الأصل والرمــــــــــــــز
في فهم معتقدات الأمم القديمة
المصطفى فرحات
"إذا دعوتك باسمك، انهض فقد دعوتك للوجود".
عبــــــــــــــادة الكواكــــــــــب
1. القمر:
اعتبر القمر والشمس إلهين قائمين بذاتهما، في حين نظر إلى بقية الآلهة باعتبارهم مرتبطين بغيرهم من النجوم والكواكب السيارة، ويبدو أن الزهرة هي ثمرة الزواج بين الشمس والقمر، وبذالك يتشكل الثالوث الإلهي الرئيسي الذي نجده في كثير من الحضارات: ثالوث الصين المقدس والسماء والأرض. ثالوث الهند إله العاصفة والحرب، إله النار والنظام.
عبادة الإله "القمر" كانت شائعة منذ القدم حتى أنه عرف بأربعة أسماء أو صفات هي: "المقة" عند السبئيين، و"عم" عند القتبانيين، و"ود" عند المعينيين، و"سن وسين" عند الحضارمة. وأسطورة "ود" هي أكثر الأساطير شهرة. إذ قيل: أن القمر :ود" ومعناه الحب، كان رمزا للحب الإلهي ضد الحب الجنسي، هذا في بلاد العرب الجنوبية، أما الشماليون من العرب فقد أطلقوا عليه أسماء وصفات أخرى: فسموه "كهل" بمعنى كاهل، وكرجل كهل. فالعرب يصورونه كسيد العشيرة، ولعل ذالك يرجع إلى مرحلة عبادة الأفلاك، عندما كان أبو القبيلة هو إله القمر. كما أطلقوا عليه صفة "بعل"، والبعل هو الزوج والرب والسيد، وقد اعتبر بعل رمزا للخصب والمطر، وربطوا بينه وبين الثور لأن الحملان شبيه بالقرنين، فاتخذوا الثور من الحيوانات رمزا للقمر، ولآلهة الخصب والمطر، وربطوا بينه وبين الثور لأن الهلال شبيه بالقرنين، فاتخذوا من الحيوان رمزا للقمر، ولآلهة الخصب والمطر كما هو وارد في الشواهد اللحيانية والثمودية.
وتتجلى مكانة القمر في نفوس الناس من قيامهم بطقوس وشعائر لاستدرار رحمته وعطفه، وهكذا فمتى حدثت ظاهرة الخسوف اعتبروا ذالك فأل نحس، وهي إشارة تدل على عدم رضا الآلهة عنهم، فيسارعون للقيام بشعائر توقيا من غضبه.
وتزعم العرب أن النطفة إذا وقعت في الرحم أول الهلال، خرج الولد قويا ضخما، وإذا كان في المحاق خرج ضئيلا. وذهبوا في تعظيمه أن اتخذوا له صنما على شكل عجل، وبيد الصنم جوهرة، يعبدون الصنم ويسبحون له، ويصومون له أياما معلومة من كل شهر لزعمهم أن تدبير هذا العالم السفلي راجع إليه، كما يذهب إلى ذالك صاحب كتاب بلوغ الأرب، وكانت قبيلة كنانة تعبده وتقدم له القرابين.
2. الشمس:
حضيت الشمس بنفس ما حضي القمر من التقديس، ونعتت بالإلهة أو الإهة، وكان يقسم بها، كما سميت "ذات حمم" أو "ذات حمى": أي المكان الذي يحمي. واتخذ العرب لها صنما، وله بيت خاص بنوه باسمه، وسميت بذات ذكاء، ويقال للصبح ابن ذكاء، وكان العرب إذا طلعت الشمس سجدوا كلهم لها، وإذا غربت، وإذا توسطت للفلك: ولهذا يقاربها الشيطان في هذه الأوقات الثلاثة لتقم عبادتهم وسجودهم له، وفي القرآن ما يثبت تلك التصورات. ففي الشعر والشعراء: "لا تسجدوا للشمس والقمر، اسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون".
ومن الأساطير التي نسجها العرب حول الشمس، زعمهم أنها لا تطلع من نفسها حتى تعذبها الملائكة، وترغمها على الظهور صباح كل يوم، ولا تطلع إلا وهي كارهة. وجاء في الشعر والشعراء وقالت: "لا أطلع على قوم يعبدونني من دون الله، حتى تدفع وتجلد فتطلع". ومن مظاهر تقديسهم لها أن ترمى سن الصبي إلى الشمس ويطلب أن تبذله أحسن منها لأنها تمنح الحياة للأسنان الميتة.
والعرب في تقديسهم للشمس يلتقون مع كثير من الأمم: فالمصريون عبدوا الشمس ونظروا إليها كأعظم قوة في طبيعية، وأعظم آلهتهم، وسموها "رع". واليونان عبدوها منذ القدم، وبنوا لها الهياكل والنصب. ورمزوا للشمس بالمرأة، ولم يكن الرمز عن الشمس (الإلهة) المعبودة بالمرأة شيئا جديدا في الديانات القديمة.
وكان لها معبد بالطائف، هو عبارة عن صخرة مربعة بيضاء بنت عليه ثقيف بيتا، وكانت قريش وجميع العرب يعظمونه.
3. الزهرة:
هي ابنة الشمس والقمر، اتخذت رمزا لإلهة الجمال والحب، وأسقطوا عليها مظاهر مجتمعهم القبلي الترفيهي كالطرب واللهو والسرور.وفي الشواهد العربية الجنوبية نجد اسما آخر لها: "عشتر" وهو اسم يمكن رده إلى الإلهة "عشتار" البابلية التي توازي "فينوس" عند اليونان الذين عمدوا إلى نحتها في مواقف كثيرة، وأزياء متعددة توحي كلها بالجمال والإغراء والإثارة الحسية الجنسية. ومن الأساطير التي حكيت حولها ما ورد في كتاب: "الأساطير والخرافات عند العرب"، أنها كانت امرأة حسناء، أغوت ملكين هاروت وماروت، وتعلمت منهما الكلمة التي يصعدان بها إلى السماء، إلى حيث ارتقت ومسخت كوكبا، كما عدت الزهرة عند العرب: ربة الخمور، وهي نفس القداسة التي ألصقت بعشتار عند البابليين، ويقال بأن الرقص المصاحب للخمرة هو في الأساس تقليد لعبادة قديمة نسيت، واستمرت في اللاوعي الجمعي.
4. الدبران:
عبد العرب "الدبران"، وهو كوكب أحمر منير يتلو "الثريا"، وسمي دبرانا لأنه استدبر الثريا، ويسمى "الفنيق"، وهو الجمل العظيم، ويسمون الكواكب التي حوله "القلاص" أي النوق. ويسمى أيضا: "تابع النجم وتاليه"، لأنه يتبع الثريا في الطلوع والغروب، ويسمى "المخدج"، وتعبده قبيلة تميم..وكانت قبيلة طيء تعبد الثريا. ومن أساطيرهم: "أن الدبران خطب الثريا وأراد القمر أن يزوجه بها، فأبت عليه، وولت عنه، وقالت للقمر: ما أصنع بهذا الذي لا مال له، فجمع الدبران قلاصه يتمول بها، فهو يتبعها حيث توجهت، يسوق صداقه قدامه، غير أن "العيوق" (نجم يقع بين الدبران والثريا) عاق الدبران عن لقاء الثريا. وتشاءم العرب من أنوائهن وزعموا أنهم إذا أمطروا بنوئه كانت سنتهم مجدبة. ومما قيل في طلوعه: "إذا طلع الدبران توقدت الأحزان واستعرق الذبان ونشت الغدران".
