الديانة الهندوسية
- 02 -
" أنا أعتقد أن واجب كل مثقف
رجلا كان أو امرأة، أن يقرأ كتب العالم المقدسة بود وتعاطف. وإذا نحن احترمنا
أديان الآخرين كما نريد منهم أن يحترموا ديننا، فإن دراسة ودودة لديانات العالم
واجب مقدس".
الماهتما
غاندي
الكائن الأعلى
يختلف ويتنوع التعريف الهندوسي
لطبيعة الله، الكائن الأعلى الأسمى. وفتح هذا التنوع في التعريف المجال أمام تنوع
أشكال العبادة وأساليبها، واختلاف النظرة إلى الإله، مع أن الهندوس يؤمنون بأن أصل
كل شيء في الوجود، بما في ذلك الآلهة، مرده إلى مصدر واحد هو كائن أزلي وحيد. هذا
الأساس، أو السلطة العليا، يسمّى "براهمان" (المطلق، الكائن الأسمى). وبما أن ابرهمان مبدأ وأساس مجرد يتخطى
كل الأشكال ولا تحده هيئات أو صفات وهو بالتالي لا يدركه عقل بشري، فقد اختار
الهندوس "إيشتاديفا" (Ichtadeva) الذي يتقبله العقل والشعور تجسيدا لبراهمان. ويتوجه الهندوس بعبادتهم إلى إيشتاديفا
مثالهم المختار كما لو أنه هو براهمان
نفسه.
التناسخ،
والكارما
يؤمن بأم لكل كائن حي روحا وبأن
الشكل أو الجسد الذي تتقمص فيه كل روح، سواء كان ذلك الشكل نباتا أو حيوانا أو
إنسانا أو كائنا سماويا، فإنه يتقرر تبعا للأعمال التي يؤديها المرء في أدوار
حياته السابقة، أي بموجب قانون "كارما"،
وهو القانون الخلقي للفعل ورد الفعل. وقد وُضع قانون كارما لأول مرة بشكله المخطوط
في النصوص المقدسة المعروفة باسم أوبنشادات
(Upanishads) (تعني: أنظر ما يلي). وكارما تعني على وجه التحديد "النشاط،
أو الفعل، الإرادي" وتوحي بأن هناك مسببا للأفعال هو المسؤول عن دوافع الفعل
وعواقبه بما في ذلك الأفكار والأقوال والأفعال والنوايا. ويعتقد الهندوس بأن كل
روح تجني وتكسب ثمار كارما بالتراكم(اعتمادا على المضمون الذي تتشبع فيه كارما
بالمعاني النفسية الضمنية ، أي الجزئيات الخفية التي تعلق بالروح وتربطها بالمادية
الدنيوية عبر ولادات كثيرة متجددة "سامسارا" (Samsara)، وتعني الولادة المتسلسلة، أو التناسخ. فمن هذا المنظور، يظل كل
شخص (أو روح) يولد مجددا إلى ما لانهاية في حالة واعية مكيّفة أو مشروطة.
دهارما
والأخلاقيات الهندوسية
يكمن مبدأ الدهارما في جوهر السلوك
الخلقي وصميم نظامهم الاجتماعي. وتعبير "دهارما" له مستويات وظلال متنوعة من المعاني بحيث ليس له
ترجمة واحدة محددة. ويدل دهارما على القوى التي تُحرَز من خلال ممارسة "ياجناس" (Yajna) أي طقوس الفيدات والقرابين) والطريقة الصحيحة للعيش والاستقامة
والقانون والدين والواجب. ويستلزم الدهارما فضائل متعارفا عليها عالميا كالصدق
وفعل الخير وضبط النفس، وعدم العنف. وتمثل هذه المبادئ أساس الأخلاقيات الهندوسية
على النطاق العالمي الشامل.
الأهداف الأربعة
للحياة
تسعى غالبية الهندوس الذين لا
يختارون نهج حياة الزهد والتنسك إلى
تحقيق أربعة أهداف مقبولة دينيا في
الحياة. وتلك الأهداف الأربعة هي: اللذة الحسية أو المتعة (كاما) والكسب المادي (آرثا)
والواجب الخلقي (دهارما) ثم الهدف النهائي وهو التحرر والسّموّ على الواقع الواعي
المكيّف وتخطي دورة تكرار الولادة (موكشا). ويتبين من الأهداف الأربعة للحياة أنها
تضم الروحانية الهندوسية الطيف الكامل للتجارب الإنسانية بما فيها الملذات
والجماليات وتكسّب المال. والشرط الوحيد اللازم هو أن يسعى إلى تلك التجارب وفق دهارما، أو الاستقامة والصلاح،
وأن لا ينظر إليها على أنها نهايات بحد ذاتها ولذتها بل كأهداف متدرجة في الرحلة
الروحانية.
.............................................................................
* تراثنا الروحي. مايكل درافيس وجيمس مادييو ومايكل
روسو. ص 202-206. (بتصرف). (يتبع)...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.