ترحيب

Welcome to the farhat mustapha Website المصطفى فرحات يرحب بكم
أنت إنسان حر الإرادة والفكر والفعل؟ إذا أنت غير موجود..

بحث هذه المدونة الإلكترونية

سورة الفاتحة

سورة الفاتحة

رسائل


،رسائل: الرسالة (12): كنت وستبقين حاضرة في الذاكرة، صورتك لا تبلى، بل تزيدها الأيام غضارة ونضارة، وأنتظر دائما أن ألقاك يوما وأروي عطش الفقدان والحنين... ..

جديد الأخبار

7. قالوا عن الحزن: * "لا يوجد أحد يستحق دموعك، على أي حال ذلك الشخص الذي يستحقها لن يجعلك تبكي". )غابرييل جارسيا ماركيز) * "الغضب والدموع والحزن هي أسلحة المستسلمين". (كيتي جيل) * "للحزن أجنحة يطير بها مع مرور الزمن". (جان فونتين) * "ليس الحزن سوى جدار بين حديقتين". (كاهيل غبرين) * "الصمت الطويل هو الطريق للحزن... لأنّه صورة للموت". (جان جاك روسو) * "الكثير من السعادة تستحق القليل من الحزن". (ثوماس فولر)
أحدث المواضيع

coinautoslide

Beauty is in the eyes of the beholder

INFO

معلومات
  • 1. *It's always darkest before the dawn
  • 2. *Practice makes perfect
  • 3. * Don’t count your chickens before they’re hatched
  • 4. * You can’t judge a book by it’s cover
  مع العسر ...

الثلاثاء، 21 يونيو 2022

مقاربات نقدية: 26. تأصيل الأصيل ومحاورة الحداثة قراءة في ديوان "أزيز الصمت" للشاعر المغربي المختار السعيدي*

عتبة 

عن دار الوطن صدر للشاعر المغربي ديوان "أزيز الصمت" الطبعة الأولى 2012، ويتضمن (22) نصا شعريا، وإذا أضفنا الإهداء الذي صاغه الشاعر شعرا يصبح عدد النصوص (23) نصا بعدد صفحات بلغت (73) صفحة من الحجم المتوسط. وتُتوزع النصوص بين شكلين: قصائد عمودية بعدد (16) نصا، وقصائد التفعيلة ب (6) نصوص. وانطلاقا من عنواننا المركزي "تأصيل الأصول ومحاورة الحداثة" سنقارب التجربة الشعرية في ديوان "أزيز الصمت" من خلال خمس مداخل وهي:

1. دلالة العنوان وعلاقته بالتجربة الشعرية ككل

2. علاقة الشاعر بالشعر من حيث المفهوم والمنظور والتطبيق

3. التيمات أو موضوعات التجربة الشعري

4. الإيقاع الشعري في القصيدة العمودية وتجليات الأصالة والتأصيل

5. شعر التفعيلة ومحاورة الحداثة

1. العنوان وعلاقته بالتجربة الشعرية

إذا كانت كلمة "أزيز" تعني الصوت الخفيض الحاد لم يرد إلا مرة واحدة وجاء متعلقا بكلمة "الصمت" التي تعتبر من أكثر المفردات تواترا في الديوان حيث تكررت (33 مرة). هذا بغض النظر عن مترادفاتها وفي أغلب النصوص كما حضرت في ثلاثة عناوين وهي: "جدار الصمت" و "خليل الصمت" و "أزيز الصمت" الذي اختاره الشاعر عنوانا جامعا لديوانه، وبهذا الحضور الكمي يتربع "الصمت" عرش المفردات المتواترة في الديوان، وبهذا الزخم يكاد يكون إلى حدّ بعيد رافعة التجربة الشعرية، والمحفز عليها، مما يدعونا إلى طرح السؤال: كيف يفسر هذا الحضور الكمي لمفردة "الصمت"؟

يبدو من خلال بعض المؤشرات والإشارات الواردة في الديوان أن الشاعر عانى تجربة الكتمان بحدة قبل أن يتحول لتجربة البوح. ففي كثير من القصائد ما يدل على أنه كان يدمن الصمت اعتقادا باعتباره تقية تحميه من المتطفلين والمتربصين قبل أن يدرك أن الصمت خيار الجبناء، ولعنة. يقول على لسان المعري:

لعنة الصمت حين غدا انتحارا * وقدسته ورفعت ذكره

(الديوان: ص 66)

لذا قرر الشاعر التمرد على "الصمت" والتخلص من لعنته التي رافقته أمدا، ويستبدله بالبوح  والإفصاح عما كان مسكوتا عليه، والنتيجة هذه التجربة الشعرية التي نحن بصدد مقاربتها.