5. الثريا:
أما الثريا فقد كانت من الأنواء المحمولة بالمطر، وعند حديثهم عن الثريا يقترنون الكرم بها غياب الثريا يصادف الشتاء البارد، وهو الوقت الذي تشتد فيه حاجة الفقراء للطعام بسبب القحط الذي تأتي به ريح الشمال. هي رمز للمرأة وفيرة العدد كالحبش والبنين والبنات.
6. الشعرى:
وهما شعريان: اليمانية، والشامية. وزعموا أن الشعرى اليمانية كانت مع الشعرة اليمانية ففارقتها، وعبرت المجرة، فسميت الشعرى العبور التي عبدتها طائفة من العرب في الجاهلية. وفي هذا الإطار يمكن تفسير الآية "وأنه هو رب الشعرى". فلما رأتها الشامية بكت حتى غمضت عيناها، فسميت الشعرى الغميضاء. ويذكر أن أبا كبشة (جد الرسول)، كان أول من عبدها، ولم تكن قريش تعبدها.
7. سهيل:
وسهيل، هو أخ الشعريين، وتقول الأسطورة أنه تجوز الجوزاء، وكسر فقارها وظهرها، فهو هارب نحو الجنوب خوفا من أن يطلب، فلاذ بكبد السماء وأن "العبور"، عبرت المجرة إلى سهيل. وزعموا أن النظر إليه يشفي من البرسام، وأطلقوا عليه الفحل، تشبيها له بفحل الإبل، وذالك لعظمه واعتزاله النجوم. ويقال أن عين الجمل إذا وقعت عليه من ساعته.
8. الجدي:
وهو كوكب كبير أزهر يقلب أنه قتل "نعشا" فبناته تدور به تريده. وبنات "نعش" نوعان: الكبرى والصغرى. أما الكبرى: فهي سبعة كواكب على شكل التربيع، أربعة منها "نعش"، وثلاثة بنات. وكذالك بنات نعش الصغرى، ولا نوء في طلوع بنات نعش.
طقــــوس الأنـــــــــواء
1. نار الإستمطار:
من شعائر العرب، التضرع والدعاء للمطر، ومن أجل هذا لجأت إلى نار الإستمطار. ويقول الجاحظ: "كانوا إذا تتابعت عليهم الأزمات، وركد عليهم البلاء، واشتد الجذب، واحتاجوا إلى الإستمطار، اجتمعوا، وجمعوا ما قدروا عليه من البقر، ثم عقدوا في أذنابهم وبين عراقيبها السلع والعشب، ثم صعدوا بها في جبل وعر، وأشعلوا فيها النيران، وضجوا بالدعاء والتضرع، فكانوا يرون ذالك من أسباب السقيا."
ومن عادة أهل مكة إذا أجذبوا رشوا على أنفسهم الماء وتطيبوا، وطافوا بالكعبة، ولبسوا ملابسهم بالمقلوب تيمنا بانقلاب الحال، وصعدوا بالبقر جبل "أبي قبيس" تيمنا بمغيب الشمس، وانعقاد الغيوم، وهطول الأمطار.
الأوثــــــــان والأصنــــام
إضــــــــــاءة:
الأصنام رمز للآلهة، والتماثيل هي أجسام تحل فيها الآلهة، هناك علاقة جدلية بين الآلهة والأصنام، وفي إطار هذه العلاقة نعثر على أصل ثالوث العرب الوثني (يغوث ـ يعوق ـ نسر) وهو(القمر ـ الشمس ـ الزهرة)، وهي من الأصنام التي عبدها قوم نوح. وكان يغوث على صورة أسد، ويعوق على صورة فرس، ونسر في صورة نسر، والغرض الذي من أجله نصبت الأصنام هو الاستسقاء، وقد أورد ابن الكلبي: "أن عمرو بن لحى عندما مرض مرضا شديدا، قيل إن بالبلقاء من الشام حمة (كل عين فيها ماء حار تسمى حماة) إن أتيتها برأت، فأتاها فاستحم بها، فبرأ. ووجد أهلها يعبدون الأصنام، فقال: "ما هذه؟"، فقالوا: "نستقي بها المطر، ونستنصر بها على العدو"، فسألهم أن يعطوه منها ففعلوا، فقدم بها مكة، ونصبها حول الكعبة.
يقول ابن الكلبي: "واشتهرت العرب بعبادة الأصنام، فمنهم من اتخذ بيتا، ومنهم من اتخذ صنما، ومن لم يقدر عليه ولا على بناء بيت نصب حجرا أمام الحرم وأمام غيره مما استحسن ثم طاف به تطواف البيت، فكان الرجل إذا سافر ونزل منزلا أخذ أربعة أحجار، فنظر إلى أحسنها فاتخذ ربَّا، وجعل ثلاثة أثافي لقدره، وإذا ارتحل تركه، فإذا نزل منزلا آخر فعل مثل ذلك، وكانوا ينحرون ويذبحون ويتقربون إليها."
الات والغزى ومناة
قال تعالى: "أفرأيتم الآت والعزى ومناة الثالثة..الآية".
1. الات
تقول الأسطورة العربية عن الات: "إن رجلا كان يقعد على صخرة ل "ثقيف" (اسم قبيلة) يبيع السمن وكان ذا غنم، فسميت صخرة الات، فمات، فلما فقده الناس قال لهم عمرو بن لحى: "إن ربكم كان الات، فدخل جوف الصخرة". أي أن الات كانت صورة "صخرة مربعة تعظهما قريش، وسائر العرب". وهناك من يرى بأن الات "هي إلهة الشمس"، وعبدت عند العرب الجنوب وفي الحجاز. ويقول العرب: "إن ربكم يتصيف بالات لبرد الطائف". ومن أسماء نجد: "وهب الات، عبد شمس". ويرى بروكلمان بأن الات هي الإلهة المعروفة في الطائف بالربة أي السيدة والتي شبهها هيرودوتس "آلهة الفلك".
ويقال بأن روح بن قصي أقام معبدا لعبادة "الات" في "صلخد"، وكان حفدته سدنة "الآت".
2. العزى
هي تارة صنم، وأخرى شيطانة تأتي ثلاث ثمرات ببطن نخلة، ويكاد المحدثين يتفقون على أنها إلهة نجمية في عقيدة العرب..للعادات الكثيرة المتعلقة بعبادة "نجم الصلاح" عند البابليين وغيرهم، والموافقة للعادات التي انتشرت عند العرب في عبادة العزى." كانت قبيلة "غطفان" تعبدها. وقد قطعها خالد بن الوليد.
