي أصيل وغربي دخيل..لقد أصبحنا أمام شاعر جديد متعلم ومثقف و على دراية بالمستجدات الثقافية على المستوى العالمي سواء تعلق الأمر بالمدارس الأدبية، أو التيارات النقدية، أو المذاهب الفلسفية، إنه قارئ نهم للأنتروبولوجيا والأسطورة والتاريخ وعلم النفس...وكل هذا انعكس في إبداعه الشعري..كما أننا أمام شاعر يضع كرامته فوق كل الاعتبارات، لقد تخلص من كل القيود، وآمن بحريته ومارسها ولو في حدود...
على المستوى السياسي فقد ظهرت مناهج ونظريات وممارسات جديدة لتسيير شؤون الدولة، ورافق ذلك تأسيس مؤسسات جديدة لم يكن يعرفها المجتمع العربي كالبرلمان والمنظمات النقابية والأحزاب السياسية... وما يتطلبه تشكيل هذه المؤسسات من آليات كالانتخابات والاستفتاء...ورافق ذلك أيضا تأسيس منابر إعلامية تمرر من خلالها الأحزاب أو المنظمات أو الجمعيات أو المؤسسات خطاباتها التوعوية أو الأيديولوجية. كل هذا أوجد مناخا ثقافيا جديدا حاول الشعر ـ إلى جانب أجناس أدبية جديدة ظهرت في الأدب العربي ـ أن يلعب دوره. هذا الدور الذي أثار ويثير الكثير من الجدل..
رغم تبني الشاعر العربي الحديث لأشكال جديدة ومضامين جديدة في التعبير والرؤى مغايرة في النظر إلى الذات والمجتمع والعالم، إلا أنه ظل في عمقه وجوهره حفيد الشاعر المداح، فلم يتمكن من التخلص من التوسل واستجداء صاحب النعمة.
ونظرة سريعة إلى إنتاجات شعراء الحداثة ـ في علاقتها بالسياسي ـ سنلاحظ أن الشاعر سواء أكان مواليا أو ثائرا لم يستطع أن يغل يديه إلى عنقه، بل مدها دائما في انتظار أن تمطر ذهبا أو فضة..لقد جعل من شعره أداة ووسيلة لتحقيق طموحاته ورغباته سواء المادية أو المعنوية.
كان الممدوح فيما مضى رئيس عشيرة أو قبيلة أو واليا على إمارة أو قائدا عسكريا شهيرا وغنيا أو خليفة..فتحول في عصر الحداثة إلى زعيم سياسي، أو نقابي أو ذو منصب سامي في يديه مفاتيح الحل والعقد..يكفي أن ننظر في إنتاجات شعراء الحداثة لنكتشف الأمر، فكثير منه "مدح" واحد أو أكثر ممن ذكرناهم وإن اختلفت لغاتهم وأدوات تعبيرهم وولاءاتهم، فنراهم يصدرون قصائدهم بإهداءات خاصة معلنين فيها عن أسماء ذوي النعمة مستدرين عواطفهم لعلهم يحصلون على عمود في جريدة من جرائدهم، أو فضاء لنشر نصوصهم، أو منصب مرموق يستغلونه لمصالحهم، أو شهرة زائفة..القليل منهم وجدوا في أياديهم الممدودة شيئا من النحاس، والكثيرون لم يجدوا غير التراب، فراحوا في ختام حياتهم يمحون الأسماء من قصائدهم، وودّوا لو محيت هذه القصائد من تاريخهم...ولكن كان الوقت قد فات...
لقد ظل الشاعر الحديث أسيرا لغرائزه المصلحية. والذين نلمس في أشعارهم "تمردا" ليس إلا خيبة أمل ورد فعل عبد العبد ظل سيده، وليس موقفا سياسيا ينبعث من ذات شاعرة تجعل من السياسي أقل شأنا من الشاعر الحقيقي الذي غالبا ما وصف بأنه من سلالة الأنبياء...
لننظر الآن إلى مكانة كل من السياسي والشاعر في مجتمعه، فكيف تتحدد هذه المكانة؟ وإذا كان السياسي يعي مكانته جيدا وعلى ضوئها يمارس وظيفته، فإن الشاعر يضل حائرا ومتسائلا عن دوره ووظيفته داخل مجتمعه لسبب أعتقده وجيها ذلك أن السياسي هو من يحدد وظيفته في مجتمعه ويخلق طقوسه الخاصة لممارسة هذه السلطة، في حين أن المجتمع هو من يحدد أو يعمل على تحديد وظيفة الشاعر، لكن هذا التحديد سرعان ما يتعارض مع رغبات السياسي الذي ـ من وقعه السلطوي ـ يحدد أيضا للشاعر دوره ليجد الشاعر نفسه في آخر المطاف بين المطرقة والسندان. فهل يختار الشاعر موقعه دون أن يقدم تضحيات؟؟؟
في الكتب القديمة أقوال كثيرة، وترد فيها إشارات عديدة تصرح أو تلمح لمكانة الشاعر داخل مجتمعه..لقد حير كلام الشاعر الناس، وحاول ذوي العقول الحكيمة أن تجد تفسيرا أو تفسيرات لهذا البيان الذي يخرج من أفواه الشعراء. البعض رأى أن منبع الشعر هو الجن، إنه ملهم الشعراء، فلكل شاعر جنه، وتكون المفاضلة هنا ليس بين الشعراء وإنما بين الجن الذي يسكنهم. "جنه أنثى وجني ذكر" على حد تعبير أحد الشعراء. والبعض يعتقد أن الآلهة هي التي تلهم الشعراء كما عند اليونان، لهذا نصبو تماثيل تمثل آلهة الشعر ك "أبولو". وهناك من أقرنه بالنبي والساحر والكاهن والمجنون...
وفي خط مواز هناك سياسيون ادعوا النبوة، والألوهية، وطالبوا من شعوبهم أن يقدموا أبنائهم قرابين. بل يكفي أن نتصفح كتب التاريخ لنجد كم من حاكم جزار قتل شعبه باسم الله ومع ذلك نصبت له التماثيل، وأقيمت معابد ومزارات، وقصدته الوفود من كل حوب وصوب، وإذا تأملت حقيقته فان تجده إلا دجالا وسفاحا.
بين السياسي إذا والشاعر بون بائن، ويكفي أن نقرأ هذه الآية: "وما علمناه الشعر "، لنرى كيف اختلط صوت الشاعر بصوت النبي في ذهن الأعرابي الذي لم يجد كبير فرق بين القرآن والشعر..وإن دل هذا على شيء فإنما يدل على المكانة السامية التي كان يحضى بها الشاعر بين قومه، والنظرة الراقية التي كان ينظر إليها المجتمع إلى شاعرهم.
هذه النظرة عرفت تغييرا عظيما خلال تاريخ الشاعر، فقد تحولت من الإعجاب إلى التحفظ إلى الإقصاء، ففي مرحلة ما من هذا التاريخ نجد من يقرن الشاعر بالمجنون وبالصبي الذي لا يجب أن تؤخذ أقوله مأخذ الجد. إنه مجرد طفل يلهو باللغة هذا ما حصل في الثقافة العربية، أما عند اليونان فلم يجد له أفلاطون مكانة في مدينته فأخرجه منها بكل بساطة.
هل فعلا انتهى دور الشاعر؟ ولم يعد صوته إلا فذلكات وحذلقات لفظية وألاعيب أسلوبية لا قيمة لها في ظل حضور أجناس أدبية جديدة وتطور وسائل الإعلام الحديثة التي قوامها هي الصورة الفوتوغرافية؟ وهل انتهى زمن الصورة الشعرية التخيلية التي كان الشاعر القديم يسهر ليال طويلة لاقتناصها في شكل تشبيه بديع واستعارة فريدة أما حضور تكنولوجيا الصورة في عصرنا الحاضر التي تغنينا عن مئات الكلمات.
لم تكن العلاقة بين الشاعر والسياسي تمضي على وثيرة واحدة، بل كانت تخضع باستمرار للتبدل والتلون بحسب الظروف التاريخية المحيطة بهما معا، وحسب منطلقات كلاهما، وأهدافه، ورؤيته، وفلسفته، وحاجياته..
فلنتأمل هذه العلاقة منذ فجر تاريخ الشعر العربي مثلا. فلولا انخراط الشعراء في ما هو سياسي لما سمعنا عنهم قط، وهو انخراط كثيرا ما أدى إلى تضحية السياسي بالشاعر وبطرق مختلفة فالمهم عند السياسي هو تصفية الشاعر جسديا إذا عجز عن إرضاءه ماديا. فلنتأمل هذه النماذج التي تعبر محطات منيرة في تاريخ الشاعر العربي ولنستخلص ما يجب استخلاصه.
1. امرؤ القيس: رأس الطبقة الأولى من فحول الجاهلية، هو أول من ابتدع أشياء استحسنها العرب واتبعه فيها الشعراء كاستيقاف الأصحاب، والبكاء في الديار، ورقة النسيب، وتشبيه النساء بالضباء...أثار هذا الرجل الكثير من اللغط والجدل حوله، ففي الجاهلية كان إمام الشعراء ومفخرة العرب، وفي الإسلام هو حامل لواء الشعراء إلى جهنم، أو رجل مذكور في الدنيا شريف فيها، منسي في الآخرة خامل فيها. وله جن اسمه لافظ بن لاحظ هو من يلهمه الشعر. قتله قيصر الروم بإيعاز من رجل يقال له الطماح من بني أسد أخبر قيصر الروم بأن الشاعر قد تشبب بابنته فبعث له القيصر بحلة منسوجة بالذهب وأودعها سما، فما كاد يلبسها حتى أسرع فيه السم وسقط جلده.
2. طرفة بن العبد. يصنف في الرتبة الثانية عند البغدادي والرابعة عند ابن سلام، قتل بسبب بيتين من الشعر هجا فيهما عمرو بن هند وقابوس أخاه. قتله ربيعة بن الحارث العبدي والي عمرو بن هند بالبحرين وهو ابن ستة وعشرين سنة.
3. لبيد بن ربيعة: اعتبر من الشعراء الفرسان المشهورين في الجاهلية، وضعه ابن سلام في الطبقة الثالثة. سئل لبيد عن أشعر الشعراء فقال: "الملك الضليل يعني امرئ القيس، والغلام القتيل يعني طرفة، والشيخ أبو عقيل يعني نفسه. كان لبيد من فرسان هوازن، وقد نسجت حكايات عجيبة عن فروسيته. أدرك لبيد الإسلام، وكان من المؤلفة قلوبهم. وروي أن عائشة قالت رويت للبيد اثني عشر ألف بيت.
