الخميس، 24 يوليو 2014

الدين المسيحي: 01. يسوع في الإنجيل ـ المعتقدات ـ طبيعة المسيح.

الدين المسيحي
 يسوع في الإنجيل ـ المعتقدات ـ طبيعة المسيح
- 01 -

أبانا الذي في السموات، ليتقدس اسمك. ليأت ملكوتك. لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض. خبزَنا كَفافَنا أعطنا اليوم. واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين إلينا. ولا تدخلنا في تجربة، لكن نجّنا من الشِّرّير. لأن لك الملكَ، والقوّةَ، والمجد، إلى الأبد. آمين."
إنجيل متّى: الإصحاح 5: 6 ـ 13



تقديم
الدين المسيحي، أو المسيحية، نسبة إلى اسم يسوع (عيسى) الناصري الذي سماه أتباعه المسيح. كانت الأراضي المقدسة عند مولد المسيح بلادا مضطربة تغلي بشعور من الغضب وعدم الرضى، إذ كانت جيوش الإمبراطورية الرومانية الآخذة في التوسع قد استولت على القدس في سنة 63 ق.م. أي قبل 60 سنة من مولد المسيح. وقد ضمت الأراضي اليهودية التي تم فتحها والاستيلاء عليها إلى الإمبراطورية الرومانية وصارت جزء من مقاطعة سوريا. لم يتقبل كثير من اليهود السلطة الرومانية، وانظم كثير من اليهود لصفوف الوطنيين المتحمسين (الزّيلوت) وهم طائفة من المتعصبين الذين قاوموا الرومان وحاربوهم بعنف. وعبر آخرون عن رفضهم الرومان بالتمسك بإيمانهم الديني والصلاة داعين ابتهالا لقدوم المسيح. وكان المسيح المتنبأ به معلما روحيا عظيما يبعث النشاط والحيوية في حياة الديانة اليهودية ويجدّدها.
يسوع في الإنجيل
ورد في روايات الإنجيل أن كبير الملائكة "جبريل" زار مريم "أم يسوع" وبشرها بأن ابنها سيكون المسيح. تزوجت مريم بعد مولده بوقت قصير بيوسف النجار الجليلي. وعاش يسوع وأمه التي حملت به بمعجزة (إذ كانت مريم عذراء) ويوسف في الجليل. تلقى يسوع تعليمه الديني الرسمي كما يتلقاه صغار اليهود. وما كاد يبلغ الثانية عشرة من عمره حتى زار يسوع الهيكل في القدس حيث حضر المناقشات الدينية وشارك فيها.
وانظم يسوع إلى حركة كان يتزعمها يوحنا المعمدان  الذي كان نبيا يعظ الناس في وادي الأردن وعلى ضفتي نهر الأردن أعلن يوحنا لأتباعه وحواريه أن المسيح آت قريبا. وذات يوم حضر يسوع نفسه قاصدا يوحنا المعمدان كي يتعمد. ويؤمن المسيحيون بأن الروح القدُس قد حلت على يسوع في لحظة التعمد. وبدأ بعد ذلك، وهو في الثلاثين من عمره التبشير برسالته التي غيرت وجه العالم.
وتروي الكتب المقدسة كيف توجه يسوع إلى الصحراء بعد بدئه التبشير برسالته وأمضى فيها أربعين يوما بلياليها حيث تعرض للآلام الجسدية من قسوة حياة الصحراء والصوم، ومرّ باختبار عظيم تحمل من خلاله المشاق وتغلب على سلسلة من الغوايات والإغراءات التي أوحى بها الشيطان.
نظر بعض السلطات الكهنوتية الرسمية القائمة في المنطقة إلى الحركة التي أحاطت يسوع باهتمام وقلق، وكان أكثر ما أزعج بعض الكهنة وقادة المجتمع الأسلوب الجريء الذي رفض به يسوع العادات والتقاليد الاجتماعية السائدة. وتم اعتقال المسيح ومحاكمته وصلبه. ويؤمن المسيحيون بأن الله أحيا المسيح ورفعه بعد ثلاثة أيام من صلبه وموته ودفنه، بعمل بات يعرف بالقيامة.
استطاع أتباع المسيح بعد صلبه التنقل والتجمع دون مضايقة نسبية من السلطات الرومانية. غير أن تلك الحرية لم تدم طويلا فقد اضطهد الإمبراطور الروماني نيرون اليهود. واستمرت الحرب اليهودية الرومانية (66 ـ 73 م)  بنهب القدس وتخريبها بما في ذلك الهيكل اليهودي. وهذه الفترة تمثل بداية مهمة في التاريخ اليهودي والمسيحي على السواء، إذ يبدو أن الطائفة المسيحية في القدس اتخذت قرارا بالانفصال عن القومية اليهودية، والبقاء على الحياد في الحرب اليهودية الرومانية.
المعتقدات
كثير من العارفين يرون أن رسالة الله التي تدعو إلى الشفقة والعطف والمحبة اللامتناهية والحاجة إلى تقاسم تلك المحبة ومشاركة الجميع فيها، هي جوهر رسالة المسيح.
المحبة تتأنى وتترفُق. المحبة لا تَحسد. المحبة لا تتفاخر ولا تنتفخُ
ولا تقبِّح ولا تطلب ما لنفسها ولا تحْتَدُّ ولا تظُنُّ السوء
ولا تفرح بالإثم بل تفرح بالحق وتحتمل كل شيء وتصدق كلّ شيء
وترجو كلّ شيء وتصبر على كل شيء.
(رسالة بولس الأولى إلى أهالي كورينشوس 13: 4-7)
طبيعة المسيح
تمثل العقيدة النيقية (نسبة إلى المجمع المسكوني الذي عقد في نيقيا بآسيا الصغرى عام 325 م) أول ملخص موثوق للمعتقدات الأساسية للكنيسة المسيحية بما فيها مكانة المسيح. وينص الجزء الخاص بطبيعة المسيح في تلك العقيدة على ما يلي:
" نؤمن بإله واحد أب قادر على كل شيء، خالق السماوات والأرض، وكل ما يرى وما لا يُرى، وبرب واحد يسوع المسيح، ابن الله الوحيد المولود من الأب قبل كل الدهور، إله من إله، نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غير مخلوق، ذو جوهر واحد مع الأب، هو الذي به كان كل شيء، الذي من أجلنا نحن البشر ، ومن أجل خلاصنا نزل من السماء، وتجسد بالروح القُدس من مريم العذراء، وصار إنسانا".
.................................................................................
* تراثنا الروحي. مايكل درافيس وجيمس مادييو ومايكل روسو. ص/ 453-487. (بتصرف..) يتبع..


