ترحيب

Welcome to the farhat mustapha Website المصطفى فرحات يرحب بكم
أنت إنسان حر الإرادة والفكر والفعل؟ إذا أنت غير موجود..

بحث هذه المدونة الإلكترونية

سورة الفاتحة

سورة الفاتحة

رسائل


،رسائل: الرسالة (12): كنت وستبقين حاضرة في الذاكرة، صورتك لا تبلى، بل تزيدها الأيام غضارة ونضارة، وأنتظر دائما أن ألقاك يوما وأروي عطش الفقدان والحنين... ..

جديد الأخبار

7. قالوا عن الحزن: * "لا يوجد أحد يستحق دموعك، على أي حال ذلك الشخص الذي يستحقها لن يجعلك تبكي". )غابرييل جارسيا ماركيز) * "الغضب والدموع والحزن هي أسلحة المستسلمين". (كيتي جيل) * "للحزن أجنحة يطير بها مع مرور الزمن". (جان فونتين) * "ليس الحزن سوى جدار بين حديقتين". (كاهيل غبرين) * "الصمت الطويل هو الطريق للحزن... لأنّه صورة للموت". (جان جاك روسو) * "الكثير من السعادة تستحق القليل من الحزن". (ثوماس فولر)
أحدث المواضيع

coinautoslide

Beauty is in the eyes of the beholder

INFO

معلومات
  • 1. *It's always darkest before the dawn
  • 2. *Practice makes perfect
  • 3. * Don’t count your chickens before they’re hatched
  • 4. * You can’t judge a book by it’s cover
  مع العسر ...

الجمعة، 13 مايو 2022

مقاربات نقدية: 6. مواجد شاعرة: قراءة في ديوان رغم أنف أبي لإلهام زويريق


أطلت علينا الشاعرة إلهام زويريق بديوانها الأول والذي يحمل عنوان:"رغم أنف أبي"، وهو ديوان من الحجم المتوسط، يتكون من تسعة وتسعين صفحة يظم ثمانية عشر قصيدة هي عصارة تجربة شاعرة اتخذت من القصيدة أداة للتعبير عما يعتمل في دواخلها من مشاعر وأحاسيس تنبض بالحب والعشق لكل ما هو جميل، كما تجاوزت ما هو ذاتي لتعانق قضايا وطنية وقومية وإنسانية لتبرهن على أنها شاعرة الجميع..وقد ارتأيت أن أقرب القراء من مضامين الديوان من خلال رصد بعض القضايا والهموم التي تشغل الشاعر في إطار الكشف عن العلاقة التي تربطها بها كعلاقة الشاعرة بالأب، وبالمكان، أو بالشعر..واخترت لهذه المقاربة المتواضعة عنوان: "مواجد شاعرة".

1. علاقة الشاعرة بالأب:

عندما نتتبع العلاقة التي تربط بين الشاعرة والأب في نصوص الديوان نكتشف أنها علاقة حميمة ووجدانية إلى مستوى تلغي فيه الشاعرة ذاتها لتصهرها وتذوبها في ذات الأب التي تهيمن وتسيطر على العالم النفسي للابنة.

إن سلطة الأب/الشاعر تضغط بشكل عنيف على العالم التخيلي للابنة/الشاعرة إلى درجة يستحيل فيه ـ في كثير من الأحيان ـ إيجاد خط التمايز بين العالمين ليصبح عالم الشاعرة امتدادا بوجه من الوجوه لعالم الأب.

بناء على هذا، فهي لا تتوانى في الاعتراف والبوح بأن تورطها في الكتابة الشعرية هو تحقيق ضمني لرغبة أب يصر أن يمتد صوته في صوت الابنة. تقول:

أبتاه

لا تحزن

ها أنا ذي أتورط في حرقة الكتابة من أجلك

لعلي أفتح لك باب الشروق من جديد.    (الديوان. ص 8)

ويأخذ هذا الامتداد مداه عندما تستحضر الشاعرة نصوص والدها وتستلهمها فيشعرها مضمنة مقاطع من أشعار والدها ليحصل ما يشبه التماهي كما هو الحال في قصيدة ما عاد هناك رثاء، والتي صدرتها بهذه العبارة:"من وحي قصيدة شموع الندم من ديوان عندما ترقص الجراح للشاعر إسماعيل زويريق والمقطع الأخير من هذه القصيدة".

