ـ 04 ـ
أزمة اللغة العربية (02).*
كيف يمكن معالجة الأزمة التي تعيشها اللغة العربية؟
1. أول خطوة هي تعميق الوعي باللغة العربية نفسها، ليس بوصفها لغة جميلة، أو لغة شاعرة، وإنما بوصفها لغة الإبداع العربي الذي لا يزال باقيا من العصر الجاهلي، ومستمرا إلى ما يشاء الله من عصور. وهي ـ فضلا عن ذلك ـ كائن حي قابل للنمو والتطور العفي، أو الهزل والمرض المفضي إلى الموت، وذلك بسبب المتحدثين بها الذين يمكن أن يمضوا بها قدما في طريق العافية والنماء والتقدم، أو ينحدروا بها إلى الدرك الأسفل من الضعف الذي يغدو بداية للموت.
2. الخطوة الثانية في طريق العافية والنماء والتقدم، هي تحديث برامج التعليم تحديثا جذريا، لا يتوقف عن التطور والتجدد، واختراع كل الأساليب الممكنة للتقدم الذاتي. فبرامج التعليم لا تزال متخلفة بالقياس إلى برامج التعليم في العالم كله
3. ضرورة المرونة في قبول المفردات والتراكيب الجديدة، لقد كان القدماء يتحدثون عن "المعرب" والدخيل وغيرهما، وعن الكلمات التي ترد إلى اللغة العربية من لغات أجنبية، وقبول هذا الدخيل ـ أو المعرب ـ علامة ثراء تبدأ من القرآن الكريم الذي ضم عددا من المفردات الأجنبية، ووضعها في سياق لغوي، وكان بذلك يؤسس لمبدأ ينبغي أن نمضي عليه إلى الآن.
4. توسيع آفاق الترجمة، في مجالاتها المتعددة، والارتقاء بها في كل مجال، وبخاصة في المجالات العلمية الحديثة والمعاصرة التي لا تكف عن التقدم والتطور. ويمكن للترجمة، في هذا المجال، أن تكون مصدرا من المصادر الثرية في إغناء اللغة العربية، وفي مدها بتراكيب جديدة هي من نتاج العصر الذي يتغير، والذي لا يتوقف تطوره عند مرحلة بعينيها. هذا هو الدرس الذي تعلمناه من المأمون ومن بيت الحكمة، عندما ترجمت العلوم القديمة للحضارات السابقة على العرب والعلوم الخاصة بالحضارات المعاصرة لهم.
5. ضرورة إشاعة الموروث الأدبي، وتأكيد حضوره الإبداعي في الأذهان، واستغلال وسائل الإعلام في ذلك. (تقديم برامج إذاعية..) ولا ينفصل على ذلك تقديم القصائد القديمة والحديثة والمعاصرة التي يغنيها أبرز المغنيين والمغنيات، وذلك في أداء جميل يحبب المستمعين في الفصحى ويجذبهم إليها.
6. ضرورة الحرص على السلامة اللغوية في خطاب الإعلاميين والقيادات السياسية والفكرية والثقافية . والغريب أن أغلب المسئولين السياسيين والزعماء لا يحرصون على سلامة اللغة التي ينطقونها، فلغتهم محطمة مكسرة لا تعرف السلامة ولا الفصاحة إلا فيما نذر، وهي لغة تشيعها، وتعمل على تطبيعها اللغوي غير المباشر، أجهزة إعلام تجعل منها نموذجا قابلا للاحتذاء.
7. التقليل من بعد المسافة ما بين اللغة المنطوقة والمكتوبة، وهذا أمر شائع وموجود في كل لغات العالم، لكن ليست المسافة بين طرفي الازدواج بالغة الاتساع على نحو ما هي موجودة في اللغة العربية، حيث تزداد المسافة اتساعا على نحو ما هي موجودة في اللغة العربية.
يتبع....
............................................................................................................
* كتاب العربي. العدد: 72. أبريل 2008. ص 10 وما بعد. (بتصرف).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.