الدين اليهودي: 02. موسى ـ التوراة ـ الطقوس والاجتفالات.

الدين اليهودي:
موسى ـ التوراة  ـ الطقوس والاجتفالات.
- 02 –
" أنا أعتقد أن واجب كل مثقف رجلا كان أو امرأة، أن يقرأ كتب العالم المقدسة بود وتعاطف. وإذا نحن احترمنا أديان الآخرين كما نريد منهم أن يحترموا ديننا، فإن دراسة ودودة لديانات العالم واجب مقدس".
الماهتما غاندي
موسى
"وظهر له ملاك الرب بلهيب نار وسط علّيقة. فنظر وإذا العليقة تتوقد بالنار، والعليقة لم تكن تحترق. فقال موسى: "أميل الآن لأنظر هذا المنظر العظيم. لماذا لا تحترق العليقة؟". فلما رأى الرب أنه مال لينظر، ناداه الله من وسط العليقة وقال: "موسى، موسى !". فقال: "ها أنذا". فقال:"لا تقترب إلى ههنا. اخلع حذاءك من رجليك، لأن الموضع الذي أنت واقف عليه أرض مقدّسة". ثم قال: "أنا إله أبيك، إله إبراهيم، وإله إسحاق، وإله يعقوب". فغطى موسى وجهه لأنه خاف أن ينظر إلى الله.