4. عمرو بن كلثوم: وصف بأنه كان شجاعا مظفرا، ويضرب به المثل في الفتك فيقال "أفتك من عمرو بن كلثوم" لفتكه بعمرو بن هند. وبعد الحادثة جاء سوق عكاظ وأشد قصيدته التي اشتهرت في الآفاق، حتى قال أحد الشعراء يهجو بني تغلب:
ألهى بني ثغلب عن كل مكرمة****قصيدة قالها عمرو بن كلثوم.
5. عنترة بن شداد: هو أحد فرسان العرب التي نسجت حولهم الأساطير، وأحد الأغربة الجاهليين، تعود شهرته التي تزامنت مع اعتراف أبيه به إلى أن بعض أحياء العرب أغاروا على بني عبس فأصابوا منهم واستاقوا إبلا لهم، فلما رأى والد عنترة أن الهزيمة ستلحق بهم قال لعنترة :كُرّ يا عنترة. فقال عنترة العبد لا يحسن الكر إنما يحسن الحلاب والصر. فقال: كر وأنت حر..لقد انتزع حريته بفروسيته وليس بالاستجداء. قتل في إحدى غزواته لطيء.
6. الأعشى: من الطبقة الأولى من شعراء الجاهلية. وجنه اسمه مسحل بن أثاثة، هو من يلهمه شعره. ما مدح أحدا في الجاهلية إلا رفعه ولا هجا أحدا إلا وضعه. يقال أنه هجا علقمة ـ كان من أجواد العرب ـ فتمكن منه فقال القوم لعلقمة: "اقتله وأرحنا والعرب من شر لسانه". لكن علقمة عفا عنه. أدرك الإسلام في آخر عمره ورحل إلى النبي في صلح الحديبية ليمدحه، رصدته قريش وأخذوه إلى أبي سفيان الذي خاطب قومه قائلا: "يا معشر قريش هذا الأعشى والله لئن أتى محمدا واتبعه ليضرمن عليكم نيران العرب بشعره." فأجمعوا له مائة من الإبل فأخذها وانطلق إلى بلده فلما كان بقاع مفتوحة رمى به بعيره فقتله. (وهل نصدق رواية قتل البعير لصاحبه؟؟) يتبع........
7. النابغة الذبياني: أحد فحول الجاهلية، يعد من الطبقة الأولى. له جن يلهمه الشعر اسمه هاذر. كانت تضرب له قبة من أدم في سوق عكاظ فتأتيه الشعراء لتعرض عليه اشعارها. طلبه النعمان ابن المنذر ليقتله لأنه تغزل بزوجته المتجردة فهرب إلى ملوك غسان بالشام..في قصة طويلة.
8. عروة بن الورد: أو عروة الصعاليك، والصعلوك في اللغة هو الفقير الذي لا مال له. لقد حارب الأغنياء الذين استأثروا بكل شيء، ووقف إلى جانب الفقراء الذين حرموا كل شيء. التف حوله طوائف من الصعاليك، يخرج بأقويائهم فيغير، ثم يوزع الغنائم على من أغار بهم، وعلى من تخلف عنه من المرضى والضعفاء أيضا. وأساس فلسفة عروة بن الورد أن "الغزو والإغارة والسلب والنهب" السبيل الوحيد للغنى لمن هو في مثل حاله:
ومن يك مثلي ذا عيال ومقتــــــــرا****من المال يطرح نفسه كل مطرح
وما صاحب الحاجات من كل وجهة****من الناس إلا من أجدّ وشمّـــــرا
كان عبد الملك بن مروان يقول فيه: من زعم أن حاتما أسمح الناس فقد ظلم عروة بن الورد."
9. الشنفرى: أحد الأغربة الذين كانوا يمدون حركة الصعلكة بجماعات كبيرة من الصعاليك. يدور جزء كبير من شعر الشنفرى حول الصراع بينه وبين قبيلة بني سلامان، والجزء الباقي منه حول أحاديث تصعلكه وتشرده وغاراته..وبلغت الرغبة في الانتقام في نفس الشنفرى حدا جعله يحرص على التفنن فيه، فكان يصنع النبل ويجعل أفواقها من القرون والعظام..تربص به أعداؤه، وقتلوه وتفننوا في تعذيبه تفننا قاسيا.
10. تأبط شرا: من الشعراء الصعاليك الذين نذروا حياته للغزو والإغارة، عاش في بادية الحجاز، من رفاق الشنفرى، كان يغير على قبيلة بني صاهلة من هذيل وغيرها. قتل في إحدى غزواته.
11. السليك بن السلكة: من الشعراء الصعاليك، كان فاتكا وعداء، ضرب به المثل في السرعة، قيل بأن الخيل لا تلحق به، يقال أن أمه كانت تنتظره دائما ليحضر لها الطعام، لكن انقطعت أخباره لمدة ثلاثة أيام فأدركت أنه قتل. رثته في قصيدة عدت من أروع قصائد الرثاء.
وفي العصر الإسلامي سنجد الشعراء ينقسمون ما بين المؤيد للدعوة الإسلامية، والمناهض لها. لقد انخرط الشاعر العربي من جديد فيما هو سياسي ولكن هذه المرة كان عليه أن يساير التحولات التي طرأت على المجتمع العربي. ومن بين هؤلاء الشعراء نجد:
1. كعب ابن زهير ابن أبي سلمى: لقد بدأ حربا شعواء ضد الرسول والإسلام اضطر معها الرسول إلى إباحة دمه، وأبلغه أخاه بجير بالخبر السيئ، ونصحه بأن يأتي الرسول ويعتذر، فاستجاب كعب لنصيحة أخيه، فدخل على الرسول في المسجد، طلب منه الآمان فأمنه، فحصر عن وجهه، وأنشده قصيدته الذائعة الصيت والتي مطلعها:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول****متيم على إترها لم يفد مكبول.
حتى وصل إلى البيت الشهير:
وإن الرسول لسيف يستضاء به****مهند من سيوف الله مسلول
فنهض الرسول وألبسه برته، لذلك سميت القصيدة بالبردة التي عارضها كثير من الشعراء.
2. دريد بن الصمة: فارس شجاع وشاعر فحل، جعله محمد بن سلام أول الشعراء الفرسان، وكان أطول شعراء الجاهلية شعرا وغزوا. هو سيد بني جشم وفارسهم، يقال بأنه غزا نحو مائة غزوة ولم ينهزم فيها، أدرك الإسلام ولم يسلم، خرج مع قومه في يوم حنين مظاهرا للمشركين، أخرجوه رغم كبر سنه تيمنا به، لكنه قتل.
3. العصماء بنت مروان: قتلها عمير بن عدي الخطمي دخل عليه وأولادها نيام، ووجدها ترضع صبيها، فنحاه عنها ثم وضع سيفه على صدرها حتى أنفذه من ظهرها... وسبب قتلها أنها كانت تهجو رسول الله، وتعيب على الإسلام. أما الأبيات التي قتلتها فهي:
فباست نبو مالك والــنبيت****وعوف وباست بني الخزرج
أطعتم أتاوي من غيركــــم****فلا من مراد ولا مذحــــــــج
ترجونه بعد قطع الرؤوس****كما يرتجى مرق المنضــــج. يتبع
4. عقبة بن أبي معيط: قتل في يوم بدر، قتله رسول الله صبرا (الصبر هو نصب الإنسان للقتل فهو صبور، يقال قتل صبرا أي حبس على القتل) قال للرسول وقد أمر بقتله: يا محمد، فمن للصبية بعدي؟ قال: النار. لذلك سمي بنو معيط صبية النار. واختلف في قاتله، فقيل علي بن أبي طالب أمره النبي فضرب عنقه، وقيل عاصم بن ثابت.
5. النضر بن الحارث: توفي في 2هـ 624م. من بني عبد مناف وعبد الدار، صاحب لواء المشركين يوم بدر، وهو ابن خالة النبي، ولما ظهر الإسلام استمر على عقيدة الجاهلية، وآذى رسول الله، شهد وقعة بدر مع مشركي قريش، أسره المسلمون فقتلوه بالأثيل قرب المدينة.
6. قتيلة بنت الحارث: توفيت نحو 20 هـ 640م. هي قتيلة بنت النظر بن الحارث بن علقمة، من بني عبد الدار. شاعرة من الطبقة الأولى في النساء. أدركت الجاهلية والاسلام. أسر أبوها النضر في وقعة بدر وقتل فرثته بقصيدة أنشدتها بين يدي رسول الله. أسلمت بعد مقتله وروث الحديث، توفيت في خلافة عمر.
7. الأحوص: توفي سنة 105 هـ/723م. من بني ضبيعة، شاعر هجاء، من طبقة جميل بن معمر ونصيب. كان معاصرا لجرير والفرزدق، وفد على الوليد بن عبد الملك في الشام فأكرمه الوليد، ثم بلغه عنه ما ساءه من سيرته فرده إلى المدينة وأمر بجلده، فجلد ثم نفي إلى دهلك، وهي جزيرة بين اليمن والحبشة.
8. الوليد بن يزيد: توفي سنة 126 هـ/744م. هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك بن مروان، أبو العباس: من ملوك الدولة المروانية بالشام. يعاب بالانهماك في اللهو وسمع الغناء. له شعر رقيق وعلم بالموسيقى. ولى الخلافة سنة 125 هـ. بعد وفاة عمه هشام بن عبد الملك . قتل في قصر النعمان بن بشير وكان الذي باشر قتله هو عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك.
9. سلامة القس: توفيت نحو سنة 130هـ/ 748م. مغنية شاعرة من مولدات المدينة. نشأت بها، وأخذت الغعناء عن معبد وطبقته. قالت الشعر الكثير. شغف بها عبد الرحمان بن أبي عمار الجشمي (من قراء مكة) الملقب بالقس لكثرة عبادته وكان تابعيا فنسب إليه وغلب عليه لقبه. اشتراها يزيد بن عبد الملك بعشرين ألف دينار وبقيت عنده. أدركت سلامة مقتل الوليد بن يزيد.
10. متيم: توفيت سنة 224 هـ/838م. مولاة لبانة بنت عبد الله بن إسماعيل المواكبي. شاعرة عارفة بالأدب. ولدت ونشأت وتأدبت في البصرة اشتراها علي بن هشام (أحد القواد في جيش المأمون) فنسبت إليه وولدت له. ولما مات عتقت واتصلت بالمأمون العباسي فغنته وسامرته. واختص بها المعتصم في خلافته.
11. عبد الله بن الزبعرى: توفي سنة 15 هـ/ 636م. أبو سعد، شاعر قريش في الجاهلية كان شديدا على المسلمين إلى أن فتحت مكة فهرب إلى نجران فقال فيه حسان بن ثابت أبياتا، فلما بلغته عاد إلى مكة، فأسلم واعتذر، ومدح النبي فأمر له بحلة.
