تتجلى السلطة هنا بجميع انماطها من سلطة الحاكم او المجتمع او الفرد او سلطة الأيديولوجيا أو العادات و التقاليد، إلخ.
في زمن "الكتابة السّمخية" أمسك أصحاب السلطة بالعصا والجزرة، فمن شاء أن يكون عبدا، أطعموه، وقربوه، ونال الحظوة. ومن أبى إلا أن يكون إنسانا حرا فأقل ما سيناله هو التنكيل والتعنيف حتى يتوب إلى رشده، ويتخلى عن نوره، ويغرق في ظلامهم. ومن نجا من الموت، نكلوا به عذبوه... تعرفنا سابقا على العلماء الذين قتلوا بشتى أنواع القتل، وفيما يلي نماذج للعلماء الذين عذبوا وتابوا، وجانب من التهم الموجهة إليهم.
1. ابن الهيثم: أبو علي بن الحسن. يعد واحدا من أعظم علماء الإنسانية، وقد ألف أكثر من 200 كتاب في مجالات عديدة، كالرياضيات وعلم الفلك والفيزياء والهندسة والفلسفة العلمية، لم يسلم ابن الهيثم من التسفيه بعدما اعتبره البعض ملحدا خارجا عن الإسلام كأمثاله من الفلاسفة. وقالوا عنه: "إنه كان سفيها زنديقا كأمثاله من الفلاسفة. من الملاحدة الخارجين عن دين الإسلام، من أقران ابن سينا علماً وسفهاً وإلحاداً وضلالاً."
2. ابن سينا: علي الحسين بن عبدالله بن الحسن بن علي ، لقبه البعض ب "أبو الطب"، تم تكفيره ووصفه بـ"الملحد الزنديق" ابن سينا الذي اتهم بالإلحاد، تاب وتصدق وصار يختم القرآن كل ثلاثة أيام، ويتبرأ من كثير من أفكاره.
3. المعري: أحمد بن عبد الله المعري. قالوا عنه: "إنه كان من مشاهير الزنادقة, وفي شعره ما يدل على زندقته وانحلاله من الدين". ورآه بعضهم في منامات سيئة يعذب فيها بشدة. ذكر ابن الجوزي أنه رأى له كتاباً سماه: "الفصول والغايات في معارضة الصور والآيات"، على حروف المعجم، وقبائحه كثيرة.
4. الخوارزمي: محمد بن موسى الخوارزمي. وهو المشهور باختراع "الجبر والمقابلة"، وكان سبب ذلك – كما قاله هو – المساعدة في حل مسائل الإرث، وقد ردّ عليه شيوخ الإسلام ذلك العلم؛ بأنه وإن كان صحيحاً إلا أن العلوم الشّرعية مستغنية عنه وعن غيره.
5. الجاحظ: عمرو بن بحر: من أئمة المعتزلة، قيل عنه: "كان شنيع المنظر، سيء المخبر، رديء الاعتقاد." تنسب إليه البدع والضّلالات، وربما جاز به بعضهم إلى الانحلال، ورمي بالزّندقة، وقال بعض العلماء عنه: (كان كذاباً على الله وعلى رسوله وعلى الناس.)
6. عباس بن فرناس: فيلسوف، موسيقي، مغنٍ، منجّم، نسب إليه السّحر والكيمياء، وكثر عليه الطّعن في دينه، واتهم في عقيدته، وكان بالإضافة إلى ذلك شاعراً بذيئاً في شعره مولعاً بالغناء والمُوسيقى.
7. ثابت بن قرة: صابئ، كافر، فيلسوف، ملحد، منجّم، وهو وابنه إبراهيم بن ثابت وحفيده ثابت بن سنان. ماتوا على ضلالهم.
8. المسعودي: علي بن الحسين. وصف بالكذاب. قال شيخ الإسلام عن كتابه "مروج الذهب": "وفي تاريخ المسعودي من الأكاذيب ما لا يحصيه إلا الله تعالى، فكيف يوثق في كتاب قد عرف بكثرة الكذب؟".
9. المجريطي: مسلمة بن أحمد. فيلسوف، اتهم بالكفر واعتبر من كبار السّحرة في الأندلس، بارع في السّيمياء والكيمياء، وسائر علوم الفلاسفة، نقل كتب السّحر والطّلاسم إلى العربية، وألف فيها "رتبة الحكيم" و "غاية الحكيم"، وهي في تعليم السّحر.
