وكل إنسان معه شيطان ومعه ملك كما قال النبي ﷺ: ما منكم من أحد إلا ومعه قرينه من الجن وقرينه من
الملائكة إلا أن الله أعانني عليه فأسلم."
عالم الجن
والشياطين، عالم غريب وخفي ومرعب، الداخل إليه مفقود والخارج منه مولود...
البعض يخشى هذا العالم المظلم المخيف الذي يوازي عالم الإنسي المألوف والمضيء.
سأقرب قرائي من هذا العالم الغامض من خلال ما دونته الأقلام السّمخية، ليستأنس ويطمئن أو - ربما ـ ليزداد رعبا ورهبة. ونظرا لتنوع وتعدد ما كتب عن الجن والشياطين سأعمل على تقسيم الموضوع إلى أجزاء. ونظرا لتشعب الموضوع قسمته إلى أجزاء.
تزخر المكتبة السّمخية بمؤلفات تناولت حياة الجن والشياطين بالتفاصيل المملّة. ومن هذه المؤلفات السّمخية: كتاب "نظم الدرر" للإمام البقاعي. "آكام المرجان فى أحكام الجان" للمحدث الشبلى الحنفى. "الأشباه والنظائر" لابن نجيم. والفتاوى الحديثية للهيتمي ومجموع فتاوى ابن تيمية، وتفسير القرطبي.
لنبدأ بالتعريف بالجِنّي، فهو خلاف الإنسي. سُمُّي بذلك لاستتاره (جنته) عن النَّاس وهو مخلوق خفيّ من النار. والجن خلق من خلق الله، مكلفون مأمورون منهيون، خلق الله الجن قبل أن يخلق الإنس هذا ما أجمعت عليه الجماعة أو أهل السنة. فهم يعتقدون أن للجن أرواح، ويعترفون أنهم يجهلونها. والجن عندهم أنواع منها من لهم أجنحة يطيرون بها. أو يتشكلون على هيئة حيوانات كالحيات والكلاب والقطط. أو يتشكلون على صورة امرأة عجوز. وغير ذلك من التصورات. وهم كالبدو ينتجعون، فيقيمون ويرحلون. والشياطين هم نوع من الجن المردة. يكونون من الجن، ويكونون من الإنس. والشيطان هو أبو الجن.
ومن ذلك الحيات الّتي يتشكل الجِن بصورتها فتلِج البيوت، كما في حديث الفَتى الَّذي صَرعه الجِنِّي في بيتهّ، ولِذلك
نَهى النَّبي عَن قَتل
حيات البيوت قَبل إنذارها؛ لوجود الجن المسْلمين فيها.
أصناف الجن: وهم أصناف وأشكال يأكلون ويشربون، وينكحون ويتناسلون، وهم أصناف وأشكال، وقد يؤذون بني آدم كما يؤذي بنو آدم بعضهم بعضا، قد يؤذي الجن الإنس في بعض الأحيان بالحجارة، أو بشب النار في بعض أمتعتهم، أو بالكلام المزعج أو بغير ذلك.
وأما مساكن الجن فيكثر تجمعهم في الخراب ومواضع
النجاسات كالحمامات والمزابل ، قال الرسول: "إِن هذه الْحُشُوش
محتضرة، فَإِذَا أَتى أَحدكم الْخَلاء فَليقل: أَعود باللَه من الْخبث وَالْخَبائث..."
و نَهى أن يبال في الجحْر وهوَ المكان المفضل للجن. وغي بعض الكتابات السمخية تتسرد الأماكن التي يحبها الجن مثل الحانات، والحمامات، ومَواضعِ المُكوسِ، والكَنائِسِ والبِيَعِ والحُشوش كأعطانِ الإبل، وما يسافِر إليه بَعضُ النّاس مِن المَغاراتِ ونَحوه مِنَ الجِبال، قاصدين لتعظيمِ تِلكَ البقعة، وكُل مَوضعٍ تعظّمه النّاس غَير المَساجد ومشاعِر الحج فإنه مأوى الشياطين..
وذهب بعض الكتب السمخيين إلى أن الجن كالإنس لهم مذاهب وعقائد يؤمنون بها فمنهم، السني، والشيعي، والخارجي، والمعتزلي..
رواية أعجبتني ونقلتها لكم عن كاتب سمخي وهو يفصل الحديث
عن الجن. قال: " الجن
عند أهل الكلام علي مراتب: فإذا ذكروا الجن خالصا قالوا: جني
.. فإن أرادوا أنه ممن يسكن مع الناس، قالوا: "عامر" والجمع عمّار وعوامر.. فإن كان ممن
يعرض للصبيان، قالوا: "أرواح"
.. فإن خبث وتعزم فهو شيطان
.. فإن زاد على ذلك فهو: "مارد"
.. فإن زاد على ذلك وقوي أمره، قالوا: "عفريت"، والجمع: عفاريت والله أعلم بالصواب ".
عن ابن الكلبي أن إبليس أنجب خمسة، منهم ثلاثة قبائل أو أسباط، تنزع إلى الشر: «الثبر» و«زلفيون» و«دامس»، ف"الثبر" هو صاحب المصائب والكوراث، و"زلفيون" هو المنوط بالاندساس بين الناس والإيقاع بهم، أما "أدامس" أو "الأعور"، فهو صاحب الزنا وهتك الأعراض والإباحيات، كما أن منهم "مسوط" وسُمي "صاحب الراية"، ينصبها وسط الأسواق، ويروح ينشر بين الناس الخصومات والجدال والمنازعات.
كما أن حروبًا طويلة دامية وقعت بين قبائل الجن وقبائل الإنس من العرب، منها حروب بني سهم، الذي كانوا قد قتلوا ابن امرأة من الجن، عقب حجه وطوافه بالبيت، فوقعت الوقيعة بين قبيلة الجني المتوفى وبني سهم، وقتل الجن من بني سهم خلقًا كثيرًا
خاتمة
ثقافة الجن حاضرة في حياتنا اليومية رغم تقدم المعرفة، وتقوم على الدجل والمتاجرة بالجن واستغلال للعوام من المرضى النفسيين والجهلة. والأمثلة كثيرة، مثل الراقي الذي قتل صبياً بحجة أنه (ممسوس)، بعد أن غمس رأسه في إناء مملوء بماءٍ قَرَأ الراقي فيه آيات من القرآن، وأبقاه على هذه الحالة بُرهة من الزمن حتى فارق الحياة. أو راق آخر الذي قتل مريضاً نفسياً بعد أن أوسعه ضرباً ليخرج منه الجني الذي تلبّس به كما زعم.
يتبع
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.