أشكال الإدراك المقدسة*
" أنا أعتقد أن واجب كل مثقف رجلا كان أو امرأة، أن يقرأ كتب العالم المقدسة بود وتعاطف. وإذا نحن احترمنا أديان الآخرين كما نريد منهم أن يحترموا ديننا، فإن دراسة ودودة لديانات العالم واجب مقدس".
الماهتما غاندي
نظرا لإيمان الناس البدائيين بأن الواقع الحقيقي هو في الأساس روحي، فهم يستوعبون الظواهر بشكل مختلف تماما عمّا يدركه معظم الناس العصريين. مثال ذلك أن شخصا من العصر الحديث إذا نظر إلى شجرة أو حيوان فهو يراها عادة شيئين "ماديين" أو "عضويين". وقصف الرعود وعواصف الأمطار وزمجرة الرياح يراها الإنسان المعاصر أحداثا "طبيعية" غالبا ما توحي بأمور يندر أن توصف بأنها "روحية". وتفير النظرة المادية إلى العالم، التي هي من صفات الحداثة، بالمعنى القائم على المعلومات التجريبية، وغالبا بالارتباط مع المفاهيم غير الشخصية مثل قانون الطبيعة والسببية والزمن الخطي. إلا أن الشخص القبلي له شكل آخر من حالات الإدراك والاستيعاب. فهو يرى الأمور والأحداث "الطبيعية" تحسد شيئا روحيا غامضا ربّانيا. ويلاحظ ميرسيا إلياد في هذا المجال قائلا ما يلي:
"يجد (الإنسان العصري) من الصعب تقبل حقيقة أن القدسية بالنسبة لكثير من بني الإنسان يمكن أن تتجسّد في الحجارة والشجر، على سبيل المثال...لكن الحجر المقدس والشجرة المقدسة لا يعبدان كمجرد حجر أو شجرة، فهما يعبدان تحديدا لأنهما هيروفينات (أي التجسّدات الإلهية باللغة اليونانية) ولأنهما يدلان على شيء لم يعد حجرا، بل أصبح مقدسا و"شيئا آخر".
..فبتجسيده للمقدس، يصير كل شيء شيئا آخر، ولكنه مع ذلك يبقى"ذاته". فحجر مقدس يبقى حجرا لا يميزه ظاهريا شيء عن الحجارة الأخرى. لكن الحجر بالنسبة لأولئك الذين يكشف لهم عن قداسته يتحول واقعه الفعلي المباشر إلى حقيقة خارقة للطبيعة. وبمعنى آخر، فإن الطبيعة كلها، بالنسبة لدوي التجربة الدينية، قادرة على أن تكشف عن نفسها كمقدس كوني. والكون بأسره يمكن أن يصبح تجسّدا ربانيا (هيروفينا).
يرى الناس البدائيون من هذا المنظور من حيث علاقتها بجوهرها ويدركونها بديهيا على أنها كائن روحي. وبهذه الطريقة يمكن رؤية الأشجار والحجارة كرموز تجسد الروح. فعن الهنود الحمر، سكان السهول في أمريكا الشمالية، كتب العالم جوزيف إيس براون: "...لا يعتقد أن الشكل المادي يمثل حقيقة أخرى أو عليا، بل إنه هو تلك الحقيقة مصورة. وهكذا فإن القوة أو النوعية التي يعبر عنها شكل معين قد تنتقل مباشرة إلى الشخص المتصل به..".
.........................................................................................................
* تراثنا الروحي. مايكل درافيس وجيمس مادييو ومايكل روسو. ص 88/89. (بتصرف).
" أنا أعتقد أن واجب كل مثقف رجلا كان أو امرأة، أن يقرأ كتب العالم المقدسة بود وتعاطف. وإذا نحن احترمنا أديان الآخرين كما نريد منهم أن يحترموا ديننا، فإن دراسة ودودة لديانات العالم واجب مقدس".
الماهتما غاندي
نظرا لإيمان الناس البدائيين بأن الواقع الحقيقي هو في الأساس روحي، فهم يستوعبون الظواهر بشكل مختلف تماما عمّا يدركه معظم الناس العصريين. مثال ذلك أن شخصا من العصر الحديث إذا نظر إلى شجرة أو حيوان فهو يراها عادة شيئين "ماديين" أو "عضويين". وقصف الرعود وعواصف الأمطار وزمجرة الرياح يراها الإنسان المعاصر أحداثا "طبيعية" غالبا ما توحي بأمور يندر أن توصف بأنها "روحية". وتفير النظرة المادية إلى العالم، التي هي من صفات الحداثة، بالمعنى القائم على المعلومات التجريبية، وغالبا بالارتباط مع المفاهيم غير الشخصية مثل قانون الطبيعة والسببية والزمن الخطي. إلا أن الشخص القبلي له شكل آخر من حالات الإدراك والاستيعاب. فهو يرى الأمور والأحداث "الطبيعية" تحسد شيئا روحيا غامضا ربّانيا. ويلاحظ ميرسيا إلياد في هذا المجال قائلا ما يلي:
"يجد (الإنسان العصري) من الصعب تقبل حقيقة أن القدسية بالنسبة لكثير من بني الإنسان يمكن أن تتجسّد في الحجارة والشجر، على سبيل المثال...لكن الحجر المقدس والشجرة المقدسة لا يعبدان كمجرد حجر أو شجرة، فهما يعبدان تحديدا لأنهما هيروفينات (أي التجسّدات الإلهية باللغة اليونانية) ولأنهما يدلان على شيء لم يعد حجرا، بل أصبح مقدسا و"شيئا آخر".
..فبتجسيده للمقدس، يصير كل شيء شيئا آخر، ولكنه مع ذلك يبقى"ذاته". فحجر مقدس يبقى حجرا لا يميزه ظاهريا شيء عن الحجارة الأخرى. لكن الحجر بالنسبة لأولئك الذين يكشف لهم عن قداسته يتحول واقعه الفعلي المباشر إلى حقيقة خارقة للطبيعة. وبمعنى آخر، فإن الطبيعة كلها، بالنسبة لدوي التجربة الدينية، قادرة على أن تكشف عن نفسها كمقدس كوني. والكون بأسره يمكن أن يصبح تجسّدا ربانيا (هيروفينا).
يرى الناس البدائيون من هذا المنظور من حيث علاقتها بجوهرها ويدركونها بديهيا على أنها كائن روحي. وبهذه الطريقة يمكن رؤية الأشجار والحجارة كرموز تجسد الروح. فعن الهنود الحمر، سكان السهول في أمريكا الشمالية، كتب العالم جوزيف إيس براون: "...لا يعتقد أن الشكل المادي يمثل حقيقة أخرى أو عليا، بل إنه هو تلك الحقيقة مصورة. وهكذا فإن القوة أو النوعية التي يعبر عنها شكل معين قد تنتقل مباشرة إلى الشخص المتصل به..".
.........................................................................................................
* تراثنا الروحي. مايكل درافيس وجيمس مادييو ومايكل روسو. ص 88/89. (بتصرف).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.