(سفر الخروج 3: 2-6)

لقد كان لموسى الذي يعني اسمه بالعبرية "الكليم"، دور مركزي في الدين اليهودي. فعندما كان موسى طفلا عثرت عليه بنت فرعون مصر في سلة طافية على نهر النيل...ولما بلغ موسى رشده ووعيه أوتي رسالته عندما تبدى له ملاك في وسط شجيرة عليق ملتهبة بالنار على جبل سيناء (ويعرف أيضا بجبل الله حوريب) وسمع من قلب الشجرة نداء الله بصوت عال يأمره بأن ينقذ بني إسرائيل ويحررهم من طغيان المصريين.
وإطاعة منه للأمر الذي تلقاه من الله، كان على موسى أن يعود إلى مصر ويتغلب على عناد فرعون الذي يرفض إخلاء سبيل الإسرائيليين المستعبدين. وجاء في الكتب المقدسة أن فرعون لم يطلق سراح الإسرائيليين ويسمح لهم بالخروج من أرض مصر إلا بعد سلسلة من الأوبئة والكوارث التي أنزلها الله بأرضه. وهرب الإسرائيليون متعجّلين الرحيل عن مصر يقودهم موسى. وعرفت تلك الهجرة الكبرى لبني إسرائيل من مصر بالخروج. وقاد موسى مسيرة حرية بني إسرائيل إلى سيناء التي أقام فيها سابقا. ولما بلغوا مقصدهم أقام الله عهدا بينه وبين بني إسرائيل وأوحى إلى موسى بالشرائع الأخلاقية المعروفة بالوصايا العشر.
التوراة
عرف اليهود على مر العصور بأنهم كتابيون، أو أهل كتاب، نظرا لانكبابهم على دراسة كتبهم المقدسة يمثل جزء من الحياة اليهودية. وكتاب الدين اليهودي الأساسي هو الكتاب العبري المسمّى "التّناخ". (مشتقة من الحروف الأولى لثلاث كلمات هي: التوراة (تعني الشريعة)، و"نبئيم" (النبيين)، و "كيتوبيم" (الكتابات))، وهي خزانة الكتب التي تسمى "التّناخ". وتشتمل تلك النصوص والكتابات على مناح أدبية فنية مختلفة.  وعمد واضعو النصوص العبرانية ومعظمهم مجهولون، إلى استخدام الأمثال والحكايات والأقوال المأثورة والأساطير والأحاجي والقصص الرمزية والحكم والأناشيد وغيرها من أشكال التعبير.
وضعت النصوص والكتب العبرانية المقدسة في الفترة ما بين القرنين الثامن والثاني قبل الميلاد. ومن المهم الإشارة إلى أن المسيحيين والمسلمين يؤكدون صحة رسالات الوحي الإلهي التي جاء بها أنبياء اليهود. والدين اليهودي في الواقع هو سلف الدين المسيحي والإسلامي.
وأول ما يتعلمه أطفال اليهود، وآخر كلمات يتلفظها اليهودي قبل انتقاله من العالم الأرضي وهي: "اسمع يا إسرائيل: الرب إلهنا ربّ واحد. فتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك". (التثنية 6: 4-5)
يسجل سفر التثنية الوصايا العشر التي تلقاها موسى في سيناء، وتلقى إجلالا لدى المجتمع اليهودي، والوصايا العشر التي أوحيت لموسى هي التالية:
