< الجذور الأولى لتاريخ الموسيقى المغربية
تتميز الموسيقى المغربية بالتنوع، ويعود إلى عدة أسباب:
- موقع المغرب الجغرافي والاستراتيجي منكه من الاحتكاك بثقافات مختلفة.
- العلاقة التجارية بالفينيقيين وسكان اليمن.
- الاحتلال الروماني.
- الاحتكاك بالمشرق العربي بعد الفتح الإسلامي.
- الاتصال بالثقافة الإفريقية.
* المحطات التاريخية للموسيقى المغربية بعد الفتح الإسلامي (62هـ /172هـ-682/788 م).
ساهمت الفتوحات بشكل كبير في انتشار الألحان والإيقاعات والآلات الشرقية في سائر المناطق الخاضعة للحكم الإسلامي. وبما أن هذه الفتوحات استهدفت شمال المغرب، فقد اقتصر استعمال المقامات والإيقاعات الشرقية في هذه المنطقة مع بقاء الجنوب بعيدا عن ذلك..واستمر نقل التراث الشرقي إلى المغرب من بداية الفتح حتى استقرار العرب بالأندلس، حينها قلت حدته لأن الموسيقيين كانوا يعبرون المغرب فقط ليتوجهوا إلى الأندلس عبر مدينة سبتة.
* الموسيقى في عهد الأدارسة (172هـ/310 هـ - 788 م/ 922 م).
استقرت الأحوال السياسية في عهد الأدارسة، وأصبحت مدينة فاس تنافس سبتة التي كانت تغري الوافدين بالتوجه إلى الأندلس. وهكذا أصبح الوافدون يقصدون فاس مباشرة من المشرق والأندلس، وأصبح مسجد القرويين الذي تم بناؤه سنة 245هـ 859م جامعة يلتقي فيها كبار المفكرين والأعلام ورجال الدين. كل هذا ساهم في توجيه الحركة الفنية المغربية، وأدت إلى خلق تراث موسيقى مغربي أصيل، تطبعه السمات الشرقية الأندلسية. وبعد خروج الأدارسة من فاس، وظهور إمارتي بني يفرن ومغراوة دخل المغرب في صراعات سياسية واضطرابات اجتماعية أدت إلى توقف الحركة الفنية والفكرية.
* الموسيقى في عهد المرابطين والموحدين (462 هـ/ 541 هـ -613 هـ) (1070 م / 1146 م -1216 م).
بعد أن قضى يوسف بن تاشفين على ملوك الطوائف، أصبح العلماء والأدباء يمارسون أنشطتهم في ظل المرابطين، واختار البعض منهمالاستقرار بالمغرب إلى أن توفي به، مثل ابن طفيل وابن رشد اللذين توفيا في مراكش وابن باجة الذي توفي مسموما بفاس، والذي كان إضافة إلى مكانته العلمية أستاذا في الموسيقى والغناء.
لقد أدى تلاحم الحضارتين الأندلسية والمغربية في هذه الفترة إلى انتقال مجموعة من الأغاني والآلات الموسيقية، ولم تصل نهاية العهد المرابطي حتى أصبحت الآلات الموسيقية موفورة في الأسواق، ولا يرى الأمراء في المتاجرة بها أي مساس بالأخلاق العامة، كما أصبح الأمراء وخاصة منهم المقيمون بالأندلس يستقبلون الأدباء والشعراء إلى جانب الفقهاء.
أما في عهد الموحدين فقد اتسعت رقعة المغرب الجغرافية ووصلت إلى ليبيا، فأدى ذلك إلى نقل الغناء الأمازيغي والموشحات والأزجال الأندلسية إلى تونس. وأدخل عرب بني هلال بعدما أسكنهم يعقوب المنصور الموحدي منطقتي الغرب والحوز مقامات وإيقاعات ما تزال آثارها واضحة إلى الآن في فن العيطة، وغناء الكريحة أي الزجل المغربي، وفن التغني بالسيرة النبوية، والمديح الديني.
* الموسيقى في عهد المرينيين والوطاسيين (613 هـ/869 هـ -956 هـ) (1216 م/ 1465 م/ 1549 م).
- الموسيقى الأندلسية:
عرف المغرب في هذه الفترة حدثين مهمين كان لهما الأثر الإيجابي في غناء التراث المغربي. الأول هجرة جموع غفيرة من مسلمي بلنسية إلى المغرب في العهد المريني، وكانت وجهتهم الرئيسة مدينة فاس، والثاني استقباله في عهد الوطاسيين لأعداد كبيرة من المورسكيين الذين رحلوا عن الأندلس بعد سقوط غرناطة، وتوجهوا بالخصوص إلى تطوان وشفشاون.