هكذا إذا كلما وجدت الشاعرة نفسها في خضم الأزمة الحارقة فإنها تعود إلى الأب وتعدو نحوه لتحتمي بقامته الشامخة لعلها تجد في ظلالها الأمن والسلام والأمل. تقول:

دعني ألتحف بك

ألوذ بك

أعانق فيك وجودي

أرقى..   (الديوان. ص 47)

إن تحقيق رغبة الأب، حلمه في الامتداد والاستمرار من خلال الابنة وضع هذه الأخيرة في موقف يتطلب منها بدل الجهد وإبداء الصبر والنبش الدائم عن مكامن الإبداع حتى تظل على الدوام طاقة خلاقة لا تتوقف على العطاء، وهو أمر ليس بالهين، يعرفه كل من وجد نفسه أسيرا للإبداع، ذلك أن المبدع غالبا ما يجد نفسه عاجزا على الإبداع. فقلع ضرس أهون علي من قول بيت من الشعر كما عبر عن ذلك الفرزدق، وبالتالي فالشاعرة محاصرة بالسؤال: كيف أداوم على الإبداع؟ وهو الوجه الآخر لسؤال أكثر إثارة: كيف أحافظ على استمرار الأب/الشاعر. تقول:

كيف لي أن أدخل حلمك المسدود؟

كيف لي أن أهجر سراديبي المفرغة؟

لأنير لك يا أبتي السبل المقبرة

وأكبح عنك جموح مراثي شعرك

وأحيى فيك أحلامك.    (الديوان. ص )

هكذا إذا ينزل الأب الشاعر بكل ثقله على عالم الشاعرة الإبداعي، ويهيمن عليه بشكل شبه مطلق وهي تصارع الإحباطات وتغالب إمكانياتها التي تبدو بمقاييس الإبداع أقل من إمكانيات وطموحات الأب، وعلى الرغم من هذه الأحاسيس الطفولية التي تلفها إلا أنها لا تني جهدا للتغلب عليها  وتصر أن تكبر وتتحمل بشجاعة قدرها بعيدا عن سلطة الأب.

فلم أعد يا أبتي صغيرة على ركوب الخيل

سأدبر أمري،أهرب من أقفاص جائعة

رغم أنف أبي

أحطم هذا القيد الذي يشل يدي شيئا فشيئا

أتسلل من ثقل الزمن

أعلن هذا الصباح الرحيل طويلا   )الديوان ص5).

2. علاقة الشاعرة بالمكان:

من المعلوم أن المكان قبل أن يكون جغرافيا: جبل، قمر، بحر، سماء..هو فضاء يرتبط ارتباطا عضويا بالإنسان، هناك علاقة جدلية بين الاثنين، يتفاعلان فيها ويتبادلان التأثر والتأثير، والمكان هو أولا وأخيرا من يشكلنا ويشكل رؤيتنا للعالم، وإذا كان هذا المعطى قاعدة تنطبق على الإنسان بصفة عامة فإن المبدع /الشاعر يتميز في علاقته بالمكان برؤية خاصة تنبع من طبيعة العلاقة التفاعلية التي تقع بينهما، فالمكان في الشعر ليس إطارا ماديا يؤطر حياة الشاعر، بل هو امتداد له، إنه يتخذ أبعادا نفسية، يحس، يفكر، يتنفس..إنه يكتسي في لاوعي الشاعرة دلالات رمزية تتلون بلون الذات الشاعرة.

وإذا تتبعنا الأمكنة الواردة في الديوان نخلص إلى أن حضورها راجع لكونها لعبت دورا أساسيا في تشكيل نفسية الشاعرة وفي تفعيل وجودها وموهبتها الشعرية، ففي علاقتها بمدينة مراكش تتخذ ه العلاقة بعدا روحيا، وتتلون في لا وعي الشاعرة بألوان وأصباغ شتى، فهي: سيدة المدائن، ومنارة مشعة تهدي التالفين في مسالك الحياة، والعروس المتفردة بين العرائس، والنجمة المتألقة في سماء العشق. تقول:

منارة الفؤاد أنت

عروس ترفل في منهل المدائن

يخالك الرائي نجمة

قطفت من سماء الوجد     (الديوان. ص5).

