في ثقافتنا
العربية عامة والمغربية خاصة، تعتبر المعرفة المنقولة بواسطة اللسان أقل قيمة من المعرفة
المنقولة عبر الرموز المدونة ب "السّمخ".
أدرك الكتاب "السّمخيون" المحترفون الأوائل وقع "الكتابة السّمخية" وتأثيرها في نفوس العامة والخاصة
فأضفوا عليها هالة من التقديس، حملوها ما لا طاقة لها به، وسار على نهجمهم الكتاب
"السّمخيون" اللاحقون، ثمّنوها، وسخّروها في الشعوذة والسحر... وسموا
هذه الرموز "السّمخية" بمصطلحات شيطانية
لتمييزها، ومنها :
الوفـــــــــق:
هي كتابة "سمخية" خطيرة جدا. والسّند الذي تكتب مهم أيضا. تدوّن "الكتابة السّمخية" على رقعة الجلد طلبا للين
والرقة والطيبة... وعلى الحجر طلبا للقسوة والتدمير والتخريب... وعلى بيضة الدجاجة
للحب والجنس والغرام... وعلى (بيضة الديك) لعَمْي الحسود والحقود... وعلى الصدور،
والآرداف، وفوق العانة... وقد ينصحك الكاتب "السمخي" بالاستعانة بالبخور
والعزائم لتؤدّي الكتابة
"السّمخية" مفعولها.
الحــــــــرز
أو الحجاب: في المغرب يكتبون التميمة أو الحرز على ذيل البقر، وشعر الذئب، وحدوة
الحصان، وما شابه... وتستعين "الكتابة السّمخية"
بالطلاسم لمكافحة الأرواح الشريرة التي تهاجم الجسد والنفس. وترفق بطقوس مدعّمة
ليؤدي الحرز وظيفته، ومنها: أن تُعرّض "الكتابة
السّمخية" ليلة أو عدة ليالي فوق سطح المنزل مباشرة للنجوم. وفي
الصباح تُرشفُ منها الجُرع التي يحددها الكاتب "السّمخي" المتخصص. وقد
يطلب من صاحبة الحاجة أن يقوم شخصيا بدهن جسدها بلعابه أو ب "السّمخ" المذاب في الماء.
ومصادر "الكتابة السّمخية" متنوعة، بعضها مشهور جدا ك
"كتاب شمس المعارف الكبرى" الذي
يساعد على استحضار الجن، وكتاب "سحر هاروت
وماروت"، وكتب "السحر الأحمر"، و"السحر الأسود"...
"الكتابة
السّمخية" المستعملة في السحر و بالأخص السحر الأسود مصدرها
الشياطين، والجن، والأرواح الشريرة... أما الملائكة فهي معصومة من ارتكاب الموبقات
والمعاصي.
وتستعمل "الكتابة السّمخية" في مجالات متعددة، منها: الوقاية
من العقارب، والأفاعي، والعفاريت والحسد والعين، وجلب الزوج، وفك الثقاف (العجز
الجنسي)، وحماية الحيوانات، وفي التجارة...
وتعلق "الكتابة السّمخية" في أماكن محددة بعضها ظاهر
للعيان، وبعضها مخفي بعناية يصعب اكتشافه: في رقاب العباد، والمعاصم، والسيارات، والنعال،
وعلى الأبواب، وداخل البيوت.. داخل الجحور، والقبور المنسية...
ومن "الكتابة السّمخية" ما يُتناول كشراب، أو يدهن
به كمرهم، ومنها ما يستعمل مباشرة، ومنها ما يحتاج إلى البخور، باستعمال الشبة
والحرمل والحرباء، والغربان العمياء، ومخ الضبع...
ومن متطلبات "الكتابة السّمخية" تقديم القربان: ذبح دجاجة، ديك، تيس، شاة، بقرة،
ثور، أو ناقة... لا أفهم لماذا لا تطلب "الكتابة السّمخية"
ذبح كلب، حمار، بغل، قرد، قطة... في السحر الأسود تنبش القبور وتستخرج العظام أو
عضو من أعضاء الجثة، طبخ لسان حمار، أو مخ
ضبع...
لهذه الأسباب
وغيرها وقف الرسول (ص) موقفا حازما من "الكتابة السّمخية".
فقال: " من كتب عني غير القرآن فليمحوه." وقال أيضا: " من تعلق
تميمة فلا أتَمّ الله له." وفي رواية: "من تعلق تميمة فقد أشرك".
وعندما نتأمل
الواقع الاجتماعي للأمة في زمننا هذا، سنلاحظ أن "الكتابة
السّمخية" هي الأصل وما جاء بعدها من كتابات فرع، فهي عاجزة على
تخطيها، وتجاوزها والقضاء عليها، وفي
أحسن الأحوال التقليل من تأثيرها. تفرض "الكتابة
السّمخية" ـ في هذا المجال ـ قوانينها وسحرها على الكاتب السّمخي
والمتلقي معا فيتهافتون عليها.
(ملاحظة: "الكتابة السّمخية" تتفوق في هذا المجال عن الكتابة
بالمداد السائل أو بالقلم الجاف، أو مفاتيح الحاسوب..)
تابع
في التدوينة القادمة
تأملات وخواطر عن الكتابة
أولا: الكتابة "السَّمخيّة"
- 11 - الكتابة السمخية والحواس
.............................................................................................................
1. السحر لغة: هو كل
أمر يخفى سببه، ويتخيل على غير حقيقته ويجري مجرى التمويه والخداع.
2. السحر اصطلاحا: هو
المخادعة والتخييل أو عزائم ورقى وعقد تؤثر في الأبدان والقلوب، فيمرض، ويقتل،
ويفرق بين المرء وزوجه، ويأخذ أحد الزوجين عن صاحبه.
3. التميمة: (والتميمة هي كل ما يعلق في الرقبة أو أمام المنزل.)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.