2. علاقة الشاعر بالشعر

عندما تقدم مدرسة شعرية أو اتجاه شعري أو شاعر ما منظوره للشعر سواء في شكل مفهوم أو بيان فتلك أشارة إلى نضوج الوعي الشعري مما يسمح له بتأطير تجربته الشعرية من حيث مقوماتها الجمالية ورسالتها الفكرية وأصالتها ومسارها وآفاقها.. وفي ديوان "أزيز الصمت" رغم أن الشاعر لم يصغ مفهوما صريحا إلا أن مؤشرات عدة ترشدنا لكي ندرك مفهومه ورؤيته وتصوره وعلاقته بفن الشعر. فانجذاب الشاعر للقصيدة العمودية والنسج على منوال الأقدمين على مستويات عدة على حساب القصيدة الحداثية يؤشر على ارتباطه مقاييس الشعر القديم خصوصا على مستوى الشكل.

وبتتبعنا لبعض الأبيات التي يصرح فيها بعلاقته بالشعر نستنتج أن الشاعر يصنف نفسه في خانة الشعراء المطبوعين. فالشعر يأتيه عفوا وبدون تكلف أو تصنع، يأتيه على شكل إلهام وإشراقات عندما يكون أحوال خاصة: الألم، المعناة، النشوة، الرهافة، الأحساس بالظلم... يقول مفتخرا ومعتزا بموهبته الشعرية المتفردة:

فلقد كنت أبذر الحرف في أر * ض خلاء فيزهر الشعر حالا

ولقد كنت أنشد الشعر ليـــلا * فيقوم الكون الأصم ابتهــــلا

(الديوان: ص 72)

3. التيمات/الموضوعات

تنوعت التيمات أو الموضوعات التي اشتغل عليها الشاعر في الديوان الذي جاء غنيا بالمضامين والمواقف والرؤى. ويمكن تصنيف هذه الموضوعات إلى أربعة محاور شكلت الذات الشاعرة مركزها وهي:

 

المحور الأول: ذاتي وجداني. ومن قصائده (الأمل المذبوح ـ أزيز الصمت ـ ذكرى ـ خليل الصمت ـ أمطري أملا ـ عذرا لها ـ جار الغياب ـ إني راحل ـ ومشينا النار.

المحور الثاني: ذاتي وطني. حيث يتجاور عشق المحبوب مع عشق الوطن ليضاعفا معا معاناة ومكابدات الشاعر. قصيدة: جرحان.

المحور الثالث: ذاتي ـ إنساني. في هذه النصوص يحتفي الشاعر بالإنسان ويعترف لأشخاص تربطه بهم علاقة خاصة قوامها المعرفة والفكر والثقافة والتربية بما أسدوه للأجيال من جميل الفعل ومن واجبهم أن يفتخروا ويعتزوا بهم. قصيدتا: محاورة مع البلاغة ـ ستون قطرة من العمر.

المحور الرابع: ذاتي ـ قومي. وفي هذه النصوص يتناول قضايا أمته العربية، ويبدي تعاطفا معها معلنا مواقفه من أعدائها، واصطفافه إلى جانب قضاياها العادلة. وهو لا يخفي هذا الإنتماء العروبي. يقول:

عربي في فرحتي واكتئابي * عربي في ألفتي واغترابي

وتندرج تحت هذا المحور القصائد التالية: نحيا كراما أو نموت كراما ـ اسقني إرهاب الحداثة ـ رسالة إلى سرت ـ اغتيال الحرية ـ فينيق قرطاج ـ رسالة صدام قبيل الإعدام ـ أيها العربي اخلع نعليك ـ زئير المعري ـ عانقته والموت قبّله). وتناولت هذه النصوص قضايا الشعب العراقي والفلسطيني والربيع العربي والثورة التونسية وأحداث ليبيا.

لقد كان الشاعر قريبا من ذاته وقضايا أمته، ولم يكتف بالنوصيف والإخبار بل كان جريئا في مواقفه، صريحا في آرائه، بليغا في تعبيره، شاعرا في أحاسيسه ورؤاه.