هي إذا مراكش، الآسرة والأخاذة التي سلبت قلب الشاعرة وأسرت عيونها فما عادت ترى سواها، لذا فهي تلجأ إليها عندما ييبس الجدع، وتصفر الأوراق لتمنحها ألق الربيع:

عشقتك لحد الرثاء

تحت جناحيك أيتها المرأء

غنيت وصلة عشقي الجميل

تحت جناحيك

ازدهرت فصول أشواقي

شهبا

تتلاشى فرحة

تتلاشى حنينا     (الديوان.ص 5).

وترتفع درجة العشق عندما يحدث وأن تنفصل أو تبتعد الشاعرة عن مدينة مراكش لسبب أو لآخر، فيأخذها حنين الشوق، وتصبو للقاء الجميل. تقول فيما يشبه الابتهال:

في بعدي عنك

يراودني الحنين

وتحت سقفك

أخالني راهبة             ( الديوان. ص 52).

وعندما نغادر مدينة مراكش، ونحط الرحل بمدينة الصويرة نلاحظ أن العلاقة بين الشاعرة والمدينة تأخذ بعدا إنسانيا وجماليا، فالصورة فضاء للإلهام، ومنبع للإبداع، فيها يأتي الشعر شلالا، نغما سحريا يتدفق فيمتزج التخييل الفني بالتأمل الصوفي والإيقاع الشعري بإيقاع كناوة، فتبلغ النشوة أقصى مداها. تقول مناجية:

يا صويرة

يا فيلجة الروح

كل شيء بين أحضانك

يدفع قرابين محبتك

يبادلك الشعراء عشقا

يتناسل قصيدك

إيقاعات كناوة

صدى

تحمله الرياح شظايا

تنثره ريشتك لحنا لكل واحد.       ( الديوان. ص 62/63).                 

أما "تانكارو"، فهو فضاء يكتسي لدى الشاعرة صفة الأمومة، إنه الصدر الفائض بالرقة والحنان، الصدر الذي يحضنها في كل مرة تجد نفسها مسيجة بالمعاناة، فتغتسل من حليبه، وتتطهر من قهر وعنف الأزمنة القاسية، فتعود صافية نقية وقد تخلصت من كل الأدران:

  تانكارو

أتيتك مكبلة بالأحزان

أركب جواد الشوق

أعانق فيك هذا الدوران

تتهادى الريح

تداعب ناعورتك الثكلى

أستحيل ريما تميس بين التلال.     (الديوان. ص 64/65).

وفي فضاء أزلف يكون اللقاء بينه وبين الشاعرة لقاء عاشقين متيمين طال فراقهما: إنه يتخذ صورة فارس الأحلام القريب إلى القلب، والبعيد في المكان، وهكذا، كلما رف طيفه على الخاطر، ولاح خياله على البال، أسرعت الشاعرة إلى لقاءه محمولة على بساط الشوق واللهفة:

أسري

تحملني إليك هسهسات الأشواق

على صهوة الحنين

أرمي ورائي المسافات

حتى انتهيت إلى أزلف

رياحك تسيج المكان

فتحيلك نجمة         ( الديوان.ص 61/62).

3. علاقة الشاعرة بالشعر:

يبدو أن دخول الشاعرة إلى عالم الشعر هو مغامرة في كهوف مظلمة، متعددة الدهاليز والمسارب، هي رحلة تيه في متاهات لا حدود لردهاتها، في يم القصيدة تعلن الشاعرة وبصراحة عن حجم المعاناة التي تعيشها وهي تخوض تجربة المغامرة الشعرية، غنها أشبه ما تكون بتجربة بحار يخوض غمار بحر ثائر وهو يسعى جاهدا للتغلب على أمواجه العاتية بحثا عن شاطئ لا يبدو قريبا، إنها تقاوم ولا تستسلم، تذهب بعيدا إلى أقصى التجربة متيقنة أنها ستخرج منتصرة. تقول:

هائمة

فيبحر لا حدود له

أنازل أمواجا

أصارع أخرى

أدود عن وجودي الأبدي

تتعسر الولادة

أجوب شطآنك المتوجه

أتدلى نحو حقول المحارات

أنتشلها محارة محارة

تولد القصيدة.             (الديوان. ص24/25).