والعزى تقابل كوكب الزهرة، أوعشتار عند البابليين بوصفها ممثلة لفصل الشتاء في أسطورة تموز البابلية. تقول العرب: "إن ربكم يشتو بالعزى لحر تهامة." (تهامة اسم قبيلة عربية)
3. مناة
كانت على ساحل البحر من ناحية "المشلل" ب "قديد"، للأوس والخزرج، ومن دان بدينهم من أهل يثرب. وابن الكلبي يرى بأنها من أقدم الأصنام، وبأنها صخرة لهذيل،وخزاعة، وعند البعض هي إلهة الموت والقدر عند الجاهليين، وذالك لصلة المشابهة بينها وبين كلمة "مامنتو" البابلية التي كانت تعني: "إلهة الموت والقدر"، وهذا يؤكد صلتها بإلهة السماء، وهي صخرة منصوبة على ساحل البحر بين المدينة ومكة. وكانت معظمة عند هديل وخزاعة والعرب جميعا، وخاصة الأوس والخزرج إذ كانوا يحجون إلى مكة ويقفون مع الناس المواقف كلها، ولا يحلقون رؤوسهم، ف‘ذا نفروا أتوا مناة وحلقوا رؤوسهم عندها، ولا يرون لحجهم تماما إلا بذلك. ويخاطبها العرب بهذا العبارة:
يا مناة، يا إلهة القدر والموت
ويا أيها الروح المخيف وملك الموت.
4. سواع:
جاء ذكره في القرآن. كان على صورة امرأة، وكانت لهذيل بن مدركة تعبده ولكنانة، وهو حجر يعبدونه هم وعشائر كثيرة من مضر، وهو يدل على أنه إله الشر والهلاك. يقع بمكان اسمه رُهاط بأرض الحجاز.
5. هبل
كان بمكة، وله سبعة أقدام، كل قدم منها فيه كتاب: "العقل، نعم، لا، منكم، ملصق، من غيركم." وقد نصب على بئر في جوف الكعبة. وصنع من عقيق أحمر على صورة إنسان مكسور اليد اليمنى، وجعلته له قريش من ذهب، وضع في جوف الكعبة، أمامه سبعة أقداح مكتوب في أحدهما: " (صريح) والآخر (ملصق) ف‘ذا شكوا في مولود أهدوا إليه هدية، ثم ضربوا بالقدح (السهام)، فإن خرج (صريح) ألحقوه بأبيه، وإن خرج (ملصق)، دفعوه. وقدح على الميت، وعلى الزواج..وإذا اختصموا فيأمر أو أرادوا سفرا أو عملا أتوا فاستقسموا بالقداح عنده. فما خرج عملوا به وانتهوا إليه..وعنده ضرب عبد المطلب القداح على ابنه عبد الله، وباسمه كان ينادي أب سفيان في معركة أحد ويصيح: "أعل هبل".
5. إسف ونائلة
أسطورة مشهورة، يقال إنهما شخصان أتيا أعمالا سيئة فمسخا حجرين، وعبدهما الناس، وكان أحدهما ملاصقا للكعبة، وثانيهما في موضع زمزم. ويقال إن "إسافا" كانا بإزاء الحجر الأسود، وكانت نائلة بإزاء الركن اليماني.
6. ذي الخصلات
يدل على عبادة الشجر،وهو صنم "خشعم" و"بجيلة" و"أزد" و"السراة". ويقال إنه كان مروة بيضاء منقوشة عليها كهيئة التاج، وكان موضعه ب"تبالة"، وله بيت يحجون إليه وسميت كعبة "ذي الخصلة"، وهي كعبة اليمانية.
6. سعد
سخرية رجل من بني ملكان، لأن هذا الصنم كان سببا في نفرة الإبل منه.
7. يغوث
صنم مذحج وعشاير من مراد وهوازن ومعنى يغوث: يعين على صورة الأسد. مدفون بجدة. يوجد بالجرف عند سبأ.
8. يعوق
صنم همذان، وخولان، وما والاهما من القبائل، ومعنى يعوق: من "يَعو" وهو "العيوق". وهو كوكب أحمر مضيء بحِيالِالثريا في ناحية الشمال، ويطلع قبل الجوزاء. ومنهى ظهرت معني الوقت "يقوت وقوت". يعين على صورة فرس. يقع في قرية خَيوان من أرض اليمن
9. ذو الشرى:
كان له معبد (بطرا) ويقابل الإله (ديونيسوس) عند اليونان، إله الخصب والخمر.
10. وُدّ: (القمر)
من الآلهة الجنوبية، يؤلف مع "الات" و"العزى" وثالوث الأب والأم والابن. صنمه بدومة الجندل، وظل منصوبا هناك إلى أن جاء الإسلام. وكان تمثالا لرجل عظيم، قد دبر عليه حُلْقان/ متَّزر بحلة، مرتد بأخرى، عليه سيف قد تقلده، وتنَكَّب قوسا، وبين يديه حربة، فيها لواء ووفْضَة (جعبة فيها بنبل) وقد عرف عند البابليين والآشوريين باسم (أود) ربالينابيع والمطر والفيضان والطوفان.
عبادة هذا الإله كانت حبا في استنزال المطر، ورهبة في درء خطر الفيضان والطوفان، فتحول هذا الحب مع الزمن إلى حب جنسي، وفي القرآن ما يدل على هذه العبادة. ومن القبائل التي عبدته: كلب بن وبرة، وكان بدومة الجندل.
11. رضا وتيم وشمس:
كانوا لتميم.
12. مناف:
به سمي عبد مناف.
13. بوَّانة:
ذكر عن "أم قيس" أنها قالت: "كان "بوانة" صنما تحضره قريش وتعظمه وتنسك له وتحلق عنده وتعكف عليه يوما إلى الليل في كل سنة. وكان أبو طالب يحضره مع قومه، ويكلم رسول الله أن يحضر ذلك العيد معهم فيأبى.
الطبيعـــــــة
1.الجبال:
1.1.جبل الأرز
في ملحمة جلجامش، هو موطن الآلهة، وكان جلجامش وصديقه أنكيدو يقدمون له قربانا طالبين أن يواتيهما الجبل بحلم مطمئن:
وأمام الإله شماش حفرا بئرا
وصعد جلجامش إلى الجبل
وقدم وجبته إلى البئر
وقال أيها الجبل أرسل لي حلما
2.1 جبل ماشو:
كان جبلا أسطوريا، وهو يدعى أيضا جبل الشمس لكونه يراقب مشرق الشمس ومغربها، فضلا عن مواصفاته المتعلقة بالطريق المؤدي إليه، فهو طريق محفوف بالمخاطر، لم يتمكن إنسان من الوصول إليه قبل جلجلمش الذي وصل إليه بمساعدة الآلهة.
3.1 جبل البرناس:
في الأساطير اليونانية، عند جبل البرناس مسكن آلهة الفنون.