12. الفاكه بن المغيرة: أحد الفصحاء المقدمين من قريش في الجاهلية. كان نديما لعوف بن عبد عوف الزهري، وهو هم خالد بن الوليد، وعده ابن حبيب في أشراف العميان. قتل بالغميضاء.
13. حسان بن ثابت: توفي سنة 45هـ/684م. خزرجي أنصاري وصحابي، شاعر النبي وأحد المخضرمين، أدرك الجاهلية والإسلام، اشتهر بمدح الغسانيين وملوك الحيرة قبل الإسلام. لم يشهد أية غزوة مع النبين ومع ذلك كان يحضى بنصيبه في الغنائم.
14. أبو جهل: توفي سنة 2 هـ/624م. أشد الناس عداوة للنبي في صدر الإسلام، واحد سادات قريش وأبطالها ودهاتها في الجاهلية. أدرك الإسلام وكان يقال له أبو حكيم فدعاه المسلمون أبا جهل. استمر على عناده للرسول حتى كانت وقعة بدر التي شهدها مع المشركين وقتل فيها.
15. عمر بن أبي ربيعة: ولد عمر بن أبي ربيعة ليلة قتل عمر بن الخطاب، قيل رفع حق ووضع باطل. مات وقد قارب السبعين. كان معروفا بتشبيبه بالنساء، نفاه عمر بن عبد العزيز إلى دهلك في البحر الأحمربسبب تعرضه لنساء الحج. مات سنة 92هـ.
16. أيمن بن خريم الأسدي: شاعر من ذوي المكانة عند عبد العزيز بن مروان بمصر، ثم تحول عنه إلى أخيه بشر بن مروان بالعراق. وكان يشارك في الغزو، وله رأي في السياسة. عرض عليه عبد الملك مالا ليذهب إلى الحجاز ويقاتل بن الزبير فأبى. يوفي 80هـ/700م.
17. عائشة بنت طلحة بن عبيدة الله: وأمها كلثوم بنت أبي بكر. كانت أشبه الناس بخالتها عائشة أم المؤمنين، أديبة، عالمة غرفت بجمالها وعفتها، لم تكن تحجب وجهها. وقد عاتبها في ذلك زوجها مصعب بن الزلبر، أخبارها مع الشعراء كثيرة، ولعمر بن أبي ربيعة فيها غزل. توفيت سنة 719م.
18. ابن الدمينة: توفي نحو 130هـ/747م. من بني عامر بن تيم الله. المينة أمه، شاعر بدوي، من ارق الناس شعرا. أكثر شعره الغزل والنسيب والفخر. اغتاله مصعب بن عمرو السلولي.
19. أبو الطمحان القيني: تفوي سنة 30هـ/650م. شاعر وفارسن معمر. عاش في الجاهلية والإسلامن وكان فيها من عشراء الزبير بن عبد المطلب، وهو ترب له، أدرك الإسلام واسلم. هو صاحب البيت الشهير:
أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم****دجى الليل، حتى نظم الجزع ثاقبه.
20.أبو الأسود الدؤلي: توفي سنة 69هـ/677م بالبصرة. شاعرمجيد، واضع علم النحو، سكن البصرة أيام في خلافة عمر، وولي إمارتها في أيام علي. هو ـ في كثير من الأقوال ـ أول من نقط المصحف.
21. ابن حمامة: توفي نحو 20هـ/640م. شاعر قوي العارضة، من الصحابة أو ممن أدرك النبوة. والحمامة أمه. اشتهر بنسبته إليها، كان من سكان البصرة. ووفد على عمر (في خلافته) ليأخذ عطاءه، فدعي قبله أناس من قومه، فأغضبه تقديمهم عليه فقال:
لقد دار هذا الأمر في غير أهله****فأبصر، أمين الله، كيف تريد.
22. الشماخ بن ضرار: توفي سنة 22هـ/643م.شاعر مخضرم، هو من طبقة لبيد والنابغة. كان أرجز الناس على البديهة. توفي في غزوة موقان.
23. ضابئ: توفي سنة 30هـ/نحو 650م. شاعر خبيث اللسان، كثير الشر، عرف في الجاهلية وأدرك الإسلام، فعاش بالمدينة إلى أيام عثمان. كان مولعا بالصيد، وله خيل. سجنه عثمان بن عفان ومات في السجن.
24. الحطيئة: أدرك الجاهلية والإسلام. يكنى أبو مليكة، شاعر هجاء. أسلم ثم ارتد بعد أن تولى أبو بكر الخلافة، وهو القائل:
أطعنا رسول الله إذ كان بيننا****فيا لعباد الله ما لأبي بكــــــــر
أيورثها بكرا إذا مات بــــعده****وتلك لعمرو الله قاصمة الدهر.
قالوا عنه أنه كان من أولاد الزنا الذين شرفوا. وقالوا عنه أيض فاسد الدين، وما تشاء أن تقول في شعر شاعر من عيب إلا وجدته، وقلما تجد ذلك في شعره." سجنه الخليفة عمر في أبيات قالها في الزبرقان بدر (صحابي، من رؤساء قومهن ولاه الرسول صدقات قومه..). ومن أشهر أبياته في الهجاء ما هجا به نفسه حيث قال:
أبتْ شفتاي اليوم إلا تكلمـــا****بشر فما أدري لمن أنا قائلهْ
وعندما لم يطلع عليه رجل ليقول هذا الشر، مر ببئر فرأى وجهه فيها، فأردف:
أرى لي وجها شوه الله خلقه****فقبح من وجه وقبح حامله
25. علي بن الجهم: توفي سنة 249هـ/863م. شاعر رقيق الشعر، أديب، من أهل بغداد. كان معاصرا لأبي تمام، وخص بالمتوكل العباسي، ثم غضب عليه المتوكل فنفاه إلى خراسان.
26. صخر بن جعد الخضري: توفي نحو سنة 140 هـ/757م. شاعر فصيح ومخضرمي الولة الأموية والعباسية. تهاجى مع ابن ميادة.قال الزبير بلغ إبراهيم بن هشام (أمير المدينة وخال هشام بن عبد الملك، اشتهر بشدته وعتوّه. هو من ضرب يحيى بن عروة حتى مات.) قوله في نساء بني مرّة:
إذا أخذت خُضْريّةٌ قائم الرحى****تحرك قنباها فطار طحينها (القنب: الفرج)
وما حملت خضرية ذات ليلـة****من الدهر إلا ازداد لؤما جنينه.
فغضب هشام وهدر دمه، فهرب من الحجاز إلى الشام، فمات فيها.
27. أبو هفان: شاعر وأديب، من أهل البصرة، سكن بغداد. أخذ عن الأصمعي وغيره، وكان متهتكا، فقيرا يلبس ما لا يكاد يستر جسده.
29. النميري: توفي نحو 90 هـ/708م. شاعر غزل، من شعراء العصر الأموي، منشأه ووفاته في الطائف. كان كثير التشبيب بزينب أخت الحجاج، وأرق شعره ما قاله فيها. ومنه قصيدته التي مطلعها:
تضوع مسكا بطن نعمان إذ مشت****به زينب في نسوة عطرات.
وتهدده الحجاج فلم يأبه له النميري، ثم فرّ واستجار بعبد الملك بن مروان فأجاره.
30. طلحة بن عبيد الله: توفي سنة 36هـ/606م. صحابي، شجاع، من الجواد. وهو أحد العشرة المبشرين، وأحد الستة أصحاب الشورى، واحد الثمانية السابقين إلى الإسلام. كان من دهاة قريش ومن علمائهم. قتل يوم الجمل وهو بجانب عائشة ودفن بالبصرة.
31. كثير بن عبد الرحمان: توفي سنة 105هـ/723م. شاعر، متيم، مشهور. لقبه كثير عزت. (نسبة إلى صاحبته). من أهل المدينة. أكثر إقامته بمصر. وفد على عبد الملك بن مروان، فازدرى منظره، ولما عرف أدبه رفع مجلسه. كان شاعر أهل الحجاز في الإسلام.
32. جميل بن معمر: توفي سنة 82هـ/701م. من قضاعة، شاعر، من عشاق العرب. افتتن ببثينة فتناقل الناس أخبارهما. وفد على عبد العزيز بن مروان في مصر ومات بها. (بثينةك: توفيت سنة 82هـ/701م. شاعرة من بني عذرة، من قضاعة. اشتهرت بأخبارها مع جميل. كانت منازلهم بوادي القرى.
33. سعيد بن عبد الرحمن: ابن حسان بن ثابت. شاعر من الدولة الأموية، متوسط في طبقته، ليس معدودا من الفحول. وفد على خلفاء بني أمية فمدحهم ووصلوه. لم تكن له نباهة أبيه وجده حسان.
34. الحكم بن عبدل: شاعر من شعراء الدولة الأموية. مجيد مقدم في طبقته، هجاء خبيث اللسان، كان أعرج. منشؤه بالكوفة. اتصل بعبد الملك بن بشر بن مروان. عندما ضفر ابن الزبير بالعراق اخرج عمال بني أمية أخرج ابن عبدل معهم إلى الشام، وكان ممن يدخل إلى عبد الملك ويسمر عنده.
35. الخنساء: توفيت سنة 24هـ. هي تماضر بنت عمرو بن الحارث، من قيس غيلان. اشهر شواعر العرب، وأشعرهن على الإطلاق. من اهل نجد. عاشت على أكثر عمرها في العهد الجاهلي، أدركت الإسلام فأسلمت، كان النبي يستنشدها ويعجبه شعرها، فكانت تنشد وهو يقول: هيه يا خناس.
36. النعمان بن بشير: (2-25هـ)أنصاري، أمير، خطيب، شاعر، من اجلاء الصحابة. من أهل المدينة. ولي القضاء بدمشق، وولي اليمن لمعاوية، ثم استعمله على الكوفة تسعة أشهر وعزله وولاه حمص. قتله خالد بن خلي الكلاعي.
37. عبد الله بن رواحة: (....- 8هـ) بن ثعلبة الأنصاري، من الخزرج: صحابي، يعد من الأمراء والشعراء الراجزين. شهد العقبة مع السبعيم من الأنصار، وشهد بدرا وأحدا والخندق والحديبية.
38. سويد بن صامت: خزرجي أصاري. شاعر من أهل المدينة، كان يسميه القوم الكامل. اشتهر في الجاهلية، وأدرك الإسلام وهو شيخ كبير، لقيه النبي بسوق ذي المجاز فدعاه إلى الإسلام، وقرأ عليه شيئا من القرآن، فاستحسنه، وانصرف عائدا إلى المدينة، فلم يلبث أن قتله الخزرج.
