التراث الديني الزردشتي
- 01 –
ليت في هذا العالم تنتصر الطاعة على العصيان،
وليت السلام ينتصر على النزاع،
وينتصر الكرم على البخل،
وليت المحبة تنتصر على المهانة،
وينتصر قول الحق على قول الزور،
وليت الصدق ينتصر على الكذب.
(ياسنا 60-5.)
تقديم
يؤمن الزردشتيون أو (الزردشت أو الزروستريون) بأن زردشت أو زروستر كان نبيا
ورسولا ربانيا طور الثقافة البدائية وحولها إلى مجتمع روحاني نظامي منضبط قائم على
أساس المبادئ الخلقية. ينتشر الزردشتيون في مختلف أنحاء العالم، لكن أغلبيتهم تعيش
في إيران والهند. ورغم القلة النسبية لأعداد الزردشتيون في العالم اليوم فإن
التراث الديني الزردشتي كان له تأثير بالغ في تاريخ الأديان.
النصوص الدينية
تتألف النصوص الدينية الزرادشتية من مجموعة من الكتابات تعرف باسم
"أفيسْتا" (الاسم الذي عُرفت به اللغات الفارسية القديمة)، ويعد متاب
"الياسنا" الكتاب الأساس في مجموعة "أفيستا" وأهمها، وهو النص
المقدس للطقوس ويشتمل على خمس "غاثات" (Gathas)، أي قصائد، أو أناشيد
هي أقدس ما في الديانة الزردشتية من كتابات.
التاريخ
نشأت الديانة الزردشتية في فارس، وكانت دين البلاد في حكم الإمبراطور قورش
الأكبر (توفي سنة 529 ق.م). ومن مشاهير الزردشتيين في الأسرة الأخمينية كان
"داريوس الأول" (توفي سنة 486 ق.م)
أنشأ مكتبة "بيرسيبوليس" التي ضمت النصوص الزردشتية المقدسة. وعندما
هزم الإسكندر المقدوني الإمبراطورية الفارسية وقضى عليها، دمر المكتبة وأتلفت معها
الكثير من النصوص الدينية.
زردشت النبي: حياته ورسالته
هناك شبع إجماع بين العلماء على أن زردشت عاش في الفترة ما بين عامي 1400 و
1200 قبل الميلاد في بلاد ما يعرف اليم بإيران. اشتهر عند بلوغه سن الرشد بالرقة
واللطف والعطف على كبار السن والحيوانات. ومع بلوغه الثلاثين تلقى أول رؤيا من
سلسلة رؤى نبويّة، ومن خلال تلك الرؤى تناجى زردشت مع الرب "أهورا مازدا)
وتفاعل مع قوى سلطانه (أهميسا سْبِنتا). وتعرف زردشت عن طريق تلك الحوارات إلى
(أهورا مازدا)، أي (الرب الحكيم)، والكائن الأعلى. ووهب "أهورا مازدا"
زردشت لقبه الذي يعني "النور الذهبي".
كان شأن زردشت في إعلانه نبوته كالشأن المعروف والمألوف عند الأنبياء
الآخرين الذين لا تتم صحوتهم الكاملة
واستنارتهم كأنبياء إلا بعد مرور فترة عصيبة من التساؤل والشك والصراع يخرجون منها
بتنوّر تام ويقين ليعلنوا واثقين عن رسالاتهم، مؤمنين بها. وجاء في
"الغاثا" وصف التجربة التي مر بها زردشت على الوجه التالي:
لمّا تخيلتك واستوعبتك، أيها المازدا،
الأول والآخر،
الواحد الذي يخص بالعبادة،
أبا للتفكير الخيّر الطيّب،
خلق ناموس الحق والصواب الأزلي،
الرّب القاضي حاكم أعمالنا في الحياة،
آنذاك، جعلت مكانا لك في عينيّ.
(ياسنا 31-8)
إصلاحات زردشت وانتشار رسالته الجديدة
قال شاعر الهند رابدرانات طاغور:
"الديانات ذات الطبيعة البدائية تحاول كلّها جعل الناس مقيّدين بقواعد
أحكام ظاهرية. ولقد كان زراثوسترا (زردشت) أعظم كل الأنبياء الرواد الذين بينوا
للإنسان طريق الحرية، حرية الخيار الخلقي، الحرية من الطاعة العمياء لأمر بغير
معنى، الحرية من تعدد المعابد التي تجتذب عبادتنا وتصرفنا بعيدا عن النقاء المخلص
للعبادة".
جاءت رسالة زردشت موجهة إلى الجنس البشري يرمّته وكانت في متناول كل من
أراد وكان مستعدا للاستجابة لدعوتها التي تقول:
"إن ما أسألك هو أن تبلغني الحق يا أهورا، الدين الأفضل للإنسانية
كلها، الدين القائم على الحق الذي يجب أن يزهر في كل ما لنا، الذين الذي ينظم
أفعالنا ويقيم العدل من خلال أناشيد الطهر التام الرباني الذي يملك في أرغب رغباته
اللبيبة الرغبة فيك يا مازدا"
(ياسنا 44-10)
................................................................................
* تراثنا
الروحي. مايكل درافيس وجيمس مادييو ومايكل روسو. ص/ 387-393 (بتصرف..) يتبع..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.