كما تكتسي العلاقة بين الشاعرة والشعر بعدا وجوديا. فالعملية الإبداعية تقترن عندها بالولادة وما يرتبط بها من معاناة وألم المخاض، ولا يتوقف الألم إلا بعد أن تولد الطفلة/القصيدة لتبدأ معاناة أخرى جديدة، وهكذا في صيرورة لا متناهية..وتظل الشاعرة تبحث عن القصيدة الكاملة، القصيدة المثال فلا تجني غير الخيبة.

بين الأوردة

تتبرعم القصائد

ثم لا تلبث أن تتناثر

مدثرة بالبول

نعم

كم كنت بعيدة.    (الديوان.ص 61/62).

4. علاقة الشاعرة بقضايا العصر:

تتسع تجربة الشاعرة لتنفتح على قضايا العصر في أبعادها الوطنية والقومية والإنسانية، فتتعانق هموم الوطن، وتتفاعل معها وتعبر عن رؤيتها وموقفها الخاص اتجاه أحداث 16 مايو، الحدث الذي هز كيان الشاعرة بعنف وترك أثره العميق على نفسيتها وأعلنت بجرأة تضامنها مع ضحايا هذا الحدث بحزن وألم

أعزف لحنا جنائزيا

يتناسل إدانة

تواجه حكما بالصمت

يحترف الحداد        (الديوان. ص 32)

ورغم قساوة ما وقع، وجلل الخسائر التي تربت عنه، فإنها لم تفقد الأمل في الغد، واعتبرت ما حدث شيء عابر لن يتكرر مستقبلا:

كانت كوابيس حقا

ستمضي

تمضي

مضت

ولن تعود

ربما

لن تعود     (الديوان. ص 33)

إن هذا الشعور بالانتماء إلى الوطن يردف بإحساس آخر أكثر شمولية، وهو الشعور القومي، الإحساس بالانتماء إلى العروبة، وعبرت الشاعرة عن هذا الانتماء من خلال قصيدة:"أبو غريب" لتصور بالتفاصيل مأساة العراق الذي يبدو في صورة امرأة تعرضت للاغتصاب العلني، وعبث العابثون بعرضها وشرفها، وشوهوا كرامتها، وأباحوا براءتها، وتركت للتعفن جراحها. وإذ تعين الشاعرة تكالب المتكالبين فإنها لا تملك سوى أن تقول مفجرة كل الغصب المكتوم في دواخلها:

أشرعوا عرضك في المزاد

نهشوا وجهك المكلوم

دفعوا بك في سراديب

نتنة برياح الغدر

فراتك غنى مراثيه

نخيلك يترف شاكلا

فاشهدي يا بابل

هذه مآسيك.        (الديوان. ص41).

وتعرج الشاعرة على سجن أبو غريب، السجن العار الذي عرفت دهاليزه أبشع الجرائم والمتمثلة في هدر الكرامة الإنسانية والعبث بإنسانية الإنسان، هكذا تنقل لنا صورة مأساوية لفضاء مارست فيه خفافيش الليل أبشع وأقبح الأفعال..

أبو غريب

يرسم بالدم آهات ملجمة

تسيجت جدرانك

همهمات ملتهبة

في مداك

احترقت الأعراف

فيسجنك

تموت الفسائد

وتكم أفواه جريحة

يقبر الفجر.       ( الديوان.ص 48).

لقد استطاعت إلهام زويريق بإحساسها المرهف ولغتها الصافية والأنيقة وصورها الشعرية الموحية والدالة أن تنجح في استبطان مشاعرها والتعبير عنها وأن تقاسمنا همومها ومواجدها وبذلك تضع قدمها في أول الطريق السليم.

****************************************************************************

*بيان اليوم: (الجزء الأول). الاثنين 30 يناير 2006.

*بيان اليوم: (الجزء الثاني). الأربعاء 1 فبراير 2006.

*طنجة الأدبية. العدد 16. فبراير 2006.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.