39. إبراهيم الموصلي: (125 ت 177 هـ) بن ماهان بن مهمن التميمي بالولاء. شاعر وأوحد زمانه في الغناء، من ندماء الخلفاء، فارسي الأصل، من بيت كبير من العجم. مات أبوه وهو صغير فكفله بنو تميم وربوه، فنسب إليهم. أجاد الغناء العربي والفارسي.
40. أبو دهبل الجمحي: (....ـ 63 هـ) من أشراف بني جمح، من قريش، أحد الشعراء العشاق المشهورين. من أهل مكة. له أخبار كثيرة مع عَمرة الجمحية وعاتكة بنت معاوية.
41. غريض اليهودي: شاعر ومغني. عن عائشة قالت: "دخل علي رسول الله وأنا أتمثل بهذين البيتين:
إرفع ضعيفك لا يحْربك ضعفه****يوما فتدركه العواقب قد نمــا
يجزيك أو يثني عليك وإنّ منْ****أثنى عليك بما فعلت فقد جزى
فقال رسول الله" "ردي علي قول اليهودي قاتله الله. لقد أتاني جبريل برسالة من ربي: أيما رجل صنع إلى أخيه صنيعة فلم يجد له جزاء إلا الثناء عليه والدعاء له فقد كافأه."
42. زيد بن عمرو: من شعراء الجاهلية، أدرك الإسلام وكان بالشام، فلما بلغه خبر النبي أقبل يريده، فقتله أهل ميفعة (من أرض الشام). قال عنه الرسول"يأتي يوم القيامة أمة وحده."
ومن شعره:
أسلمت وجهي لمن أسلــــمتْ****له المزن تحمل عذبــا زلالا
وأسلمت وجهي لمن أسلمت****له الأرض تحمل صخرا ثقالا
دحاها فلما استوت شدّهـــــا****سواءً وأرسى عليها الجبــالا.
43. بشار بن برد: من الفرس. وكان مولى بني عقيل لذا لقب بالعقيلي. كان بشار ضخما، عظيم الخلق والوجه، مجدورا، طويلا، جاحظ المقلتين قد تغشاهما لحم أحمر، فكان أقبح الناس عمى، وأفظعهم منظرا، وكان إذا أراد أن ينشد صفق بيديه وتنحنح وبصق عن يمينه وشماله ثم ينشد فيأتي بالعجاب. قال عنه الجاحظ: "هو من المطبوعين، أصحاب الإبداع والاختراع والمتفننين في الشعر القائلين في أكثر أجناسه وضروبه.."..قال عنه الأصمعي "هو خاتمة الشعراء". قال الشعر وله عشر سنين. قال علي بن المهدي: "عهدي بالبصرة وليس فيها غزل ولا غَزلة إلا يروي من شعر بشار ولا نائحة ولا مغنية إلا تتكسب به، ولا ذو شرف إلا وهو يهابه ويخاف معرة لسانه. ومن نوادر بشار: "مرّ به قوم يحملون جنازة وهم يسرعون المشي بها فقال: ما لهم مسرعين؟ أتراهم سرقوه فهم يخافون أن يُلحقوا فيؤخذ منهم." ومن أجمل شعره:
إذا كنت في كل الأمور معاتبـــا****صديقك لم تلق الذي تعاتبــــــــــــهْ
فعش واحدا أو صل أخاك فإنـه****مقارف ذنب مرة ومجانبـــــــــــــهْ
إذا لم تشرب مرارا على القذى****ضمئت وأي الناس تصفو مشاربهْ.
أما الأبيات التي قتلته فقوله في هجاء الخليفة العباسي المهدي:
خليفة يزني بعماته****يلعب بالدَّبُّوق والصولجـــــــان (الدبوق: لعبة للصبيان)
أبدلنا الله بع غيره****ودسّ موسى في حرِ الخيزران.
(الدبوق: لعبة للصبيان. حر: فرج. الخيزران: جارية من جواري المهدي وأم ولديه موسى وهارون.)
سجن بشار وعذب بالسياط حتى مات ثم ألقيت جثته بإحدى السواقي. يقال أن البصرة احتفلت يوم مات بشار وتبادل الناس التهاني. ولم يمش في جنازته سوى أمة سوداء. مات وقد ناهز ستين سنة. قيل بأن المهدي ندم على قتله.
43. كعب بن معدان: (... ـ 80 هـ)أبو مالك، فارسن شاعر، خطيب. من شعراء خراسان. كان معدودا في جلة أصحاب المهلب بن أبي صفرة المذكورين في حروب الأزارقة. سأله الحجاجك أشاعر أنت أم خطيب؟ فقال: كلاهما.
44. سعيد بن حميد: (... ـ 250 هـ) أبو عثمان. كاتب مترسل، من الشعراء. اصله من النهروان الوسط، من ابناء الدهاقين، ومولده ببغداد، قلده المستعين بالله العباسي ديوان رسائله. أكثر اخباره مناقضات له مع فضل الشاعرة. شعره رقيق، ينحو فيه منحى ابن ربيعة.
45. عكاشة العمي: من أهل البصرة، من بني العم، وأصل بني العم كالمدفوع (في نسبه) يقال إنهم نزلوا بالبصرة في أيام عمر بن الخطاب، فأسلموا وغزوا مع المسلمين وحسن بلاؤهم، فقال الناس: أنتم، وإن لم تكونوا من العرب، إخواننا وأهلنا وبنو العم، فلقبوا بذلك وصاروا في جملة العرب. انشد عكاشة العمّي المهدي قوله في الخمر:
حمراء مثل دم الغزال وتارة****عند المزاج تخالها زريابا
(الزرياب: كلمة فارسية تعني ماء الذهب). فقال له المهدي لقد احسنت في وصفها إحسان من قد شربها، ولقد استحققت بذلك الحد. فقال: أيؤمنني أمير المؤمنين حتى أتكلم بحجتي؟ قال: أمنتك. قال: وما يدريك يا أمير المؤمنين أني أحسنت وأجدت في وصفها إن كنت لا تعرفها؟ فقال المهدي: أُعْزُبْ قبحك الله.
46.عبد الرحيم الدفّاف: يكنى أبا القاسم، من الكوفة. شاعر. غنت جارية يوما بحضرة الرشيد:
قل لعلي أيا فتى الـعرب****وخير أنام وخير مكتسِــــبِ
أعلاك جداك يا علي إذا****قصّر جد عن ذروة الحسب.
فأمر بضرب عنقها، فقالت: ياسيدي ما ذنبي؟ هذا صوت عُلمته، والله ما ادري من قاله ولا فيمن قيل، فعلم أنها صدقت، فقال لها: عمن أخذته؟ فقالت: عن عبد الرحيم الدفاف، فأمر بإحضاره، فأحضر، فقال له: يا عاض بظر أمه، أتغني في شعر تفاخر فيه بيني وبين أخي؟ جردوه، فجردوه، ودعا بالسياط، فضُرب بين يديه خمسمائة سوط.
47. كعب بن جعيل: (... ـ 55 هـ) شاعر تغلب في عصره، مخضرم، عرف في الجاهلية والإسلام، كان لا ينزل بقوم إلا أكرموه وضربوا له قبة. أدركه الأخطل في صباه، وهاجاه. وكان في زمن معاوية. شهد معه وقعة "صنين" قال عنه المرزباني: وهو شاعر معاوية بن أبي سفيان وأهل الشام، يمدحهم ويرد عنهم.
48. توبة بن الحمّير: (... ـ 850)، أبو حرب: شاعر من عشاق العرب المشهورينن. كان يهوى ليلى الأخيلية وخطبها، فردها أبوها وزوجها غيره، فانطلق يقول الشعر مشببا بها. واشتهر أمره وشعره، وكثرت أخباره. قتله بنو عوف ابن عقيل.
49. ابن المولى: من بني عمر بن عوف، شاعر متقدم مجيد من مخضرمي الولة الأموية والعباسية، قدم على المهدي وامتدحه بعدة قصائد فوصله بصلات سنّية. (كل سنة). قال ابن المولى: "كنت امدح يزيد بن حاتم..فلما ولاه المنصور مصرَ أخذ على طريق المدينة فلقيتُه فأنشدته، وقد خرج من مسجد رسول الله إلى أن صار إلى مسجد الشجرة، فأعطاني رِزمتي ثياب وعشرة آلاف دينار فاشتريت بها ضياعا تُغل ألف دينار.."
50. امرئ القيس بن عابس: (... ـ 24 هـ)، من كندة: شاعر وخضرم من اهل حضرموت. ولد بها في مدينة "تريم" وأسلم عند ظهور الإسلام ووصول الدعوة إلى بلاده، ووفد على النبي ثم لما ارتدت حضرموت ثبت على إسلامه. وهو صاحب القصيدة المشهورة:
تطاول ليلك بالإثمد****ونام الخلي ولم ترقد.
وفي الرواة من ينسبها لامرئ القسي بن حجر.
51. الحارث بن خالد المخزومي: هو الحارث بن خالد بن العاص بن هشام ..وكان العاص بن هشام جد الحارث بن خالد خرج مع المشركين يوم بدر فقتله علي بن أبي طالب. والحارث بن خالد أحد شعراء قريش المعدودين الغزليين، وكان يذهب مذهب عمر بن أبي ربيعة. كان يهوى عائشة بنت طلحة بن عبيد الله ويشببِ بها، ولاه عبد الملك بن مروان مكة، وكان ذا قدر وخطر ومنظر في قريش، وأخوه عكرمة بن خالد المخزومي محدث جليل من وجوه التابعين. كما تغزل ليلى بنت أبي مرّة بن مسعود، وأمها ميمونة بنت أبي سفيان ابن حرب. رآها تطوف بلكعبة فقال:
أطافت بنا شمس النهار ومن رأى****من الناس شمسا بالعشاء تطوف
أبو أمها أوفى قريش بذمـــــــــــة****وأعمامها إما سألت ثقيـــــــــــف
عزله عبد الملك بن مروان وولى مكة عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد بن أسيد.
52. أنس بن زنيم: (... ـ 60 هـ)، شاعر، من الصحابة. نشأ في الجاهلية، ولما ظهر الإسلام هجا النبي فأهدر دمه، أسلم يوم الفتح ومدح الرسول بقصيدة فعفا عنه.
53. عبد الله بن همام: (... ـ 100 هـ). شاعر إسلامي. أدرك معاوية، وبقي إلى أيام سليمان بن عبد الملك. يقال أنه هو الذي حث يزيد بن معاوية على البيعة لابنه معاوية. وكان يقال له "العطار" لحسن شعره.
54. العتابي: (...ـ 220هـ) كاتب حسن الترسل، وشاعر مجيد سيلك طريقة النابغة. يتصل نسبه بعمرو بن كلثوم الشاعر. مدح هارون الرشيد وغير. رمي بالزندقة، فطلبه الرشيد فهرب إلى اليمن، فسعى الفضل بن يحيى البرمكي بأخذ الأمان له من الرشيد، فأمنه.