- فن الملحون:
دخلت القصيدة الزجلية خلال هذه الفترة مرحلة جديدة في الشكل والمضمون، ويتجلى ذلك في استحداث ما يسمى ب "الحربة" في بداية القرن العاشر الهجري من طرف الزجال أحماد الحمري، وهي لازمة غنائية، تعاد بعد كل قسم من أقسام القصيدة، مما كان يقتضي صياغتها في لحن مغاير للحن المقاطع المتاعقبة. بعد ذلك تحولت الحربة إلى أغنية خفيفة، وانتشرت انتشارا كبيرا في صحراء تافيلالت التي كانت أنذاك مرتعا خصبا للزجل في مراحل تطوره، وهناك أصبح المنشدون يستعملونها نظرا لخفتها، مقدمة للقصائد الكبيرة يضبطون بها إيقاع النغم وأعطوها اسم السرابة.
- فرق المسمعين:
أصبح المغرب في عهد المرينيين يحتفل بصفة رسمية بالمولد النبوي الذي كانت تقام حفلاته في سائر الزوايا ومنازل بعض الخواص. ولقيت هذه التظاهرة تشجيعا كبيرا من طرف الملوك والفقهاء، وقد أدى ذلك إلى ظهور فرق المسمعين الذين أصبحوا يقيمون حلقات السماع في المناسبات الدينية.
* الموسيقى في عهد السعديين (956 هـ/1069 هـ / 1549 م – 1659 م)
- الموسيقى الأندلسية:
عرفت هذه الفترة استكمال الموسيقى الأندلسية لنوباتها الإحدى عشرة وموازينها الخمسة، حيث أضاف علال البطلة الوزير في حكومة السلطان عبد الله محمد بن الشيخ نوبة الاستهلال، وأضيف ميزان الدرج من طرف مجهول..
- فن الملحون:
استحدثت خلال هذه الفترة بحور جديدة في نظم شعر الملحون هي:
- الْمْبِـــيتْ: هو شعر الملحون المقفى، يشبه القصيدة العربية العمودية.
- مَكْسور لجناحْ: نظم يشبه الشعر الحر.
- السّوسي: نثر فني شعبي يشبه المقامات العربية.
وأضاف كل من عبد العزيز المغراوي والمصمودي الصْروف في نظم شعر الملحون، مقابل البحور في الشعر العربي. حيش اعتمد الأول الدّندنة، واعتمد الثاني مالي ومالي، وهي قياسات يضعها الشاعر ويبني عليها إيقاعية أبيات قصيدته.
التأثيرات الأجنبية في الموسيقى المغربية
من بين الأسباب التي ساعدت على فتح جسور التواصل بين المشرق والمغرب وانتشار الغناء الشرقي هجرة ثلة من الفنانين المصريين إلى المغرب أمثال مرسي بركات ومحمد المصري وبديعة مصابني ومحمد عبد المطلب..قصد العمل في الملاهي والمقاهي وبعض الحفلات الخاصة، فخلقوا حركة فنية جديدة تخرج عن إطار الموسيقي الأندلسية وفن الملحون وأنماط الغناء الشعبي المحلي. فسار على نهجهم مجموعة من المغاربة الذين حفظوا هذا الصنف من الغناء. فكانت ولادة أول مجموعة غنائية مغربية عصرية سجلها اتهامي بنعمر سنة 1930 بألمانيا مع شركة بيضفون. ومن العوامل الرئيسية التر رسخت التوجه نحو أغنية مغربية عصرية وساعدت عليه:
- تأسيس الجوق الملكي في بداية الثلاثينات من القرن الماضي وإسناد رئاسته إلى مرسي بركات. وفي سنة 1934 أسس أحمد البيضاوي أول تخت مغربي لتقليد الأغاني الشرقية. وفي سنة 1946 أذاعت الإذاعة لحنين جديدين لأحمد البيضاوي وعباس الخياطي.
- إرسال عبد الوهاب أكومي سنة 1945 إلى القاهرة لدراسة الموسيقى. وتأسست أجواق بكل من الدار البيضاء والرباط وفاس وهي:
- جوق المتيم برئاسة عبد النبي الجراري.
جوق الاتحاد الرباطي برئاسة عبد النبي الجراري.
جوقة الشعاع برئاسة محمد فوتيح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.