المواريث الدينية لليونانيين القدماء*
-1-
" أنا أعتقد أن واجب كل مثقف رجلا كان أو امرأة، أن يقرأ كتب العالم
المقدسة بود وتعاطف. وإذا نحن احترمنا أديان الآخرين كما نريد منهم أن يحترموا
ديننا، فإن دراسة ودودة لديانات العالم واجب مقدس".
الماهتما غاندي
الديانة الأولمبية:
اتسمت الحضارة اليونانية القديمة بقواعد خلقية موحدة ومبادئ دينية مثالية
كانت مقبولة، على الأقل وإلى حد ما، في المنطقة كلها. ويتبين التقاء معظم العالم
اليوناني وثقافته المشتركة من خلال الأعمال الملحمية التي ظهرت في القرن الثامن
قبل الميلاد للشاعرين "هوميروس" و"هسيود". وقد نشأت وانتشرت
أساطير الملاحم ونشأة الكون المنسوبة إلى هوميروس وهيسيود.و كانت للدول والمدن
اليونانية في كثير من الأحيان أساطيرها الخاصة وتفسيراتها ومعتقداتها الدينية
وطقوسها وتقاليدها التي اتسمت بطابع محلي ولبّت توجيهات محلية.
العناية الإلهية والتنبؤ بالغيب:
اعتقد اليونانيون بأنه كان هناك وحي مباح بين العالمين الأرضي والسماوي،
وأنه متاح للإنسانية من خلال وساطة الشعراء الملهمين والأنبياء والمنجمين
العرّافين. يقول الفيلسوف الروماني شيشرون (106-43 ق.م.) في هذا الصدد:
التنبؤ بالغيب اعتقاد قديم يعود إلى عصور الحماسة والبطولات. إلا أنه تأكد
من بعد بإجماع رأي الشعب الروماني وكل شعب غيره أن عند البشر ملكة لا شك فيها هي
القدرة على التنبؤ ومعرفة الغيب. وقد سماها اليونانيون "مانتيكه" أي
القدرة على التنبؤ، أي العلم مسبقا بأحداث المستقبل، وهو عمل رفيع ومفيد يرفع
طبيعة القدرة الإنسانية إلى مستوى يكاد يقارب مرتبة القدرة الإلهية".يظهر
الدليل على الإيمان ب "موهبة التنبؤ" التي أشار إليها شيشرون من خلال
المعابد أو مهابط الوحي اليونانية. مهبط الوحي في مدينة "دلفي" حيث
اشتهرت "بيثيا" (Pythia)، الكاهنة وخادمة الإله أبولو.
واعتنق اليونانيون صراحة فكرة الوجود الإلهي لا في الأماكن الدينية كمهابط
الوحي والمعابد والمزارات او المقامات المقدسة، بل وفي التجارب النوعية أو
الكيفية. فطفرة مفاجئة من العلم والبصيرة أو الهلع، أو الإلهام أو الشهوة، كانت
تنسب إلى إله ما.
الديانات السرية:
صنف العلماء آلهة اليونان إلى فئتين هما: الآلهة الأولمبيون الذين يسكنون
السماوات، وآلهة الأرض، العالم السفلي (ثونييوي (cthonioi، وقد تمحورت الديانات
السرية أو العقائد الانتقالية حول الآلهة التي تجسد القوى الأرضية من أمثال هاديس
وديمتر وبيرسيفون وديونيسوس. وغالبا ما اقترن هؤلاء الآلهة بأمور التجدد والخصوبة.
وبناء على ذلك كان المقصود من طقوس التكريس التدشينية الخاصة بهؤلاء الآلهة أن
تؤيدي إلى التحول والتغير المساوي للتجدد الروحاني أو الولادة الروحانية.
الطقوس السرية في إليوسيس:
يعتقد بعض الدارسين أن الطقوس الإليوسية تأثرت بالأساطير المصرية التي
أحاطت بالإله إيزيس وأصبحت أكثر طقوس التدشين والتكريس في الدين انتشارا في
اليونان القديمة. وكانت تقام سنويا في
ضواحي أثينا. وقد جرى تفسير تلك الطقوس من خلال التراتيل الدينية المرفوعة إلى
الإلهة ديميتر.
طقوس إليوسيس الدينية السرية ظاهرة هلينية عامة
استقطبت الساعين إلى الفرح في الآخرة على
التدشين الذي كان يتم أثناء احتفالات تستمر تسعة أيام. أما الطقوس فهي "أمور
سرية لا يجوز انتهاكها أو السؤال عنها أو النطق بها، وإلا فإن رهبة الإله الشديدة
تنزل على القائل وتسكت صوته".
..............................................................................
* تراثنا
الروحي. مايكل درافيس وجيمس مادييو ومايكل روسو. ص 131-144. (بتصرف). (يتبع)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.