ترحيب

Welcome to the farhat mustapha Website المصطفى فرحات يرحب بكم

رسائل


رسائل: "الرسالة (15): يدخل العام الجديد، وننتظر منه الجديد، ننتظر المزيد من الصحة والعافية، ننتظر المزيد من المحبة والمودة، ننتظر توقف الشر عن شره، ويوزع الخير خيره، ننتظر العدل والانصاف والمساواة...

coinautoslide

أحدث المواضيع

الخميس، 7 نوفمبر 2024

تأملات وخواطر عن الكتابة: الجزء الثاني: الكتابة "المدادية" أو "الحبرية" 2. متطلبات الكتابة "المدادية": 2/4. "الريشة العربية" و"الريشة الفرنسية"


 هل فكرت يوما لماذا تم التمييز بين الريشة التي تكتب بها اللغة العربية، والريشة التي تكتب بها اللغة الفرنسية؟ لماذا الأولى بدينة، والثانية رشيقة؟ تابع القراءة لتعرف أصول التمييز...

"الريشة" نسبة إلى الريش، والريش ما علا جسم الطائر من شعر ناعم، وهو بمثابة رداء له. و"الريشة" أداة للكتابة مصنعة في القديم من ريش الطيور. تستعمل في  الكتابة باستخدام الحبر السائل. تؤخذ من أجنحة الطيور الحية، خلال فصل الربيع.

أما"الريشة" الحديثة التي استعملها التلاميذ في زمن "الكتابة المدادية" فهي مصنوعة من الحديد.. ولتُستعمل بكفاءة يجب التدرب على تقنية خاصة أهمها: أن تغطس رأس الريشة في المحبرة مع تجنب تحميل الرأس كمية زائدة من المداد مما سيسبب بعض المشاكل التي يجب معالجتها باستعمال المنشفة أو الطباشير لامتصاص فائض الحبر المتدفق فوق الورقة تفاديا لتمزيق الورقة والكتابة على ورقة جديدة...

و"الريشة" في المغرب إبان عهد الحجر والحماية نوعان: ريشة تكتب بها حروف اللغة العربية، وريشة تكتب بها حروف اللغة بالفرنسية.

هذا التمييز يرجع إلى نظرة المستعمر إلى الثقافة والحضارة العربية عموما، في هذا السياق يقول محمد عابد الجابري: " إن سياسة فَرنسا تجاهَ اللُّغة العربية الفصحى كانت واضحةً لا لبس فيها، وهي محاربةُ هذه اللغة بكل وسيلة ممكنة، وقطعُ الصلة بكل ما يؤدي إلى نشرها وتعلُّمها؛ لأن الهدف المرسوم هو تطويرُ المغاربة – والبربر منهم بصفة خاصة – خارجَ إطار هذه اللغة، والانتماء للحضارة العربية الإسلامية."

أما فيما يخص اللغة الفرنسية، يقول هاردي: اللُّغة الفَرنسية، التي بواسطتها سنتمكَّن من ربط تلاميذنا – المغاربة – بفرنسا، والتاريخ الذي يجب أن يعطيهم فكرة عن عظمة فرنسا."

"الريشة" هذه الأداة الساحرة التي كانت تحفز التلاميذ لكتابة الخط بشكل جميل وأنيق نوعان:

"الريشة الفرنسية": دقيقة الرأس. كلنا نتذكر هذه الجملة التي لا يمل المعلم من ترديدها: "اصعد دون ضغط، وانزل بالضغط"   (Appliquer vous)لتحفيز التلاميذ على  تحسين وتجويد الخط خصوصا أثناء كتابة الحروف باللغة الفرنسية...

وقتها كنت أسأل نفسي لماذا تم التمييز بين النوعين.. ولكن تأخر الجواب لسنوات قبل أن أفهم أن فرنسا ملزَمة بالفصل بين تعليم خاص بالنخبة الاجتماعية، وتعليم لعموم الشعب.

الريشة الرقيقة والرشيقة (الفرنسية) تفتح الباب في وجه أرستقراطية مثقفة في الجملة.. والتعليم الذي سيقدَّم لبناء هذه النخبة الاجتماعية تعليمٌ طبقي يهدف إلى تكوينها في ميادين الإدارة والتجارة، وهي الميادين التي اختص بها الأعيان المغاربة.

الريشة الغليظة والبدينة "العربية" تلائم التعليم الشعبي الخاص بالجماهير الفقيرة والجاهلة جهلًا عميقًا، فيتنوع بتنوع الوسط الاقتصادي: في المدن يوجَّه التعليم نحو المِهَن اليدوية، خاصة مهن البناء، وإلى الحرف الخاصة بالفن الأهلي، أما في البادية، فيُوجَّه التعليم نحو الفلاحة… وأما المدن الشاطئية، فسيوجَّه نحو الصيد البحري والملاحي.

فحسب رؤية "هاردي" المغاربة المسلمون ثلاث طبقاتٍ: طبقة الأعيان وطبقة سكان المدن الجهال، ثم القرويون المنعزلون الأكثر فقرًا وجهلًا! على هذا الأساس تستعمل الطبقة الأولى "الريشة الفرنسية"، والثانية تزاوج بينهما، والثالثة تستعمل "الريشة العربية".

إجمالا عندما نقارن بين الأداتين ـ من وجهة نظر المحتل الفرنسي ـ يمكن أن نخلص إلى ما يلي:

·        "الريشة العربية" غليظة وبدينة الرأس، ربما لأنها تلائم الحرف العربي، والإنسان العربي.. إنها لغة البداوة والتخلف الحضاري وما ينتج عن ذلك من خشونة في الأفعال والأقوال.

·        "الريشة الفرنسية" رقيقة ورشيقة الرأس لتعلن عن نفسها لغة الحضارة والرقي والتمدن التي يبشر بها المستعمر، وما ينتج عن ذلك من رقة في الأفعال والأقوال..

·        كان على العربية أن تنحصر في دور اللغة الدالة على الماضي التليد (زمن الكتابة السمخية)  بينما رقيت اللغة الفرنسية إلى دور الانفتاح على الحضارة الصناعية، فكانت لغة المختبر والعقلانية العلمية تتعارض ولغة المتحف).  (لغو زمن الكتابة المدادية.. 

يتبع

2/5. المعلم

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.