55. السيد الحميري: (105 ـ 172 هـ). شاعر إمام متقدم. كان أبو عبيدة يقول: أشعر المحدثين السيد الحميري وبشار. وقد أخما ذكرى الحميري وصرف الناس عن رواية شعره إفراطه في النيل من بعض الصحابة وأزواج النبي. وطرازه في الشعر قلما يلحق به. نشأ بالبصرة وعاش مترددا بينها وبين الكوفة ومات ببغداد، وكان يشار إليه في التصوف والورع.
56. أبو العتاهية: شاعر. منشؤه الكوفة. كان يقول بالوعيد وبتحريم المكاسب ويتشيع لمذهب الزيدية البترية المبتدعة. كان قضيفا (نحيف بغير هزال)، أبيض اللون، أسود الشعر، له وفرة جعدة، وهيئة حسنة ولباقة وحصافة، وكان له عبيد من السودان. كان جرارا يأتيه الأحداث والمتأدبون فينشدهم أشعاره فيكتبونها في ما تكسر من الجرار. ينسك أبو العتاهية ولبس الصوف أمره الرشيد ان يقول شعرا في الغزل فامتنع فضربه الرشيد ستين عصا، وحلف ألا يخرج من حبسه حتى يقول شعرا في الغزل. فلما رفعت المقارع (المضارب) عنه قال أبو العتاهية: كل مملوك حر وامرأته طالق غن تكلم سنة إلا بالقرآن أو بلا إله إلا الله محمد رسول الله، وكأن الرشيد تحزن مما فعله، فأمر أن يحبس في دار ويوسع عليه، ولا يمنع من دخول من يريد إليه. اتصل بمأمون والمهدي ومدحهما ونال عطايهما. اعتل أبو العتاهية وأوصى أن يكتب على قبره الأبيات التالية:
كذبتَ على أخ لك في مماتهْ****وكم كَذبٍ فشا لك في حياتهْ
وأكذب ما تكون على صديق**** كَذبتَ عليه حيّا في مماتهْ.
57. سلم الخاسر: (... ـ 176 هـ ) شاعر، خليع، ماجن، من اهل البصرة، من الموالي. سكن بغداد. له مدائح في المهدي والرشيد العباسيين. سمي بالخاسر، لأنه باع مصحفا واشترى بثمنه طنبورا.
58. أشجع السلمي: (... ـ 195 هـ) من بني سليم. شاعر فحل، كان معاصرا لبشار. ولد باليمامة ونشأ بالبصرة، وانتقل إلى الرقة واستقر ببغداد. مدح البرامكة وانقطع إلى جعفر بن يحيى فقربه الرشيد، فأعجب به، فأثرى وحسنت حاله.
58. نُصيب: (... ـ 108 هـ) مولى عبد العزيز بن مروان: شاعر فحل، متقدم في النسيب والمدائح. كان عبدا اسود لراشد بن عبد العزّى من كنانة، أنشد أبياتا بين يدي عبد العزيز بن مروان فاشتراه وأعتقه. سئل عنه جيري فقال: "أشعر أهل جلدته".
59. عريب: (181 ـ 277 هـ) شاعرة، مغنية، أديبة، من أعلام العارفات بصنعة الغناء والضرب على العود. قيل: هي بنت جعفر بن يحيى البرمكي/ ولدت ببغداد ونشأت في قصور الخلفاء من بني العباس، أعجب بها المأمون فقربها حتى نسبت إليه.
60. ابن هرمة: (... ـ 176 هـ) شاعر غزل من سكان المدينة. من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية. رحل غلى دمشق ومدح الوليد بن يزيد الأموي، فأجازه، ثم وفد على المنصور العباسي في وفد أهل المدينة، فتجهم لهن ثم اكرمه. كان مولعا بالشراب، جلده صاحب شرطة المدينة.
61. ابن مناذر: (... ـ 198 هـ) شاعر كثير الأخبار والنوادر، كان من العلماء بالأدب واللغة، تفقه وروى الحديث. وتزندق، فغلب عليه اللهو والمجون. اتصل بالبرامكة ومدحهم، ورآه الرشيد بعد نكبته فأمر ب هان يلطم ويسحب. أخرج من البصرة لهجائه أهلها. وذهب إلى مكة، فتنسك، ثم تهتك. ومات فيها.
62. محمد بن عبد الملك الزيات: (173 ـ 233 هـ) وزير المعتصم والواثق العباسيين، من بلغاء الكتاب والشعراء، لما مرض الواثق عمل ابن الزيات على تولية ابنه وحرمان المتوكل، فلم يفلح. وولي المتوكل فنكبه، وعذبه إلى أن مات ببغداد. وكان من الدهاة.
63. أبو تمام الطائي: (177 ـ 232 هـ) شاعر، أديب، وأحد أمراء البيان. ولد في جاسم ورحل إلى مصر واستقدمه المعتصم إلى بغداد، فأجازه وقدمه على شعراء وقته فأقام في العراق. كان اسمرا طويلا، فصيحا، حلو الكلام، يحفظ أربعة عشر ألف أرجوزة غير القصائد والمقاطع. في شعره قوة وجزالة. ويعتبر من شعراء الحداثة في العصر العباسي. يصنف ضمن شعراء الصنعة.
64. الفتح بن خاقان: (...ت 248 هـ) أديب، شاعر، فصيح، كان في نهاية الفطنة والذكاء. فارسي الأصل، من أبناء الملوك. اتخذه المتوكل العباسي أخا له، واستوزره، وجعل له إمارة الشام على أن ينيب عنه. وكان يقدمه على جميع أهله وولده. واجتمعت له خزانة كتب حافلة من أعظم الخزائن.
65. الحسين بن الضحاك الخليع: (162 ت 250 هـ) شاعر، من ندماء الخلفاء، قيل: أصله من خراسان. ولد ونشأ بالبصرة، وتوفي ببغداد. اتصل بالأمين العباسي ونادمه ومدحه، ولما ظفر المأمون، خافه الخليع، فانصرف إلى البصرة، حتى صارت الخلافة للمعتصم. وعاد فمدحه ومدح الواثق.
66. ابن المعتز: (248 ـ 296 هـ) أبو العباس. الشاعر المبدع، خليفة يوم وليلة، ولد في بغداد وأولع بالأدب، فكان يقصد فصحاء العرب ويأخذ عنهم. وجاءته النكبة: آلت الخلافة في أيامه إلى المقتدر العباسي، واستصغره القواد فخلعوه، وأقبلوا على ابن المعتز فلقبوه المرتضى بالله وبايعوه بالخلافة فأقام يوما وليلة ووثب عليه غلمان المقتدر فخلعوه. وعاد المقتدر فقبض عليه ويلمه إلى خادم له فخنقه.
67. الكميت الأسدي: (توفي 126هـ/744م) أبو المستهل. شاعر الهاشميين، من اهل الكوفة، اشتهر في العصر الأموي، وككان عالما بآداب العرب ولغتها وأخبارها وأنسابها، ثقة في علمه، منحاز لبني هاشم، كثير المدح لهم، وهو من أصحاب الملحمات. اجتمعت فيه خصال لم تجتمع لشاعر.
68. غيلان بن سلمة الثقافي: (توفي سنة 23هـ/644م) حكيم وشاعر جاهلي، أدرك الإسلام وأسلم يوم الطائف وعنده عشر نسوة، فأمره الرسول فاختار أربعة، فصارت سنة.
69. كعب بن مالك: (50هـ/670م) أنصاري خزرجي. صحابي، من كبار الشعراء، من اهل المدينة. اشتهر في الجاهلية، وكان في الإسلام من شعراء النبي، وشهد أكثر الوقائع. ثم كان من أصحاب عثمان، وحرض الأنصار على نصرته. عمي في آخر عمره.
70. عبد الله بن رواحة: (8هـ/629م) أنصارين خزرجي، صحابي، يعد من الأمراء والشعراء الراجزين. كان يكتب في الجاهلية. استخلفه النبي على المدينة في إحدى غزواته. وصحبه في عمرة القضاء. وله فيها رجز. استشهد في وقعة مؤتة.
71. قيس بن عاصم: (20هـ/640م) من تميم. أحد أمراء العرب وعقلائهم والموصوفين بالحلم والشجاعة فيهم. كان شاعرا، اشتهر وساد في الجاهلية. وفد على النبي في وفد تميم فأسلم. وقال النبي لما رآه: "هذا سيد أهل الوبر."
72. سكينة بنت الحسين بن علي: (117هـ/735م.) بن أبي طالب: نبيلة، شاعرة كريمة. من أجمل النساء. كانت سيدة نساء عصرها، تجالس الأجلة من قريش وتجمع عليها الشعراء، تسمع كلامهم، فتفاضل بينهم وتناقشهم وتجيزهم. قال أحد معاصريها: أتينا وإذا ببابها جرير والفرزدق وجميل وكثير، فأمرت لكل واحد بألف درهم.
73. الأحوص: عبد الله. من شعراء المدينة. من الطبقة السادسة من شعراء الإسلام. كان قليل المروءة والدين، هجاء للناس. جلده سليمان بن عبد الملك، أو الوليد بن عبد الملك ونفاه عن المدينة إلى دهلك. لما ولي يزيد بن عبد الملك بعث إلى الأحوص، فأقدم عليه، فأكرمه وأجازه بثلاثين ألف درهم.
74. العبلي: (توفي بعد 145 هـ/763 م)أبوعدي، الأموي القرشي، شاعر من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية. من أهل المدينة. كان في أيام بني أمية يذمهم ويميل إلى بني هاشم. فلما آل الأمر غلى العباسيين عرفول له ذلك. وقصد السفاح، فأكرمه واطلق من كان سجينا مع بني أمية من أهله.
75. سديف. شاعر: مولى لآل أبي لهب ـ على أبي العباس بالحيرة. كان أبو العباس السفاح جالسا في مجلسه على سريره وبنو هاشم دونه على الكراسي، وبني أمية على الوسائد. فأنشد سديف قصيدته الشهيرة والتي مطلعها:
يا ابن عم النبيأنت ضيـــــــــاء****استبنا بك اليقين الجليا
فلما بلغ قوله:
جرد السيف وارفع العفو حتى****لا ترى فوق ظهرها أمويـا
لا يغرنك ما ترى من رجــــــال****إن تحت الضلوع داء دويا
بطن البغض في القديم فأضحى****ثاويا في قلوبهم مطويــــا
قال: يا سديف، خلق الإنسان من عجل، ثم قال:
أحيا الضغائن آباء لنا سلفـــوا****فلن تَبيد وللآباء أبنــــــاء.
ثم أمر بمن عنده منهم فقتلوا.
