التراث
الديني الزردشتي
- 02 -
المعتقدات
علّم زردشت تابعيه الإيمان بالكائن العالي الأسمى (أهورا مازدا) المتحد مع
الحقيقة والنظام. واسم "أهورا مازدا" نابعة من جذر (أه) التي تعني يكون
أو يوجد، و "مازدا" مشتقة من (مانا)التي تعني الحكمة والفطنة. و
"أهورا مازدا" هو جوهر الكينونة والحكمة. ووصف زردشت علاقته بأهورا
مازدا بأنها علاقة قائمة على حرية الإرادة، أي أن زردشت تلقى دعوة "أهورا
مازدا" واستجاب للدعوة بمحض اختياره.
تقول النصوص الزردشتية إن العالمين، العالم الغيبي غير المنظور (غيتيب)
والعالم المادي الظاهر (مينوغ) خلقا عندما انبثقا من فكر "أهورا مازدا".
وخلص زردشت إلى القول في :الغاثات":
فكرة أهورا مازدا الأولى
توهجت شرارت وومضات نور لا تحصى
ملأت كل السماوات.
هو نفسه، وبحكمته هو،
هو خالق الحق الذي
يعزز فكره الأسمى.
أيا أهورا مازدا
أنت الباقي كما أنت لا تتغير أبدا
ألا عزز سلطانك من خلال حقيقتك.
(ياسنا 31-7).
"العالم الطبيعي" بالنسبة للزردشتيين عالم من خلق اهورا مازدا،
ولذا فهم يرونه في جوهره عالما طيبا خيّرا وإن كان زائلا. وهم يقدسون فيه على
الأخص عناصره الأربعة من طين وهواء وماء ونار. ويعتقدون أن "الأميشات
سبنتات" فيوض ربانية لأهورا مازدا ويعتبرونها كائنات تابعة له. وتشتمل هذه
الكائنات "آشا" (النظام الكوني والحقيقة) و "فوهو مانا" (العقل
السليم) و"كشاترا" (القوة المقدسة) و "أرميتي" (الإخلاص
والخير) والقوتين التوأمين "هاورفاتات" (حالة الرفاه والسعادة) و
"أميريتات" (حالة الخلود والنعيم).
وتقول التعاليم الزردشتية بوجود "ماينيويّين" (عقليتين)
متناقضتين هما "سبنتا ماينيو" (الروح المقدسة) و "أنرا
ماينيو" (الروح الشريرة). وقد عرفت "أنرا ماينيو" في أزمان لاحقة
بأنها الشيطان و "الباطل" أو الكذب. وجاءت هاتان الروحان إلى الوجود في
آن معا في اللحظة نفسها نتيجة لتدبير من الإرادة الربانية. وصارتا بعد تمام خلقهما
خيرا وشرا بمحض اختيارهما.
تقول التعاليم الزردشتية إنه يجب على كل فرد أن يواجه مصيره حسب ما يتقرر
من خلال أعماله وتصرفاته في حياته. وتأمر "الغاثا" بالتاليك
إن من يتشبت بمتّبعي الصواب،
سيكون النور سكناه.
أما أنتم،
أيها العابدون الباطل،
فحياة ظلام طويلة، وغذاء فاسد، وعويل مفجع
(ياسنا 31-20)
يؤمن الزردشتيون بالخلاص. تقول "الغاثا":
ألا افهموا وعو أيها البشر الزائلون
الأحكام التي أنشأ "مازدا" للسعادة
للشقاء
ستكون هناك فترات طويلة من عذاب الآثمين،
والخلاص للمستقيمين
لكن بعد ذلك
يعم نعيم السعادة الأبدية كل مكان.
(ساسنا 30-11)
تقول المعتقدات الزردشتة بأن الفرد الذي يجسد الصلاح والخير في أعماله طوال
حياته سيتمكن من عبور "جسر الفصل" (جسر شنفات) بنجاح بعد الموت ويدخل
الفردوس. وعلى النقيض، فإن الفرد الذي تنطبع أعماله على الشر فسيقذف به من الجسر
ويُلقى إلى الجحيم.
جاء في التعاليم العقائدية الزردشتية أن العالم سيخضع لعملية إحياء أو تجديد
تام (فراشوكيريت) مع ظهور مخلّص (ساوشيانت) خاص يولد بأعجوبة من بذرة زردشت.
.........................................................................................................................
* تراثنا
الروحي. مايكل درافيس وجيمس مادييو ومايكل روسو. ص/ 394-400 (بتصرف..) يتبع..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.