4.1 جبل أبي قيس:
آدم هو من كناه بذالك حين اقتبس منه النار التي بأيدي الناس. وهذا ما يفسر لنا ممارسة أهل مكة لشعائر نار الاستمطار في هذا الجبل، وقيل أن تسمية هذا الجبل أجذت من أحداث قصة العاشقين: "مضاض" و "مي" التي ذكرها صاحب كتاب التيجان على لسان الحارث بن مضاض، آخر ملوك جرهم، والتي كان يرويها لديه إياد بن نزار، وخلاصتها: أن "مضاض" فتن بابن عمته "مي" وفتنت به، وكان قيس بن سراج وهو رجل من رهط جرهم قد رأى "ميا"، فهويها وهي لا تعلم حتى أتاها قيس بن سراج، وأنشأ يبث لها أخبارا ليفرق بينها وبين "مضاض"، وكان له ما أراد، إذ عرضت مي عن مضاض عند تعرضه لها قائلا:
علام قبست النار يا أم غالب بنار قبيس حين هاجتك نـاره
على كبد وأنت عليمـــــــــــة بغيب رفيق لا يبين ضمائـره
فولت عنه، وعيناه تغرورقان دموعا، وتجهمته، وتنادى الحي للرحلة، وافترق الحي من سفح الجبل، وعزم مضاض على قتل قبيس الذي هرب منه والتجأ إل الجبل ليختفي فيه، وليأخذ الجبل اسما منه. والعرب يعتبرون أن قبيس أصبح روحا تطوف في جنبات هذا الجبل الذي أخذ اسمه من هذه الحادثة.
5.1 جبل أجأ وسلمى:
وهما جبلان نزلهما (طيء) وولده، والتقى شيخا على خلق العاديين اسمه (أجأ)، ومعه امرأة على خلقه اسمها (سلمى)، وعندما سأل طيء الشيخ عن أمرهما أخبره بأنهما من بقايا (صحار): "غنينا بهذين الجبلين عصرا بعد عصر. أفنانا كَرُّ الليل والنهار". وقيل : "إن أجأ بن عبد الحي رجل من العماليق عشق امرأة من قومه يقال لها سلمى، وكانت لها حاضنة يقال لها (العوجاء)، وكانا يجتمعان في منزلها حتى نزل بهما إخوة سلمى على الجبل المسمى سلمى، فقتلوها هناك، فسمي الجبل باسمها، ولحقوا العوجاء على هضبة بين الجبليين فقتلوها هناك، فسمي المكان بها، ولحقوا "أجأ" بالجبل المسمى بأجأ فقتلوه فيه، فسمي به.
6.1 جبل ثبير:
وهو من أعظم جبال مكة، وسمي ثبيرا برجل من هذيل مات في هذا الجبل، فعرف الجبل به، وقيل بأن المشركين إذا أرادوا الإفاضة قالوا: "أشرق ثبير، كيما نغير". لأن الشمس كانت تشرق من ناحيته فكأن ثبير حال بين الشمس والشروق. واعتبر العرب هذا الجبل مسكونا بالأرواح فأقامت الشعائر وقدمت القرابين.
7.1 غار حراء:
كان "قريش" إذا دخل شهر رمضان خرج يريد التحنث منها إلى حراء، فيقيم فيه شهرا، ويطعم من يأتيه من المساكين، حتى إذا رأوا هلال شوال لم يدخل الرجل على أهله حتى يطوف بالبيت أسبوعا. والتحنث: التبرر. ويعرف الجبل الذي هو فيه بجبل النور،وهو مقابل لجبل آخر يسمى "ثبير"، ومازال غار حراء باقيا يقصده الناس.
(تحينوت TEHINNOT أو TEHINNOTH ومعناه الاعتكاف والتوجه بالصلاة إلى الله. (رأي الباحث: HIRSCHFELD))
2. الأشجار:
اتخذوا مواضعها حرما آمنا يتبركون بها، ويتقربون إليها بالنذور والقرابين لاعتقادهم أن فيها قوى روحية كامنة فيها... وزعموا أن الجن تسكنها والشياطين، وحرقهم هي انتقام منهم. وإذا سافر العربي أو قام بتجارة علق بعنقه وبرقاب إبله لحاء من لحاء شجر الحرم، فأمن بذلك حيث توجه إعظاما للحرم، ف‘ذا رجع ودخل الحرم قطع ذلم اللحاء من رقبته ومن رقاب إبله. ومن هذه الأشجار:
1.2 ذات الأنواط:
وهي شجرة عظيمة يأتونها كل سنة، فيعلقون أسلحتهم عليها، ويذبحون عندها، ويعتكفون يوما.
2.2 نخلة نجران:
كان العرب يتعبدون لها، ويعلقون عليها كل ثوب حسن وجدوه، وحلي النساء.
3.2 العشر أو الحماطة:
تظن العرب أنها مسكن الشياطين، وتسكنها الثعابين.
4.2 طقس الرتيمة:
وهو أن يعقد الرجل إذا أراد السفر بين شجرتين أو غصنين يعقدهما على غصن ويقول: "إن كانت المرأة على العهد ولم تخنه بقي هذا على حاله معقودا، وإلا فقد نقضت العهد.
5.2 النخلة:
عرفت النخلة بشجرة الحياة في الزخارف الرمزية التي شاع استعمالها في العراق القديم، خاصة في عصر الآشوريين. وقد فرضت شريعة حمو رابي غرامة كبيرة على من يقطع شجرة نخل، وفي حضارة وادي النيل، كان المصريون يقدمون للنخلة المقدسة قرابين الخيار والعن والتين.
الشقائق:
رمز المُلك وما فيه من الدم والجراح والقتل، والشقيق يضاف إلى النعمان بن المنذر، آخر ملوك الحيرة. قالوا إنه خرج إلى ظهر الحيرة وقد اعْتَمّ نبته ما بين أصفر وأحمر وأخضر، وإذا فيه من الشقائق شيء كثير. فقال: ما أحسنها! احموها. فكان أول منت حماها، فنسبت إليه.
عالم الحيـوان
كثير من القبائل العربية أخذت أسماءها من الطوطم الذي تعبده ك "كلب" و"ثور" و "ثعلبة" و "أسد" ...
1. الحية:
كانت مثل الجمل، وكانت تطير، دخل فيها إبليس فطارت به حتى أدخلته الجنة فأغوت آدم ونالت عقابها بقص جناحها، وقطع أرجلها، والمشي على بطنها، وبإعراء جلدها، وبشق لسانها.."رمز الطب هو الحية الملتفة حول العصا ربما له علاقة برمز شجرة الخلود، وحولها الحية التي تمثل قوة الشر. ويرقى هذا الرمز إلى زمن (جوديه) في العراق القديم من نهاية الألف الثالث ق.م ، وإلقاء عداوة الناس عليها، ونسب الظلم والكذب لها.
وأصبحت رمز الخلود وتجديد الشباب كما في ملحمة (كلكامش). وقيل أن اشتقاق الحية من الحياة، وعلى هذا لم يجد الناس الحية ماتت حتف أنفها قط، وإنما تموت بأمر يعرض لها، ولذا قيل: "أعمر من حية". وزعموا أن الحية تعيش ألف سنة وأكثر، وكل سنة تسلخ جلدها، وكلما انسلخ يظهر على قفاها نقطة، ونقط قفاها هو عدد سنينها.