4. الإيقاع الشعري وتأصيل التجربة الشعرية

إذا كانت المعاني مطروقة في الطريق كما قال الجاحظ فإن الأسلوب هو ما يميز المبدع أو الرجل كما قالت "مس اشتاين". وهنا مكمن أصالة تجربة الشاعر المختار السعيدي. الذي اختار أن يصب هذه التجربة في قالب شعري كلاسيكي/ الشكل العمودي مما ساهم بشكل كبير في تأصيل هذه التجربة وربطها بجذورها الثقافية العربية. ولأن الشكل الفني هو الذي يجلي هذه الخاصية فقد تتبعنها في أهم عناصرها وهي الإيقاع واللغة.

1. الإيقاع: هو مصطلح جامع للعديد من المظاهر الصوتية والنغمية والموسيقية للقصيدة  ومنها الوزن والقافية ومكوناتها والتصريع والتكرار والتواازي وغيرها.

وسنتوقف عند بعض هذه المظاهر:

1/1. الوزن: وهو تردد الوحدات الصوتية المتشكلة في التفعيلة ويرمز لها بالمتحرك والساكن. وفي هذا الإطار نظم الشاعر على أوزان متنوعة تتناسب ومقتضيات التجربة الشعرية المتمثلة في الموضوع الشعورية ـ النفسية. وإذا قمنا بجرد لهذه الأوزان ورتبناها بحسب عدد المرات التي تكررت في الديوان بما في ذلك الإهداء سنحصل على المعطيات التالية: الكامل (8)، المتدارك (5)، البسيط بصورتيه التام (3) والمجزوء (1)، الوافر (2)، الخفيف (1)، السريع (1)، المتقارب (1). والنظم على هذه الأوزان يدل على الأريحية التي يشعر بها الشاعر في هذه الإيقاعات، وما يزكي هذا الاستنتاج هو طول نفسه خصوصا في بحر الكامل حيث بلغ عدد أبيات قصيدة "رسالة صدام قبل الإعدام" (40 بيتا)

ومع أن الشاعر زواج بين الأوزان المختلطة والأوزان الصافية إلا أن هذه الأخيرة هيمنت، خصوصا البحر الكامل والمتدارك. وما يميز هو أنه الأوزان الدالة على الشجن  والعشق والرومانسية والفروسية، وهو وزن/بحر قوة وجزالة وجمال لاطراد نغماته الإيقاعية المنسابة والمتدفقة. أما المتدارك فهو من الأوزان الخفيفة والمتدفقة والسريعة خصوصا عندما يتحول خببا (فَعْلُنْ). ويناسب النفس القلقة والمتوترة والشديدة الانفعال.

1/2. القافية: وهي المكون المكمل لإيقاع البيت الشعري، وفيها يصل الإيقاع إلى أقصى مداها خصوصا إذا توفر الانسجام الصوتي بين حروفها الذي يشكل الروي والردف والتأسيس أبرز عناصرها. وفي استقرائنا للقوافي المعتمدة في الديوان نستنتج ميل الشاعر لاستعمال القوافي المطلقة ويتفادى القوافي المقيدة (3) قوافي مقيدة مقابل (13) قافية مطلقة. ويمكن تصنيف هذه القوافي بحسب حروفها إلى نوعين: (9) قوافي مردوفة، (7) قوافي خالية من الردف والتأسيس، والملاحظ هو خلو النصوص من القوافي المؤسسة.

1/3. الروي: هو النبرة أو النغمة التي ينتهي بها البيت ويلتزم الشاعر بتكراره في أبيات القصيدة. وظف الشاعر (5) حروف من المعجم العربي دعما للقافية وهي: اللام (4 مرات)، الميم (3 مرات)، النون (3 مرات)، الراء (3مرات)، الباء (مرتين). ومن خاصية هذه الحروف/الأصوات (الراء والميم والنون والباء واللام الجهر، وهي أيضا من حروف الدلاقة حيث يُتلفظ بها بدون تعثر في النطق لمرونتها وسلاستها.

1/4. التصريع: وهي توافق الشطر الأول والثاني من مطلع القصيدة في الوزن والقافية والروي. وهي ظاهرة حاضرة في الشعر القديم، وكان الشعراء العرب يولون أهمية كبير للمطلع لأنه أول ما يطرق سمع الشاعر (نذكر هنا أن الشعر كان ينشد، أي أنه فن سماعي). وقد وظف الشاعر هذه الظاهرة الإيقاعية في كل القصائد العمودية بدون استثناء.