"لا يكن لك آلهة أخرى أمامي. لا تصنع لك تمثالا منحوتا صورة ما مما في السماء من فوق وما في الأرض من أسفل وما في الماء من تحت الأرض. لا تسجد لهن ولا تعبدهن، لأني أنا الرب إلهك إله غيور، أفتقد ذنوب الآباء في الأبناء وفي الجيل الثالث والرابع من الذين يبغضونني، وأصنع إحسانا إلى ألوف من محبي وحافظي وصاياي. لا تنطق باسم الرب إلهك باطلا، لأن الرب لا يبرئُ من نطق باسمه باطلا. اِحفظ  يوم السبت لتقدسه كما أوصاك الرب إلهك. ستة أيام تشتغل وتعمل جميع أعمالك، وأما اليوم السابع فسبت للرب إلهك، لا تعمل فيه عملا ما أنت وابنك وابنتك وعبدك وأمَتك وثورك وحمارك وكل بهائمك، ونزيلك الذي في أبوابك لكي يستريح، عبدك وأمتك مثلك. واذكر أنك كنت عبدا في أرض مصر، فأخرجك الرب إلهك من هناك بيد شديدة وذراع ممدودة. لأجل ذلك أوصاك إلهك الرب أن تحفظ يوم السبت. أكرم أباك وأمك كما أوصاك الرب إلهك. لا تقتل، ولا تزْنِ، ولا تسرق، ولا تشهد على قريبك شهادة زور، ولا تشته امرأة قريبك، ولا تشته بيت قريبك ولا حقله ولا عبده ولا أمتهولا ثوره ولا حماره ولا كلّ ما لقريبك." (التثنية5: 7-21)
الطقوس والاحتفالات
أدت الطقوس في الدين اليهودي دورا أساسيا في الحفاظ على التراث والتاريخ اللذين يؤدّيان أيضا دورا مركزيا في الثقافة والهوية اليهوديتين.
الكنيس (المعبد)
عندما دمّر هيكل القدس للمرة الثانية عام 70 م كانت دور العباد الكنس (أو البيع) قد أصبحت قائمة في كثير من الأحيان في الأراضي اليهودية. وكانت تلك الدور تسمى "سيناغوغ" اشتقاقا من لفظة يونانية. واصطلح عليها بالعبرية اسم "بيت كنيست"، أي دار الاجتماع. وطبقا للأعراف اليهودية يستطيع عشرة أشخاص من الذكور البالغين أن يتفقوا وينشئوا كنيسهم الذي يسمى أيضا "منيان". وتؤم النساء المعابد كمشاهدات متفرجات لا كمشاركات فاعلات في طقوس العبادة. وكانت تفصلهن عن الرجال في المعابد في الماضي حواجز مادية فعلية. أما في العصر الحديث فلم يعد تقليد الفصل بين الجنسين متبعا إلا في معابد اليهود الأرثوذكس المتشددين حيث تجلس النساء والأطفال في طبقة علوية تتسنى لهم منها مشاهدة الطقوس التي تقام في الطبقة السفلية.
خلاصة
لخص الفيلسوف اليهودي موسى بن ميمون (1135-1204.م). مبادئ اليهودية فيما يلي:
* وجود الله الخالق
* وحدة الله المطلقة
* لا مادية الله
* خلود الله
* وجوب عبادة الله وحده
* صحة تعاليم الأنبياء
* رفعة نبوة موسى
* ثبات التوراة وعدم قابليتها للتغيير
* الله هو العليم
* الثواب والعقاب تبعا للأفعال
* قدوم المسيح
* قيام الموتى.
............................................................................................................................
* تراثنا الروحي. مايكل درافيس وجيمس مادييو ومايكل روسو. ص/ 420-443. (بتصرف..) يتبع..



مركز ابزو للدراسات والأبحاث ينظم يوما دراسيا حول تيمة الماء

  29/04/2024: في سياق اليوم الدراسي الذي ينظمه مركز ابزو للدراسات والأبحاث في الثقافة والتراث. بشراكة مع جمعية آفاق ابزو للتنمبة والثقافة ...