وغدت الحية معبودة في حضارات قديمة مختلفة، فالمصريون القدماء عبدوا الأفعى مع كثير من الحيوانات حتى كانت الآلهة من الحيوانات أكثر ذيوعا بين المصريين من آلهة النبات.
وعند الفينيقيين كانت الحية التنين هي الإلهة الأكثر أهمية.
أما في بلاد العرب فالسبئيون رمزوا لإلههم الأكبر بالحية. وقد كشفت التقنيات في هيكل (الخطم) في حاضرة الدولة المعينية عن رسوم تمثل أفاعي كانت رموزا إلهية، كما فسرت الآلهة بأنها "الحية العظيمة"، وأن "الات" الصنم المعروف عند العرب، أصله الإلهة، كانت قد سمي بها. و"الجان" حية أو ضرب من الحيات، وقيل "الحية بنت الجان".
واعتقد الجاهليون أن من يتعرض للحية بأذى سيحيق به المرض أو الجنون، ولو قتلها لجوزي بها كما جوزي "مرداس بن أبي عامر" الذي نسب العرب قتله إلى الجن لحرقه مع شريط له هو "حرب بن أمية" غيضة شجر ملتف ظهرت فيها حيات بيض تطير، وهذا النوع من الحيات هو الذي تحدث عنه "هيرودوت" في تاريخه عن جزيرة العرب، فذكر الأفاعي المجنحة الطائرة التي تكثر ببلاد العرب، والتي لا شبيه لها فيبلد آخر. وظلت هذه الأساطير تدور في أذهان الناس حتى العصر الجاهلي. وأطلق العرب على بني سهم "قتلة الجن"، وذلك لقتلهم عددا من الحيات في قصة أورتها بعض المضان.
علاقة عبادة الأشجار والحية:
كانت شجرة الحماضة يسكنها ثعبان لا يعدو أن يكون إلا رمزا للشيطان.
(الحية وشجرة الصفصاف): جاء في ملحمة "كلكامش" أن كلكامش، عندما عمد إلى قطع الشجرة وذبح الحية، فكانت أن فرت الشيطانة (ليليت) إلى الأماكن الخربة المهجورة.
وإذا قتل العرب الثعبان خافوا من الجن أن يأخذوا بثأره، فيأخذون روثة ويفتتونها على رأسه، ويقولون: "روثة راث ثائرك". وكانت تعلق على الرجل الملدوغ الحلي سبعة أيام، وذلم اعتقادا منهم بأن الشياطين تهرب عند سماع صوت ينبعث من معدن سواء أكان هذا الصوت صوت صليل من الأجراس الصغيرة، أو قعقعة متواصلة.
وزعم العرب أن في بطن العرب حية يقال لها الصفر، وأنها تعضه إذا جاع/ واللدغ الذي يجده عند الجوع هو من العض. ولا يستبعد أن يكون لهذا علاقة بأسطورة أكادية في ملحمة كلكامش الذي يطمح أن تكون في جوفه، وتشبع نهمه للخلود قبل أن تتحول إلى رمز للأذى المؤذي للهلاك والموت.
وقيل إن الحية تحمل وجه إنسان، واقترنت بالمرأة كثيرا كما في "أيام البردان3، وحلف بها في "يوم عاقل".
الناقة:
الأسطورة التي دارت حول الإبل مستوحاة من قصص النبي"صالح". فالناقة هي معجزته. فقد استثمر عمرو بن لحى وقائع ناقة صالح ليعمد إلى تغيير الحنيفية متخذا الناقة وسيلة لهذا الغرض حتى قيل "إن أول من غير الحنيفية، وبحر البحيرة، وسيب السائبة، وجعل الوصية، وحمى الحمى." والسوائب والبحائر والحوامي تحبس لآلهتهم. كما حرموا المفقأة والمعمى. (البحيرة هي الناقة تشق أذنها فلا تركب ظهورها، ولا يجوز وبرها، ولا يشرب لبنها إلا الضيف. وهي بنت السائبة. والسائبة هي الناقة التي تابعت بين عشر إناث ليسبينهن ذكر. سيبت فلم يُركب ظهرها، ولا يُشرب لبنها إلا ضيف. والحامي هو الفحل الذي إذا نتج له عشر إناث متتاليات ليس بينهن ذكر حمى ظهره فلم يُركب، ولم يجز وبْره. وترك في إبله يضرب فيها. المفقأ: كانوا إذا بلغت الإبل ألفا فقئوا عين الفحل، فإذا زادت فقئوا العين الأخرى، فذلك المفقأ والمعمى.
الذي قتل ناقة صالح هو قدار بن سالف المعروف عند الغرب جميعها ب "أحمر عاد". وغدا رمزا للشؤم. وكانت الناقة حجة الله على ثمود. وكان العرب يقسمون بها. وتشاءم العرب من اسم الشهر الذي تتلقح به الناقة وهو شهر شوال، فلا يزوجون بناتهم وأولادهم فيه، وحرب البسوس المشهورة كان سببها الناقة.
ومن الملامح الأسطورية المقترنة بالناقة: "أن بعضهم إذا حضره الموت، يقولون لولده: 3ادفنوا معي راحلتي حتى أحشر عليها، فإن لم تفعلوا حشرت على رجلي، فيربطون الناقة معكوسة الرأس إلى مؤخرتها، مما يلي ظهرها، أو مما يلي كَلْكَلِها، ويأخذون ولية فيشدون وسطها، ويقلدونها عنق الناقة ويتركونها عند القبر، ويسمون تلك الناقة البلية، والخيط الذي تشد به ولية".
واتخذت قبيلة طيء الجمل معبودا. وبعض القبائل ك"تيم" تصطحبه في الحروب تيمنا به. وكان ليزيد بن عمرو، الملك الغساني ناقة محماة وفي عنقها مدية وزناد وصرة ملح، وكان يمتحن بها رعيته لينظر من يجترئ عليه، وقد دفع الحارث بن ظالم حياته ثمنا لنحره هذه الناقة.
وهناك ناقة أبي دؤاد الأيادي (الزباء). التي كانت في نظر الإياديين ناقة ميمونة يرسلونها، فحيث توجهت يتبعونها، وكذلك يفعلون إذا أرادوا نُجعة. وحملوها على محمل النذور في الجاهلية حتى أن الناقة كانت تذبح في (الميسر) بمراسيم عقائدية، وبحضور الكهان.
وطقوس ذبح الناقة راجعة إلى الاعتقاد بأن أكل لحم الضحية المقدسة يجعل أكلها متلقيا لحياة الآلهة وصفاتها. ويقاس على ذلك عقر ناقة على القبر لإضفائهم على صاحبه صفات التعظيم والتقديس.
وتشبه بعض العرب النجوم بالإبل. فالعرب تسمي سهيلا الفحل، ويسمى سهيل اللطيم، وهو الصغير من الإبل. كما زعم العرب أن في الإبل عرقا من سفاء الجن، وأنها خلقت من أعنان الشياطين. ومن نسل الجن الإبل الحوشية. كما ‘ن للإبل علاقة بحيوانات ومخلوقات وهمية كالسعالى والعفاريت والغيلان والدواهي.