1/5. الإيقاع الداخلي: استثمر الشاعر ظاهرة الجناس والتكرار الصوتي واللفظي والتوازي مما ساهم بإبراز جماليات النص ومعانيه، بل وأحيانا يبالغ في هذا الاستثمار جريا على عادة بعض الشعراء العرب. ومن النماذج الملفتة في هذا الجانب قوله:

فاشتقت أن أشتق من شوقي شقا * ء يرتقي بي شرفة الإشراق

(الديوان: ص 7)

يذكرنا بقول الأعشى (شاعر جاهلي):

ولقد غدوت إلى الحانوت يتبعني * شاو مشل شلول شلشل شول

والمتنبي في قوله:

فقلقلت بالهم الذي قلقل الحشا * قلاقل عيس كلهن قلاقل.

2. اللغة: وتتعمق هذه الأصالة في حضور المعجم التراثي البدوي القديم (الرحال، الطلل، البغات، النعامـ الفرس..) والمعجم الديني (صلى، ركعة، صام، الأصنام) وفي اسحضار أسماء الأعلام (أبو نواس، المعري، الحلاج...)

3. التناص:  أما ظاهرة التناص فتتمثل في استلهام الشعر القديم والقرآن الكريم ومن أمثلة النوع الأول قوله:

فدوو القرابة قد بغوا ظلما علي * نا إذا رأوا عدوا والضياء ظلاما

(الديوان: ص 9)

فصوت الشاعر الجاهلي طرفة حاضر من خلال بيته الشهير:

وظلم ذوي القربى أشد مضاضة * على المرء من وقع الحسام المهند

ومن أمثلة النوع الثاني قوله:

وتحركت أجسامنا من بعدما * كانت كأعجاز النخيل حطاما

(الديوان: ص 11)

وفي القرآن الكريم : "كأنهم أعجاز نخل خاوية".

هذا جزء من كل حاولت من خلاله أن أضع تجربة الشاعر في إطارها العام حيث يبدو القديم إلى جوار الحديث وهو ما أكسب هذه التجربة بعضا من الخصوصية والتميز.

5. محاورة الحداثة

رغم أن التجربة الشعرية في الديوان أصيلة ويرتبط الجزء الأكبر منها بتقاليد الشعر العربي القديم خصوصا على مستوى الشكل إلا أنها انفتحت على الحداثة وإن اتخذ منها الشاعر موقفا صريحا ومعلنا واصفا إياها بالإرهاب. يقول:

اسقني إرهاب الحداثة إني * هارب من حداثة الإرهاب

(الديوان: ص 23)

ربما يستثني منها الحداثة الشعرية، ذلك أن الديوان يتضمن ستة قصائد تنتمي لشعر التفعيلة. من حيث الشكل نظمتا على وزنين: المتدارك (فاعلن) أربعة قصائد، والكامل (متفاعلن) قصيدتين. أما من حيث المضامين فاتجهت في اتجاهين: قومي عروبي تناول فيها القضية الفلسطينية (قصيدتي: أيها العربي اخلع نعليك – اغتيال الحرية). وذاتي وجداني عبر فيها عن عاطفة الحب والحنين والشوق (قصائد: ومشينا النار ـ جار الغياب ـ أمطري أملا ـ عذرا لها).

ولأن الشاعر تجاوز على نظام الشطرين، والقافية الموحدة وحروفها (الروي الموحد وألف التأسيس والردف..) جاء الإيقاع سلسا، متدفقا، متناغما مع المضامين والحالة الشعرية ككل. ويبدو أن شعر التفعيلة كان مجالا رحبا فأفسح المجال للتعبير والبوح والكشف عن خواطر النفس والمواقف الأيديولوجية والإنسانية للشاعر. هذا إضافة إلى لغة النصوص البسيطة والسهلة التي تفصح عن المعاني بوضوح. ومن النماذج التي تدل على هذه الظاهرة قوله:

إسرائيل

تغتال الحرية

في المياه الدولية

(الديوان: ص 39)

ومع ذلك فحالة الحداثة هذه تخترقها الأصالة فيعود النفس التقليدي للبروز فتأسر القافية الموحدة وحروفها الشاعر في بعض النصوص كما في قوله:

ثار الحب الموؤود بأعماقي

فهوى الدمع المسجون بأحداقي

يسقي صحراء خدود الأشواق.

(الديوان: ص 53)

على سبيل الختام

التجربة الشعرية في ديوان "أزيز الصمت" منجذبة نحو قطبين: الأصالة، وهي ذات جاذبية قوية. والحداثة التي تحاول أن تحتل موقعا معتبرا في هذه مساحة هذه التجربة، أما الشاعر فيتموقع في منطقة شبه وسطى بين القديم الأصيل، والجديد الحديث في محاولة للموازنة بينهما وحسم خياراته.

المصطفى فرحات 

13/12/2019 

********************************************************************************************

* نشر في الملحق الثقافي لجريدة العلم 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.