شعر الهامش: أية إضافة؟

في ظل العولمة يصعب أن نتحدث في وقتنا الراهن عن شعر الهامش وشعر المركز. لكن في هذه الورقة التي أشارك بها في هذا الملتقى المخصص لشعر الهامش سأنطلق من سؤال مركزي وهو: ما الذي يمكن أن يقدمه شعر الهامش لشعر المركز لو سلمنا جدلا بهذا التصنيف على المستوى المنهجي؟

من وجهة نظري يمكن لشعر الهامش أن يضيف إضافات نوعية وكمية ويزيد من إغناء الساحة الشعرية المغربية والعربية من خلال ما يلي:

1. إثراء المعجم : حيث نجد في الهامش استعمال كلمات ومفردات قل استعمالها في المركز ولكن لها من الإيحاءات ما ينشط المخيلة ويمتع الذائقة اللغوية.

2. على مستوى التصوير الشعري: عندما يعايش الشاعر حياة الهامش فإنه يلتقط صورا غير متاحة لشاعر المركز فالخلاءات والطبيعة والإنسان والحيوان والطيور والزواحف وعيون المنابع والأنهار، كل هذا يغني مخيلة الشاعر بصور فريدة وجديدة تضع المتلقي في المركز أمام لوحات لم يعتدها لأنه لم يرها، وحتى إن حصل فإن الأمر يكون عرضيا، لهذا تكثر الصور المرتبطة بعالم الطبيعة في أشكالها وألوانها وتمظهراتها ولكن برؤية متميزة وفريدة.

كثير من قراء ديواني أعجبوا بهذه الصورة التي وردت في قصيدة "عودة في غروب الحصاد"

آثار حوافر الحمار

لا ترى من الهزال

بينهما ما يشبه الجفاء.

وأقدام الراكب

لا تميزها على النعال

من طول اللقاء.

على مستوى الموضوع:

بيئة الهامش ليست هي بيئة المركز، وبالتالي فهموم الناس وانشغالاتهم تختلف تماما، فالصراع لكسب القوت تجعل الشاعر أمام عالم حقا يستحق التعاطف، فالمعاناة يومية، ولأن الناس لا يملكون قدرهم بأيديهم بل مرتبط بالأرض والسماء فإن المأساة تتضاعف عندما تعجز الأرض عن الولادة، والسماء عن العطاء، وبالتالي فالشاعر يجد نفسه شاء أو كره يستلهم في تجربته الشعرية هذا الواقع الصعب.

توظيف الأسطورة:

إذا كان شاعر المركز مغرم بتوظيف الأسطورة ذات الشهرة الكونية اعتقادا بأن المتلقي سيكون على علم بها أو بإمكانه إذا ما كلف نفسه عناء البحث أن يعثر عليها فإن ثقافة الهامش غنية بالحكايات المثيرة والمشوقة والرموز التاريخية الحاملة لدلالات أسطورية، وبإمكان الشاعر أن يستلهمها ويثري بها مضامين تجربته الشعرية.

مميزات شعر الهامش:

إن أهمما يميز شعر الهامش هو:

1. التميز: إن تعبير الشاعر عن الهامش الذي يحيا فيه يؤثر في صوته الشعري الذي يصطبغ بنبرة خاصة هي نتاج تأثير البيئة التي يعيش فيها وبالتالي يبتعد أكثر فأكثر من أن يكون صوتا مكررا لمئات الأصوات التي تملأ الساحة الشعرية الوطنية، بل يمكن أن يكون إضافة أخرى للساحة العربية.

2. لغة شاعر الهامش حين تعبر عن ذاتها فحسب وبدون تقليد فإن هذه اللغة تصبح متوحشة لأن ما تلتقطه حواس الشاعر من صور وأصوات وحركات لا تعدو أن تكون مرتبطة بحيوان أو طائر أو ساقية..

3. بداوة الصورة الشعرية: الشاعر ابن بيئته، وبناء عليه فهو مهما حاول أن يشط بخياله بعيدا إلا أنه في آخر الأمر يجد نفسه لا يستطيع أن يتجاوز واقعه بكل أبعاده البدائية فتأتي أغلب صوره الشعرية مطبوعة بطابع موغل في البداوة.

4. المعاناة الحقيقية: صوت شاعر الهامش صوت المعاناة الحقيقية، ذلك أن الوضع العام الذي يحيط به هو وضع صعب وقاس يعيشه ويعايشه، ويجعله أكثر إحساسا بالمأساة، والحرمان والفقدان والعزلة..ظروف الناس الصعبة..كل هذا يدفعه ليتفاعل ويشارك ويعبر بتلقائية وعفوية وصدق.

خلاصة:

ختاما لهذه الورقة، فأنا أن هذا الملتقي سيساهم في رد الاعتبار لشعر الهامش مع العلم أن هذا الشعر أغنى الذاكرة التاريخية والوطنية سواء على مستوى المشاركة في الحدث أو التعبير عن هذا الحدث، كما أنه سيساهم في تحسيس فعاليات المركز بمعاناة الهامش، وضرورة أخذه بعين الاعتبار في مجال التنمية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* مداخلة ألقيت بمناسبة المهرجان الثقافي لحد السولم: غشت 2010.