للكتابة السمخية أدواتها التي لا تصلح إلا لها، ولا تنجز إلا بها. وسنلقي نظرة عامة عن هذه الأدوات لمزيد من المعرفة، أو إرضاء للفضول ... ومن اهمها:
القلم السمخي يسمى اليراع، مصنوع من القصب، مادة مرنة ومجوفة وتحب المياه، ;منها يستمد طاقته... يبرى جيدا، بأحجام متنوعة، ويحتفظ به، ويستعمل مرات عديدة. كل خط من الخطوط يستلزم بريا وقطعا خاصين.
في كتابنا المقدس سورة "نون" ويطلق عليها سورة "القلم". "النون والقلم وما يسطرون". يؤمن الكتاب السمخيون بأن أول ما خلقه الله هو القلم. خلقه من نور، هذا النور يمتد ما بين السماء والأرض.. إنه نور غير متناه. هذا القلم النوراني يختلف عن القلم المصنوع من القصب. القلم القصبي الإنساني يتآكل، ويتطور مع الزمن، ويدون ما يعرفه الإنسان في حدود زمانه ومكانه. أما القلم الرباني النوراني فهو أبدي، ومهمته انتهت منذ الخلق. ودون كل ما يحدث يوم القيامة.
القلم القصبي/اليراع، يتراوح حجمه بين الرقة والغلظ، له قاعدة عريضة بالقياس إلى الرأس. فالكتابة السمخية تستعمل الرأس والقاعدة معا، لا تفرط في أي جزء من القلم. بالنسبة للرأس، يغطس في الدواة (الدوايا) التي تحوي السمخ المستخلص من قرون رأس الكبش أو صوفه للكتابة على الرق أو الأدم.
القاعدة أعرض من الرأس، تتميز بالصلابة. محكوكة بعناية ومبراة. قاعدة القلم لها مهامها الخاصة بها وهي: الوشم، أو الرسم على اللوح الخشبي. الكاتب السمخي يرسم بواسطة قاعدة القلم الحروف التي سيتتبعها الطالب ليتعلم كتابة هذه الحروف. هذه الطريقة في التمرن على الكتابة يسميها الكتاب السمخيون في المغرب ب "التحناش".
"التحناش" مشتقة من "الحنش" هو ثعبان غير سام، يتميز بسرعة الحركة، والتخفي. لونه بني أو رمادي، تتدرج ألوانه حتى تنتهي إلى اللون الأسود اللامع.. على الطالب أن يكون كالحنش، ليتعلم بسرعة الكتابة السمخية.. لم يطلقوا على هذه العملية في تعلم الكتابة السمخية ب "التلفاع" (من الأفعى) لأنها سامة وقاتلة ولا تؤثمن.
القلم القصبيي أو اليراع يصبح أجودا كلما تقدم به السن واستعمل مرات عدة. في مساره نحو موته يكتسب خبرة الشيوخ، وتجربة المسنين.. بصياغة أخرى، كلما طالت مدة إقامته بين أنامل الكاتب السمخي تشبع رأسه بالحكمة. ربما توجد صلة بين القلم المصنوع من اليراع، واليراع الحشرة التي تضيئ في الظلام. الحشرة يصدر عنها ضوء يكشف جانبا من المكان، والقلم يصدر ضوء يكشف جوانب من ظلام العقل وعماء القلب..
يقال أن أول من كتب بالخط السمخي سائر الكتب هو آدم عليه السلام قبل موته بثلاثمائة سنة، كتبها في طين وطبخها، وبعد الطوفان وجد كل قوم كتابا فكتبوه، فوجد إسماعيل الكتاب العربي وكتبه.. ويقال بأن النبي إدريس هو أول من كتب بالقلم.
بقيت الإشارة إلى أن المغاربة يسمون قضيب الرجل بالقلم، وهذا يستدعي التأمل في العلاقة بين القلم القصبي واللوحة، والقضيب والعضو التناسلي للمرآة... فالعلاقة الأولى تنتج المعرفة، والعلاقة الثانية تنتج الحياة.
يتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.