الثور الوحشي:
صورة الثور الوحشي يمكن ربطها بأسطورة القمر. واختير الثور لقرنيه اللذين يذكران بالهلال كحيوان مقدس لإله القمر، الذي ارتبط منذ زمن مبكر بطقوس الزراعة والخصب واستنزال المطر، والثور فيه قوة الإخصاب، وعليه انتشرت عبادة الثور رمزا للخصب والمطر.
إن صورة الثور الوحشي تطور لترانيم وملامح دينية قديمة تتصل بقدسية الثور وما كان يرمز إليه من الخصب والمطر والاتحاد به بالصيد، ولكنها لم تعد تحمل مغزى دينيا، بل انتهت إلى الشعراء الجاهليين المعروفين بتقاليد أدبية، وأن لم تخل من إشارات وسمات هي بقايا قدسية انقرضت، ويستطيع الملم بأصولها فهمها والنفاذ إلى إيماءاتها ومراميها.
وزعموا أن الجن هي التي تصدّ الثيران عن الماء حتى تمسك البقر عن الشرب إلى أن تهلك. ويرى صاحب كتاب المطر في الشعر الجاهلي أن هذا الطقس له علاقة بالسقيا والإرواء والإخصاب. فربما كان ابتداء الثور بالشرب إغراء له لكي ينزل المطر، أو تكريما لصانع المطر الذي كانت الغدران من فعله ونتاجه أو تذكيرا له بعواقب الجفاف والجدب والاهانة والحرق بالنار.
الحمار الوحشي والظليم (ذكر النعامة):
التاريخ يخفيه ولا يكشف عن صورته في الدين القديم، ونفس الشيء يقال عن الظليم. هذا ما لاحظه علي البطل في كتابه الصورة في الشعر العربي.
الغزال:
يكاد الباحثون يجمعون على قدامة هذا الحيوان بعدما اطلعوا على ما أورده ابن هشام في سيرته، ذلك أن عبد المطلب جد الرسول حفر بئر زمزم فوجد فيه غزالين من ذهب، وهما الغزلان اللذان دفنتهما قبيلة جرهم في البئر حين خرجت من مكة، ووجد فيه أسيافا وأذرعا، وهذا دليل على عبادة هذا الحيوان في العصور القديمة. ويعتقد أن حرض الشعراء على ألا يقتل الغزلان في قصائدهم كان يعني أنه معبود كالشمس.
الطيور:
تم اعتقاد شائع في كثير من المجتمعات القديمة بأن روح الميت تتحول إلى طائر يظل هائما بين الأحياء، ومان يدعى عند البابليين والآشوريين ب "الأطمو"، وعند المصريين "كا"، وعند العرب الجاهلية "البومة والصدى والهامة".
النسر:
وسيلة للتنبؤ بالغيب في حضارة وادي الرافدين، واتخذه الكهان والعرافون. يقولون: "إذا مر نسر من جانب الملك الأيمن إلى الأيسر، فإن الملك سوف ينتصر أينما ذهب. وإذا أمسك نسر بسمكة أو طير وحلق بها بعيدا ثم افترسها أمام رجل فإن الأخير سوف يتعرض لخسارة، وإذا أكل نسر حمامة فوق سقف بيت رجل ثم ترك منها شيئا فإن صاحب الدار سوف يزداد ثراء.
كما ورد ذكره في أسطورة "إيتانا" خلاصتها أن النسر والثعبان يقسمان إيمانا الصداقة المقدسة، لكن النسر يضمر الشر في قلبه، ويحنث بقسمه بابتلاعه أطفال الثعبان الذي شكاه إلى الإله "شماس" ليأخذ له بالثأر، فتدبره له مكيدة فيقع في فخ ويكسر جناحاه، ثم يدفن في حفرة تحت الأرض حتى خلصه الملك "إيتانا" لكي يطير به إلى السماء بحثا عن نبات النسل.
في أسطورة لقمان عاد، وهو غير لقمان الحكيم: "نودي إلى لقمان أن قد أعطيت ما سألت، ولا سبيل إلى الخلود، فاختر إن شئت بقاء سبع بعرات من ظبيات عُفَر في جبل وَعْر، ولا يمسها قط، وإن شئت بقاء سبع أنسر سحر كلما هلك نسر أعقبه نسر، فكان اختياره بقاء النسور". وكان اسم النسر السابع "لبد" الذي طبقت شهرته الآفاق، وصار يضرب مثلا على طول العمر والفناء معا حتى قال العرب: "أتى أبد على لبد". فضلا على ذلك، فالنسر من آلهة العرب، فهو واحد من أصنام "نوح"، "بذي الكلاع" بأرض "حمير". ونذكر هنا نذكر أسطورة "نسر مراد": "أن قبيلة مراد كانت تعبد نسرا، يأتيها في كل عام، فيضربون له خباء، ويقرعون بين فتياتهم، فأيتهن أصابتها القرعة أخرجوها إلى النسر فأدخلوها الخباء معه فيمزقها ويأكلها." وكان يؤتى له بخمر فيشربه، ثم يخبرهم بما يصنعون في عامهم ويطير، ثم يأتيهم في عام قابل فيصنعون به ذلك حتى اهتدى المراديون إلى أن يقدموا له فتاة من امرأة همدانية كانت قد ولدتها لرجل منهم، ووافق ذلك قدوم خالها فأخبرته أخته بما صنع المراديون، فدبَّر الهمداني مع أخته مكيدة مكنته من أن يترك النسر قتيلا، ثم أخذ أخته وارتحل في ليلته، فعظمت المصيبة على مراد بقتل النسر، فكان أول ما هاج الحرب بين همدان ومراد حتى حجر الإسلام بينهم. وزعموا أن الجن تتراءى في صورة الجن. وعبدت قبيلة حمير النسر ونشرت عبادته في الشمال على صورة نسر من الطين.
الطاووس:
حينما ظهر الطاووس لأول مرة كان جميلا، ولكن جماله لم يكن فاتنا إلى الحد الذي نراه اليوم، ورأته الخطايا السبع فحقدت عليه ريشه الجميل، وذهبت إلى الملك فشكت له الظلم الذي وقع عليها وقالت له: "ما ينبغي أن يكون الطاووس جميلا هكذا، فقال الملك أنتن على حق، لقد كان ظالما حينما فعلت عليكن ما فعلت، ويجب أن تكون الخطايا السبعة سوداء كالليل الذي يظلها، ثم وضع الملك عين الحسد الخضراء، وعين القتل الحمراء، وعين الغيرة الصفراء، وعيون الخطايا الأخرى جميعا على ريش الطائر ثم أطلقه، وتبعته الخطايا السبع لتسترد ما فقدته، ولكن محاولاتها ذهبت هباء، فما زال الطاووس يرتدي كل هذه العيون الجميلة ويمشي معتزا بها ومزهوا.