10. ابن النديم: محمد بن إسحاق. رافضي، معتزلي، غير موثوق به. زائغ عن الإسلام.
11. ابن باجه: أبو بكر بن الصائغ محمد بن يحيى. فيلسوف كأقرانه، له إلحاديات، يعتبر من أقران الفارابي وابن سينا في الأندلس، من تلاميذه ابن رشد، وبسبب عقيدته حاربه المسلمون هو وتلميذه ابن رشد.
12. الإدريسي: محمد بن محمد. كان خادماً لملك النّصارى في صقليه بعد أن أخرجوا المسلمين منها، وكان لئيماً وضالا.
13. ابن طفيل: محمد بن عبد الملك. من ملاحدة الفلاسفة والصّوفية، له الرّسالة المشهُورة "حي ابن يقظان"، يقول بقدم العالم وغير ذلك من أقوال الملاحدة.
14. ابن جبير: محمد بن أحمد. صاحب كتاب: "رحلة ابن جبير"، ويظهر من رحلته تلك تقديسه للقبور والمشاهد الشّركية، وتعظيمه للصّخور والأحجار، واعتقاده بالبدع والخرافات وغيرها كثير.
15. الطوسي: نصير الدين محمد بن محمد بن الحسن. قالوا عنه: "نصير الكفر والشّرك والإلحاد، فيلسوف، ملحد، ضال مضل، كان وزيراً لهولاكو وهو الذي أشار عليه بقتل الخليفة والمسلمين واستبقاء الفلاسفة والملحدين." حاول أن يجعل كتاب "الإشارات" لابن سينا بدلاً من القرآن، وفتح مدارس للتّنجيم والفلسفة، وإلحاده عظيم.
16. ابن بطوطة: محمد بن عبد الله. قالوا عنه: " الصّوفي، الخرافي، الكذّاب." كان جل اهتماماته في رحلته المشهورة زيارة القبور والمبيت في الأضرحة، وذكر الخرافات التي يسمونها "كرامات" وزيارة مشاهد الشرك والوثنية، ودعائه أصحاب القبور وحضور السماعات ومجالس اللهو، وذكر الأحاديث الموضوعة في فضائل بعض البقاع، وتقديسه للأشخاص، والافتراء على العلماء الأعلام، وغير ذلك.
17. الإمام ابن حنبل: قيه ومحدِّث مسلم، ورابع الأئمة الأربعة عند أهل السنة والجماعة، وصاحب المذهب الحنبلي في الفقه الإسلامي. اشتُهر بعلمه الغزير وحفظه القوي، وكان معروفاً بالأخلاق الحسنة كالصبر والتواضع والتسامح، وقد أثنى عليه كثير من العلماء منهم الإمام الشافعي بقوله: "خرجتُ من بغداد وما خلَّفتُ بها أحداً أورع ولا أتقى ولا أفقه من أحمد بن حنبل"، ويُعدُّ كتابه "المسند" من أشهر كتب الحديث وأوسعها..قام الخليفة المعتصم بسجنه وتعذيبه.
18. الكندي: أبو يوسف يعقوب بن اسحاق. وقد كتب فيها جميعا ما لا يقل عن 269 كتابا، ويلقبه البعض ب "مؤسس الفلسفة العربية الإسلامية"، وكعادة الفلاسة كفر الكندي نتيجة لفكره واعتبره الكثيرين "منجما ضالا متهما في دينه." جرد من ملابسه وهو في الستين, وجلد ستون جلدة فى ميدان عام وسط تهليل العامة.
19. ابن رشد: فيلسوف. بدأت محنته باتهامه بالضلالة، والكفر، والإلحاد، والمروق عن الدين. حكم عليه بالنفي إلى قرية لا يسكنها غير اليهود في إيماءة من جلاديه على أنه ليس من المسلمين، أي أن التشنيع به قد بلغ منتهاه وصولا إلى تصويره في ثوب من لا علاقة له بالملة. والمفارقة أن كتبه التي نجت من الحرق هي الكتب المترجمة إلى لغة اليهود. (أليسانة) قرب غرناطة ثم نفي إلى بلاد المغرب ونكل به وأحرقت كتبه وتوفي في مراكش عن 75 عاما ونقلت جثته إلى قرطبة وبموته تفرق تلاميذه.
نسأل الله السلامة والعافية والنجاة وحسن الخاتمة...
يتبع
الجزء الرابع: إعدام السلطة للكتب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.