جيل الستينات والسبعينات يتذكر لحظة دخول الحارس يحمل المداد في قنينة وعلى
فوهتها أنبوب طويل دقيق ليملأ المحبرات بالمداد السائل.
قيل في تعريف الحبر: "المداد يكتب به، والجمع أحبار. يقال: حبَّرَ
الشيء، أي زينه ونمقه. وهو سائل يتخذ للكتابة أو الطباعة،." في مقابل
"التحناش" الذي لا يتطلب التنميق والتزيين.
ظهرت كلمة "التحبير" في زمن الكتابة "السّمخية". وعرف التحبير بـأنه
الاجتهاد في تجويد الخط وتجميله وتزيينه.
وترتبط بمفردة "الحبر" معان عديدة منها: كثرة النبات، والبرء أو
الشفاء مع بقاء الأثر، واللون الأصفر، والنعومة، البري، والسرور والنعمة، والتطريز
والتوشية، والسحاب الملون
يقال بأن "الحبر" ظهر في الصين واستخلص من خشب الصنوبر والزيوت
المستخدمة في إضاءة المصابيح. وفي الهند تم استخدام العظام المحروقة مع مادة
القطران. وتصنع من مختلف المواد الطبيعية مثل ثمر التوت ولحاء الشجر وزيت بذر
الكتان والسخام أما "الأحبار" (جمع حبر) التي عرفت قبل ذلك فكانت تُصنع
من العفصة التي تنمو في أشجار البلوط.
ويفضل الكُتاب استعمال الحبر الأسود نظر للمزايا التي يتمتع بها، فقد انعكس
على جودة عملية القراءة، فالتباين الشديد
بين اللون الأسود للحبر واللون الأبيض للورق هو ما جعل عملية القراءة واضحةً جداً،
كما يعتبر اللون الأسود لون الأناقة.
وتطورت صناعة الأحبار تطوراً كبيراً بعد التوصل لابتكار أول صباغ صنعي سنة
1856، وتنتج مصانع الحبر اليوم آلاف الأنواع من الأحبار المختلفة...
قالوا في الحبر
يقول طاهر الجزائري
الدمشقي في كتابه: توجيه النظر إلى أصول الأثر: «روي عن إبراهيم النخعي قوله: "من المروءة أن يُرى
في ثوب الرجل وشفتيه مداد".
وكان التلاميذ الذين لم يتمرسوا بعد على استخدام الحير يلطخون ملابسهم
وأصابعهم ووجوههم به مما يجعلهم عرضة للاستهزاء من قبل أصدقائهم، وقد يعاقبون لكي
ينتبهوا أكثر للنظافة..
قال إسحاق بن إبراهيم:
"ومما يزيد
الخط حسناً، ويمكن له في القلب موضعاً، شدة سواد المداد."
وقال ابن شهيد: "إنما مدادكم ماء
ديباجتكم وصبغة أمانتكم، فاستنظفوه استظافتكم لملابسكم، وأستجملوه استجمالكم
لمصابغكم، وإنما خطوطكم خلفاء ألسنتكم وخطباء عقولكم."
وقال آخر: ربع الكتابة في سواد مدادها / والربع حسن صناعة الكتاب / والربع
في قلم مليح بريه / وعلى الأوراق رابع الأسباب.
وقبل أن ننهي هذه التأملات عن الحبر يليق بالمحبرة أن تذكر في هذا المقام.
وتسمى أيضا الدواة (الدواية) ولكن كانت تسمى أيضا "المحبرة" وهي الأكثر
استعمالا، ربما هذا التمييز في التسمية يجد تفسيره في ارتباط الدواة بالكتاب،
وارتباط المحبرة بالمدرسة..
حجم الدواة متوسط، لها فتحة دائرية طالما استعملها التلاميذ لتخليص الريشة
من الحمولة الزائدة للمداد. وموقعها وسط الطاولة ليسهل الوصول إليها من قبل
التلميذين اللذان يتشاركان الطاولة.
التي تعتبر خزان المداد الذي لا ينضب.
يتبع
2/4. "الريشة العربية" و"الريشة الفرنسية"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.