الهدهد:
يقول الجاحظ: "أن القُنزُعَة التي على رأس الهدهد ثواب من الله عز وجل على ما كان يبِرُّه لأمّه، لما ماتت جعل قبرها على رأسه، وأنهم يجعلون الرائحة النتنة التي فيه بسبب تلك الجيفة التي كانت مدفونة في رأسه.
الغراب:
كثير من الشعوب منذ العصور القديمة كانت تحس إزاء هذا الطائر ‘حساسا يشوبه التقديس أو الأسطورة. ولم يفكر العرب خاصة بصيده،ولعلمروره في قصة نوح، وأسطورة الطوفان البابلية أثر في ذلك. يقول الجاحظ: "أن نوحا حين بقي في اللجة، بعث الغراب فوقع على جيفة ولم يرجع. ثم بعث الحمامة لتنظر هل ترى في الأرض موضعا يكون للسفينة مرفأ، استجعلت على نوح الطَّوق الذي في عنقها فرشّاها بذلك، أي فجعل ذلك جعلا لها. والعامة تضرب مثلا وتقول: "ما هو إلا غراب البين."
أسطورة الغراب والديك "يحكى أن الديك كان نديما للغراب، وأنهما شربا الخمر عند الخمار ولم يعطياه شيئا، وذهب الغراب ليأتيه بالثمن حين شرب، ورهن الديك فخاس به (غدر به) فبقي محبوسا. وذكر الكلبي أن قبيلة "عَك" إذا خرجوا حجاجا قدَّموا أمامهم غلامين أسودين يصيحان "نحن غراب عك" قتقول "عك" من خلفهما:
"عك" اليناعانيَهْ عبادك اليمانيــــــــــهْ
كيما نَحُجّ الثانيـهْ على السِّداد المناديَهْ.
من أمثال العرب: "أشأم من غراب البين." ذلك أن الغراب إذا بان بأهل الدار النُّجْعَة، وقع في مرابض بيوتهم يلتمس ويتقَمَّمُ، فيتشاءمون به، ويتطيرون منه. يقول النعيمي: "من المحتمل أن عادة الغراب في أكل أجسام الموتى قد ساعدت على نظرة الناس إليه في خوف ورهبة، إذ كانوا يعتقدون أنه في وسعهم أن يكتسبوا صفات الميت عن طريق أكل جزء من جسده." ومن أجل تشاؤمهم بالغراب، كما يقول الجاحظ، اشتق العرب منه اسمه: الغربة والاغتراب، والغريب، فضلا عن تشاؤمهم من نعيقه ونعيبه وسواد لونه. وسموه الأعور كناية عن التطير منه.
وربط لونه الأسود بفكرة بداية الخليقة، وارتباطه بالجو جعله رمز القوة الخلاقة، لذلك أعطته كثير من الشعوب البدائية قيمة كونية. والحقوا به بعض القوى الغامضة بخاصة التنبؤ عن المستقبل. ولعب نعيقه دورا في طقوس العرافة. في الصين هناك رمز لغراب بثلاث أرجل داخل قرص الشمس، ترمز إلى مراحل الشمس الثلاث في أثناء النهار، وهو أول شعارات الإمبراطورية الصينية. وفي القرآن آية تذكر أن الله بعث الغراب ليعلم قابيل الدفن، تدل على خلاف مزاعم العرب بشأن هذا الطائر.
الماء:
السحابة:
رمز المرأة الخفرة. المرأة دثار الرجل، والسحابة دثار الأرض. السحابة هي تلد الماء أو المطر كما تلد المرأة تنجب البنين والبنات. السحابة تبدو بيضاء كثيفة ذات صباحة وبدانة،. السحابة والمرأة تمشيان فتسحبان ذيلهما.
الخمر:
الخمر في وعي الجاهلي باعث الكرم. فهم يرثون الميت بأنه صاحب خمر وندامى،وافتخروا بها. فقد كانت شرابا إلهيا مقدسا. هي دم الإله الذي صدع. يشربه عابدوه لتحل فيهم روحه وقواه في احتفالات يمثل فيها مصرعه وقيامه بين الأموات. ويعتبر صب الخمر على قبر الميت نوعا من التطهير. كما يحرمون شرب الخمر حتى يأخذوا بثأر موتاهم. وكان لها أهمية في إتمام تأدية شعائر الوثنية في الحج.وفي بلاد الرافدين شاعت فيها عادة تقديم القرابين من النبيذ إلى الآلهة يوميا.
منابع الماء:
بئر قليب:
وهي بئر عادية قديمة، وكان لها حمى يقدر بخمسين دراعا لا يظلم الناس في هذه الحدود، ولا يقنص الصياد الحيوان أو الطير في هذه الأرض المقدسة، ونصبوا بعض الأصنام على مواطن الآبار كنصب (هبل) على بئر في جوف الكعبة، واتخاذ إساف ونائلة على موضع زمزم ينحرون عندها.
بئر زمزم:
بئر مقدسة عند العرب. ويزعمون أن عبد المطلب هو من أعاد حفرها، واقترنت زمزم ببيت الحرام.
....................................................................................................................................................
المراجع: (ببليوغرافيا)
1. الأساطير. دراسة حضارية مقارنة. د. أحمد كمال زكي. الناشر مكتبة الشباب. القاهرة. ط/1. 1975.
2. أساطير شرقية. كرم البستاني. دار الكسوف. بيروت. ط/1. 1944.
3. أساطير العالم القديم. صمويل نوح كريم. ترجمة عبد الحميد يوسف. الهيئة المصرية العامة للكتاب. القاهرة. 1974.
4. الأساطير العربية قبل الإسلام. محمد عبد المعيد خان. طبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر. القاهرة. 1937.
5. الأساطير في بلاد ما بين النهرين. صمويل هنري كوك. ترجمة يوسف داوود عبد القادر. دار الجمهورية للطباعة، بغداد 1968.
6. الأساطير وعلم الأجناس. دفيس النوري. دار الكتب للطباعة والنشر. جامعة الموصل. 1980.
7. الأساطير والخرافات عند العرب. محمد عبد المعيد خان. دار الحداثة للطباعة والنشر. بيروت . ط/3. 1981.
8. الأسطورة. ك.ك. راثفين. ترجمة جعفر صادق الخليلي. منشورات عويدات. بيروت. ط/1. 1981.
9. الأسطورة. د. نبيلة إبراهيم. الموسوعة الصغيرة. العدد 54. منشورات وزارة الثقافة والاعلام. بغداد. 1979.
10. الأسطورة في شعر السياب. عبد الرضا علي. منشورات وزارة الثقافة والإعلام. بغداد. 1978.
11. الأسطورة في الشعر العربي الحديث. د. أنيس داوود. دار الجيل للطباعة. القاهرة. 1975.
12. الأسطورة في المسرح المصري المعاصر. د. أحمد شمس الدين الحجاجي. دار الثقافة للطباعة والنشر. القاهرة. 1975.
13. الأسطورة والتاريخ في التراث الشرقي القديم. دراسة في ملحمة كلكلمش. محمد خليفة حسن أحمد. مطابع دار الشؤون الثقافية العامة. بغداد. 1988.