76. نهشل بن حري: (توفي نحو 45 هـ/660 م). شاعر مخضرم أدرك الجاهلية، وعاش في الإسلام. أسلم ولم ير النبي، وصحي عليا في حروبه، وكان معه في وقعة صفين، فقتل فيها أخ له اسمه مالك فرثاه بمراث كثيرة.
77. اسماعيل بن يسار النسائي: شاعر، كان منقطعا إلى آل الزبير. فلما أفضت الخلافة إلى عبد الملك بن مروان، وفد إليه مع عروة بن الزبير، ومدحه ومدح الخلفاء بعده. عاش عمرا طويلا إلى أن أدرك آخر سلطان بني أمية، ولم يدرك الدولة العباسية. كان شعوبيان شديد التعصب للعجم. نفاه عبد الملك من الرصافة إلى الحجاز بعد أن أمر بغطه في الماء حتى أشرف على الهلاك.
78. ابن دأب: (توفي سنة 171 هـ/787 م). خطيب وشاعر، عالم بالنساب، راوية. من اهل المدينة. اشتهر بأخباره مع المهدي العباسي. وحضي عند الهادي حضوة لم تكن لأحد. واتهم بوضع الشعر وأحاديث السمر، ونسبتها إلى العرب.
79. ابراهين بن ماهان: (توفي سنة 188 هـ/804 م). مولى بني تميم يجمع بين الغناء والشعر من ندماء الخلفاء. فارسي الأصل. كانت له منزلة عند الخلفاء منهم المهدي العباسي وموسى الهادي وهارون الرشيد الذي جعله من ندمائه وخاصته واستصحبه معه إلى الشام.
80. الحارث بن خالد: (توفي نحو ينة 80 هـ/700 م). من قريش، شاعر غزلن من اهل مكة. نشأ في أواخر أيام عمر بن أبي ربيعة. ولاه يزيد بن معاوية مكة، فظهرت دعوة عبد الله بن الزبير، فاستتر الحارث خوفا، ثم رحل إلى دمشق وافدا على عبد الملك بن مروان، فلم ير عنده ما يحب فعاد إلى مكة وتوفي فيها. كان يهوى عائشة بنت طلحة ويشبب بها.
81. يونس: (توفي نحو سنة 135 هـ/752 ). من ولد هرمز. كاتب وشاعر، بارع في صناعة الغناء. استدعاه الوليد بن يزيد (قبل أن يلي الخلافة) فأكرمه. ثم لما ولين بعث إليه، فجاءه من المدينة فلم يزل معه حتى قتل، فعاد يونس إلى المدينة، وتوفي بها.
83. أبو دهبل الجمحي: (توفي سنة 63 هـ/682 م). من قريش. أحد الشعراء العشاق المشهورين. من اهل مكة. له مدائح في معاوية وعبد الله بن الزبير، وأخباره كثيرة مع عمرة الجمحية وعاتكة بنت معاوية. ولاه عبد الله بن الزبير بعض أعمال اليمن، وتوفي بعليب.
84. الفضل بن عباس: (توفي نحو سنة 95 هـ/714م). من قريش. شاعر من فصحاء بني هاشم. كان معاصرا للفرزدق والأحوص، وله معهما أخبار. مدح عبد الملك بن مروان، وهو أول هاشمي مدح أمويا بعد ما كان بينهما، فأكرمه. توفي في خلافة الوليد بن عبد الملك.
85. أبو قطيفة: (توفي نحو سنة 70 هـ/690 م). أموي قرشي، شاعر رقيق الشعر، كان يقيم بالمدينة. نفاه عبد الله بن الزبير إلى الشام مه من نفاهم من بني أمية، فأقام زمنا في دمشق، أكثر في الحنين إلى المدينة حتى رق له ابن الزبير فأذن برجوعه، فبينما هو عائد أدركه الموت قبل أن يبلغ المدينة.
86. أبو زبيد: (توفي نحو 62 هـ/682 م). شاعر، نديم ومعمر، من نصارى طيء. عاش زمنا في الجاهلية، وكان يزور الملوك ولا سيما ملوك العجم لعلمه بسيرهم. أدرك الإسلام ولم يسلم. كان يدخل مكة كتنكرا. استعمله عمر على صدقات قومه. ولم يستعمل نصرانيا غيره. إنقطع إلى منادمة الوليد بن عقبة أيام ولايته الكوفة في عهد عثمان. وكان يفد على عثمان ويقربه ويدني مجلسه لاطلاعه على أخبار من أدركهم من ملوك العرب والعجم. مات في زمن معاوية ودفن على البليخ (نهر بالرقة) إلى جانب قبر الوليد بن يزيد.
87. أشجع السلمي: (توفي سنة 195 هـ/811 م). هو أشجع بن عمرو السلمي، أبو الوليد، شتعر فحل، كان معاصرا لبشار. ولد باليمامة ونشأ في البصرة، وانتقل إلى الرقة واستقر ببغداد. مدح الرامكة وانقطع إلى جعفر بن يحيى فقربه من الرشيد فأعجب الرشيد به، فأثرى وحسن حاله.
88. الشطرنجي: (توفي نحو سنة 210 هـ/725 م). عمر بن عبد العزيز، أبو حفص، شاعر علية بنت المهدي، كان منقطعا لها. وكان غزلا أديبا ظريفا. شغف بالشطرنج فنسب إليه. كان أبوه من موالي المنصور، واسمه أعجمي فغيره بعبد العزيز.
89. أبو النضير: (مولى بني جمح. شاعر من شعراء البصرة. ليس من المعمودين المتقدمين ولا من المولدين الساقطين. انقطع إلى البرامكة فأغنوه إلى أن مات.
90. متيم: (توفيت سنة 224 هـ/838 م). مولاة لبني لبانة. شاعرة عارفة بالأدب. أحسنت صناعة الغناء. نشأت وتأدبت بالبصرة. اشتراها علي بن هشام (أحد القواد في جيش المامون) فنسبت إليه. وولدت معه. ولما مات عتقت. واتصلت بالمأمون العباسي، فكان يبعث له كثيرا فتغنيه وتسامره. واختص بها المعتصم في خلافته.
91. ابن حمدون: (توفي نحو سنة 255 هـ/868 م). أديب، عالم بالأخبار ومن الندماء. كان خصيصا بالمتوكل، نادمه مدة خلافته (وهي 14 سنة وشهور) ثم نادم المستعين مدة خلافته (وهي ثلاث سنين ونيف). كانت إقامته ببغداد، وله كتب.
92. علية بنت المهدي العباسية: (توفيت سنة 210 هـ). هي أخت أمير المؤمنين هارون الرشيد، كانت من أحسن خلق الله وجها، وأظرف النساء وأعقلهن، ذات صيانة وأدب بارع، تزوجها موسى بن عيسى العباسي، وكان الرشيد يبالغ في إكرامها واحترامها. لها ديوان شعر. قالت عريب المغنية: "أحسن يوم مر بي يوم اجتمعت فيه مع إبراهيم بن المهدي وأخته علية، وعندهم أخوهم يعقوب، وكان من أحذق الناس بالزمر، فبدأت علية فغنتهم من صنعتها في شعرها.." عاشت خمسين سنة.
93. أبو الشيص: (توفي سنة 196 هـ/811 م). شاعر مطبوع سؤيع الخاطر رقيق الألفاظ. من أهل الكوفة. غلبه على الشهرة معاصراه صريع الغواني وأبو نواس. انقطع إلى أمير الرقّة بن جعفر الخزاعي. فأغناه عقبه عن سواه. وهو ابن عم دعبل الخزاعي. قتله خادم لعقبة في الرقّة.
94. يزيد بن الطثرية: (توفي سنة 126 هـ/744 م). من عامر بن صعصعة، شاعر مطبوع من شعراء بني أمية. مقدم عندهم وله شرف وقدر في قومه بني قشير.
95. أبو هفان: (توفي سنة 257 هـ/871 م). راوية، عالم بالشعر والأدب، من الشعراء، من اهل البصرة، سكن بغداد واخذ عنه الأصمعي وغيره. كان متهتكا، فقيرا، يلبس ما لا يكاد يستر جسده.
96. المعتمد: (توفي سنة 279 هـ/892 م). خليفة عباسي، ولد بسامراء، ولي الخلافة سنة 256 ÷ت بعد مقتل المهتدي بالله بيومين. وطالت ايام ملكه، وكانت مضطربة كثيرة العزل والتولية بتدبير الموالي وغلبيتهم عليه، فقام ولي عهده أخوه الموفق بالله فضبط الأمور وانكفت يد المعتمد عن كل عمل. كان شاعرا، من أسمح بني العباس إلا أنه غلب على أمره فانتقصه الناس. مات مسموما، وقيل رمي في رصاص مذاب.
97. يزيد بن المهلب: (توفي سنة 259 هـ/872 م). شاعر محسن راجز. من الندماء الرواة. من أهل البصرة. كان فيه اعتزاز وترفع. اتصل بالمتوكل العباسي، ونادمه، ومدحه. ورثاه بقصيدة من عيون الشعر أوردها المبرد في الكامل.
98. أعشى همدان: (توفي سنة 83 هـ/702 م). شاعر اليمنيين، بالكوفة، وفارسهم في عصره. ويعد من شعراء الدولة الأموية. كان أحد الفقهاء القراء، وقال الشعر وعرف به. وكان من الغزاة في أيام الحجاج، غزا الديلم، وله شعر كثير في وصف بلادهم ووقائع المسلمين معهم. ولما خرج عبد الرحمن بن الأشعث انحاز الأعشى إليه واستولى على سجستان معه وقاتل رجال الحجاج الثقفي.ثم جيء به إلى الحجاج أسيرا بعد مقتل ابن الأشعث فأمر به الحجاج فضربت عنقه.
99. ابن دأب: (توفي سنة 171 هـ/787 م). أبو الوليد. خطيب، شاعر، عالم بالأنساب، راوية. من أهل المدينة. اشتهر بأخباره مع المهدي العباسي. وحظي هند الهادي حظوة لم تكن لأحد.
100. الصمة القشيري: شاعر إسلامي بدوي مقل، من شعراء الدولة الأموية. خرج في غزيّ من المسلمين إلى بلد الديلم فمات بطبرستان.
101. داود بن سلم: (توفي 132 هـ/750 م). مولى، مخضرم، من شعراء الدولتين الأموية والعباسية، من سكني المدينة،وكان من أقبح الناس وجها. شديد السواد. اتصل بالحسن بن زيد فكان يصله. كما مدح داود بن سلم جعفر بن سليمان.
102. هارون بن عبد الله: (توفي سنة 232 هـ/846 م). من ذرية عبد الرحمن بن عوف. فقيه مالكي، له شعر. من أهل مكة. نزل بغداد، وولاه المأمون قضاء مصر.
