"الكتابة
السمخية" عدوة الفتاة المغربية، لا تسمح لها أن تخط حروفها على لوح أو ورق او جلد إلخ...
فقد تأصلت في المغرب مؤسسات عتيقة من قبيل العائلة الممتدة، والقبيلة، والزاوية،
والمخزن... إلخ، هذه المؤسسات هي التي شكلت لحمة المجتمع وتماسكه، وهي نفسها التي
منعت كل نزوع نجو الفردانية أو التمايز... ويتمثل موقف "الكتابة
السمخية" من تعلم الفتاة المغربية خصوصا في المثل الشعبي التالي: " لا تسكن بنتك الغروف، ولا َتعلمها
الحروف."
أعدمت الكتابة السمخية" عقل وفكر ومشاعر ومواهب
الفتاة المغربية بشكل كلي، حولتها إلى كائن منضبط اجتماعيا جسديا وروحيا وفكريا
وعاطفيا... الذكر هو من يحدد لها الأدوار، ويفكر لها، ويرسم لها المستقبل...
الأشغال المنزلية. فتعليم الفتاة غير مرغوب فيه من قبل المجتمع التقليدي لأنه يشكل
تهديدا للنظام الثقافي والاجتماعي القائم.
بتغلغل "الكتابة المدادية أو الكتابة الحبرية"
داخل المجتمع التقليدي المغربي حدثت المعجزة الكبرى وهي انهزام قيم "الكتابة
السمخية" أمام القيم الجديدة "للكتابة المدادية".
"كان المغاربة أزهد الناس في هذه المدارس التي فتحت للبنات، حتى أن
إدارة المعارف لحرصها على التعليم فتحت واحدة في فاس سنة 1333هـ – 1914م، وبقيت
فارغة لم يقصدها أحد، واضطرت لغلقها"
إبان مرحلة الحماية ، في بداية
الأربعينات من القرن الماضي وجدت ثلاثة أنواع من المدارس في المغرب:
أولا: المدارس الثقافية: حيث تعنى معلمات
فرنسيات بتعليم اللغة الفرنسية، وتلقين مبادئ التدبير المنزلي..
ثانيا: المدارس الصناعية: حيث تتعلم الفتاة مبادئ اللغة الفرنسية والتدبير المنزلي مع صناعة يدوية ترتزق منها...
ثالثا:
لا هو ثقفي ولا هو صناعي: يجمع بين محاسن
النوعين السابقين ومساوئهما
هكذا أشرقت "الكتابة المدادية" في سماء المغرب، فأنارت عقل الفتاة المغربية، وأعطتها الوسائل التي مكنتها من تحرير جسدها، وروحها، ونفسها، عقلها، ومنحتها شخصية مستقلة، وإرادة حرة، وفرادة وتميزا، وأعلنت عن حضورها في الزمان والمكان، وسجلت تفوقا على من حرموها لقرون نعمة التعليم، صنعت لها مكانة تحت الشمس لا يمكن للعين أن تخطئها.
ويرى بعض المنظرين أن تعليم البنات مخطط له مسبقا ويدخل في إطار سياسة التوغل
السلمي في المجتمع المغربي المحافظ ، لأن الإقامة العامة توصلت إلى أن "مصلحة
سياستها تقضي بمصلحة تعليم البنات المغربيات المسلمات، ذلك أنه يؤكد لها أن المرأة
الجاهلة...عدوة كل ما تعمله فرنسا في المغرب، فهي ذات تأثير على الأسرة رجالا
وفتيانا، وقد استدل الفرنسيون على هذا بأنهم عجزوا عن الوصول إلى أبناء كثير من
العائلات لسبب وقوف المرأة في وجوههم، وامتناعهم من السماح للأبناء بالدخول
للمدارس الفرنسية، ولهذا اتجهوا إلى غزو البيت المغربي عن طريق المرأة بعد أن
تنقاد للتطور وتقبل على التعليم".
لقد نجحت "الكتابة المدادية" حيث فشلت "الكتابة السمخية" ففي بعص الإحصائيات استطاعت "الكتابة المدادية" أن تستقطب المئات من التلميذات سنة 1927 حيث بلغ عددهن 1203 تلميذة. و2000 سنة 1930. وبعد سنة 1946 وصل عددهن 11.840. تلميذة.
وقد كانت بداية تعليم البنات في مدارس الحماية متعثرة ومرفوضة في المجتمع المغربي وهو ما يلاحظ من خلال أعداد المتمدرسات، حيث لم يرتفع عددهن في المغرب فوق الألف إلا سنة 1927 التي بلغ عدد التلميذات خلالها 1203، ولم يتعد الألفين إلا سنة 1930، ولم يرتفع العدد بشكل ملحوظ إلا بعد الحرب العالمية الثانية سنة 1946 حيث وصل إلى 11.840. وبعدها ستكون المرحلة التصاعدية.
بعيدا عن كل المزايدات فقد أشرقت
"الكتابة المدادية" في سماء المغرب، فأنارت درب الفتاة المغربية وأعطتها
الوسائل التي مكنتها من تحرير جسدها، وروحها، ونفسها، عقلها، ومنحتها شخصية
مستقلة، وإرادة حرة، وفرادة وتميزا،
وأعلنت عن حضورها في الزمان والمكان، وسجلت تفوقا على من حرموها لقرون نعمة
التعليم، صنعت لها مكانة تحت الشمس لا يمكن للعين أن تخطئها.
يتبع
2/3. الحبر والمحبرة..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.