14. الأسطورة والرمز في الأدب الجاهلي. (ضمن كتاب: الشعر والمجتمع). د. عادل جاسم البياتي. دار الحرية للطباعة. بغداد. 1974.
15. الأسطورة والرمز. مبادئ نقدية. لخمسة عشر ناقدا. ترجمة جبران إبراهيم جبرا. دار الحرية للطباعة. بغداد. 1973.
16. الأسطورة والمعنى. كلود ليفي اشتراوس. ترجمة شاكر عبد الحميد. مطابع دار الشؤون الثقافية العامة. بغداد. 1990.
17. الأسطورة اليونانية. فؤاد جرجي بربارة. مطابع وزارة الثقافة والإرشاد. دمشق. 1966.
18. الأصنام. ابن الكلبي. أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب. تحقيق أحمد زكي باشا. المطبعة الأميرية بالقاهرة. 1924.
19. البيان والتبيين. الجاحظ أبو عثمان عمرو بن بحر. تحقيق وشرح عبد السلام هارون. مطبعة المدني. القاهرة. ط/5. 1985.
20. التفسير الجدلي للأسطورة. عدنان بن ذريل. دمشق. 1974.
21. التفكير الخرافي. بحث تجريبي. د. نجيب إسكندر. و د. رشدي خام منصور. مكتبة الأنجلو المصرية للطبع والنشر. القاهرة. 1962.
22. الحكاية الخرافية. فريد رسن فون ديرلاين. ترجمة د. نبيلة إبراهيم. دار نهضة مصر للطباعة والنشر. القاهرة. 1965.
23. الحكاية الشعبية. د. عبد الحميد يونس. مطابع دار الشؤون الثقافية. مشروع النشر المشترك. بغداد.
24. حياة الحيوان الكبرى. الدميري. أبو البقاء كمال الدين محمد بن موسى. تصحيح حسن الهادي حسين. مطبعة محمد علي صبيح. الأزهر. مصر عن النسخة المطبوعة بالمطبعة الأميرية. 1272 هـ.
25. الحياة العربية في الشعر الجاهلية.د. أحمد محمد الحوفي. دار القلم. بيروت. ط/4. 1962..
26. الحياة والموت في الشعر الجاهلي. مصطفى عبد اللطيف جياووك. دار الحرية للطباعة. بغداد. 1977.
27. الحياة اليومية في بلاد بابل وآشور. جورج كونتيفو. ترجمة سليم طه التكريتي، وبرهان عبد التكريتي. دار الحرية للطباعة. بغداد. 1979.
28. الحيوان. الجاحظ. تحقيق عبد السلام هارون، ومصطفى البابلي الحلبي. مصر. ط/1. 1940.
29. الدولة والأسطورة. أرنست كاسيرر. ترجمة أحمد حمدي محمود. الهيئة المصرية العامة للكتاب. القاهرة. 1975.
30. الديانة اليونانية القديمة. هـ . ج . روز. ترجمة رمزي عبده جرجس. دار نهضة مصر للطبع والنشر. القاهرة. 1965.
31. الرمز الشعري عند الصوفية. عاطف جودة نصر. دار الأندلس. دار الكندي للطباعة. بيروت. ط/1. 1978.
32. شياطين الشعراء. د. عبد الرزاق حميدة. مكتبة الأنجلو المصرية للطبع والنشر. القاهرة. 1956.
33. الصورة في الشعر الجاهلي حتى آخر القرن الثاني الهجري. دراسة في أصولها وتطورها. د. علي البطل. دار الأندلس للطباعة والنشر. بيروت. ط/3. 1973.
34. عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات. القزويني. زكريا محمد بن محمود. مطبعة مصطفى البابلي الحلبي. ط/3. 1956.
35. عقائد ما بعد الموت في حضارة بلاد وادي الرافدين القديمة. نائل حنون. دار الشؤون الثقافية. بغداد. ط/2. 1986.
36. الفولكلور في العهد القديم. جيمس فرايزر. ترجمة {ز نبيلة إبراهيم. مراجعة د. حسن ظاظا. الهيئة المصرية العامة للكتاب. 1974.
37. في طريق الميتولوجيا عند العرب. محمود سليم الحوت. مطبعة دار الكتب. بيروت. ط/1. 1955.
38. كاكامش.د. سامي سعيد الأحمد. سلسلة نوابغ الفكر العربي, مطابع دار الشؤون الثقافية العامة. بغداد. 1990.
39. ما قبل الفلسفة. هنري فرانكفورت وآخرون. ترجمة جبرا إبراهيم جبرا. مؤسسة فرانكلين للطباعة والنشر. دار مكتبة الحياة. بغداد. 1960.
40. مدخل لدراسة الفولكلور والأساطير العربية. شوقس عبد الحكيم. دار ابن خلدون. بيروت. ط/1. 1978.
41. مصر والشرق الأدنى القديم. د. نجيب ميخائيل إبراهيم. دار المعارف بمصر. ط/2. 1966.
42. مضمون الأسطورة في الفكر العربي. د. خليل أحمد خليل. دار الطليعة للطباعة والنشر. بيروت. ط/2. 1973.
43. المعتقدات الدينية في العراق القديم. د. سامي سعيد الأحمد. مطابع دار الشؤون الثقافية العامة. بغداد. 1977.
44. مغامرات العقل الأولى. دراسة في الأسطورة, فراس السواح. دار الكلمة للنشر. بيروت. ط/1. 1981.
45. مقدمة في الأنتروبولوجيا الاجتماعية. لويسمير. ترجمة د. شاكر مصطفى سليم. دار الحرية للطباعة. بغداد. 1983.
46. مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة. الجزء الأول. حضارة وادي الرافدين. ج/2. حضارة وادي النيل. شركة التجارة للطباعة. بغداد. 1955/1956.
47. ملحمة كلكامش. طه باقر. دار الحرية للطباعة. بغداد. 1395/1975.
48. ملحمة كلكامش. ترجمة سامي سعيد الأحمر. دار الجيل. بيروت. 1984.
49. من الأساطير العربية والخرافات. د. مصطفى الجوزو. دار الطليعة. بيروت. ط/1. 1977.
50. المنهج الأسطوري في تفسير الشعر الجاهلي. عبد الفتاح محمد أحمد. دار المناهل للطباعة والنشر. بيروت. ط/1. 1987.
51. تاريخ الأدب العربي. كارل بروكلمان. ترجمة عبد الحليم النجار. دار المعارف بمصر. ط/4. 1977.
52. الأسطورة في الشعر العربي قبل الإسلام. د. أحمد إسماعيل النعيمي. سينا للطباعة والنشر. ط/1. 1995.
53. تاريخ العرب في الإسلام. جواد علي. دار الحداثة للطباعة والنشر. لبنان. بيروت. ط/1. 1983.
54. تاريخ الأدب العربي. العصر الجاهلي. شوقي ضيف. دار المعرف بمصر. ط/7. 1960.
55. Image et mythe. (à propos des noms de dieux) Ernest cassira. Les éditions de minuit. 1973.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.