103. النعمان بن بشير: (توفي سنة 65 هـ/674 م). خزرجي أنصاري. أمير، خطيب، شاعر من أجلاء الصحابة من أهل المدينة. وجهته نائلة (زوجة عثمان) بقميص عثمان إلى معاوية، فنزل الشام وشهد "صفين" مع معاوية، وولي القضاء بدمشق، وولي اليمن لمعاوية ثم استعمله على الكوفة وعزله عن حمص.
104. سابق البربري: (توفي سنة 100 هـ/718 م). أبو سعيد، شاعر من الزهاد. وهو مولى بني أمية والبربري لقب له، ولم يكن من البربر. سكن الرقة، وكان يفد على عمر بن عبد العزيز، فيستنشده عمر فينشده من مواعظه.
105. طريح الثقفي: (توفي سنة 165 هـ/781 م). أبو الصلت. شاعر الوليد بن يزيد الأموي، وخليله. انقطع إليه قبل أن يلي الخلافة. جعله الوليد أول من يدخل عليه وآخر من يخرج من عنده، وكان يستشيره في مهماته. عاش إلى أيام الهادي العباسي.
106. حماد عجرد: (توفي سنة 161 هـ/778 م). شاعر، من الموالي، من أهل الكوفة. من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية. نادم الوليد بن يزيد الأموي، وقدم بغداد أيام المهدي، وكانت بينه وبين بشار أهاج فاحشة. قتل غيلة بالأهواز، ويقال دفن إلى جانب قبر بشار.
107. حنين: (توفي نحو 110 هـ/728 م). شاعر غزل، موسيقي، من كبار المغنيين، ولد في الحيرة. مات في منزل سكينة بنت الحسين.
108. الطرماح بن حكيم: (توفي سنة 125 هـ/743 م). من طيء، شاعر غسلامي فحل. ولد ونشأ في الشام، وانتقل إلى الكوفة، فكان معلما فيها، اعتقد مذهب الشراة من الأزارقة. اتصل بخالد بن عبد الله القسري، فكان يكرمه ويستجيد شعره. كان هجاء معاصرا للكميت.
109. كعب الأشقري: (من الأزد، شاعر، فارس خطيب معدود من الشجعان، من أصحاب المهلب والمذكورين في حروبه مع الأزارقة، أوفده المهلب إلى الحجاج، وأوفده الحجاج إلى عبد الملك.
110. قطري بن الفجاءة: (توفي سنة 78 هـ/697 م). مازني تميمي، من رؤساء الأزارقة وأبطالهم. كان خطيبا فارسا شاعرا.استفحل أمره في زمن مصعب بن الزبير، وبقي يقاتل ثلاثة عشرة سنة، يسلم عليه بالخلافة وإمارة المؤمنين. كانت كنيته في الحرب أبا نعامة (ونعامة فرسه) وفي السلم أبا محمد. اختلف المؤرخون في مقتله.
111. عبيدة بن هلال اليشكري: (توفي سنة 77 هـ/696 م). من رؤساء الأزارقة وشعرائهم وخطبائهم. كان في أول خروجه من المقدمين فيهم وأرادوا مبايعته، لكنهم عادوا وبايعوا قطري بن الفجاءة بناء على طلبه. حوصر في حصن قومس (في ذيل جبال طبرستان) وقتل على يد سفيان بن الأبرد الكلبي وقتل من معه.
112. أبي حزابة التميمي: (توفي سنة 75 هـ/704 م). من تميم. من شعراء الدولة الأموية. كان بدويا. سكن البصرة وعمل في الديوان. أرسل إلى سجستان فأقام مدة. وعاد إلى البصرة فسكنها إلى أن خرج ابن الأشعث على عبد الملك بن مروان فخرج معه. كان راجزا فصيحا هجاء. قيل بأنه قتل مع ابن الأشعث.
113. أبو العيناء: (توفي سنة 273 هـ/896 م). هاشمي بالولاء. أديب فصيح. من ظرفاء العالم. اشتهر بنواذره. كان حسن الشعر، مليح الكتابة والترسل. خبيث اللسان. أصله من اليمامة، ومولده بالأهواز. منشأه ووفاته في البصرة.
114. رزين العروضي: (توفي سنة 248 هـ/861 م). شاعر، كان يأتي بأوزان غريبة من العروض ـ ناحيا نحو أستاذه عبد الله بن هارون ـ فأتي فيه ببدائع جمة: هو من موالي طيفور بن منصور الحميري خال المهدي. كان ينزل بغداد، ويكثر من زيارة (عنان) الشاعرة، جارية الناطفي وله معها أخبار.
115. عائشة بنت طلحة: (توفيت سنة 101 هـ/719 م). من بني تميم بن مرة، أديبة، عالمة بأخبار العرب، فصيحة، أمها كلثوم بنت أبي بكر الصديق. وخالتها عائشة أم المؤمنين. كانت لا تستر وجهها فعاتبها زوجها (مصعب بن الزبير) في ذلك، فقالت: إن الله قد وسمني بميسم جمال أحببت أن يراه الناس فما كنت لأستره. كانت تقيم بمكة سنة، وبالمدينة سنة، وتخرج إلى الطائف تتفقد أموالها. وفدت على هشام بن عبد الملك. وأخبارها مع الشعراء كثيرة ولعمر بن أبي ربيعة غزل فيها.
116. أبو شجرة السلمي: واسمه عمربن عبد العزى، وأمه الخنساء بنت عمرو بن الشريد الشاعرة المشهورة. وكان من فتاك العرب، ويسكن البادية. وهو الذي يقول في قتال خالد بن الوليد أهل الردة:
ولو سألت سلمة غداة مرامـــر****كما كنت عنها سائلا لو نأتيها
وكأن الطعان في لؤي بن غالب****غداة الجواء حاجة فقضيتهـا.
وكان ممن ارتد من بني سليم ثم أسلم.
117. وضاح اليمن: (توفي سنة 90 هـ/708 م).اختلف في نسبه. شاعر، كان جميل الوجه..يقال أن أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان استأذنت الوليد بن عبد الملك في الحج فأذن لها، وهو يومئذ خليفة وهي زوجته، فقدمت مكة ومعها من الجواري ما لم ير مثله حسنا. وكتب الوليد يتوعد الشعراء جميعا إن ذكرها أحد منهم أو ذكر أحدا ممن تبعها. وقدمت وتراءت للناس، وتصدى لها اهل الغزل والشعر، ووقعت عينها على وضاح اليمن فهويته. كان وضاح قد شيي بأم البنين بنت عبد العزيز، فبلغ الوليد تشببه بها فأمر بطلبه فأُبى به، فأمر بقتله. جعله في صندوق ودفنه حيا.
118. سالم بن دارة: (توفي سنة 30 هـ/650 م). شاعر مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام نسبته إلى أمه "دارة" وهي من بني أسد. كان هجاء وبسبب ذلك ضربه زميل بن أم دينار الفزاري، قرب المدينة، مات من جرحه في المدينة في خلافة عثمان.
119. هبة الله: (توفي سنة 275 هـ/888 م).هبة الله بن إبراهيم بن المهدي العباسي، أبو القاسم. عالم بالغناء والشعر، من أمراء آل عباس، من أهل بغداد. أسود اللون. جالس الخلفاء وآخر من جالسه المعتمد على الله.
120. يزيد الحميري: (توفي سنة 69 هـ/688 م). شاعر غزل. استقر بالبصرة وكان هجاء مقذعا، وله مديح. ونظمه سائر. وهو صاحب البيت الشائع:
العبد يقرع بالعصا****والحر تكفيه الملامة.
وفد على مروان بن الحكم ولم يضفر بخير فهجاه.
121. سلاّمة القس: (توفيت نحو سنة 130 هـ/748 م). مغنية شاعرة من مولدات المدينة، قالت الشعر الكثير، شغف بها عبد الرحمان ابن عمار الملقب بالقس لكثرة عبادته، وكتن تابعيا، فنسبت إليه وغلب عليها لقبه. سمع بها يزيد بن عبد الملك فاشتراها بعشرين ألف دينار فانتقلت إلى دمشق وبقيت عنده إلى أن توفي ولها شعر في رثائه. أدركت مقتل الوليد بن يزيد.
122. عمرو بن معد كرب (توفي سنة 21 هـ/642 م). فارس اليمن، وفد على المدينة سنة 9 هـ في عشرة من بني زبيد فأسلم وأسلموا وعادوا، ولما توفي النبي ارتد عمرو في اليمن ثم رجع إلى الإسلام. فبعثه أبو بكر إلى الشام، فشهد اليرموك، وبعثه عمر إلى العراق، فشهد القادسية. يكنى أبا ثور. من أشهر شعره قصيدته التي يقول فيها:
إذا لم تستطع شيئا فدعه****وجاوزه غلى ما تستطيع.
123. عمارة بن حمزة: (توفي سنة 199 هـ/814 م). كاتب من الولاء الأجواد الشعراء الصدور. كان المنصور والمهدي العباسيان يرفعان قدره. وكان من الدهاة. وجُمع له بين ولاية البصرة وفاري والأهواز واليمامة والبحرين. وفيه تيه شديد.
124. كعب بن مالك: (توفي سنة 50 هـ/670 م). أنصاري خزرجي، صحابي، من أكابر الشعراء. من أهل المدينة اشتهر في الجاهلية، كان في الإسلام من شعراء النبي، وشهد أكثر الوقائع. ثم كان من أصحاب عثمان، وأنجده يوم الثورة، وحرض الأنصار على نصرته. ولما قتل عثمان قعد على نصرة علي فلم يشهد حروبه.
125. أبو نخيلة: (توفي نحو سنة 145 هـ/762 م). من تميم. شاعر راجز. كان عاقا لأبيه، فنفاه أبوه عن نفسه، فخرج إلى الشام واتصل بمسلمة بن عبد الملك فاصطنعه وأحسن إليه وأوصله الخلفاء فأغنوه. لقب نفسه شاعر بني هاشم، مدحهم وهجا بني أمية.
126. الحسين بن الضحاك: (توفي سنة 250 هـ). شاعر من البصرة، معروف بالخليع، مولى لولد سلمان بن ربيعة الباهلي الصحابي، وأصله من خراسان. وهو شاعر ماجن مطبوع حسن الافتنان في ضروب الشعر. صحب الأمين محمد بن هارون الرشيد، ولم يزل مع الخلفاء إلى أيام المستعين.حمزة بن بيض: (توفي سنة 116 هـ/734 م). من بني بكر بن وائل. شاعر مجيد، سائر القول، كثير المجون، من أهل الكوفة. كان منقطعا إلى المهلب بن أبي صفرة وولده، اتصل بالخليفة عبد الملك بن مروان.
