الأربعاء، 16 مايو 2018

الشاعر والراعي

قال لي صاحبي: " التقيت اليوم بشاعر فألقى علي قصيدة وطلب مني أن أبدي رأيي فيها. نقلا عن رواية الشاعر فإن واقعة التقائه بالراعي حصلت لكن المفارقة أن الكلام الذي صدر عن الراعي كان صامتا والشاعر هو الذي حوله لرموز لغوية ليقرأ همسا أو جهرا... بعدما أنهى قصيدته سألني هل تعتقد أنه صادق فيما قاله. قلت له: الله أعلم".
الشّاعر والرّاعي
ـ 1 ـ
أيّها الشّاعرُ الغَائِمُ
الغَارقُ فٍي تَفَاصِيل السّجودِ
اعْتَلَيْتَ تُرْبَة عَجِينيّةٍ
تَرْشَحُ بِبَلَلِ مِلْحِكَ،
جفّتْ عُرُقُكَ يَا هذَا..
احْتَوَتْكَ أَعَاصيرُ الأَسْئِلَةِ
وتَبَدّدْتَ فِي غُبَارٍ الأَجْوِبَةِ
وَشَرِبَتْكَ مِيَاهُ الْمَسَافَاتِ.
ـ 2 ـ
أَيّهَا الشّاعِرُ الْغَائِمُ
تَخَفّفْ..
وافْسَحْ وَمْضَةً
لِرَعْشَاتِ النّجومِ
لِقُبْلَةِ الْقَمَرْ.
وَأرَاكَ يَا هَذَا..
تَفُورُ َبِعَرَقِ وَحْيٍ
لاَ يَصِلُ.
لاَ بَيَاضَ فِي عَيْنَيكَ يُصَحِّيكَ
تَرْسُمُ بِالظّلِّ ظِلاَلاً
لُحُضُورِكَ الرَّمَادِيّ
تُعَلِّقُهَا عَلَى جِدَارِ الْعَتْمَةِ،
وَحْدَكَ فِي مَنْفَاكَ، تَرَاهَا.. وَأَنَا.
وَقَطِيعِي لاَ يُبَالِي
فَمَا يَتَغَذّاهَا.
أُرْسُمْ لَنَا تِبْنًا وَخُبْزًا حَافِيًا
وَارْسُمْ لَنَا نَهْدًا شَهِيًّا
فَنَرَاهُ وَنَرَاكَ.
ـ 3 ـ
أَيّهَا الشّاعِرُ الْغَائِمُ
مَا أَنْتَ بِبَارِدٍ كَالْمَوْتِ
مَا أَنْتَ بِسَاخِنٍ كَالْحَيَاةِ
أَنْتَ الْمَدَى الْمُقَيَّدُ
كُلّ الْمَسَالِكِ لَغّمُوهَا
كُلّ الْمَعَابِرِ جَرَحُوهَا
لاَ سَبِيلَ يَدُلُّ عَلَيْكَ غَيْركَ
فَابْتُرْ سَاقَيْكَ تَبْقَى
فَلاَ مَنْجَاةَ مِنْهُمْ وَمِنِّي وَمِنْكَ سِوَاكَ.
ـ 4 ـ
أَيُّهَا الشَّاعِرُ الْغَائِمُ
طَوٍيلٌ وَمُؤْلِمٌ سُجُودُكَ هَذَا..
لَوْ كَانَتْ صَلاَتُكَ حَقَّا
مَا طَلَبْتَ بِالشِّعْرِ رِزْقَا.
فَدَعِ الشِّينَ وَمَا يُدَبِّجُونَ
هَذِي عَصَايَ الْتَقِطْهَا عَزَاءً
سَوِّيهَا مَجَازًا
هُشَّ بِهَا عَلَى حُرُوفِكَ المُشَرَّدَةِ
تَتَجَمَّعُ حَوْلَكَ قَطِيعَ اسْتِعَارَاتْ
فَتَنْهَضُ مِنْكَ القَصَائِدُ صَوْمَعَاتْ.
لاَ تَذْهَبْ بَعِيدًا
أَنَا مَنْ يَسْكُنُ رُؤَاكَ
مِنْ مِزْوَدَتِي أَكَلْتُمْ وَالأَنْبِيَاءْ
فَأَنَا الْهِدَايَةُ
وَأَنْتَ الْغِوَايَةُ،
لَوْ تَغْفُ فِيّ قَلِيلاً.. قَلِيلاً
وَتَتَنَسَّمُ رَوَائِحَ الْبَرَارِي
فَأُعَلِّمُكَ وَنِعَاجِي
أَسْرَارَ الْمَرَاعِي
وَتَدُلُّكَ أَغْنَامِي
عَلَى مَنَابِتِ الْمَاءِ
مَنَابِعِ الضَّوْءِ
كُهُوفَ أَلْوَاحِي..
يَكْفِيكَ أَنْ تَنْعَقَ
يَكْفِيكَ أَنْ تَنْهَقَ
فَأَسْقِيكَ حَلِيبَ شَاتِي.
فَتَكُونُ الشّاعِرُ الْمُشِعُّ.
ـ 5 ـ
قَالَ الشَّاعِرُ:
أَيْ صَدِيقِي الرَّاعِي
قَائِدُ الْقَطِيعِ الْمِسْكِينْ
أَرَى عَلَى كُلِّ حُنْجُرَةٍ
الْتِمَاعُ سِكِّينْ.
هَاكَ النّبَأَ الْيَقِينْ:
قَدْ أَرْضَعَتْنِي أُمِّيَ حَلِيبَ الْعِزَّةِ
فَكَفَتْنِي يَا صَاحِ
حَلِيبَ الْعَنْزَةِ.

مركز ابزو للدراسات والأبحاث ينظم يوما دراسيا حول تيمة الماء

  29/04/2024: في سياق اليوم الدراسي الذي ينظمه مركز ابزو للدراسات والأبحاث في الثقافة والتراث. بشراكة مع جمعية آفاق ابزو للتنمبة والثقافة ...