الدين اليهودي: سفر التكوين ـ إبراهيم..
- 01 -
"اسمع يا إسرائيل: الرب إلهنا رب واحد. فتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن
كل نفسك ومن كل قوتك. ولتكن هذه الكلمات التي أنا أوصيك بها اليوم على قلبك، وقصها
على أولادك، وتكلم بها حين تجلس في بيتك، وحين تمشي في الطريق، وحين تنام وحين
تقوم، واربطها علامة على يدك، ولتكن عصائب بين عينيك، واكتبها على قوائم أبواب
بيتك وعلى أبوابك.
التوراة. التثنية 6: 4-9
تقديم
كان العبرانيون في الأصل، قبل ـن ينحدر منهم الشعب اليهودي، قبيلة من
السّاميين الرحل. عبد العبرانيون الرعاة الذين عرفوا بالإسرائيليين (بني إسرائيل)
ربهم الأعلى مختلفين عن غيرهم من شعوب ما بين النهرين التي عبدت آلهة دنيوية مثل
عشتار ومردوخ وبعل. وتأثرت العبادة التي تميز بها الإسرائيليون الأوائل بعقليته
كشعب بداوة صحراوي جوّال. فالرب في نظرهم كان يمكن أن يعبد في أي مكان، ولم يكن
أداء الطقوس والواجبات الدينية مرتبطا بمعابد ثابتة.
استعمل تعبير "اليهودية" أو "اليهودي" لأول مرة خلال
الألف الأول للميلاد. فلم ترد في الإنجيل كلمة اليهودي (وصفا للعرق والجنس) التي
نعرفها اليوم. ويسمى اليهود في التوراة بالعبرانيين وإسرائيل. ويدل اسم
"العبرانيين" على هجرة إبراهيم وعشيرته من بلاد دجلة والفرات وعبورهم
إلى أرض كنعان (فلسطين). أما "إسرائيل" فكلمة معناها "أنت جاهدت مع
كائن إلهي"، وهو الاسم الذي كُنّي به يعقوب عندما صارعه مخلوق مجهول في مكان
أطلق عليه اسم "فنوئيل". "فقال له: ما اسمك؟ فقال: يعقوب. فقال: لا
يدعى اسمك فيما بعد يعقوبَ بل إسرائيل لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرْتَ".
(سفر التكوين 32: 27 – 28). وأصبح الشعب والأرض من بعد ذلك يسميان
"إسرائيل". وبعد تأسيس مملكة يهودا في فترة الهيكل الأول، سُمّي سكان
المملكة "يهوديم" أي اليهود. وهكذا لم يمر وقت طويل حتى اكتسب الشعب
اسمه، اليهود".
التكوين
التكوين هو أول أسفار "التناخ"(التناخ أو التوراة العبرية يتألف
من التوراة والأنبياء والكتب المقدسة. فما يعتبره المسيحيون "العهد
القديم" هو من حيث الجوهر التناخ أو التوراة اليهودية ذاتها رغم اختلاف ترتيب
النصوص. ولقد ساعد سفر التكوين الشعب اليهودي في الاهتداء إلى إجابات ذات مغزى حول
الوجود لآلاف السنين (الإيمان بإله واحد وخيار الإرادة والبصيرة والعناية الإلهية
والقدر والنّبوة والصلاة والتضحية، وأهمية الإنجاب والتكاثر ونسب الوالدين والزواج
ومراسم الدفن والعادات والتقاليد الغذائية والصحية، والاهتمام بالعدل والشريعة
والتجارة والعملة والممالك والمِلكية).
لله، الخالق القوي القدير، دور جوهري في سفر التكوين الذي يقول: "في
البدء خلق الله السماوات والأرض، وكانت الأرض خربة وخالية، وعلى وجه الغمر ظلمة،
وروح الله يرفّ على وجه المياه" (سفر التكوين 1: 1 – 3) ثم فصل الله بعد ذلك
النور عن الظلام والماء عن الماء (ليخلق السماء من فوق) وبسط اليابسة جاعلا منها
أرضا. ثم خلق النهار والليل لتكون آيات وأوقات وسنين. ويصف سفر التكوين كيف خلق
الله الحيوانات على كوكب الأرض بقوله:
"وقال الله: نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا، فيتسلطون على سمك البحر
وعلى طير السماء وعلى البهائم، وعلى كل الأرض، وعل جميع الدبابات التي تدب على
الأرض". وخلق الله الإنسان على صورته، وعلى صورة الله خلقه.
ويورد الجزء الثاني من سفر التكوين حكاية أخرى بالنسبة لخلق البشر. تقول
بأن الله خلق آدم ، وأسكنه الجنة،ولكي لا يبقى آدم الرجل وحيدا خلق الله أول أنثى
من ضلع آدم سميت حوّاء "لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان
جسدا واحدا". (سفر التكوين 2: 24). ثم يصف الكتاب كيف طرد آدم وحواء من الجنة
بعدما خدعتهما الحية وأغرتهما بأكل فاكهة الشجرة المحرمة مخالفين بذلك طاعة أمر
الله.
ويضم سفر التكوين خزانة من المبادئ الدينية والخرافات والمواضيع والحكايات
الرمزية التي شكلت الوعي الديني
للمعتقدات اليهودية والمسيحية والإسلامية. والتكوين ككتاب مقدس، مشبع بالسر
والغموض الإلهي بحيث إن كل قراءة له تسلط ضوء جديدا على مغزاه الروحاني. وينطوي
على حكايات أسطورية (ميثولوجية) كحكاية قابيل وهابيل، وبرج بابل، وقصة نوح
والطوفان، وقصة إبراهيم وولديه أبوي الشعب اليهودي.
إبراهيم
عاش إبراهيم في مدينة "أور" في بلاد ما بين النهرين (العراق
اليوم) خلال القرن 19 قبل الميلاد. وفيما كان إبراهيم مسافرا من أور إلى مدينة
"حَرّان" أمره الله بأن يوجه عشيرته إلى ناحية أخرى زاخرة بالنعم
الروحاني فدفع هذا التجلي الرباني إبراهيم إلى رفض عبادة أسلافه والأصنام. ونذر
نفسه لخدمة الرب.
يحتل إبراهيم مكانة دينية بالغة الأهمية عند اليهود والمسيحيين والمسلميين
على السواء. لكن إبراهيم يميّزه وضعه الخاص كأب للشعب اليهودي. وقد امتحنه الله
امتحانا قاسيا عندما أمره بأن يضحي بولده إسحق قربانا.
موسى
.............................................................................................................................
* تراثنا
الروحي. مايكل درافيس وجيمس مادييو ومايكل روسو. ص/ 409-414. (بتصرف..) يتبع..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.