127. عروة بن أذينة: (توفي نحو سنة 130 هـ/747 م). شاعر غزل مقدم. من اهل المدينة، من الفقهاء المحدثين. لكن الشعر أغلب عليه.
138. نابغة بني شيبان: شاعر مجيدن بدوي، من شعراء الدولة الأموية، وكان يفد إلى الشام إلى خلفاء بني أمية فيمدحهم ويجزلون عطاءه، قيل أنه نصراني لأنه يحلف كثيرا في شعره بالإنجيل والرهبان وبالإيمان التي يحلف بها النصارى. مدح عبد الملك بن مروان، كان منقطعا له، كما مدح أولاده، وله في الوليد مدائح كثيرة.
139. أبي دهبل: (توفس سنة 63 هـ/682 م). كان رجلا جميلا شاعرا، وكانت له جمة (مجتمع شعر الرأس ) يرسلها فتضرب منكبيه، وكان عفيفا، قال الشعر في آخر خلافة علي بن أبي طالب، ومدح معاوية، وعبد الله ابن الزبير، وكان ابن الزبير ولاه بعض أعمال اليمن. كما رثى الحسين بن علي.
140. علي بن يحيى بن أبي منصور: (توفي سنة 275 هـ/888 م). نديم المتوكل. خص به وبمن بعده من الخلفاء إلى أيام المعتمد. كان راوية للأشعار والأخبار. شاعرا محسنا. توفي بسامراء.كان أبوه فارسي الأصل، أسلم على يد المأمون.
141. محمد الأمين: (توفي سنة 198 هـ/813 م). محمد بن هارون الرشيد بن المهدي بن المنصور. خليفة عباسي. ولد في رصافة بغداد. وبويع بالخلافة بعد وفاة أبيه سنة 193 هـ بعهد منه. فولى أخاه المأمون خراسان وأطرافها. قتل في بغداد. كان أديبا، رقيق الشعر، مكثرا في إنفاق الأموال، سيئ التدبير، يؤخذ عليه انصرافه إلى اللهو ومجالسة الندماء.
142. مسلم بن الوليد الأنصاري: (توفي سنة 208 هـ/822 م). أبو الوليد، المعروف بصريع الغواني، شاعر غزل، وهو أول من أكثر من البديع وتبعه الشعراء فيه، وهو من أهل الكوفة. نزل ببغداد وأنشد هارون الرشيد قوله:
وما العيش إلا أن تروح مع الصبى****وتغدو صريع الكأس والأعين النجل
فلقبه "صريع الغواني" فعرف به. مدح الرشيد والبرامكة وغيرهم....
143. إبراهيم بن المهدي: (توفي سنة 224 هـ/839 م). أبو إسحاق، ويقال له أبو شكلة. أمير، أخو هارون الرشيد. ولاه الرشيد إمرة دمشق ثم عزله عنها بعد سنتين. كان فصيح اللسان، شاعرا، وافر الفضل، حازما، حاذقا بضنعة الغناء. مات في سر من رأى.
144. علي بن الجهم: (توفي سنة 249 هـ/863 م). شاعر، أديب، من أهل بغداد، كان معاصرا لأبي تمام، وخص بالمتوكل العباسي. ثم غضب عليه المتوكل فنفاه إلى خراسان.
145.الحسين بن الضحاك: (توفي سنة 250 هـ/864 م). من البصرة، من شعراء الدولة العباسية، وأحد ندماء الخلفاء من بني هاشم. شاعر أديب ظريف مطبوع حسن التصرف في الشعر حلو المذهب، كان أبو نواس يأخذ معانيه في الخمرة ويغير عليها. وكان يلقب بالخليع.
146. جعفر بن يحيى: (توفي سنة 187 هـ/803 م). كان كاتبا بليغا وأديبا بارعا. استوزره الرشيد العباسي، وكان يدعوه أخي. فانقادت له الدولة، إلى أن نقم الرشيد على البرامكة نقمته المشهورة، فقتله في مقدمتهم، ثم أحرق جثته بعد سنة.
147. عمران بن حطان: (توفي سنة 84 هـ/703 م). من بني شيبان، رأس القعدة من الصفرية، وخطيبهم وشاعرهم، لحق بالشرارة، فطلبه الحجاج، فهرب إلى الشام، فطلبه عبد الملك بن مروان، فرحل إلى عمان، كان شاعرا مفلقا مكثرا، وهو القائل:
حتى متى لا نرى عدلا نعيش به****ولا نرى لدعاة الحق أعوانا.
148. يزيد بن عبد المدائن: (توفي 10 هـ/631 م) شاعر، من أشراف اليمن، وشجعانها في الجاهليةن شهد يوم كلاب الثاني (من أيام العرب المشهورة قبيل الإسلام). وانفرد أبو الفرج في الأغاني بذكر مقتل الربعة الذين حضروه واسم كل منهم واسم كل منهم "يزيد" وهم: ابن عبد المدائن، وابن امأمورن وابن المخرم.
149. مسهر الحارثي: شاعر وفارس اليمن، اشتهر بطعنة أصاب بها عامر بن الطفيل (أحد الجبابرة) في عينه يوم "فيف الريح" بأعالي نجد. ذكرها ابن الطفيل في بعض شعره:
لعمري ما عمري عليّ بهيّن****لقد شان حرّ الوجه طعنة مسهر
ولم يثبت أن مسهرا قتل في تلك الوقعة وكانت بعد البعثة النبوية بمكة، قيل بأن مسهرا أدرك الإسلام ولم يعرف عنه خبر فيه.
150. إسحاق بن إبراهيم بن ميمون التميمي: من أشهر ندماء الخلفاء، تفرد بصناعة الغناء، وكان عالما باللغة والموسيقى والتاريخ وعلوم الدين وعلم الكلام راويا للشعر، حافظا للأخبار، شاعر له تصانيف، فارسي الأصل، نادم الرشيد والمأمون والواثق العباسيين...
151. علي بن يحيى: (توفي سنة 275 هـ/888 م )فارسي الأصل أسلم على يد المأمون. نديم المتزكل العباسي. خص به وبمن بعده من الخلفاء إلى أيام المعتمد، يفضون إليه بأسرارهم ويؤمنونه على أخبارهم، ويجلس بين أيدي أسرتهم. كان راوية للأخبار والأشعار، شاعرا محسنا. توفي بسامراء، ورثاه عبد الله بن المعتز. له كتب.
153. إبراهيم بن العباس بن صوب: وكان صول رجلا من الأتراك، ففتح يزيد بن المهلب بلده وأسلم على يديه. كان إبراهيم من وجوه الكتاب، أديب وشاعر. ولي على الأهواز ثم عزل عنها، اتصل بالمتوكل والرضا ومدحهما.
154. إبراهيم بن المدبر: (توفي سنة 289 هـ/893 م). وزير، من الكتاب المترسلين الشعراء. من اهل بغداد. تولى ولاية جليلة. واستوزره المعتمد العباسي لما خرج من سامراء يريد مصر سنة 269هـ. توفي ببغداد متقلدا ديوان الضياع للمعتضد.
155. ابن دريد: (توفي سنة 321 هـ/933 م). من أئمة اللغة والأدب. كانوا يقولون : ابن دريد أشعر العلماء وأعلم الشعراء. وهو صاحب المقصورة الدريدية. قلده آل ميكال ديوان فارس، ومدحهم بقصيدة المقصورة. اتصل بالمقتدر العباسي فأجرى عليه في كل شهر خمسين دينارا. من كتبه "الإشتقاق ـ ط " في الأنساب.
156. عبد الله بن عبد الله بن طاهر: (توفي سنة 300 هـ/913 م) أمير، من الأدباء الشعراء. انتهت إليه رياسة أسرته. كان مهيبا، رفيع المنزلة عند المعتضد العباسي. له براعة في الهندسة والموسيقى، حسن الترسل. له تصانيف، منها "الإشارة" في أخبار الشعراء...
157. أبو الشمقمق: (توفي سنة 200هـ/815م) مروان بن محمد، الملقب بأبي الشمقمق. شاعر هجاء، من أهل البصرة. خرساني الأصل، من موالي بني أمية. له هجاء في يحيى بن خالد البرمكي وغيره. زار بغداد في أول خلافة الرشيد العباسي. وكان بشار يعطيه في كل سنة مئتي درهم، يسميها أبو الشمقمق "جزية".
158. الدارمي: (توفي نحو 155هـ/772م) سعيد الدارمي التميمي، من بني سويد بن زيد. شاعر غزل من المغنين الظرفاء. من أهل مكة. كان ينظم الأبيات ويضع لحنها ويغنيها. من مشهور شعره:
قل للمليحة في الخمار الأسود****ماذا فعلت بناسك متعبد..
159. متيم: (توفيت سنة 224هـ/838م). مولاة لبانة بنت عبد الله بن إسماعيل المواكبي. شاعرة، عارفة بالأدب. أحسنت صناعة الغناء، اشتراها علي بن هشام (أحد القواد في جيش المأمون) فنسبت إليه. وولدت له. ولما مات عتقت. اتصلت بالمأمون العباسي، فكان يبعث إليها كثيرا فتعنيه وتسامره. اختص بها المعتصم في خلافته فأشخصها معه إلى سامراء فكانت إذا أرادت زيارة بغداد استأذنته فتقيم أياما وتعود.
160. أبي النجم: (توفي سنة 130هـ/747م). اسمه الفضل بن قدامة. من رجاز الإسلام الفحول. في الطبقة الأولى. اتصل بعبد الملك بن مروان، وسليمان ابن عبد الملك، وهشام بن عبد الملك.
161. العجاج: (توفي نحو سنة 90 هـ/807 م). راجزمجيد، من الشعراء. ولد في الجاهلية وقال الشعر فيها. ثم أسلم، وعاش إلى أيام الوليد بن عبد الملك، ففلج وأقعد. وهو أول من رفع الرجز، وشبهه بالقصيد. وهو والد رؤبة الراجز المشهور أيضا.
162. رؤبة: (توفي سنة 145هـ/762م). رؤبة بن الحجاج. راجز. من الفصحاء المشهورين. من مخضرمي الدولتين الموية والعباسية. كان أكثر مقامه في البصرة، أخذ عنه أعيان أهل اللغة. كانوا يحتجون بشعره ويقولون بإمامته في اللغة. مات في البادية وقد أسن. وفي الوفيات: لما مات رؤبة قال الخليل: دفنا الشعر واللغة والفصاحة..
163. ابن كناسة: (توفي سنة 207هـ/823م). من أسد خزيمة، أبو يحيى: من شعراء الدولة العباسية. من أهل الكوفة. كان يتجنب في شعره المدح والهجاء. كان عالما بالعربية وأيام الناس. راوية للكميت وغيره. وهو ابن أخت إبراهيم الزاهد. (يتبع)
ابزو: 2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.